"ثم قال تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ أي: الذي خلق السماوات، والأرض، وجعل مشرقًا، ومغربًا، وسخر الكواكب تبدو من مشارقها، وتغيب في مغاربها.
وتقرير الكلام: ليس الأمر كما تزعمون أن لا معاد، ولا حساب، ولا بعث، ولا نشور، بل كل ذلك واقع وكائن لا محالة، ولهذا أتى بـ"لا" في ابتداء القسم ليدل على أن المقسم عليه نفي، وهو مضمون الكلام، وهو الرد على زعمهم الفاسد في نفي يوم القيامة.
وقد شاهدوا من عظيم قدرة الله - تعالى - ما هو أبلغ من إقامة القيامة، وهو خلق السماوات، والأرض، وتسخير ما فيهما من المخلوقات من الحيوانات، والجمادات، وسائر صنوف الموجودات، ولهذا قال تعالى: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [غافر: 57]، وقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأحقاف: 33]، وقال تعالى في الآية الأخرى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:81-82]، وقال هاهنا: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ أي: يوم القيامة نعيدهم بأبدان خير من هذه، فإن قدرته صالحة لذلك وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي بعاجزين؛ كما قال تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ [القيامة:3-4]، وقال تعالى: نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ [الواقعة:60–61].
واختار ابن جرير: عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ أي: أمة تطيعنا، ولا تعصينا، وجعلها كقوله: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38] والمعنى الأول أظهر لدلالة الآيات الأُخَر عليه - والله أعلم -".
قوله - تبارك وتعالى - هنا: كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ يعني: من ماء مهين، الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هنا فسر قوله: فَلَا أُقْسِمُ قال: "ليس الأمر كما تزعمون أن لا معاد، ولا حساب، ولا بعث، ولا نشور، بل كل ذلك واقع وكائن لا محالة، ولهذا أتي بـ"لا" في ابتداء القسم ليدل على أن المقسم عليه نفي، وهو مضمون الكلام"، يعني أن "لا" في هذا الموضع: فَلَا أُقْسِمُ نفي لمضمون كلام لهم من إنكار البعث، والإعادة، وهذا قد مضى الكلام عليه في مواضع من كتاب الله - تبارك وتعالى -، فيما يتصل بدخول "لا" في القسم هل هي متعلقة بمقدر يعني أنها للنفي على بابها "لا" لما تقولون، "لا" لما تزعمون، ثم أقسم، أو أنها كما يقول بعضهم: زائدة إعرابًا لتأكيد القسم، أو أنها للنفي على بابها، بمعنى أن هذا الأمر لا يحتاج إلى قسم لوضوحه، وظهوره.
وقوله - تبارك وتعالى - هنا: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ جمع المشارق والمغارب، هنا الحافظ ابن كثير ذكر أن ذلك - يعني الجمع - باعتبار مشارق الكواكب، ومغاربها، وقد مضى الكلام على مثل هذا، وأنه يمكن أن يكون المقصود به مشارق الشمس أيضًا، ومغاربها باعتبار أنها تتحول في سائر العام، فيكون لها في كل يوم مشرق ومغرب، فهي تنحرف في درجة الميل صيفًا، وشتاءً، فذات اليمين، وذات الشمال، يعني إلى أقصى نقطة من تحولها في الجنوب إلى أقصى نقطة في تحولها في الشمال، ولذلك نشاهد تحول الظل صيفًا وشتاءً، فهي في طلوعها وغروبها يكون فيها درجة من الميل كما هو معروف، تتحول هذه الدرجة هكذا في كل حين، حتى تكون إلى منتهى ذلك في الشتاء، ثم بعد ذلك تبدأ ترجع إلى منتهى هذا الميل صيفًا، فهذه كلها مشارق، ومغارب؛ باعتبار هذه الدرجات في ميلها، فبعض أهل العلم يفسر المشارق والمغارب: مشارق الشمس، ومغاربها، بهذا الاعتبار، وبعضهم يقول: مشارق الشمس والقمر، والنجوم والكواكب، فهي تشرق وتغرب.
وقوله - تبارك وتعالى -: عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ قال: أي: يوم القيامة نعيدهم بأبدان خير من هذه... إلى آخره، ويحتمل أن يكون المعنى: أن يكون التبديل: أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ يعني أن الله - تبارك وتعالى - قادرٌ القدرة المطلقة على إنشاء الخلق، وعلى تبديلهم أيضًا، فهو يخلق ما يشاء، إما أن يكون ذلك بإعادة هذه الأجساد إعادة ثانية بأتم وأكمل مما كانت عليه، أو أن يكون المراد بذلك أن يبدل الله - تبارك وتعالى - هؤلاء المخلوقين بخلق يخلقهم، وينشئهم أتم، وأكمل من هؤلاء، فهو على كل شيء قدير.
وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ قال: أي: بعاجزين، وكذا قول من قال: بمغلوبين يعني إذا أردنا ذلك، بل نفعل ما أردنا، لا يفوتنا شيء، ولا يعجزنا أمر.
الحافظ ابن القيم - رحمه الله - له تعليق على بعض هذه المواضع قال - رحمه الله تعالى - معلقًا على قوله تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ: "وأنت إذا تأملت ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى وجدت تحتها كنزًا عظيمًا من كنوز المعرفة، والعلم، فأشار سبحانه بمبدأ خلقه مما يعلمون من النطفة وما بعدها إلى موضع الحجة، والآية الدالة على وجوده ووحدانيته، وكماله، وتفرده بالربوبية، والإلهية، وأنه لا يحسن به مع ذلك أن يتركهم سدى، لا يرسل إليهم رسولاً، ولا ينزل عليهم كتابًا، وأنه لا يعجز مع ذلك أن يخلقهم بعدما أماتهم خلقًا جديدًا، ويبعثهم إلى دار يوفيهم فيها أعمالهم من الخير والشر، فكيف يطمعون في دخول الجنة وهم يكذبونني، ويكذبون رسلي، ويعدلون بي خلقي، وهم يعلمون من أي شيء خلقتهم؟.
ويشبه هذا قوله: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ [الواقعة:57] وهم كانوا مصدقين بأنه خالقهم، ولكن احتج عليهم بخلقه لهم على توحيده، ومعرفته، وصدق رسله، فدعاهم إلى الإقرار بأسمائه، وصفاته، وتوحيده، وصدق رسله، والإيمان بالمعاد"[1].
ابن القيم - رحمه الله - يبين وجه الارتباط بين قوله: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ مع قوله: كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ما وجه الارتباط بين هذين الأمرين؟ هو يذكر أن الإشارة إلى مبدأ الخلق مما يعلمون من النطفة وما بعدها إلى موضع الحجة، والآية الدالة على وجوده، ووحدانيته، يشير إلى هذا، إلى كماله، وتفرده بالربوبية، والإلهية، وأنه لا يحسن به مع ذلك أن يتركهم سدى، فالذي خلقهم هذا الخلق، وأنشأهم بهذه الأطوار؛ لم يكن ذلك عبثًا منه، وإنما هناك أحوال، وأطوار أخرى تعقبها، وأنهم يصيرون إليها، فيجازيهم على أعمالهم، فكيف يطمعون في دخول الجنة مع التكذيب؟!.
وقال - رحمه الله تعالى -: في قوله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ: "أقسم سبحانه برب المشارق، والمغارب، وهي إما مشارق النجوم ومغاربها، أو مشارق الشمس ومغاربها، وأن كل موضع من الجهة مشرق ومغرب، فكذلك جَمع في موضع، وأفرد في موضع، وثنى في موضع آخر فقال: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن:17] فقيل: هما مشرقا الصيف والشتاء، وجاء في كل موضع ما يناسبه فجاء في سورة الرحمن: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ لأنها سورة ذكرت فيها المزدوجات، فذكر فيها الخلق والتعليم، والشمس والقمر، والنجوم والشجر، والسماء والأرض، والحب والثمر، والجن والإنس، ومادة أبي البشر وأبي الجن، والبحرين، والجنة والنار"[2].
يعني الآن "المشرقين" مشرق الصيف والشتاء يقصد أقصى نقطة في الصيف، وأقصى نقطة في الشتاء، فاعتبر الطرفين فقال: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ أو الشمس والقمر.
وقال - رحمه الله -: "وقسم الجنة إلى جنتين عاليتين، وجنتين دونهما، وأخبر أن في كل جنة عينين، فناسب كل المناسبة أن يذكر المشرقين والمغربين.
وأما سورة: سَأَلَ سَائِلٌ فإنه أقسم سبحانه على عموم قدرته، وكمالها، وصحة تعلقها بإعادتها بعد العدم، فذكر المشارق، والمغارب؛ بلفظ الجمع، إذ هو أدل على المقسم عليه سواء أريد مشارق النجوم، ومغاربها، أو مشارق الشمس ومغاربها، أو كل جزء من جهتي المشرق، والمغرب، فكل ذلك آية ودلالة على قدرته - تعالى - على أن يبدل أمثال هؤلاء المكذبين، وينشئهم فيما لا يعلمون، فيأتي بهم في نشأة أخرى كما يأتي بالشمس كل يوم من مطلع، ويذهب بها في مغرب.
