الخميس 17 / ذو القعدة / 1446 - 15 / مايو 2025
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِىٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَآ ۛ أَن تَقُولُوا۟ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَٰفِلِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [سورة الأعراف:172-173].
يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [سورة الروم:30]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء[1]، وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله ﷺ: يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم[2]. وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب آدم ، وتمييزهم إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال.
روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتدياً به؟ قال: فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئاً، فأبيت إلا أن تشرك بي[3]، أخرجاه في الصحيحين.
وروى الترمذي عند تفسيره هذه الآية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه قال: أي رب من هذا؟، قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟، قال: ستين سنة، قال: أي رب وقد وهبتُ له من عمري أربعين سنة، فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال: أولم يبقَ من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟، قال: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته[4]، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ، ورواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه[5].
فهذه الأحاديث وأمثالها دالة على أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه وميز بين أهل الجنة وأهل النار، ثم قال: وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى: أي أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له حالاً وقالاً، والشهادة تارة تكون بالقول كقوله: قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا [سورة الأنعام:130] الآية، وتارة تكون حالاً كقوله تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ  [سورة التوبة:17] أي: حالهم شاهد عليهم بذلك، لا أنهم قائلون ذلك، وكذا قوله تعالى: وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ [سورة العاديات:7]، كما أن السؤال تارة يكون بالقال، وتارة يكون بالحال، كقوله: وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ [سورة إبراهيم:34] قالوا: ومما يدل على أن المراد بهذا هذا، أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك، فلو كان قد وقع هذا كما قال من قاله، لكان كل أحد يذكره ليكون حجة عليه، فإن قيل: إخبار الرسول ﷺ كافٍ في وجوده، فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره، وهذا جُعل حجة مستقلة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد، ولهذا قال: أَن تَقُولُواْ أي: لئلا تقولوا يوم القيامة: إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا: أي التوحيد غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا الآية.

