"فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [النازعات: 33 - 46].
يقول تعالى: فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى [النازعات: 34] وهو يوم القيامة، قاله ابن عباس، سميت بذلك لأنها تَطُمّ على كل أمر هائل مفظع، كما قال تعالى: وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ [القمر: 46]."
فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى [النازعات: 34]، الطامة: هي الداهية العظمى، التي تطم على سائر الطامات، تقول: هذا جاء الوادي الذي طم القرى، فهذه أعظم واقعة، فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى، وذلك يوم القيامة، وهي النفخة الثانية، فلعظم هولها قيل لها: الطامة، ووصفت بالكبرى، فالطامات تقع للناس - الحوادث الكبار - ولكن هذه هي الطامة الكبرى، وكل داهية لا تستطاع يقال لها: طامة عند العرب، كما يقوله المُبرِّد.
لكن الطامة الكبرى هي التي تطغى على سائر الطوام، والطامات، فهي لا يُقادَر قدرها، فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى والجواب قوله سبحانه: فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 37-39] الآيات، فهذا هو الجواب، إذا جاءت يكون الناس على حالين، فالطغاة إلى الجحيم، وأهل الخوف، والخشية، وإيثار مرضاة الله - تبارك وتعالى - هؤلاء إلى الجنة.
وبعضهم يقول: الجواب مقدر محذوف، فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى فإن الأمر كذلك، أو إذا جاءت الطامة الكبرى عاينوا عندها الحقائق التي كانوا يكابرون بها، وينكرونها، فرأوا ذلك عياناً، أو إذا جاءت الطامة الكبرى علموا حقيقة ذلك، فهذه معانٍ متقاربة، وبعضهم يقول: فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى أدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار - والله تعالى أعلم -.