قوله – تبارك وتعالى - : أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ [سورة الأعراف:185]، الواو هذه عاطفة تعطف قوله : وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ، على ما قبلها وهو قوله: مَلَكُوتِ، ويكون المعنى: أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض، وينظروا في ما خلق الله فيتفكروا ويعتبروا.
قوله: وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ [سورة الأعراف:185] هذه الجملة أيضاً معطوفة على ملكوت، يعني يتفكروا في قرب آجالهم، أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم، يتفكروا في هذا، وينزجروا عما هم فيه.
قوله – تبارك وتعالى - : فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [سورة الأعراف:185]، يحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى ما تقدم من التفكر والنظر في الأمور المذكورة، ويحتمل أن يكون عائداً إلى القرآن، أي فبأي حديث بعد القرآن يؤمنون؟، ولعل هذا هو المتبادر، ويحتمل أن يكون عائداً إلى النبي ﷺ، ويحتمل أن يكون عائداً إلى الأجل المذكور في قوله: وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [سورة الأعراف:185] باعتبار أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، ولكن هذا فيه بعد - والله تعالى أعلم - والأقرب أن ذلك يرجع إلى القرآن، ولهذا قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "فبأي تخويف وتحذير وترهيب بعد تحذير محمد ﷺ وترهيبه الذي أتاهم به من عند الله في آي كتابه" فعبر ابن كثير بهذه العبارة التي تشتمل على أنه محمد ﷺ والقرآن.