قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا - في قوله: ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ الحية الذَّكر، وكذا قال السدي والضحاك.
فسَّر الثعبان بأنه الحية الذكر، وأما المبين فيعني البيّن الظاهر الذي لا لبس فيه، أي أن العصا تحولت إلى حية لا لبس فيها ولا خفاء، فأمرها لا يلتبس أنها حية بل هي واضحة وليس ذلك من الأمور التي تَحتمل أن يكون البصر اختلط عليه الأمر أو نحو ذلك، بل هي حية ظاهرة لا لبس فيها.
يقول تعالى: فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ [سورة الأعراف:107] قال ابن عباس – ا - : "الحية الذَّكَر" وفي موضع آخر قال الله - تبارك وتعالى - : فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ [سورة النمل:10] فالعرب تطلق الجان على صغار الحيات.
وبالنسبة للجمع بين قوله تعالى: فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ [سورة الأعراف:107] وقوله تعالى: فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى[سورة طـه:20] يقال: إنها في ضخامتها ثعبان مبين وفي سرعة الحركة كأنها صغار الحيات لا تكاد تدركها لسرعتها وخفة حركتها، والله أعلم.
وأما الروايات الإسرائيلية فحدِّث ولا حرج، ومن ذلك أن هذه الحية وضعت فكها الأسفل في الأرض وفكها الأعلى على جدار القصر، وكذلك يذكرون من طول الحية وضخامتها الشيء العجيب، ويقولون: إنها توجهت إلى فرعون فاغرة فاها وأن الرجل ولّى هارباً وجعل يستغيث بموسى، ويذكرون أموراً يستحي الإنسان من ذكرها، فالله تعالى أعلم.
حديث الفتون - وفي بعض الكتب يقولون: حديث النتوق من قوله تعالى: وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ [سورة الأعراف:107] - هو حديث طويل في نحو اثنتي عشرة صفحة وهو من حديث ابن عباس وليس من حديث النبي ﷺ فابن عباس يورد فيه خبر موسى ﷺ دون أن يضيف ذلك إلى رسول الله ﷺ لكن يظهر - والله أعلم - أن هذا الحديث يوجد منه قطع هي من كلام النبي ﷺ أي أن ابن عباس – ا - سمعها من النبي ﷺ مباشرة أو بواسطة، وفيه قطع أخرى هي من أخبار بني إسرائيل، فابن عباس - ا - مزج ذلك في سياق واحد طويل، هذا هو حديث الفتون.
هذا كله من الإسرائيليات، وهذا الكلام لا يصدَّق ولا يكذب.
وصاح يا موسى خذها وأنا أؤمن بك وأُرسل معك بني إسرائيل، فأخذها موسى فعادت عصا.