الثلاثاء 01 / ذو القعدة / 1446 - 29 / أبريل 2025
وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِۦ ۚ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ۝ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ۝ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ۝ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ۝ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [سورة الأنعام:17-21].
يقول تعالى مخبراً أنه مالك الضر، والنفع، وأنه المتصرف في خلقه بما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه: وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ [سورة الأنعام:17] كقوله تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ الآية [سورة فاطر:2].
وفي الصحيح أن رسول الله ﷺ كان يقول: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد[1]، ولهذا قال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [سورة الأنعام:18] أي: وهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله، وكبريائه، وعظمته، وعلوه، وقدرته على الأشياء، واستكانت، وتضاءلت بين يديه، وتحت قهره، وحكمه.
وَهُوَ الْحَكِيمُ [سورة الأنعام:18] أي في جميع أفعاله الْخَبِيرُ بمواضع الأشياء، ومحالها، فلا يعطي إلا من يستحق، ولا يمنح إلا من يستحق".

قوله: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [سورة الأنعام:18] يقول: "أي: وهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله، وكبريائه، وعظمته، وعلوه، وقدرته على الأشياء، واستكانت، وتضاءلت بين يديه، وتحت قهره، وحكمه" فسَّر القاهر بأنه الذي ذل له كل شيء، وخضع له كل شيء.
والفوقية في قوله: فَوْقَ عِبَادِهِ تشمل الفوقية بأنواعها، فالفوقية بالذات بمعنى علو الذات داخلة هنا كما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [سورة طه:5] وكما قال تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ [سورة النحل:50]، ويشمل ذلك أيضاً الفوقية في القدر، والمنزلة - علو القدر -، ويشمل أيضاً الفوقية بالقهر، فكل ذلك متحقق ثابت له ، ولذلك لا يُكتفى بتفسير الآية بفوقية القهر، أو فوقية القدر، فإن هذه بعض المعاني الداخلة فيها، والله تعالى أعلم.
  1. أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة - باب من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة (808) (ج 1 / ص 289) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفة (593) (ج 1 / ص 414).