ثم قال تعالى:هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.
هنا كيف يُترك هذا المعبود الذي له هذه الأسماء والصفات؟ تُترك عبادته وطاعته والخشوع لذاته وهو بهذه العظمة؟!، أولئك أهل النفاق ما عرفوا الله -تبارك وتعالى- فتعاظم المخلوق في أنفسهم فصارت رهبته في قلوبهم أعظم من رهبتهم من الله ؛ لأنهم لا يفقهون، فهنا الله -تبارك وتعالى- يذكر أسماءه وصفاته ويختم هذه السورة بهذه الأسماء الحسنى.
ذكرنا هناك في أول التفسير في الفرق بين الرحمن والرحيم قلنا: الفرق من جهة اللفظ ومن جهة المعنى، فكان مما ذكر أن الرحمن على وزن فَعْلان، وأن الرحيم على وزن فَعِيل صيغة مبالغة، وذكرنا كلام ابن جرير أن الرحمن على وزن فعلان عُدل به عن زنة نظائره، يعني رَحِمَ يرحم فهو رحيم، أكرم يكرم فهو كريم، فهنا رَحِمَ يرحم فهو رحمن، فعل يفعل فهو فعيل، هنا فعل يفعل فهو فعلان، عُدل به عن وزن نظائره، الصيغة.
يقول: وهذا يكون في ما كان، ويكون أبلغ في الوصف وأعظم، هذا من حيث الصيغة، وهي تدل على الامتلاء، تقول: عطشان، شبعان، غضبان، زعلان، تدل على الامتلاء صيغة فعلان.
والحافظ ابن القيم -رحمه الله- ذكر في الفرق بين الرحمن والرحيم من جهة المعنى معنى حسنًا لعله من أحسن ما قيل على كثرة الأقوال في الفرق بينهما، فهو يرى أن الرحمن يتضمن صفة الرحمة، فهو فيما يعود إلى الله من هذه الصفة، ما يعود إلى الله من صفته، يعني وصف الله بالرحمة، ما يعود إلى الله من هذه الصفة يدل عليها الرحمن، والرحيم يدل على صفة الرحمة يتضمنها وهو دال على القدر المتعدي من هذه الصفة إلى المخلوقين.
رحمن هذا يعود إلى الله، اتصافه بالرحمة، رحيم رحمته تتعدى إلى المخلوقين، القدر المتعدي، هذا ذكره ابن القيم -رحمه الله- وقيل غير هذا.