"أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ [الأعراف: 184] يعني: بصاحبهم النبي ﷺ فنفى عنه ما نسب له المشركون من الجنون.
ويحتمل أن يكون قوله: مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ معمولا لقوله، أو لم يتفكروا، فيوصل به، والمعنى: أو لم يتفكروا، فيعلموا أن ما بصاحبكم من جنة.
ويحتمل أن يكون الكلام قد تم في قوله: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا [الأعراف: 185] ثم ابتدأ إخبارا مستأنفًا، لقوله: مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ والأوّل أحسن."
قوله: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ هذا كقوله - تبارك، وتعالى -: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ [سبأ: 46] وكقوله - تبارك، وتعالى -: فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ [الطور: 29] ونظير ذلك.
والنبي ﷺ لا شك أنه أكمل الناس عقلاً، وأسلمهم من هذه الآفات.
وقوله هنا: ويحتمل أن يكون الكلام قد تم في قوله: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ثم ابتدأ إخبارا مستأنفًا بقوله: مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ وعلى هذا تكون "ما" نافية يقول: والأول أحسن، وهو كذلك.