لما ذكر تعالى حالَ الأشقياء عطف بذكر حال السعداء فقال: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أي: آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله واستكبروا عنها.
وينبه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل؛ لأنه تعالى قال: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ [سورة الأعراف:42-43] أي: من حسد وبغض.
في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [سورة الأعراف:42] يمكن أن يكون قوله: لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [سورة الأعراف:42] جملة اعتراضية، وعلى هذا يكون معنى الآية: والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون، وجاء بهذه الجملة المعترضة لدفع توهم قد يتوهمه السامع وهو أن هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات قاموا بكل الأعمال الصالحة المقدور عليها وغير المقدور عليها فبيّن أن هذا غير صحيح؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فقوله: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يعني وعملوا الصالحات مما يقدرون عليها؛ لأننا لا نكلف نفساً إلا وسعها، فهو جاء بهذا القيد لبيان هذا المعنى، ومعلوم أن القيود في القرآن تأتي في كل موضع بحسب الحاجة إليها وهي أنواع كثيرة، ومن شاء فليراجع قواعد التفسير فهناك أمثلة وأنواع تذكر فيها هذه القيود في القرآن.