قال ابن جرير: أما المذءوم فهو المعيب، والذأم -غير مشدد- العيب، يقال: ذأمه يذأمه ذأماً فهو مذءوم.
ويتركون الهمز فيقولون: ذمته أذيمه ذيماً وذاماً، والذام والذيم أبلغ في العيب من الذم.
قال: والمدحور المقصَى والمبعد المطرود.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما نعرف المذءوم والمذموم إلا واحداً.
وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس - ا - : اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا قال: مقيتاً.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا - صغيراً مقيتاً.
وقال السدي: مقيتاً مطروداً.
وقال قتادة: لعيناً مقيتاً.
وقال مجاهد: منفياً مطروداً.
وقال الربيع بن أنس: مذءوما ً منفياً، والمدحور المصغر.
هذه الأقوال متقاربة وهذا كله من اختلاف التنوع، فإن المذءوم هو المستحق للذم، ومن كان كذلك فهو صغير وهو أيضاً مقيت وذليل، ومن فسره باللعن أو نحو ذلك، فإن ذلك يقع لمن كان مذءوماً، والمدحور أيضاً هو الطريد المبعد، ومن لُعن فهو مدحور، فهذه المعاني التي يذكرها السلف يمكن أن ترجع إلى شيء واحد، ولا حاجة أن يقال: قيل كذا وقيل كذا والراجح هو كذا، بل يقال: المذءوم هو المستحق للذم، أو ينسب إليه الذم، أو هو منسوب إلى الذم، والمدحور هو المبعد يقال: دحره وأبعده وطرده، وإن قلت: لعنه، فاللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله .
والمذءوم على المشهور غير المذموم، وإن كان في المعنى يرجع إلى شيء واحد وهو العيب، لكن المذءوم أبلغ في العيب، ولا يكون هذا من باب الهمز والتسهيل، بمعنى أنها نفس الكلمة همزت فقيل: مذءوم ومذموم، وإنما هي على المشهور تختلف، ولهذا قال ابن جرير - رحمه الله - : أما المذءوم فهو المعيب، والذأم - غير مشدد - العيب، يعني المشدد هو الذمّ، فهي مادة أخرى فليست القضية من باب التسهيل والهمز فقط إلا بناء على ما سبق من قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما نعرف المذءوم والمذموم إلا واحداً، يعني المسألة تكون من باب الهمز والتسهيل على هذا القول.
اللام في قوله: لَّمَن تَبِعَكَ [سورة الأعراف:18] بعض أهل العلم يقول: هي لام القسم والجواب قوله: لأَمْلأنَّ [سورة الأعراف:18] وبعضهم يقول: هذه اللام هنا للتوكيد، ولام القسم هي اللام الثانية أي التي في قوله: لأَمْلأنَّ [سورة الأعراف:18] والله أعلم.