قوله: وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ وظلَّام صيغة مبالغة على وزن فعّال، فلو جرد من المبالغة لقال: ليس بظالم للعبيد، فالنفي جاء بهذه الصيغة لَيْسَ بِظَلاَّمٍ ولو أعمل فيه مفهوم المخالفة، لربما يفهم منه أحد أن ليس بظلام، ظلام يعني كثير الظلم، فنفي كثرة الظلم قد لا يعني نفي أصل الظلم، فيمكن أن يجاب عن هذا: أنه عبر بذلك نظراً لكثرة العباد لَيْسَ بِظَلاَّمٍ، ولو وقع الظلم ولو يسيراً في كل واحد من الناس لكان ذلك كثيراً فقال: لَيْسَ بِظَلاَّمٍ، والجواب الثاني: أن وقوع الظلم ممن له الكمال يكون أشنع وأعظم فنفى عنه ذلك بهذه الصيغة وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ، ونفى عن نفسه الظلم ولو كان يسيراً في عدة مواضع فقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا [سورة يونس:44]، وهذه نكرة في سياق النفي تفيد العموم، وقال: لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [سورة النساء:40]، - والله أعلم - .
- رواه مسلم برقم (2577)، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم.