الإثنين 12 / ذو الحجة / 1446 - 09 / يونيو 2025
ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ أي: هذا الجزاء سبب ما عملتم من الأعمال السيئة في حياتكم الدنيا جازاكم الله بها هذا الجزاء، وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ أي: لا يظلم أحداً من خلقه، بل هو الحكم العدل الذي لا يجور، - تبارك وتعالى - وتقدس وتنزه الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [سورة الحـج:64].


قوله: وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ وظلَّام صيغة مبالغة على وزن فعّال، فلو جرد من المبالغة لقال: ليس بظالم للعبيد، فالنفي جاء بهذه الصيغة لَيْسَ بِظَلاَّمٍ ولو أعمل فيه مفهوم المخالفة، لربما يفهم منه أحد أن ليس بظلام، ظلام يعني كثير الظلم، فنفي كثرة الظلم قد لا يعني نفي أصل الظلم، فيمكن أن يجاب عن هذا: أنه عبر بذلك نظراً لكثرة العباد لَيْسَ بِظَلاَّمٍ، ولو وقع الظلم ولو يسيراً في كل واحد من الناس لكان ذلك كثيراً فقال: لَيْسَ بِظَلاَّمٍ، والجواب الثاني: أن وقوع الظلم ممن له الكمال يكون أشنع وأعظم فنفى عنه ذلك بهذه الصيغة وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ، ونفى عن نفسه الظلم ولو كان يسيراً في عدة مواضع فقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا [سورة يونس:44]، وهذه نكرة في سياق النفي تفيد العموم، وقال: لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [سورة النساء:40]، - والله أعلم - .

ولهذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم - رحمه الله - من رواية أبي ذر عن رسول الله ﷺ : إن الله تعالى يقول: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه[1].
  1. رواه مسلم برقم (2577)، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم.