كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ[سورة المدثر:38-56].
ما يدور بين أهل الجنة والنار من الحوار:
يقول تعالى مخبرًا أن كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌأي: معتقلة بعملها يوم القيامة، قاله ابن عباس -ا- وغيره،إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِفإنهمفِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَأي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولائك في الدركات قائلين لهم:مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ أي: ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا.
يقول الله عن أصحاب اليمين يقول:فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَظاهره أنه يسأل بعضهم بعضاً عن المجرمين، كما في قوله -تبارك وتعالى-:قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ[سورة الصافات:51]، فالحاصل أنهم يتساءلون عن المجرمين، وعن مصيرهم، وما لهم لا يرونهم معهم في نعيم الجنة؟ فهذا ظاهر الآية-والله تعالى أعلم-، ولكن قوله -تبارك وتعالى- بعده:مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، حمل بعض أهل العلم -بعض المفسرين- على القول بأن المراد بيتساءلون عن المجرمين أي: أنهم يسألونهم، يسألون المجرمين، ومن أهل العلم من توسطوا في هذا فقالوا: إنهم يتساءلون عن المجرمين فإذا عرفوا خبرهم ووقفوا عليهم عند ذلك يوجهون هذا السؤال إليهم، وهذا من البلاغة في الاختصار بحذف ما يعلم، والله تعالى أعلم.