السبت 24 / ذو الحجة / 1446 - 21 / يونيو 2025
خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا۟ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَقَوْله تَعَالَى: خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أَيْ: فِي الدَّار الْآخِرَة بِإِجْرَامِهِمْ وَتَكَبُّرهمْ فِي الدُّنْيَا، فَعُوقِبُوا بِنَقِيضِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَمَّا دُعُوا إِلَى السُّجُود فِي الدُّنْيَا فَامْتَنَعُوا مِنْهُ مَعَ صِحَّتهمْ، وَسَلَامَتهمْ، كَذَلِكَ عُوقِبُوا بِعَدَمِ قُدْرَتهمْ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة، إِذَا تَجَلَّى الرَّبّ ، فَيَسْجُد لَهُ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَا يَسْتَطِيع أَحَد مِنْ الْكَافِرِينَ، وَلَا الْمُنَافِقِينَ أَنْ يَسْجُد، بَلْ يَعُود ظَهْر أَحَدهمْ طَبَقًا وَاحِدًا، كُلَّمَا أَرَادَ أَحَدهمْ أَنْ يَسْجُد خَرَّ لِقَفَاهُ، عَكْس السُّجُود، كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا بِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ".

قوله - تبارك وتعالى -: خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ يعني ساكنة، ذليلة تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ تعلوهم، وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ، بعضهم يقول: وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ يعني في الدنيا شرعًا أنهم أمروا بذلك، أنهم مأمورون به، وبعض السلف كإبراهيم التيمي قال: "يُدعون بالآذان، والإقامة، فيأبون"، وجاء عن سعيد بن جبير: "يسمعون حي على الفلاح، فلا يجيبون وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ، والمقصود الصلاة"، وجاء عن كعب الأحبار قال: "والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات"، وأثر ابن مسعود الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا؛ فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن[1] إنما ينادى بهن في المسجد.

وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وبعضهم يقول: "يدعون" أمروا به شرعًا فلم يمتثلوا.

وبعضهم يقول: بـ"حي على الفلاح" فلم يجيبوا المنادي.

  1. رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، رقم (654).