يرى الحافظ ابن كثير - رحمه الله - أن الميثاق والعهد في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ: هو ميثاق الفطرة، ويرى أن الإشهاد ليس بلسان المقال، وإنما بلسان الحال، فحالهم شاهدة بهذا، كما قال - رحمه الله - : كما أنه تعالى فطرهم على ذلك، ويقول: يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم، ولم يقل: استخرج ذرية آدم، فهو يرى أن استخراج الذرية من الأصلاب، يتناسلون فيخرجون على الفطرة، هذا معنى الإشهاد عنده، فهو يقول: إنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم، فهذه العبارة دقيقة، شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم، شاهدين بلسان الحال، فالله - تعالى - فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، فهم يخرجون شاهدين على أنفسهم بلسان الحال، وأن الله أودع في فطرهم ما يقتضي ذلك، فُطروا على الدين، وعلى التوحيد، وذكَرَ أحاديث الفطرة، وأحاديث استخراج الذرية من صلب آدم، ثم صرح بعد ذلك بأن المراد بذلك: أنهم خرجوا إلى الدنيا شاهدين بلسان الحال، وهذا الكلام مطابق لما ذكره الحافظ ابن القيم - رحمه الله  -في كتاب الروح وقد أطال الكلام في ذلك، وفي كتاب أحكام أهل الذمة، ومن أهل العلم مثل ابن قتيبة - رحمه الله - من فسر ذلك بالمعرفة: أن الله أخرجهم من بطون أمهاتهم عارفين بتوحيده، ورد عليه الإمام محمد بن نصر المروزي - رحمه الله - في كتاب خاص، وساق الأدلة الكثيرة على استخراج الذرية من صلب آدم، مثل هذا الحديث وغيره، فحاول ابن القيم - رحمه الله - أن يوجه كلام ابن قتيبة؛ لأن الرد كان قاسياً من الإمام محمد بن نصر المروزي - رحم الله الجميع -، فتلطف وحاول أن يحمل كلام ابن قتيبة على معنى غير الذي فهمه الإمام المروزي، وقرر ابن القيم - رحمه الله - أن الإشهاد بلسان الحال، وأن المقصود بذلك الفطرة، وهذا مخالف لهذه الأحاديث الصريحة التي تدل على استخراج الذرية من صلب آدم من ظهر آدم، وأن الله أشهدهم على أنفسهم، ومثل هؤلاء العلماء كابن كثير وابن القيم - رحمهم الله - ومن وافقهم على هذا يحتجون بما أشار إليه الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بأن هذا جعله الله حجة عليهم وهم لا يذكرونه، فكيف يحتج عليهم بشيء لا يذكرونه؟، ويقول - تبارك وتعالى - : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ولم يقل: من آدم، مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وفي قراءة ابن كثير: من ظهورهم ذرياتهم، فالشاهد أن هذا أكثر ما احتج به هؤلاء واحتجوا بأشياء أخرى، ومن أهل العلم من يقول غير هذا فقالوا: المأخوذ هم الذرية جيلاً بعد جيل ونسلاً بعد نسل، ودلهم بخلقه عليهم، فقامت عليهم هذه الدلالة مقام الإشهاد، والذين فسروه بالأحاديث التي تدل على استخراج الذرية من صلب آدم قالوا: إن قوله: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ من بني آدم أي: من آدم، فاستخرج منه الذرية، كما تدل عليه الأحاديث، وقالوا: هذا معروف واقع في كلام العرب، أنْ يعبر بمثل هذا التعبير، وابن جرير - رحمه الله - يقول: استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم، والراجح في تفسيرالآية - والله تعالى أعلم - : أن تحمل على هذه الأحاديث الصريحة الواضحة في أن الله استخرج الذرية من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم، وإذا ورد نهر الله بطل نهر معقل، لا كلام مع حديث رسول الله ﷺ، ولا يقال: إن الناس لا يذكرون هذا العهد والميثاق، فلا يُعارَض ما ثبت عن النبي ﷺ بمثل هذا، فالله أخذ الذرية من صلب آدم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم، أخرجهم كهيئة الذر، كما تدل عليه هذه الأحاديث، ولكن ذلك لا يتوقف عليه الجزاء والحساب، ودخول الجنة أو النار، ثم أودع في فطرهم مقتضى التوحيد كل مولود يولد على الفطرة، فهو يفطر على توحيد الله ، لا يفطر على الشرك، ومع ذلك الله لا يحاسبهم بمقتضى هذه الفطرة، ثم أقام الله لهم الدلائل، والبراهين مما يشاهدونه من الآيات في الآفاق وفي الأنفس الدالة على الوحدانية، ومع ذلك الله لا يحاسبهم بمقتضى هذا، فأعطاهم عقولاً تدرك وتعرف أن الله واحد لا شريك له، وأدرك جملاً من هذه المعاني، وتفاصيل ذلك يؤخذ من الوحي كأسماء الله وصفاته، كما أن العقل قد يدرك بعض هذه الأمور، مثل أن الله حي، عليم، قدير، وما أشبه هذا، وتفاصيل هذه الأمور توقيفية، وهذه الفطرة لا تكون بمجردها سبباً لدخول الجنة أو النار، بل أرسل إليهم الرسل، وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [سورة الإسراء:15]، فهذا العهد أخذه عليهم وهم في ظهر آدم، لكن لا يتوقف عليه المحاسبة ودخول الجنة أو النار، فكونهم لا يذكرونه لا يغير من الحكم، والله تعالى أعلم.
قوله: قَالُواْ شَهِدْنَا هذا من كلامهم، ومن أهل العلم من يقول: قَالُواْ شَهِدْنَا إن هذا من كلام الملائكة، والأرجح والأصل أن الكلام للذرية، وهذا اختيار ابن جرير وعامة أهل العلم.
وقوله: أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [سورة الأعراف:172]، في قراءة أبي عمرو في الموضعين بالياء، أن يقولوا، إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا يعني: كراهة أن يقولوا، وبالتاء: كراهة أن تقولوا. 
  1.  رواه البخاري برقم(1319)، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، ومسلم برقم (2658)، كتاب القدر، باب ما قيل في أولاد المشركين.
  2. رواه مسلم برقم(2865)، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار.
  3. رواه البخاري برقم(6189)، كتاب الرقائق، باب صفة الجنة والنار، ومسلم برقم(2805)، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، وأحمد في المسند (19/302)، برقم (12289)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين، واللفظ له.
  4. رواه الترمذي برقم (3076)، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن تفسير سورة الأعراف، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم(5208).
  5. رواه الحاكم في المستدرك (2/354) برقم(3257)، كتاب التفسير، في تفسير سورة الأعراف، وهو صحيح كما تقدم.

