الجمعة 08 / محرّم / 1447 - 04 / يوليو 2025
أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله: أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ۝ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ.

يقول تعالى: هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال، والبنين، كفر بآيات الله ، وأعرض عنها، وزعم أنها كَذب مأخوذ من أساطير الأولين كقوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ۝ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودًا ۝ وَبَنِينَ شُهُودًا ۝ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ۝ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ۝ كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ۝ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ۝ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّر ۝ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ۝ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ۝ ثُمَّ نَظَرَ ۝ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ۝ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ۝ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ۝ إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ۝ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ۝ وما أدراك ما سقر ۝ لا تبقي ولا تذر ۝ لواحة للبشر ۝ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر:11-30]".

قوله - تبارك وتعالى -: أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ يقول: هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال، والبنين؛ أن كفر بآيات الله ، وأعرض عنها.

أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ بعض أهل العلم يقول: إن قوله: أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ متعلق بقوله: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ۝ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ يعني لا تطع من كانت هذه أوصافه لكونه ذا مال، وبنين، لكونه صاحب مال، لا تطعه وهو يحمل هذه الأوصاف القبيحة لكونه يملك مالاً، وله بنون، فإن هذا لا يرفع صاحبه، ولا يستحق معه الاستجابة، والطاعة، والقبول لما يدعو إليه، فهو يحمل أحط الأوصاف.

أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ يعني لا تطعه لماله، وبنيه، لئن كان ذا مال وبنين، لا تطعه لأن هذا هو مؤهله، غاية ما هنالك هذا التحصيل الدنيوي الفاني الذي لا يقرب صاحبه عند الله، ولا يرفعه، لا تطعه لمجرد كونه يملك أموالاً، وعنده أبناء، وهو يحمل تلك القبائح، والأوصاف الوضيعة، وهذا الذي ذهب إليه الفراء، والزجاج، واختاره ابن جرير - رحمه الله -، لا تطعه لكونه بهذه المؤهلات.

وهذا الموضع فيه قراءات متواترة: أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ: "آن كان ذا مال وبنيين" في قراءة ابن عامر همزة واحدة بالمد.

والقراءة الأخرى قراءة حمزة: "أأن كان ذا مال وبنين".

وقراءة الباقين بهمزة واحدة على الخبر: "أن كان ذا مال وبنين".

على قراءة الاستفهام: "آن كان ذا مال وبنين" أو "أأن كان ذا مال وبنين" بعض أهل العلم حمل ذلك على أنه على معنى التوبيخ له، يعني أن كان كذلك حمله هذا على التكذيب، ومقابلة نعمة الله بالكفران؟، حمله هذا التحصيل على الكفر بنعمة الله : "آن كان ذا مال وبنين" "أأن كان ذا مال وبنين".

وعلى قراءة الجمهور: أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ أي لا تطعه لكونه يملك مالاً، وله أبناء.

وتأمل هنا في هذا الموضع - وفي كثير من المواضع - يُذكر البنون الأبناء دون البنات؛ لأنه يتقوى بهم، ويتعزز بهم ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ۝ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا ۝ وَبَنِينَ شُهُودًا.