وأما في سورة المزمل فذكر المشرق والمغرب بلفظ الإفراد لما كان المقصود ذكر ربوبيته، ووحدانيته، وكما أنه تفرد بربوبية المشرق والمغرب وحده، فكذلك يحب أن يتفرد بالربوبية، والتوكل عليه وحده، فليس للمشرق والمغرب رب سواه، فكذلك ينبغي أن لا يُتخذ إله، ولا وكيل سواه، وكذلك قال موسى لفرعون حين سأله: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:23] فقال: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [الشعراء:28] وفي ربوبيته - سبحانه - للمشارق والمغارب تنبيه على ربوبيته السموات، وما حوته من الشمس، والقمر، والنجوم، وربوبيته ما بين الجهتين، وربوبيته الليل والنهار وما تضمناه، ثم قال: إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي لقادرون على أن نذهب بهم، ونأتي بأطوع لنا منهم، وخيراً منهم كما قال تعالى: إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا [النساء:133].
وقوله: وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي لا يفوتني ذلك إذا أردته، ولا يمتنع مني، وعبر عن هذا المعنى بقوله: وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ لأن المغلوب يسبقه الغالب إلى ما يريده، فيفوت عليه، ولهذا عَدّى بـ"على" دون "إلى" كما في قوله: وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ [الواقعة:60-61] فإنه لما ضمنه معنى مغلوبين، ومقهورين، عداه بـ"على" بخلاف سبقه إليه، فإنه فرق بين سبقتُه إليه، وسبقتُه عليه، فالأول: بمعنى غلبتُه، وقهرتُه عليه، والثاني: بمعنى وصلتُ إليه قبله"[3].
تأمل هنا: لَقَادِرُونَ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ يقول: أي: لقادرون على أن نذهب بهم، ونأتي بأطوع لنا منهم، يعني خلقًا آخر، والذي مشى عليه ابن كثير أن نفس الخلق يعاد بأتم مما كان، وابن القيم يذهب إلى أنه خلقٌ آخر أطوع لله منهم: نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ، وهذا هو المتبادر أي الذي ذكره ابن القيم - رحمه الله -، هذا غير المعنى الذي ذكره ابن كثير، لكن كأن ابن كثير نظر إلى أن الكلام في الاحتجاج عليهم بقدرته على بعثهم فيقول: قادر على إعادتهم بحال أتم، حيث تستبعدون إعادة الأجساد، فالله يعيدها بحال أتم مما كانت عليه، وليس فقط بحالها التي كانت عليه أو دون ذلك، يعني نظر إلى أن هذا من باب الرد عليهم، لكن أيضًا هذا المعنى: أن الله قادر على أن ينشئ أيضًا خلقًا أكمل من هؤلاء، وأحسن حالاً، وأطوع لله منهم.
قال ابن القيم: "وقد وقع الإخبار عن قدرته - سبحانه - على تبديلهم بخير منهم، وفي بعضها تبديل أمثالهم، وفي بعضها استبداله قوماً غيرهم، ثم لا يكونوا أمثالهم، فهذه ثلاثة أمور يجب معرفة ما بينها من الجمع، والفرق، فحيث وقع التبديل بخير منهم فهو إخبار عن قدرته على أن يذهب بهم، ويأتي بأطوع، وأتقى له منهم في الدنيا، وذلك قوله: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ يعني بل يكونوا خيراً منكم، قال مجاهد: يستبدل بهم من شاء من عباده، فيجعلهم خيراً من هؤلاء، فلم يتولوا بحمد الله، فلم يستبدل بهم، وأما ذكره تبديل أمثالهم ففي سورة الواقعة، وسورة الإنسان، فقال في الواقعة: نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ [الواقعة:60-61].
وقال في سورة الإنسان: نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا [الإنسان:28] قال كثير من المفسرين: المعنى: أنا إذا أردنا أن نخلق خلقاً غيركم لم يسبقنا سابق، ولم يفتنا ذلك.
وفي قوله: وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا إذا شئنا أهلكناهم، وأتينا بأشباههم، فجعلناهم بدلاً منهم، قال المهدوي: "قوماً موافقين لهم في الخلق، مخالفين لهم في العمل"، ولم يذكر الواحدي ولا ابن الجوزي غير هذا القول، وعلى هذا فتكون هذه الآيات نظير قوله تعالى: إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133] فيكون استدلالاً بقدرته على إذهابهم، والإتيان بأمثالهم على إتيانه بهم أنفسهم إذا ماتوا"[4].
يعني هذا كأنه من باب اللزوم، إذا كان قادرًا على أن يأتي بأمثالهم فهو قادر على أن يأتي بهم، وهكذا إذا كان قادرًا على أن يخلق خيرًا منهم فهو قادر أيضًا على إعادتهم.
- شفاء العليل، ص (36).
- التبيان في أقسام القرآن، ص (194- 195).
- المصدر السابق (195-196).
- المصدر السابق (196-197).