هذا مثل ما ذكر الله في الموضع الآخر أنهم إذا خرجوا من عند النبي ﷺ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا [سورة محمد:16] فهم يأتون، ويسمعون، ولكن لا ينتفعون بما سمعوا كما ينتفع المؤمنون قال تعالى: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ [سورة التوبة:124-125].
قوله: وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا [سورة الأنعام:25] الوَقر - بفتح الواو - هو الصمم أي الثقل الذي يكون في السمع، والوِقر - بكسر الواو - هو الحمل، فتقول مثلاً: أوقرت دابته، وتقول: معه وِقرٌ من طعام.
وقوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ [سورة الأنعام:25] أي: يحاجونك، ويناظرونكم في الحق بالباطل، يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ [سورة الأنعام:25] أي: ما هذا الذي جئت به إلا مأخوذاً من كتب الأوائل، ومنقول عنهم".
الأساطير جمع أسطار، أو أسطورة، أو أسطارة، أو أسطور، أو أسطير فكل ذلك قد قيل فيه، ويُقصد به ما كتبه الأولون وسطروه، فهو من السطر بمعنى الكتابة، ومرادهم هنا أن ما جاء به النبي - عليه الصلاة والسلام - ليس من عند الله وليس بوحي، وإنما هو من مختلقات الأولين، وحكاياتهم، وأخبارهم وما أشبه ذلك.