السبت 27 / شوّال / 1446 - 26 / أبريل 2025
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [سورة فصلت:36]، وقال في هذه السورة الكريمة أيضاً: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [سورة الأعراف:200].


عدو الإنسان قد يكون من الإنس، وقد يكون من الشياطين، فالأول قد تنفع فيه المصانعة؛ لطيب أصله، فإذا أحسن إليه تحول وكف إساءته، وربما تحول إلى ولي حميم، أما الآخر فهذا لا تنفع معه المصانعة ولا الإحسان، لكن الله - تبارك وتعالى - أخبرنا بشيء نتخلص به منه هو الاستعاذة  فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ، والنزغ: هو النخس، والمقصود به: ما يلقيه الشيطان، فيحرك الإنسان ويوسوس له، ويزين له الباطل والمنكر والإساءة والظلم والعدوان على الناس - والله تعالى أعلم - ، وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ فيحرك النفس المُغضبَة، ويأمره بالانتقام أو العدوان والظلم، ويلقي في نفسه الخواطر والوساوس السيئة، يقول له: إن عفوت فإن هذا يحمل على غير وجه، ويظن أنك تضعف عن الانتقام، فانتقم، وهكذا، فيحمله على رد الإساءة بإساءة مثلها أو أكثر منها، فكل هذه المعاني يفسر بها النزغ.
 

فهذا الآيات الثلاث في الأعراف والمؤمنون وحم السجدة لا رابع لهن، فإنه تعالى يرشد فيهن إلى معاملة العاصي من الإنس بالمعروف وبالتي هي أحسن فإن ذلك يكفه عما هو فيه من التمرد بإذنه تعالى، ولهذا قال: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، ثم يرشد تعالى إلى الاستعاذة به من شيطان الجان، فإنه لا يكفه عنك الإحسان، وإنما يريد هلاكك ودمارك بالكلية، فإنه عدو مبين لك ولأبيك من قبلك.
وقال ابن جرير في تفسير قوله: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ: وإما يغضبك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ يقول: فاستجر بالله من نزغه إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: سميع لجهل الجاهل عليك، والاستعاذة به من نزغه، ولغير ذلك من كلام خلقه، لا يخفى عليه منه شيء، عليم بما يُذهب عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خلقه، وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير بما أغنى عن إعادته هاهنا.

 

مرات الإستماع: 0

"وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ [الأعراف: 200] نزغ الشيطان وسوسته بالتشكيك في الحق، والأمر بالمعاصي، أو تحريك الغضب."

النزع كما يقول ابن عطية: "حركة فيها فساد، وقل ما تستعمل إلا في فعل الشيطان؛ لأن حركاته مسرعة مفسدة نزغ"[1].

فأمر الله بالاستعاذة منه عند ذلك، كما ورد في الحديث: أن رجلا اشتد غضبه فقال رسول الله ﷺ: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما به: نعوذ بالله من الشيطان الرجيم[2].

  1. تفسير ابن عطية = (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) (2/491).
  2. أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس، وجنوده، برقم (3282) وبرقم (6115) في كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، ومسلم، كتاب البر، والصلة، والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب، وبأي شيء يذهب الغضب، برقم (2610).