"وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ [الأنعام: 26] هم عائد على الكفار، والضمير في عنه عائد على القرآن، والمعنى، وهم ينهون الناس عن الإيمان، وينأون هم عنه أي يبعدون."
يعني هذا المعنى ينهون الناس عن الإيمان به، وينأون عنه بأنفسهم؛ فجمعوا بين الأمرين، وهذا هو المتبادر، وقد قال ابن كثير - رحمه الله - في قوله: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ: "ينهون الناس عن اتباع الحق، وتصديق الرسول ﷺ والانقياد للقرآن" عن القرآن، عن الحق الذي جاء به النبي ﷺ هذا هو الأقرب - والله تعالى أعلم - .
"والنأي هو البعد، وقيل: الضمير في عنه يعود على النبي ﷺ ومعنى ينهون عنه: ينهون الناس عن أذايته، وهم مع ذلك يبعُدون، أو يبعِدون عنه، والمراد بالآية على هذا أبو طالب، ومن كان معه: يحمي النبي ﷺ ولا يسلم."
هذا بناءً على روايات جاءت عن ابن عباس - ا - والقاسم بن مخيمرة، في أنها نزلت في أبي طالب، ينهى عن أذية النبي ﷺ ولا يتبعه وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ يعني النبي ﷺ عن أذاه، وينأون بأنفسهم فهم لا يتبعونه؛ وهذه حسنها بعضهم بمجموع الطرق، فلو كانت كذلك فعلاً فيكون مما تحتمله الآية باعتبار أن قوله: نزلت في فلان، أن ذلك من قبيل التفسير، يعني أن هذا قال به ابن عباس - ا - والقاسم بن مخيمرة، لكن الذي يشعر به السياق - والله أعلم - وهو المتبادر، أنهم ينهون عن اتباعه، والإيمان به، وينأون بأنفسهم عن ذلك.
"وفي قوله: ينهون، وينأون ضرب من ضروب التجنيس."
يعني جناس التصريف، الجناس أنواع: ينهون، وينأون، فهو جناس، جناس التصريف، يعني أن الكلمتين تختلفان في الصيغة، إبدال حرف مكان حرف، أو قريب من مخرجه، سواء كان في الإبدال في الأول، أم كان في الوسط، أم في الآخر، يعني في أي حروفه كان، يقال له: الجناس.