عدو الإنسان قد يكون من الإنس، وقد يكون من الشياطين، فالأول قد تنفع فيه المصانعة؛ لطيب أصله، فإذا أحسن إليه تحول وكف إساءته، وربما تحول إلى ولي حميم، أما الآخر فهذا لا تنفع معه المصانعة ولا الإحسان، لكن الله - تبارك وتعالى - أخبرنا بشيء نتخلص به منه هو الاستعاذة فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ، والنزغ: هو النخس، والمقصود به: ما يلقيه الشيطان، فيحرك الإنسان ويوسوس له، ويزين له الباطل والمنكر والإساءة والظلم والعدوان على الناس - والله تعالى أعلم - ، وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ فيحرك النفس المُغضبَة، ويأمره بالانتقام أو العدوان والظلم، ويلقي في نفسه الخواطر والوساوس السيئة، يقول له: إن عفوت فإن هذا يحمل على غير وجه، ويظن أنك تضعف عن الانتقام، فانتقم، وهكذا، فيحمله على رد الإساءة بإساءة مثلها أو أكثر منها، فكل هذه المعاني يفسر بها النزغ.
وقال ابن جرير في تفسير قوله: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ: وإما يغضبك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ يقول: فاستجر بالله من نزغه إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: سميع لجهل الجاهل عليك، والاستعاذة به من نزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه، لا يخفى عليه منه شيء، عليم بما يُذهب عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خلقه، وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير بما أغنى عن إعادته هاهنا.