"وقوله تعالى: قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [سورة الأنعام:135] هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، أي استمروا على طريقتكم، وناحيتكم؛ إن كنتم تظنون أنكم على هدى فأنا مستمر على طريقتي، ومنهجي؛ كقوله: وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ [سورة هود:122].
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا -: عَلَى مَكَانَتِكُمْ ناحيتكم، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [سورة الأنعام:135] أي: أتكون لي أو لكم .. وقد أنجز الله موعده لرسوله - صلوات الله عليه - أي فإنه - تعالى - مكَّنه في البلاد، وحكَّمَه في نواصي مخالفيه من العباد، وفتح له مكة، وأظهره على من كذبه من قومه، وعاداه، وناوأه، واستقر أمره على سائر جزيرة العرب، وكذلك اليمن، والبحرين، وكل ذلك في حياته، ثم فتحت الأمصار، والأقاليم، والرساتيق بعد وفاته في أيام خلفائه أجمعين كما قال الله - تعالى -: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [سورة المجادلة:21] وقال: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [سورة غافر:51-52] وقال تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [سورة الأنبياء:105]".