الأحد 18 / ذو الحجة / 1446 - 15 / يونيو 2025
مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

أي: يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولائك في الدركات قائلين لهم:

مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ۝ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ۝ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَأي: ما عبدنا ربنا ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا.

وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَأي: نتكلم فيما لا نعلم، وقال قتادة: كلما غوي غاوٍ غوينا معه.

فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ۝ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ۝ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ما الذي أدخلكم النار؟ كلمة يتساءلون على وزن يتفاعلون، والمفاعلة كثير من أهل العلم يقولون: إنما تكون بين اثنين فأكثر؛ ولهذا يقولون: من الخطأ أن تقول، ملاحظة، قل: ملحوظة، إذا أردت أن تستدرك شيئاً تقول: ملحوظة، ولا تقل: ملاحظة؛ لأن الملاحظة إنما تكون بين اثنين، تقول: مناظرة، مشاكسة، مقاتلة، مصارعة، مكالمة وما أشبه ذلك، والذي يبدو -والله تعالى أعلم- أن هذا هو الغالب، ولكن يمكن أن يأتي في كلام العرب ما كان على هذه الزنة وليس بين اثنين ولا أكثر، وإنما يكون في كلام الواحد فيما يكون بينه وبين نفسه؛ ولهذا لا يقال: إنه من الخطأ أن تقول: ملاحظة، فلك أن تقول: ملاحظة، ولك أن تقول: ملحوظة، وله نظائر، فإذا أردنا أن نحمل هذا على هذا المعنى وتخلصنا من ذاك القيد وقلنا: إنه ليس بلازم يكونيَتَسَاءَلُونَأي: بمعنى يسألون،عَنِ الْمُجْرِمِينَما أدخلكم في النار؟مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ۝ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ۝ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ۝ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَيعني: الخوض بالباطل بالقول والفعل؛ ولذلك لا منافاة بين قول من قال:نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَأي: أن نتكلم بالباطل، وبين قول: إذا غوى غاوٍ غوينا معه، فهذا كله صحيح، فهم يخوضون بالباطل بقولهم وفعلهم.

وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ۝ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ يعني: الموت، كقوله تعالى:وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[سورة الحجر:99]، وقال رسول الله ﷺ:أمّا هو -يعني عثمان بن مظعون- فقد جاءه اليقين من ربه[1].

وبعض أهل العلم ينقل الإجماع على أن المراد باليقين الموت.

  1. رواه الإمام أحمد في المسند، برقم (27457)، وقال محققوه: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أبي كامل -وهو مظفَّر بن مُدرِك الخراساني- فقد روى له أبو داود في "التفرد" والنسائي، وهو ثقة، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهري".