الثلاثاء 22 / ذو القعدة / 1446 - 20 / مايو 2025
قُلْ أَمَرَ رَبِّى بِٱلْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا۟ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ [سورة الأعراف:29] أي: بالعدل والاستقامة وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي: أمركم بالاستقامة في عبادته في محالِّها وهي متابعة المرسلين المؤيدين بالمعجزات فيما أخبروا به عن الله وما جاءوا به من الشرائع، وبالإخلاص له في عبادته فإنه تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين، أن يكون صواباً موافقاً للشريعة وأن يكون خالصاً من الشرك.

قوله تعالى: وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ [سورة الأعراف:29] يحتمل أن يكون المراد به استقبال الكعبة، وقد قال بهذا بعض السلف لكنه لا يخلو من إشكال، وذلك أن هذه السورة مكية وهذا السياق في رد ضلالات المشركين ومخاطبتهم بالإيمان، فهل يقول لهم: استقبلوا القبلة عند كل موضع للصلاة من كنيسة وبيعة وما أشبه ذلك؟ وهل كانوا أصلاً يتعبدون الله في هذه المواضع أو في غيرها حتى يقال: إنهم يستقبلون أو لا يستقبلون؟ ما كانوا كذلك أبداً بل كانوا بمنأى عنه ولذلك فهم مخاطبون بالإيمان، ولهذا يقال: إن المقصود بقوله: وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ [سورة الأعراف:29] توحيد الوجهة لله - تبارك وتعالى - بأن يتوجه القلب إليه وحده، ويوجَّه العمل إلى المعبود فلا يُصرف شيء من ذلك للأنداد والأصنام والمعبودات التي تعبد من دون الله كما قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا [سورة الروم:30] أي أن المراد بذلك هو التوحيد والإخلاص، وهذا هو الذي ذهب إليه كبير المفسرين ابن جرير - رحمه الله - واختاره الحافظ ابن القيم، فليس المقصود بقوله: وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ [سورة الأعراف:29] استقبال القبلة، وإنما المراد ألَّا يكون الإنسان عابداً لغير الله - تبارك وتعالى - فلا يصلي لغير الله ولا يذبحُ لغيره ولا يعبدُ غيره – جل وعلا -، بل تكون عبادته جميعاً لله وحده لا شريك له.
قال المفسر - رحمه الله تعالى - في تفسير سورة الأعراف: وقوله تعالى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [سورة الأعراف:29] إلى قوله: الضَّلاَلَةُ [سورة الأعراف:30] اختُلف في معنى كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ يحييكم بعد موتكم.
وقال الحسن البصري: كما بدأكم في الدنيا كذلك تعودون يوم القيامة أحياءً.
وقال قتادة: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قال: بدأ فخلقهم ولم يكونوا شيئاً، ثم ذهبوا، ثم يعيدهم.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كما بدأكم أولاًَ كذلك يعيدكم آخراً، واختار هذا القول أبو جعفر بن جرير، وأيَّده بما رواه عن ابن عباس - ا - قال: قام فينا رسول الله ﷺ بموعظة فقال: يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غُرْلاً كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وهذا الحديث مخرج في الصحيحين[1].

فالآثار التي ذكرها المفسر عن طائفة من السلف عند قوله - تبارك وتعالى - : كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ كلها ترجع إلى شيء واحد، وهو الاحتجاج أو الإخبار عن قدرته - تبارك وتعالى - على البعث محتجاً بابتداء الخلق، فالذي أنشأ الخلق أولاً من العدم قادر على أن يعيدهم ثانية، وهذا كثير في القرآن، وهو من طرق إثبات البعث كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [سورة الروم:27] وكقوله: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ [سورة يس:79] وأشباه ذلك من النصوص كثير، وطرق إثبات البعث في القرآن معروفة، ذكر الله تعالى منها خمسة في سورة البقرة، والمقصود هنا أن هذا القول في الآية هو بهذا المعنى، وجميع الآثار التي ذكرها ترجع إليه، وهذا ما اختاره كبير المفسرين - رحمه الله - واختاره أيضاً الحافظ ابن القيم، إلا أن الآية تحتمل معنى آخر قال به طائفة من السلف بقرينة ما بعد هذه الجملة كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ [سورة الأعراف:29-30] فالمعنى الثاني كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي كما قدر عليكم من السعادة والشقاوة فإنكم تصيرون إلى ما قدر عليكم في الكتاب الأول، كما جاء في الحديث: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها[2] وهذا المعنى هو أحد المعنيين في قوله - تبارك وتعالى - : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ [سورة التغابن:2] أي أن الله قد خلق قوماً للنار وخلق قوماً للجنة، خلق قوماً للسعادة وخلق قوماً للشقاوة، طبع قوماً على الكفر وطبع آخرين على الإيمان، ولا بد أن يحصل مقتضى ذلك، فالحاصل أن هذا المعنى من حيث هو صحيح، وهو اعتقاد أهل السنة والجماعة في باب القدر، ولكن هل هو المراد بالآية؟ لا شك أن الآية تحتمله لكن لو قيل: إن هذه الآية محمولة على نظائرها في كتاب الله وذلك أن الله يحتج بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة لكان هذا له وجه قريب من النظر، والعلم عند الله .
وعلى كل حال فالذين قالوا: إنه يحتج بالنشأة الأولى على النشأة الثانية استدلوا بحديث: يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غُرْلاً كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وقد سبق في بعض المناسبات أن قوله: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ يحتمل معنيين: الأول: أنه احتجاج بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، وهذا الذي مشى عليه ابن القيم وابن جرير وأمثال هؤلاء، ويحتمل المعنى الآخر وهو المذكور في هذا الحديث، كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ أي أن الإنسان يرجع ثانيةً إلى الهيئة التي وجد فيها أولاً - حفاة عراة غرلاً - فالنبي ﷺ ذكر هذا المعنى عند الآية، لكن هذه الآية وإن كانت في سياق تقرير البعث إلا أن عمومها يشمل ذلك، والنبي ﷺ قد يحمل الآية على معنى مما يحتمله عمومها وإن كان السياق في غيره، ولهذا نظائر وهي من الأدلة التي يستدل بها على أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، كقوله - تبارك وتعالى - : وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [سورة الكهف:54] فهذه الآية وإن كانت في جدل الكفار بالنبوة والوحي والوحدانية إلا أن النبي ﷺ ذكرها في سياق آخر وهو جدل الإنسان مطلقاً وذلك أنه حينما أتى علياً وفاطمة وهما نائمان، فقال: ألا تصليان؟ فقال علي : إن أرواحنا بيد الله.. وفي الحديث: فرجع النبي ﷺ وهو يضرب فخذه ويقول: وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً[3].
ومن ذلك أنه حينما سئل عن أي المسجدين أسس على التقوى أولاً؟ فمن المعلوم أن السياق في مسجد قباء، ومع ذلك حملها النبي ﷺ على مسجده؛ لأنه أحق بهذه الصفة، وذلك لا ينفي هذا الوصف عن مسجد قباء.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - ا - : قوله: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ [سورة الأعراف:29-30] قال: إن الله تعالى بدأ خلق ابن آدم مؤمناً وكافراً كما قال: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ [سورة التغابن:2] ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأهم مؤمناً وكافراًَ، قلت: ويتأيد هذا القول بحديث ابن مسعود في صحيح البخاري: فوالذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة[4].

يقول ابن كثير - رحمه الله - : "ويتأيد هذا بحديث ابن مسعود.." وذكَرَه، يعني أن حديث ابن مسعود يؤيد القول بأن قوله: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [سورة الأعراف:29] أي كما قدر على الإنسان وكتب عليه من هدى وضلال يرجع إليه ويصير إليه في آخر الأمر، فهذا القول تؤيده هذه النصوص، ولذلك فإن بعض أهل العلم مثل الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - على طريقته المعروفة عند أهل العلم حمل الآية على المعنيين، وقد ذكر قاعدة في أول الكتاب، وهي أن الآية قد تحتمل معنيين ويوجد ما يدل على صحة كل معنى من هذه المعاني في الكتاب أو في السنة من غير قيام مانع يمنع من حملها على كل تلك المعاني فتحمل عليها جميعاً؛ لأن القرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، ولذلك فهو يقول: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [سورة الأعراف:29] احتجاج بالنشأة الأولى على النشأة الثانية، وهذه القاعدة لا تمنع من أن يحمل ذلك على أن الناس يعودون كما خلقهم الله حيث خرجوا من بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلاً، فيرجعون في الآخرة كذلك، كما دل عليه حديث ابن عباس السابق، ويصح أن يقال أيضاً: إن قوله: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [سورة الأعراف:29] يعني كما قدر عليكم من هدى وضلال تصيرون إلى ذلك، فالله - تبارك وتعالى - ذكر ذلك وأطلق، وعندنا ما يدل على أن المعنى الأول صحيح - وهو كثير في القرآن - وعندنا ما يدل على أن المعنى الثاني أيضاً أنهم يرجعون بالصفة التي خرجوا فيها من بطون أمهاتهم كما قال تعالى: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ [سورة الأنبياء:104] عندنا ما يدل على المعنى الثالث أيضاً أي أنكم تصيرون إلى ما كتب عليكم وقدر من هدى وضلال، وهذه المعاني كلها لا تحتاج إلى الترجيح بينها وإنما تحمل عليها جميعاً، والله أعلم
لكن يبقى هنا سؤالان: السؤال الأول: ما وجه المناسبة بين حمل الآية على الاحتجاج بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة وما ذكر بعده من قوله: فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ؟ [سورة الأعراف:30]
والسؤال الثاني هو كيف الجمع بين معنى أنه يرجع إلى ما قدر عليه أولاً – حيث إن من الناس من طبع على الكفر ومنهم من طبع على الإيمان - وبين قول النبي ﷺ: خلقت عبادي حنفاء؟
أما السؤال الأول فقد أجاب عنه ابن القيم حيث عرفنا أنه رجح المعنى الذي اختاره ابن جرير - رحمه الله - من أنه احتجاج على النشأة الآخرة بالنشأة الأولى، ويرى – رحمه الله - أن هذه الآية قد تضمنت قواعد الدين من الإيمان بالقدر والشرع والمبدأ والمعاد والأمر بالعدل والإخلاص، ثم ختم بذكر حال من لم يصدق هذا الخبر ولم يطع هذا الأمر بأنه قد والى الشياطين من دون ربه، واتخذهم أولياء، فانظر إلى سياق الآية حيث يقول سبحانه: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [سورة الأعراف:29] فإنه قد ذكر العدل وبين أنه يكون بالإخلاص والتوحيد له سبحانه، ثم ذكر بقية القواعد التي يجب الإيمان بها فقال: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ [سورة الأعراف:29-30] فهو يرى أن هذه الآية متضمنة لهذه القواعد العظيمة وهي الإيمان بالله والإيمان بالقدر والأمر بالعدل والقسط وذِكر اليوم الآخر.
وأما الجواب عن السؤال الثاني فقد ذكره ابن كثير - رحمه الله - .
قلت: ولا بد من الجمع بين هذا القول - إن كان هو المراد من الآية - وبين قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [سورة الروم:30] وما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه[5] وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله ﷺ: يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم.. الحديث[6] ووجه الجمع على هذا أنه تعالى خلقهم ليكون منهم مؤمن وكافر في ثاني الحال وإن كان قد فطر الخلق على معرفته وتوحيده، والعلم بأنه لا إله غيره، كما أخذ عليهم الميثاق بذلك وجعله في غرائزهم وفطرهم، ومع هذا قدر أن منهم شقياً ومنهم سعيداً هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ [سورة التغابن:2] وفي الحديث: كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها[7]وقدر الله نافذ في بريته، فإنه هو الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى [سورة الأعلى:3] والَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [سورة طـه:50] وفي الصحيحين: فأما من كان منكم من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة[8] ولهذا قال تعالى: فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ [سورة الأعراف:30] ثم علل ذلك فقال: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ الآية [سورة الأعراف:30] .

هذا المعنى الذي ذكره من أن الإنسان يولد على الفطرة وأن الآية تحتمل أن يرجع إلى ما كتب عليه من سعادة وشقاوة هو معنى كبير لذلك ينبغي للإنسان أن يكثر من دعاء ربه أن يثبته، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، فإن الناظر إلى حال كثيرٍ من الناس يجد بعضهم قد نشأ في بيئة طيبة ومع ذلك ينتكس على عقبيه، ومن الناس من ينشأ في بيئة أسوأ ما يكون كأن يكون في أرض غربة ومع ذلك هو في غاية التهذيب والصلاح والاستقامة على دين الله ومن الناس من يبقى مدة طويلة ربما عشرات السنين وهو يعلّم الناس الخير ويدعوهم إلى الاتباع والسنة، وفي غاية الثبات والقوة ثم يرجع إلى حال ربما كان الضعف في التدين أسهل منها وذلك بأن يبتلى بالشبهات فيُلبس على الناس في دينهم ويرجع إلى أمور كان ينكرها فينظِّر لها ويستسيغها، فالناس في هذه الفتن يتقلبون ظهراً لبطن، والإنسان لا يأمن على نفسه ولذلك لا ينبغي أن يستشرف للفتن بل يسعه أن يقف في كثير من الأشياء دون أن يقحم نفسه فيها فيسلم له دينه وإيمانه، فإن وجد من يقبل منه حمد الله، وإلا فليزم بيته وليغلق عليه بابه، ولن يسأله الله : لماذا لم تخرج في القنوات الفضائية وتكون في مقدمة الناس دائماً؛ لأن حفظ رأس المال مقدم على كل شيء، فعلى الإنسان أن يبقى ثابتاً على مبادئه لا يتنازل عن شيء منها ويلقى الله على ذلك، فالعبد بحاجة إلى كثرة الدعاء والصبر والثبات، والله المستعان.
إن الإنسان لا يأمن على نفسه، ولقد رأينا أناساً طلبوا العلم وجدّوا فيه واجتهدوا غاية الاجتهاد، والآن إذا رأيت الواحد منهم ما عرفته من سواد وجهه، وقبح هيئته، وانسلاخه من كل ما يميزه؛ لأنه قد انحرف غاية الانحراف والفسوق، فمن الناس من ابتلي بالشهوات ومنهم من ابتلي بالشبهات، نسأل الله السلامة.
قال ابن جرير: وهذا من أبين الدلالة على خطأ من زعم أن الله لا يعذِّب أحداً على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها فيركبها عناداً منه لربه فيها؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضل وهو يحسب أنه هادٍ وفريق الهدى فرق، وقد فرق الله تعالى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية الكريمة.

"إنَّ" مشعرة بالتعليل في قوله تعالى: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ [سورة الأعراف:30] وتدل على التوكيد أيضاً، والمعنى لماذا كانوا كذلك أي فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة؟ الجواب: إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون، ولذلك فابن جرير - رحمه الله - يقول: "هذا من أبين الدلالة على خطأ من زعم أن الله لا يعذب أحداً على معصية ركبها أو ضلالة إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها فيركبها عناداً منه لربه فيها" فهذه الآية رد على كثير ممن قد يتوقف أو يجادل عن الأتباع من أهل الضلال والبدع وذلك أنهم يقولون: هؤلاء يتدينون حقيقة ويبذلون أموالهم ويبكون في عبادتهم وعند صلاتهم وإنما قد يكون الزندقة في رؤسائهم وكبرائهم وأما هؤلاء الأتباع فمساكين وهم صادقون ويريدون الخير بأفعالهم!
ونحن نقول: لو قلنا بهذا لانجر هذا القول أيضاً إلى عوام اليهود وعوام النصارى وليس إلى أهل البدع فقط، لكن الله قد أخبر أن النار فيها الأتباع وفيها المتبوعون من الكبراء وقادة الشر والضلال والكفر كما سيأتي في الآيات القادمة حيث يتبرأ هؤلاء من هؤلاء، ويدعون الله أن يزيدهم ضِعفاً من العذاب، لذلك كان يجب على هؤلاء حينما سمعوا داعي الله وسمعوا القرآن أن لا يقلدوا غيرهم وأن لا يحسنوا الظن بكبرائهم وقادتهم بل هم مكلفون مسئولون، لكنهم حينما ألغوا عقولهم وجعلوا الآخرين يفكرون عنهم بالنيابة صاروا إلى هذه الحالة التي هي أسوأ من حالة الأنعام، فهم جعلوا انقيادهم لهؤلاء الكبراء وعندئذ يندمون حيث يقودونهم إلى النار، فالنار فيها أتباع وفيها متبوعون وهذه القضية لا بد أن تعرف لكن الله لا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسل وبعد قيام الحجة وبلوغها، فبلوغ الحجة قال عنها النبي ﷺ: لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار[9] وأما قيام الحجة فذلك بأن يفهم منها ما يصلح لمثله وليس بالضرورة أن يفهم منها فهم علماء المسلمين كأبي بكر وعمر وإنما يكفي ما يصلح لمثله، أما أن يكابر ويقول: وجدنا الشيوخ على هذا، أو يحمله الغضب على المهاترة فيعبد قبر عبدٍ من عباد الله وإذا أنكر عليه قال: أنت تنكر كرامات الأولياء، فهذا قد قامت عليه الحجة ولا يلومنَّ إلا نفسه.
  1. أخرجه البخاري في كتاب التفسير – باب تفسير سورة المائدة (4349) (ج 4 / ص 1691) ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها -باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (2860) (ج 4 / ص 2194).
  2. أخرجه البخاري في كتاب التوحيد – باب قوله تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ [(171) سورة الصافات] (7016) (ج 6 / ص 2713) ومسلم في كتاب القدر - باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته (2643) (ج 4 / ص 2036).
  3. أخرجه البخاري في أبواب التهجد - باب تحريض النبي ﷺ على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب (1075) (ج 1 / ص 379) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها - باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح (775) (ج 1 / ص 537).
  4. أخرجه البخاري في كتاب القدر (ج 6 / ص 2433).
  5. أخرجه البخاري في كتاب القدر - باب الله أعلم بما كانوا عاملين (6226) (ج 6 / ص 2434) ومسلم في كتاب القدر- باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (2658) (ج 4 / ص 2047).
  6. أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها - باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (2865) (ج 4 / ص 2197)
  7. أخرجه مسلم في كتاب الطهارة – باب فضل الوضوء (223) (ج 1 / ص 203).
  8. أخرجه البخاري في كتاب التفسير – باب تفسير سورة الليل (4666) (ج 4 / ص 1891) ومسلم في كتاب القدر - باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته (2647) (ج 4 / ص 2039).
  9. أخرجه مسلم في كتاب الإيمان - باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس ونسخ الملل بملة (153) (ج 1 / ص 134).

مرات الإستماع: 0

"وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ قيل: المراد إحضار النية، والإخلاص لله، وقيل: فعل الصلاة، والتوجه فيها."

إقامة الوجه يقصد به إقامة الوجه لله أقيموا وجوهكم بالإخلاص.

فلواحد كن واحدا في واحد أعني سبيل الحق والإيمان

ولهذا قال ابن جرير[1] والحافظ ابن القيم[2] وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يعني بالإخلاص لله وحملها ابن كثير على هذا المعنى الإخلاص، وزيادة، وهي متابعة الرسول ﷺ[3] متابعة في العمل، وذلك الاستقامة في عبادته في محالها، يعني: بمعنى أن إقامة الوجه استقامة يدل على الإقامة استقامة، وهذه لا يكون العمل مستقيمًا إلا بالإخلاص، والمتابعة بهذا الاعتبار فسره بهذين.

وابن جرير فسره بالإخلاص إقامة الوجه، باعتبار أنه أضافه إلى الوجه، ما قال وأقيموا أعمالكم مثلاً، وإنما قال: وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.

