تقدم تفسير هذا كله في سورة البقرة وهي مدنية، وهذا السياق مكي، ونبهنا على الفرق بين هذا السياق وذاك بما أغنى عن إعادته هنا، ولله الحمد والمنة.
سبق الكلام على هذا كله في تفسير سورة البقرة، وهناك كتبٌ اعتنت بالمتشابه اللفظي ككتاب درة التنزيل للإسكافي، والبرهان للكرماني، فيذكرون مثلاً الفرق بين قول الله: فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا [سورة الأعراف:160]، وبين قوله تعالى: فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً [سورة البقرة:60]، والتقديم والتأخير في مثل قوله تعالى: وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ [سورة الأعراف:161]، وقول الله وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ [سورة البقرة:58]، ففي آية الأعراف قدم القول على الفعل، وفي آية البقرة قدم الفعل على القول، ولا تخلو مثل هذه الكتب من تكلف في بعض التعليلات.
قوله –تبارك وتعالى-: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا [سورة الأعراف:160]، أصل السبط هو ولد الولد، والأسباط يتفرعون من أولاد يعقوب .
وقوله –تبارك وتعالى- وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ [سورة الأعراف:161] اختلف العلماء في مكان القرية، فقال بعض أهل العلم: هي أريحا، وقال آخرون: بل هي بيت المقدس، وهو اختيار ابن جرير الطبري –رحمه الله-.
ومعنى قوله : وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا [سورة الأعراف:161] أي: حطّ عنا ذنوبنا وخطايانا، فمسألتنا حطة، والمقصود بالسجود الركوع، فقد أمروا أن يدخلوا في هيئة السجود، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قيل لهم [سورة الأعراف:162]، فقالوا حنطة، ودخلوا يزحفون على أدبارهم.