"ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي الْقُرْآن، وَهَذَا تَهْدِيد شَدِيد، أَيْ دَعْنِي وَإِيَّاهُ مِنِّي وَمِنْهُ أَنَا أَعْلَم بِهِ كَيْف أَسْتَدْرِجهُ، وَأَمُدّهُ فِي غَيّه، وَأُنْظِرهُ ثُمَّ آخُذهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ [القمر:42]".
فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يعني القرآن، وبعضهم فسره: بالقيامة، وما يحصل فيها.
تفسيره بالقرآن يتضمن ذلك؛ لأن القرآن يتحدث عن القيامة.
وقوله - تبارك وتعالى -: فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يعني كما يقول الزجاج: معناه لا يشتغل قلبك به، كِله إليّ، فأنا أكفيك أمره، وهذا فيه وعيد، وتهديد.
"وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ: وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، بَلْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ اللَّه كَرَامَة، وَهُوَ فِي نَفْس الْأَمْر إِهَانَة كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55-56]، وَقَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ [الأنعام:44]".