المعنى الآخر هنا فعل الصلاة، والتوجه فيها، يعني اتجهوا إلى القبلة، وتفسيره بالإخلاص، يعني توجهوا في صلاتكم لله وحده في أي مسجد كنتم وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ واجتهدوا في إقامة الصلاة ظاهرًا، وباطنًا وفق ما شرعه الله، كما قال ابن كثير - رحمه الله - في المعنى السابق، متابعة وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا [يونس: 105][4].

لاحظ هنا يعني التوحيد، والإخلاص، وكذلك إني وجهت، وجهي للذي فطر السماوات، والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، هذا كله في التوحيد، والإخلاص.

فقد كان النبي ﷺ إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات، والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين[5].

وفي الحديث: إذا أخذت مضجعك، فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك[6].هذا الحديث هذا كله في التوحيد، والإخلاص، فهو يفسر هذه الآية وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ كما قال: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18].

"قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: 29] أي: في كل مكان سجود، أو في وقت كل سجود، والأول أظهر، والمعنى إباحة الصلاة في كل موضع كقوله ﷺ: جعلت لي الأرض مسجدًا[7].

قوله تعالى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ احتجاج على البعث الأخروي بالبدأة الأولى."

فقوله - تبارك، وتعالى -: وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [الأعراف: 29] أقيموا وجوهكم: مضى أن المقصود بذلك الإخلاص لله - تبارك، وتعالى - مع توحيده - تبارك، وتعالى - في أي مسجد كنتم على وفق ما شرعه الله لكم، والمسجد مكان السجود، يعني المواضع التي تكون لذلك قل، أو في وقت كل السجود، والأول أظهر؛ لأنه ظاهر اللفظ.

 قال: والمعنى إباحة الصلاة في كل موضع، هذا يستنبط من الآية، ولكن من جهة المعنى وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يعني الإخلاص لله - تبارك، وتعالى - عند كل موضع للسجود، يعني الإخلاص لله - تبارك، وتعالى - في صلاتكم، وعبادتكم.

وبينه، وبين المعنى الآخر - والله تعالى أعلم - وهو وقت كل سجود ملازمة؛ لأن ذلك لا يقع إلا في زمان.

وقوله: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ احتجاج على البعث الأخروي بالبدأة الأولى؛ وهكذا كثير في القرآن كما هو معلوم: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ [الأنبياء: 104] فيحتج بالبدأة الأولى النشأة الأولى على النشأة الثانية اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [الروم: 11] وهذا نوع من دلائل البعث في القرآن، وكما هو معلوم أدلة البعث في القرآن كثيرة منها هذا النوع: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ۝ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: 78 - 79].

وفي عادة المخاطبين أن النشأة الثانية أسهل من النشأة الأولى، وذلك عند الله - تبارك، وتعالى - سواء لا فرق: وَلَقَدْ جِئْتِمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام: 94] فهذا هو المعنى المشهور الذي عليه الجمهور، وبه قال مجاهد، والحسن، وقتادة، وابن زيد[8] وهو اختيار أبي جعفر ابن جرير - رحمه الله -[9] واختاره كذلك الحافظ ابن القيم[10].

وهناك معنى آخر صح عن ابن عباس - ا - من طريق ابن أبي طلحة[11] وهو أن الله - تعالى - بدأ خلق ابن آدم مؤمنًا، وكافرًا، كما قال الله : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [التغابن: 2] ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأهم مؤمنًا، وكافرًا، وتكون الإعادة كما ابتدأوا كقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [التغابن: 2] فيها للمفسرين قولان مشهوران قد مضى ذلك في التعليق على "المصباح المنير".

فَمِنْكُمْ كَافِرٌ من نظر إلى أن الفاء تفيد التعقيب المباشر قال هذا باعتبار ما سبق في القدر كما جاء في الحديث: قبض قبضة فقال: هذه للجنة، ولا أبالي، وقبض قبضة، وقال: هذه للنار، ولا أبالي[12] فالشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه[13].

