"وقوله تعالى: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أي: انتثرت، كما قال تعالى: وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ [سورة الانفطار:2]، وأصل الانكدار: الانصباب.
قال الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبيّ بن كعب قال: ست آيات قبل يوم القيامة."
قوله: وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قال: انتثرت، وفسرها بالآية الأخرى: وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ، أصل الانكدار قال: الانصباب، أصله الانصباب، يقال: انكدر الطائر في الهواء يعني: انصب، وانقض، وانحدر، وكما يقول الخليل بن أحمد: انكدر القوم، يعني انكدر عليهم القوم، يعني: جاءوا أرسالاً فانصبوا عليهم، ويقول عطاء: تمطر السماء يومئذٍ نجوماً، فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على الأرض، وبعضهم يقول: انطمس نورها، فهذا كأنه أثر لهذا الانكدار؛ لأنه تغيُّر، فابن جرير - رحمه الله - ذكر المعنيين: تناثرت، فتساقطت، باعتبار أن أصل الانكدار الانصباب، والله تعالى يقول: وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ فيقول: تناثرت، فتساقطت، وهذه الآيات أبيّ بن كعب يقول: منها ما يكون قبل يوم القيامة، ست، ومنها ما يكون بعد قيام الساعة، هذه الأشياء المذكورة.
فهذه الست التي تكون قبل النفخ في الصور، تكوير الشمس، انكدار النجوم، تسيير الجبال، تعطل العشار، الوحوش تحشر، والبحار تسجر، إلى هنا، فإذا قامت القيامة زُوجت النفوس، أُلحق كل إنسان بمن يشاكله، مَن كان على دينه، وملته، وعمله، وحاله، وتُسأل الموءودة، وتتطاير الصحف، وتكشط السماء، وتسعر الجحيم، وتقرب الجنة، وعندئذٍ يعلم الإنسان - كل إنسان - ما قدم، وما عمل في دنياه، هذا قول أُبيّ ، يعني هذه الأشياء تكون بعد النفخة الأولى، أو تكون قبلها، بينما الناس في أسواقهم، يعني قبل النفخة الأولى، قال: قبل يوم القيامة، ويوم القيامة يكون حينما ينفخ في الصور، طبعاً هنا على تفسير بعض المواضع مثل قوله: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [سورة التكوير:5] قال: اختلطت، يعني هنا على أساس أنه يفسر أن الوحوش تختلط بحيث ما يفر بعضها من بعض، ولا يخاف بعضها من بعض، وكما يقول بعضهم أيضاً: تأتي عند الإنس لا تخافهم، ولا يخافونها، هذا قبل يوم القيامة، ولكن على المعنى الآخر أنها تحشر يوم القيامة، فيقتص بعضها من بعض، ثم يقال لها: كوني تراباً، فهذا على أحد المعنيين، ويأتي - إن شاء الله تعالى -.
- رواه ابن جرير في تفسيره، في تفسير سورة التكوير، (24/237).