"وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ [الأعراف: 134] أي: العذاب، وهي الأشياء المتقدمة، وكانوا مهما نزل بهم أمرٌ منها عاهدوا موسى على أن يؤمنوا به إن كشفه عنهم، فإذا كشفه عنهم نقضوا العهد، وتمادوا على كفرهم".
الرجز يُطلَق على العذاب، والعذاب بالأشياء المذكورة التي سبقت، وهذا اختيار ابن زيد وبه قال جماعة من المفسرين: كالواحدي والطاهر بن عاشور والشنقيطي.
وبعضهم يقول: المقصود بالرجز هنا عذاب آخر، وهو الطاعون، وهذا مروي عن ابن عباس - ا - وسعيد ابن جبير وأبو جعفر ابن جرير جوَّز أن يكون ذلك جميعًا من غير تحديد، باعتبار أنه عذاب حل بهم، قد يكون من قبيل الطاعون، وقد يكون الأمور المذكورة قبله، وبهذا قال مجاهد، وقتادة.
"قوله تعالى: بِما عَهِدَ عِنْدَكَ [الأعراف: 134] أي: بزمامك إليه، ووسائلك".
فسره ابن جرير والواحدي: بما أوصاك أن تدعوه به، وهذا بمعنى قول المؤلف: بزمامك إليه، ووسائلك، ما هي الوسائل؟ يعني ما علَّمه أن يدعو به، فيستجاب له.
وقال القرطبي: بما استودعك من العلم، وبما اختصك به، فنبأك، وقال الطاهر بن عاشور: أي بما عرَّفك، وأودع عندك من الأسرار أي: أدعه بما علمك ربك من وسائل إجابة دعائك عند ربك، وهذا يرجع إلى ما سبق من قول ابن جرير.
إذًا بما عهد عندك، يعني من العلم، والدعاء الذي هو مظنة الإجابة، والوسائل التي تتوصل بها إلى رفعِ ذلك عنا.
"قال: والباء تحتمل أن تكون للقسم، وجوابه: لنؤمننَّ، أو تتعلق بـادْعُ لَنَا [الأعراف: 134] أي: توسل إليه بما عهد عندك".
الباء تحتمل أن تكون للقسم، بما عهد عندك، لكن هذا بعيد، فهل يصح أن يُقسَم بهذا؟ إلا أن يُقَال: إنهم كانوا أصلاً من المشركين، ولا فقه لهم في هذا الباب، فطلبوا ذلك، لكن ليس هذا هو المتبادر، يقول: "أو تتعلق بـادْعُ لَنَا" أي: توسل إليه بما عهد عندك، وهذا هو المتبادر - والله أعلم -.