مرات الإستماع: 0

"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ [الأعراف: 172] الآية: في معناها قولان:

أحدهما: أن الله لما خلق آدم أخرج ذريته من صلبه، وهم مثل الذر، وأخذ عليهم العهد، بأنه ربهم، فأقروا بذلك، والتزموه، روى هذا المعنى عن النبي ﷺ من طرق كثيرة[1] وقال به جماعة من الصحابة، وغيرهم.

والثاني: أن ذلك من باب التمثيل، وأن أخذ الذرية عبارة عن إيجادهم في الدنيا، وأما إشهادهم فمعناه: أن الله نصب لبني آدم الأدلة على ربوبيته، وشهدت بها عقولهم، فكأنه أشهدهم على أنفسهم، وقال لهم: ألست بربكم، وكأنهم قالوا بلسان الحال: بلى أنت ربنا.

والأول هو الصحيح؛ لتواتر الأخبار به، إلا أن ألفاظ الآية لا تُطابقه بظاهرها؛ فلذلك عدل عنه من قال بالقول الآخر، وإنما تُطابقه بتأويل؛ وذلك أن أخذ الذرية إنما كان من صلب آدم، ولفظ الآية يقتضي أن أخذ الذرية من بني آدم، والجمع بينهما: أنه ذكر بني آدم في الآية، والمراد آدم، كقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ [الأعراف: 11] الآية، على تأويل: لقد خلقنا أباكم آدم، ثم صورناه، وقال الزمخشري: إن المراد ببني آدم أسلاف اليهود، والمراد بذريتهم من كان في عصر النبي ﷺ منهم[2] والصحيح المشهور: أن المراد جمع بني آدم حسبما ذكرناه." 

فقوله - تبارك، وتعالى -: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الأعراف: 172] الذرية هم الأولاد، وأولاد الأولاد، كل هذا يقال له: ذرية، وهي مأخوذة من (ذرأ) بمعنى خلق؛ لأن الذرية هي خلق الله. 

وما ذكره المؤلف - رحمه الله - من الخلاف في معنى الآية، وهو أخذ هذا الميثاق، فظاهر الآية أن الله - تبارك، وتعالى - أخذ ذلك وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فمن هنا وقع الاختلاف هل المقصود بهذا ما جاء في النصوص: من أن الله - تبارك، وتعالى - استخرج ذرية آدم من صلبه، فإن استخراج الذرية الوارد في الأحاديث إنما هو من صلب آدم، وهنا قال: مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ولذلك اختلفوا في المراد بذلك.

وكما هو معلوم أن القرآن يفسَّر بالسنة، فإذا وُجِد تفسير هذا عن النبي ﷺ فلا يُعدل عنه إلى غيره، لكن الذي أوقع الخلاف بين العلماء من أهل السنة أنفسهم فضلاً عن غيرهم هو ما ذكرت.

فذكر المعنى الأول: أن الله لما خلق آدم أخرج ذريته من صلبه، وهم مثل الذر، وأخذ عليهم الميثاق بأنه ربهم، فأقروا بذلك، والتزموه، يقول: "رُوى هذا المعنى عن النبي ﷺ من طرق كثيرة" هذا جاء عن ابن عباس - ا -[3] وعن ابن عمرو - ا -[4] وعن عمر[5] وأنس[6] وعبد الرحمن بن قتادة[7] وأبي هريرة[8] وأبي أمامة[9] وأبي موسى، كل هؤلاء قد رووا الحديث، ولكن هذه المرويات منها المرفوع، ومنها الموقوف، ومنها الصحيح، ومنها دون ذلك، وقد لا تخلو طرق هذه الأحاديث، أو أكثرها من مقال، ولكن بمجموعها - على كثرتها - يقوي بعضها بعضًا، فالحديث ثابت، وصحيح، وقال به جماعة من الصحابة كابن عباس[10] وعبد الله بن عمر[11] وأبي بن كعب[12] - ، وأرضاهم -.

