الإثنين 21 / ذو القعدة / 1446 - 19 / مايو 2025
وَٱذْكُرُوٓا۟ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِى ٱلْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَٱذْكُرُوٓا۟ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا۟ فِى ٱلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ

التسهيل في علوم التنزيل لابن جزي
مرات الإستماع: 0

"وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ [الأعراف: 74] كانت أرضهم بين الحجاز، والشام، وقد دخلها رسول الله ﷺ وأصحابه، فقال لهم ﷺ: لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا وأنتم باكون؛ مخافة أن يصيبكم مثل الذي أصابهم"[1]."

وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ يعني: أنزلكم، وجعل لكم مساكن، وأزواجًا، والمباءة سبق البيان للمراد بها، وأنها ما يرجع إليه الإنسان بعد تفرقه في حاجاته، والموضع الذي ينزله، ونحو ذلك.

يقول: "كانت أرضهم بين الحجاز، والشام، وقد دخلها رسول الله ﷺ " وقال ما قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين...[2] إلى آخره، ونهى النبي ﷺ من الاستقاء من آبارهم، وما عُجن من تلك الآبار، وأمر بإطعامه الدواب، إلا ما كان من بئر الناقة[3] فدلَّ ذلك على أن الموضع معروف، وهو لا شك كذلك، وأن الآبار أيضًا كانت معلومة، وبئر الناقة كان معلومًا، والمشهور إلى اليوم أن هذه هي المعروفة بمدائن صالح في الحِجر بين الشام، والحجاز.

"قوله تعالى: تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا [الأعراف: 74] أي: تبنون قصورًا في الأرض البسيطة وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا [الأعراف: 74] أي: تنجرون بيوتًا في الجبال، وكانوا يسكنون القصور في الصيف، والجبال في الشتاء". 

تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا السهل: هو المكان المنخفض المستوي الذي لا، وعر فيه، قال: وَتَنْحِتُونَ أي: تنقبون من الْجِبَالَ بُيُوتًا فأصل النحت يدل على نجر شيء، وتسويته بحديدة، ونحو ذلك، فقوله هنا: تنجرون استعمال صحيح في اللغة، نحت الجبال يُقال له نجر.

"وانتصب بيوتًا على الحال، وهو كقولك: خِطُّ هذا الثوب قميصًا"
  1. أخرجه بنحوه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في مواضع الخسف، والعذاب برقم: (433) ومسلم في كتاب الزهد، والرقائق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين برقم: (2980).
  2.  سبق تخريجه.
  3.  أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا [الأعراف: 73] برقم: (3378) ومسلم في الزهد، والرقاق، باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم برقم: (2981) ولفظه في البخاري: عن ابن عمر - ا - أن رسول الله ﷺ لما نزل الحجر في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها، واستقينا، فأمرهم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء، ويروى عن سبرة بن معبد، وأبي الشموس: أن النبي ﷺ أمر بإلقاء الطعام، وقال أبو ذر عن النبي ﷺ: من اعتجن بمائه.