"يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ [القلم: 42-47].
لَمَّا ذَكَرَ - تَعَالَى - أَنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْد رَبّهمْ جَنَّات النَّعِيم؛ بَيَّنَ مَتَى ذَلِكَ كَائِن وَوَاقِع، فَقَالَ تَعَالَى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة، وَمَا يَكُون فِيهِ مِنْ الْأَهْوَال، وَالزَّلَازِل، وَالْبَلَاء، وَالِامْتِحَان، وَالْأُمُور الْعِظَام.
وَقَدْ روى الْبُخَارِيّ هَاهُنَا عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيّ ﷺ يَقُول: يَكْشِف رَبّنَا عَنْ سَاقه، فَيَسْجُد لَهُ كُلّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُد فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَة، فَيَذْهَب لِيَسْجُد فَيَعُود ظَهْره طَبَقًا وَاحِدًا[1] وَهَذَا الْحَدِيث مُخَرَّج فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي غَيْرهمَا مِنْ طُرُق، وَلَهُ أَلْفَاظ، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل مَشْهُور".
قوله - تبارك وتعالى -: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ فسره جماعة من السلف: بالشدة، والعرب تعبر بذلك عن الشدة، وهو استعمال صحيح، تقول: "كشفت الحرب عن ساق" يعني عن شدة، وهذا موجود في كلام العرب في شعرهم، ونثرهم، فهذا حينما تفسر الآية به من غير نظر إلى الحديث فغاية ما هنالك عند المخالف يعني عند من فسره بالصفة أي صفة الله الساق يعني يكشف عن ساقه، كما دل عليه هذا الحديث، فغاية ما هنالك أن يقال: هذا من قبيل الخطأ في التفسير يعني ليس ذلك من قبيل الخطأ في الاعتقاد، إذا كان يثبت الصفة لكن بدليل آخر، يعني لا يجعل هذه الآية من أدلة إثبات هذه الصفة فهذا قال به جماعة من السلف، ولكن هذا الحديث حديث أبي سعيد : يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء، وسمعة، فيذهب يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا[2].
هنا لم يذكر الآية، لكن وجه الارتباط بين الحديث والآية واضح قال: وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فهنا: فَلَا يَسْتَطِيعُونَ فهذا الحديث تفسر به الآية، فيكون: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ أي: يكشف الرب - تبارك وتعالى - عن ساقه، فيسجد أهل الإيمان، ولا يستطيع السجودَ الكفار، والمنافقون، هذا مقتضى دلالة هذا الحديث، - والله أعلم -.
- رواه مسلم، كتاب تفسير القرآن، باب: يوم يكشف عن ساق، رقم (4919).
- المصدر السابق.