فهذا القول هو المشهور، وهو الأرجح - والله تعالى أعلم - لتضافر هذه النصوص، ويُجاب عن هذا الإشكال كما أجاب المؤلف - رحمه الله - وغيره.

وأما القول: بإن هذا من باب التمثيل، وأن المقصود هو إيجاد هؤلاء، وأن إشهادهم بمعنى ما نصب لهم من الأدلة على ربوبيته، فشهدت بها عقولهم، كأنه أشهدهم على أنفسهم، يعني: إن هذا من باب التمثيل، وإنه ليس بالحقيقة، فهذا خلاف الظاهر.

وما ذكره المؤلف - رحمه الله - في ترجيح القول الأول صحيح، ثم ذكر قول صاحب الكشاف: بأن المراد ببني آدم أسلاف اليهود، وأن المراد بذريتهم من كان في عصر النبي ﷺ فهذا قولٌ ساقط، لا يدل عليه ظاهر القرآن، وهو تأويلٌ بعيد، ليس عليه قرينة، ولا ملجئ إلى مثل هذا التكلف.

وهذا القول الذي رجحه المؤلف يدل عليه الحديث، وهو الذي اختاره جماعة كبيرة من المفسرين: كأبي جعفر ابن جرير - رحمه الله -[13] والواحدي[14] والقرطبي[15] والشوكاني[16] والشيخ محمد أمين الشنقيطي[17] رحم الله الجميع.

وفي حديث أبي هريرة  عن النبي ﷺ: لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة[18] وهذا فيه استخراج الذرية.

وفي حديث ابن عباس - ا - قال النبي ﷺ: أخذ الله - تبارك، وتعالى - الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قُبُلاً: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف: 172 - 173][19].

حديث ابن عباس - ا - هذا جاء فيه الربط بالآية، وهذا النوع من الأحاديث في التفسير لا يُعدل عنه؛ لأنه لا يدخله اجتهاد المفسر من جهة الربط بين الآية، والحديث، فالـمُفسِّر قد يصيب، وقد يخطئ؛ لأنه يدخله الاجتهاد، أما هذا فلا يدخله الاجتهاد، ولا يتطرق إليه، وهذا القول نسبه الشيخ محمد أمين الشنقيطي - رحمه الله - إلى جمهور السلف[20] وهذا صحيح، فممن قال به: ابن عباس، وابن عمرو، وأُبي، وسعيد بن جبير، وعطاء، والضحَّاك، والسُدِّي[21] وغير هؤلاء.

وذكر ابن الأنباري: أنه مذهب أصحاب الحديث، وكبراء أهل العلم[22] أي: أن الله - تبارك، وتعالى - أخرج الذرية من صلب آدم، وأصلاب أولاده، وهم في صور الذر، وأخذ عليهم الميثاق: أنه خالقهم، وأنهم مصنوعون، فاعترفوا بذلك، وقبلوا؛ وذلك بعد أن ركَّب فيهم عقولاً عرفوا بها ما عرض عليهم.

وذكر هذا المعنى أيضًا غيره، فقد ذكر صاحب التفسير الكبير أيضًا بأن ظاهر الآية يدل على هذا المعنى، وذكر محمل ذلك باعتبار أنه - تبارك، وتعالى - يعلم أن الشخص الفلاني يتولد منه فلان؛ وذلك يتولد منه آخر، فعلى الترتيب الذي عَلِم دخولهم في الوجود يخرجهم، ويميز بعضهم عن بعض، وأما أنه يُخرج كل تلك الذرية من صلب آدم، يقول: هذا ليس في لفظ الآية ما يدل على ثبوته، وليس في الآية أيضًا ما يدل على بطلانه، إلا أن الخبر قد دلَّ عليه، فثبت إخراج الذرية من ظهور بني آدم بالقرآن، وثبت إخراج الذرية من ظهر آدم بالخبر، فلا منافاة بين الأمرين، ولا مدافعة[23].

يقول: "وبناءً عليه يجب المصير إليهما معًا"[24] يعني: أن ذلك واقع، وأن الله أخرج ذرية آدم من صلبه، وهذه الذرية في علم الله متسلسلة، والله - تبارك، وتعالى - يعلم ما وُجِد، وما سيوجد، فاستخرجهم من صلب آدم على تسلسلهم من أصلاب أولاد آدم، وذرية آدم، فكان بهذا الاعتبار مستخرجًا لهم من صلبه، وصحَّ نسبة ذلك إلى بني آدم باعتبار أن هذا تسلسل فيهم.

وذكر أيضًا البغوي هذا السؤال، ثم قال: قيل: إن الله أخرج ذرية آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالد الأبناء من الآباء في الترتيب، فاستُغنِي عن ذكر ظهر آدم لما عُلِم أنهم كلهم بنوه، وأُخرجوا من ظهره[25] وهذا يوافق قول صاحب التفسير الكبير - أعني الرازي - أو ممن أكمل تفسيره؛ لأن النسبة للرازي لا تخلو من إشكال؛ لأن الرازي لم يُكمل الكتاب، فبعض أهل العلم يقولون بأن الرازي كتب من أوله إلى قدرٍ معين، ثم بعد ذلك أُكمِل، والشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - جعل التكميل في مواضع متعددة، في أثناء الكتاب، يعني ليس في موضع واحد[26] وهذا استنتاج من الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - وعلى هذا يكون الأمر أصعب، وليس من الدقة في العلم، ولا من العدل أيضًا أن يُضاف ذلك إليه بإطلاق، يعني حتى بعض الأقوال المنحرفة قد تكون من صاحب التكملة في بعض المواضع، فحينما يُقال: قال الرازي، قد لا يكون من كلام الرازي، فقد يكون ممن أكمل الكتاب، ومثل الرازي، وصاحب الكشاف عادةً لا أحب أن أذكرهم في التفسير، لكن أحيانًا قد توجد لهم بعض العبارات التي قد لا تخالف قول أهل السنة، لكن فيها إبانة بصورة ربما ينتفع بها السامع لمزيد تفصيل - والله أعلم -.

وبعضهم يقول: المعنى: واذكر حين استخرج ربك ذرية آدم من أصلاب آبائهم، وجعلهم يتناسلون في الدنيا قرنًا بعد قرن، وهذا غير القول الأول، وهو خلاف ما جاء في الأحاديث فيما يظهر، لا سيما، وقد رأيتم حديث ابن عباس - ا - مُصرِّح بالآية، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -[27] والحافظ ابن القيم[28] والحافظ ابن كثير[29] والشيخ عبد الرحمن السعدي[30] فهؤلاء الأئمة اجتمعوا على تأييد هذا القول، مع أن الأحاديث على كثرة ألفاظها، فهي متفاوتة في الألفاظ، لكنها تجتمع في معنًى واحد، وهو أن الله استخرج من صلب آدم ذريته، وليس المقصود أنهم يتوالدون في الدنيا.

وبعضهم يقول: هذا الأشهاد بما نصب في نفوسهم من الفطرة، أو من دلائل وحدانيته - سبحانه، وتعالى - أو نحو ذلك، فالله تعالى أعلم.

لكن ظواهر الأحاديث - كما ذكرت - تدل على أن الله استخرج من صلب آدم ذريته، والإشكال الذي أورده بعض أهل العمل بأن ظاهر الآية: أن الاستخراج من ظهور الذرية، يُجاب عنها بما سبق، والعلم عند الله ورحم الله الجميع.

س:. ..

في الطحاوية كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - وكلام الحافظ ابن القيم، وجُل ما فيها هي نصوص منقولة عن ابن القيم، وعن شيخ الإسلام، لكن ابن أبي العز  الحنفي - رحمه الله - عالم حنفي، وكأنه أراد أن يُقرِّب عقيدة أهل السنة لهؤلاء الأحناف، فلم يُصرِّح لهم بأسماء هؤلاء الأئمة الأعلام كشيخ الإسلام - رحمه الله - والحافظ ابن القيم، من أجل أن يقبلوا بها، وإلا فالكلام الذي في الطحاوية هو شيخ الإسلام، وابن القيم، وهو الذي أشرت إليه آنفًا.

س:. ..

معروف أنه في شرح العقيدة الطحاوية، هو يقصد هذا.

س:. ..

أيضًا أنه مسح ظهره، وجاء في عدد من الروايات.

س:. ..

تقصد أنه يؤيد كلام شيخ الإسلام: أنهم يتوالدون، وإلا استخراجهم من صلب آدم؟

س:. ..

