الخميس 17 / ذو القعدة / 1446 - 15 / مايو 2025
وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلْكِتَٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ

التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد ﷺ كما هو مكتوب فيه، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ [سورة الأعراف:170] أي: اعتصموا به واقتدوا بأوامره وتركوا زواجره، وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.
​​​​​​​

مرات الإستماع: 0

"وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ [الأعراف: 170] قرئ بالتشديد، والتخفيف، وهما بمعنى واحد."

قراءة عاصم في رواية أبي بكر (يُمَسَكُونَ) بالتخفيف، وقراءة الجمهور يُمَسِّكُونَ وهي الرواية الثانية عن عاصم[1] وقراءة حفص عن عاصم يُمَسِّكُونَ قراءة الجمهور.

هما بمعنى واحد لكن زيادة المبنى لزيادة المعنى، يعني يُمَسِّكُونَ يدل على مزيد من التمسُّك، يعني يتمسكون، ويعني يعملون به، أو يعتصمون به، ويقتدون بأوامره، ويتركون زواجره يُمَسِّكُونَ بالكتاب يتمسكون به ممتثلين ما يأمر به مجتنبين ما ينهى عنه.

"وإعراب الذين عطفٌ على للذين يتقون، أو مبتدأ، وخبره إنا لا نضيع أجر المصلحين، وقام ذكر المصلحين مقام الضمير، لأن المصلحين هم الذين يُمسِّكون بالكتاب."

يعني باعتبار أنه لا يكون متمسِّكًا بالكتاب إلا إذا كان ممتثلاً، وهذا الامتثال لابد أن يكون معه الإصلاح، الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لذلك قال الله : وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5] وقال: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران: 104] فجعل الفلاح منحصرًا بهؤلاء.

  1. تفسير البغوي (3/297).