يذكرهم موسى نِعَمَ الله عليهم من إنقاذهم من أسْر فرعون وقهره، وما كانوا فيه من الهوان والذلة، وما صاروا إليه من العزة والاشتفاء من عدوهم، والنظر إليه في حال هوانه وهلاكه وغرقه ودماره، وقد تقدم تفسيرها في البقرة.
قوله – تبارك وتعالى - : وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ [سورة الأعراف:141] يحتمل أن يكون هذا الخطاب خوطب به أولئك الذين عبدوا العجل، فقد ذُكِّروا بنعمة الله عليهم، وأن أقدامهم لم تجف من ماء البحر حتى طلبوا إلهاً غير الله وهذا في غاية الإساءة، ويحتمل أن يكون ذلك متوجهاًً إلى الذين كانوا في زمن النبي ﷺ من اليهود، فهو يخاطبهم ويذكرهم بنعمة الله عليهم، والقاعدة أن النعمة على الآباء نعمة على الأبناء، كما أن النقم والرزايا التي تحصل على الآباء تلحق الأبناء إذا كانوا على طريقتهم، ولهذا يرد الخطاب كثيراً في القرآن لبني إسرائيل الذين عاصروا النبي ﷺ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [سورة البقرة:47].
وهذه الآية كقوله – تبارك وتعالى - : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى [سورة البقرة:55] مع أن الذي قال ذلك هو أجدادهم وأسلافهم، لكن لما كانوا على طريقتهم صح أن يخاطبوا بذلك، فهم أمة واحدة، وهذا اختيار ابن جرير - رحمه الله - .
والإشارة في قوله – تبارك وتعالى - : وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ [سورة الأعراف:141] ترجع إلى الإنجاء، أي: الإنجاء بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ، وقيل: إن الإشارة راجعة إلى العذاب، والآية تحتمل القولين، أي: في إنجائنا لكم، أو في تعذيبنا لكم بهذا العذاب بلاء من ربكم عظيم، وعبارة ابن جرير جمعت بين المعنيين، فقد فسر قوله: وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ أي: بلاء من ربكم أي اختبار لكم وإنعام.