الأحد 22 / صفر / 1447 - 17 / أغسطس 2025
إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً [سورة الإنسان:22] أي: يقال لهم ذلك تكريماً لهم وإحساناً إليهم كما قال تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيَّامِ الْخَالِيَةِ [سورة الحاقة:24].

الذي أسلفوه هو الصيام في أيام الحر والقيام، وطاعة الله ، والقيام بفرائضه، وترك حدوده، وفطام النفس عن أهوائها وشهواتها، والمكابدة والصبر، هذا الذي أسلفوه في الأيام الخالية.

وكقوله تعالى: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة الأعراف:43]، وقوله تعالى: وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا أي: جزاكم الله على القليل بالكثير.

يدخل فيه هذا المعنى، ويدخل فيه سائر المعاني التي يدل عليها لفظ الشكر، إذ إن أصل الشكر في كلام العرب بمعنى الظهور، ولهذا يقال للعُسْلُوج الذي يخرج في أصل الشجرة إذا قطعت وهو الفرع الأخضر الصغير يقال له: شَكِير، ويقال: للدابة التي يظهر عليها أثر السمن من العلف لا سيما إذا كانت تأكل من العلف قليلاً، ويظهر أثره عليها كثيراً؛ يقال: شكرت الدابة، ودابة شكور، فظهور أثر النعمة على المنعم عليه بالقلب، واللسان، والجوارح يقال له: الشكر.

أفادتكُمُ النعماءُ مني ثلاثةً يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبا

يعني ظهر أثر النعمة، يلهج بلسانه، ويقر بقلبه، ويقوم ذلك المعنى بقلبه، وبجوارحه، شكر المُنعِم، فهذا كله من الشكر، فالله يقول: وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا، فيدخل فيه المجازاة على العمل، ويدخل فيه المضاعفة بالجزاء الحسنة بعشر أمثالها، فهذا كله من شكر الله لعبده، إذ إن الشكر يطلق من الله لعبده، ومن العبد لربه لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ [سورة إبراهيم:7] شكرتم، وقوله: لأَزِيدَنَّكُمْ هذا من شكر الرب لعبده، فالله شاكر بمعنى أنه يجازي بالإحسان إحساناً، ويضاعف عليه في الجزاء.