هذا غير قول شيخ الإسلام وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ هذا يوافق قول من ذكرت من الصحابة فمن بعدهم.

وهم يوريدون أسئلة على القول: أنه استخرجهم من صلب آدم، الذي هو قول عامة الصحابة، ونُسِب لأئمة الحديث، ومن الأسئلة التي ترد: أنهم لا يذكرون أهل النفاق.

والجواب: أن الله لا يؤاخذهم بمقتضاه، بمجرده، وإنما بعده أيضًا ركَّز في فطرهم، فكل مولود يولد على الفطرة، وكذلك فإن الله - تبارك، وتعالى - قد أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، فهذا الذي يؤاخذهم به وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء: 15] لكن هذا من باب توارد الحجج، بحيث لا يبقى لهم عذر، منذ كانوا في صلب أبيهم آدم - والله أعلم -.

"قوله تعالى: قالُوا بَلى شَهِدْنا [الأعراف: 172] قولهم بلى: إقرار منهم بأن الله ربهم، فإن تقديره: أنت ربنا، فإن بلى بعد التقرير تقتضي الإثبات، بخلاف نعم، فإنها إذا وردت بعد الاستفهام تقتضي الإيجاب، وإذا وردت بعد التقرير تقتضي النفي؛ ولذلك قال ابن عباس في هذه الآية: لو قالوا: نعم لكفروا[31]."

هذا الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - من أنَّ (بلى) بعد التقرير تقتضي الإثبات، يعني: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى يعني: أثبتوا ذلك كما هنا، وإذا وردت بعد الاستفهام تقتضي الإيجاب، وإذا وردت بعد التقرير تقتضي النفي أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى وما نقله هنا عن ابن عباس - ا - أنهم لو قالوا: نعم لكفروا، هذا يذكره بعض المفسرين، وفيما يحضرني أن الذين ينقلون هذا هم المتأخرين، ولا أقصد بالمتأخرين المعاصرين، وإنما كتب التفسير غير المسندة، حيث نقل هذا جماعة منهم من غير إسناد، لكن لا وجود له في مثل تفسير ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأمثال هذه المصنفات المسندة، ولا في غيرها - والله تعالى أعلم -.

"وأما قولهم: شَهِدْنَا [الأعراف: 172] فمعناه: شهدنا بربوبيتك، فهو تحقيق لربوبية الله، وأداء لشهادتهم بذلك عند الله، وقيل: إن شهدنا من قول الله، والملائكة، أي: شهدنا على بني آدم باعترافهم."

وظاهر اللفظ: أن ذلك من إقرارهم هم، وأنهم شهدوا على أنفسهم؛ لأن الله قال: وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ فأقروا بذلك، واعترفوا، وهذا القول الذي ذكره المؤلف أنه من شهادتهم أنفسهم هو اختيار كبير المفسرين أبي جعفر ابن جرير - رحمه الله -[32].

"قوله تعالى: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ [الأعراف: 172] في موضع مفعول من أجله، أي: فعلنا ذلك كراهة أن تقولوا، فهو من قول الله لا من قولهم، وقرئ بالتاء على الخطاب لبني آدم، وبالياء على الإخبار عنهم."

قراءة الجمهور بالتاء أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ[33] وأما القراءة بالياء (أن يقولوا) فهذه قراءة أبي عمرو[34] وهي قراءة متواترة، كما هو معلوم.

