الخميس 17 / ذو القعدة / 1446 - 15 / مايو 2025
وَإِذْ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةٌ وَظَنُّوٓا۟ أَنَّهُۥ وَاقِعٌۢ بِهِمْ خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُوا۟ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [سورة الأعراف:171-172].
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا - : قوله: وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ يقول: رفعناه، وهو قوله: وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ [سورة النساء:154].
وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - ا - : رفعته الملائكة فوق رءوسهم وهو قوله: وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ.
وقال القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - ا - قال: ثم سار بهم موسى إلى الأرض المقدسة، وأخذ الألواح بعدما سكت عنه الغضب وأمرهم بالذي أمر الله أن يبلغهم من الوظائف، فثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة، قال: رفعته الملائكة فوق رءوسهم، رواه النسائي بطوله.

فقوله - تبارك وتعالى - : إِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ من أهل العلم من قال: إن النتق أصله أن ترفع الشيء، أو أن تستخرج الشيء من مكانه بقوة ثم ترمي به، فيكون المعنى: قلعه من مكانه، والظلة: كل شيء أظلك من سحاب ونحوه، كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ صار كأنه سحاب فوق رءوسهم، خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ أي: بجد وعزيمة، وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي: من العهود والمواثيق التي أخذنا عليكم العمل بها، اذكروا ما فيه من الأحكام.
 

مرات الإستماع: 0

"وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ [الأعراف: 171] أي: اقتلعنا الجبل، ورفعناه فوق بني إسرائيل، وقلنا لهم: خذوا التوراة حين أبوا من أخذها، وقد تقدم في البقرة، تفسير الظلة، وخُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ."

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ النتق يعني نتق الشيء بمعنى قلعه من موضعه، كأنك قلعته من موضعه فرميت به نَتَقْنَا الْجَبَلَ يعني: اقتلعناه، ورفعناه فوق بني إسرائيل، وهذا الجبل هو جبل الطور وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ [النساء: 154] يعني: لما تمنَّعوا رُفِعَ الجبل فوقهم وَظَنُّوا أنه وَاقِعٌ بِهِمْ [الأعراف: 171] سيسقط عليهم، يقال: أنهم سجدوا خضوعًا، وخوفًا، وكان سجودهم، يعني: سجدوا على ناحيةٍ من الوجه، والعين الأخرى تنظر إلى الجبل خوفا؛ ولهذا يُقَال إن سجود اليهود بهذه الطريقة أن أصله هذا الذي وقع من نتق الجبل فوقهم، فكانوا في وجل من وقوعه عليهم، فكانوا يرفعون عينًا إلى الجبل، وسجدوا على ش، وجوههم.

قال: وقد تقدم في البقرة تفسير الظلة، وعرفنا أن الظلة هي ما يظلل الإنسان من غمامٍ، وغيرهِ كأنه ظلة.

خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ يعني بجد، واجتهاد، كما قال الله : فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ [الأعراف: 145] يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم: 12] بجد، واجتهاد، وهذا على كل حال كما أخبر الله : وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ [البقرة: 63].