الجمعة 18 / ذو القعدة / 1446 - 16 / مايو 2025
قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلَٰلَةٌ وَلَٰكِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ

المصباح المنير التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ [سورة الأعراف:61] أي: ما أنا ضال ولكن أنا رسول من رب العالمين، ربِّ كل شيء ومليكه.

مرات الإستماع: 0

"لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ إنما قال: ضلالةٌ، ولم يقل: ضلالٌ كقولهم؛ لأن الضلالة أخص من الضلال كما إذا قيل لك: أعندك تمر؟ تقول: ما عندي تمرة، فتعم بالنفي."

قوله هنا: ليس بي ضلالة: يقول إنما قال ضلالةٌ، ولم يقل ضلالٌ كقولهم يعني حينما قالوا: نراك في ضلال، قال: لأن الضلالة أخص من الضلال، كما إذا قيل لك: أعندك تمر؟ تقول: ما عندي تمرة فتعم بالنفي، فيكون بهذا الاعتبار نفى أن يلتبس به، ويختلط به ضلالةٌ ما واحدة، فإذا انتفى عنه فرد واحد من أفراد الضلالة فانتفاء غيره أنفى، وأنفى، يعني من باب أولى، يعني ليس بي نوعٌ من أنواع الضلالة البتة، فيكون هذا أبلغ في عموم السلب، فالضلالة هنا أخص من الضلال، فكانت أبلغ في نفي الضلال عن نفسه، كأنه قال: ليس بي شيءٌ من الضلال.

وبعضهم يقول: الضلالة أدنى من الضلال، وأقل؛ لأنها لا تُطلَق إلا على الفعلة الواحدة منه، وأما الضلال فيطلق على القليل، والكثير من جنسه، ونفي الأدنى أبلغ من نفي الأعلى، لا من حيث كونه أخص، وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، هذا ذكره جماعة من المفسرين.

وبعضهم يقول: الضلالة مصدر مثل: الضلال، وتأنيثه لفظي محض، والتخالف بينهما إنما هو مجرد تفنن بالعبارة - والله أعلم - وهذا يقوله ابن عاشور - رحمه الله -[1] يقول: هو مجرد تفنن في العبارة، وإلا المعنى واحد. 

  1. التحرير، والتنوير (8 - ب/192).