  1.  منها: ما أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (2455) وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الشيخين غير كلثوم بن جبر، فمن رجال مسلم": عن ابن عباس - ا - عن النبي ﷺ قال: أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلاً قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف: 172 - 173].
  2.  تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/177).
  3.  أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (2455) مرفوعًا، وقال محققو المسند: "رجاله ثقات رجال الشيخين غير كلثوم بن جبر، فمن رجال مسلم".
  4.  أخرجه ابن جرير في تفسيره جامع البيان ت شاكر برقم: (15354) وسياقه:
    عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ قال: "أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى قالت الملائكة: شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ.
  5.  أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب تفسير القرآن، باب، ومن سورة الأعراف برقم: (3075) وضعفه الألباني. وسياقه:
    عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب، سئل عن هذه الآية: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [الأعراف: 172] قال عمر بن الخطاب: سمعت رسول الله ﷺ يسأل عنها، فقال رسول الله ﷺ: إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فأخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله ﷺ: إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله الله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله الله النار هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار، وبين عمر رجلاً".
    لكن ليس فيه التصريح بأنه أشهدهم على أنفسهم.
  6.  أخرجه البخاري برقم: (6557) ومسلم برقم: (2805) وسياقه عند البخاري: عن أبي عمران، قال: سمعت أنس بن مالك عن النبي ﷺ قال: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من هذا، وأنت في صلب آدم: ألا تشرك بي شيئا، فأبيت إلا أن تشرك بي.
  7.  أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (17660) وقال محققو المسند: " صحيح لغيره، وإسناده مضطرب" وسياقه: عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي، أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء في الجنة، ولا أبالي، وهؤلاء في النار، ولا أبالي قال: فقال قائل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر.
  8.  أخرجه الترمذي ت شاكر برقم: (3076) وسياقه:
    عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم، وبيصًا من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً منهم فأعجبه، وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود، فقال: رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة، فلما قضي عمر آدم جاءه ملك الموت، فقال: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود قال: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير، وجه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ. لكن ليس فيه التصريح بأنه أشهدهم على أنفسهم.
  9.  أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم: (7943) والدرامي في الرد على الجهمية (ص: 36 - 42) وسياقه: عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: لما خلق الله الخلق، وقضى القضية أخذ أهل اليمين بيمينه، وأهل الشمال بشماله. فقال: يا أصحاب اليمين، قالوا: لبيك، وسعديك، قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، قال: يا أصحاب الشمال قالوا: لبيك، وسعديك، قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، ثم خلط بينهم، فقال قائل: يا رب لم خلطت بينهم؟ قال: لهم أعمال من دون ذلك، هم لها عاملون أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، ثم ردهم في صلب آدم.
  10.  سبق الإشارة إلى حديثه.
  11.  سبق الإشارة إلى حديثه.
  12.  حديث أُبي أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (21232) وقال محققو المسند: "أثر ضعيف" وسياقه: عن أبي بن كعب، في قول الله : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ الآية [الأعراف: 172] قال: "جمعهم فجعلهم أرواحًا، ثم صورهم فاستنطقهم، فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد، والميثاق، وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم؟ قال: فإني أشهد عليكم السماوات السبع، والأرضين السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة: لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري فلا تشركوا بي شيئًا، وإني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي، وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي، قالوا: شهدنا بأنك ربنا، وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك، فأقروا بذلك، ورفع عليهم آدم ينظر إليهم، فرأى الغني، والفقير، وحسن الصورة، ودون ذلك، فقال: رب لولا سويت بين عبادك؟ قال: إني أحببت أن أشكر، ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور، خصوا بميثاق آخر في الرسالة، والنبوة، وهو قوله تعالى: وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مِیثَـٰقَهُمۡ إلى قوله: وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ [الأحزاب: 7] كان في تلك الأرواح فأرسله إلى مريم، فحدث عن أبي: أنه دخل من فيها.
  13.  تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/222).
  14. الوجيز للواحدي (ص: 420).
  15.  تفسير القرطبي (7/315).
  16.  فتح القدير للشوكاني (2/299).
  17. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/43).
  18.  سبق تخريجه.
  19.  سبق تخريجه.
  20.  أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/43).
  21.  انظر مروياتهم في تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/224) وما بعدها.
  22.  تفسير الخازن = لباب التأويل في معاني التنزيل (2/267).
  23.  تفسير الرازي = مفاتيح الغيب، أو التفسير الكبير (15/401 - 402).
  24.  المصدر السابق (15/402).
  25.  تفسير البغوي - إحياء التراث (2/247).
  26.  للشيخ المعلمي بحث حول تفسير الرازي مطبوع.
  27.  درء تعارض العقل، والنقل (8/484).
  28.  أحكام أهل الذمة (2/949).
  29.  تفسير ابن كثير ط العلمية (3/456).
  30. تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 308).
  31.  الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (1/456) واللباب في علوم الكتاب (9/383).
  32. تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (13/250).
  33.  السبعة في القراءات (ص: 298).
  34.  المصدر السابق.