فهذه الآية في هذا الاعتبار تدل على هذا المعنى، وهذا المعنى يرده المعتزلة؛ لأنهم ينفون القدر، ويقولون: بأن الإنسان يخلق فعله، وأن الله لم يقدر عليه الكفر، أو الإيمان.

والمعنى الآخر: هو أن الله - تبارك، وتعالى - خلقهم، وبيَّن لهم سبيل الهدى، وسبيل الردى، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر، فتكون الفاء على هذا الاعتبار تدل على تعقيب مباشر، لكن سيقول هؤلاء: بأن تعقيب كل شيء بحسبه؛ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا [الرعد: 17] ولا يكون هذا إلا بعد مدة من نزول المطر فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً [المؤمنون: 14] وبينهم أربعون فمثل هذا تحتمل الآية، وقائل ذلك إذا كان يثبت القدر إثباتًا صحيحًا، ومن ذلك المراتب الأربعة منها: العلم السابق، والخلق، والكتابة، والمشيئة، وهذا قول آخر لا إشكال فيه.

فهذا معنى ذكره ابن عباس - ا -[14] وذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله -[15] أنه يتقوى بحديث: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يبقى بينه، وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى لا يبقى بينه، وبينها إلا ذراع، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها[16].

وبعض أهل العلم حملها على المعنين لوجود ما يدل على كل واحد منهما، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - وهذا يذكره كثيرًا في تفسيره بأن الآية إذا احتملت معنيين، ودل على كل معنى دليل، ولم يوجد ما يمنع من حملها على المعنيين؛ فإنها تحمل عليهما؛ لأن القرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة[17].

فهنا: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ المتبادر على طريقة القرآن في الاحتجاج على البعث أنه احتجاج بالنشأة الأولى على الثانية، وهذه السورة من السور المكية، ومن مقاصد السور المكية إثبات البعث، والرد على المنكرين له.

والمعنى الآخر تحتمله الآية: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قال به حبر الأمة[18] وتدل عليه النصوص من القرآن، والسنة كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ يعني بتقديره الأزلي ترجعون بعد ذلك إليه على فريقين: مؤمن، وكافر - والله تعالى أعلم -.

  1.  تفسير الطبري (12/381).
  2.  مفتاح دار السعادة (2/10).
  3.  تفسير ابن كثير (3/403).
  4.  تفسير ابن كثير (3/403).
  5.  أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، وقيامه، رقم: (771).
  6.  أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا نام رقم: (6313) ومسلم، كتاب الذكر، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، باب ما يقول عند النوم، وأخذ المضجع، رقم: (2710).
  7.  أخرجه البخاري، في أوائل كتاب التيمم، برقم (335) ومسلم، كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب جعلت لي الأرض مسجدا، وطهورا، برقم (521).
  8.  انظر: تفسير الطبري، ت شاكر (12/385).
  9.  تفسير الطبري (9/413 - 414).
  10.  انظر: جلاء الأفهام (ص: 286).
  11.  تفسير ابن كثير (3/404).
  12.  أخرجه الحاكم في المستدرك، برقم (84) وقال: "هذا حديث صحيح قد اتفقا على الاحتجاج برواته، عن آخرهم إلى الصحابة، وعبد الرحمن بن قتادة من بني سلمة من الصحابة، وقد احتجا جميعا بزهير بن عمرو، عن رسول الله ﷺ وليس له راو غير أبي عثمان النهدي، وكذلك احتج البخاري بحديث أبي سعيد بن المعلى، وليس له راو غير حفص بن عاصم" وأبو يعلى الموصلي في مسنده، برقم (3422) وضعف إسناده محققه (حسين سليم أسد).
  13.  أخرجه الطبراني في الأوسط، برقم (2631) واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة، والجماعة (4/658) برقم (1056) وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (3685).
  14.  تفسير ابن كثير (3/404).
  15.  المصدر السابق.
  16.  أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم (3208) وبرقم (3332) كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، ومسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، وكتابة رزقه، وأجله، وعمله، وشقاوته، وسعادته، برقم (2643).
  17. انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/13).
  18.  انظر: تفسير الطبري (10/142) وتفسير ابن كثير (3/404).