الأحد 25 / ذو الحجة / 1446 - 22 / يونيو 2025
إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُوا۟ كَانُوا۟ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يَضْحَكُونَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ۝ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ۝ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ۝ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ ۝ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ۝ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ۝ عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ۝ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [سورة المطففين:29-36].

يقول المؤلف - رحمه الله - تعالى: يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين، أي: يستهزئون بهم، ويحتقرونهم، وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم، أي:محتقرين لهم."

قوله - تبارك وتعالى -: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا يعني الكفار، كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ في الدنيا، وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ يعني هؤلاء الذين حصلوا هذا النعيم المقيم، هذه الجنات، هذه الملاذ بأنواعها كان المجرمون يسخرون منهم في الدنيا، ويحتقرونهم، ويستضعفون عقولهم، وآراءهم، يضحكون منهم، وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ يشير بعينه، أو بشيء في تعابير وجهه، أو بيده، أو غير ذلك مما يقصد به لمزهم، وعيبهم، فإذا مر أهل الإيمان تغامز أهل الإجرام، يعني على سبيل السخرية، والاستهزاء، انظر إليه، انظر إلى هذا يرى أنه مهتدي، وأنه على حق، وأنه تكون له العاقبة، والآخرة، والنصر، وما إلى ذلك كل هذا يذكرونه على سبيل الاستهزاء، والسخرية في الدنيا، وهذه عادة أهل الإجرام يسخرون من أهل الإيمان، ونوح ﷺ لما أمره الله - تبارك وتعالى - أن يصنع السفينة فكان الحال كلما مر به ملأ من قومه سخروا منه، يسخرون من نبي الله والعذاب، والعقاب، أقرب إليهم من اليد للفم، ومع ذلك يسخرون منه، لكن ماذا كان جوابه؟ قال: إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [سورة هود:38] فماذا كانت النتيجة، وماذا كانت العاقبة؟ ولو تتبعت النصوص الواردة في القرآن في السخرية، والاستهزاء الصادرة من البشر من الناس لوجدت ذلك إنما يكون من الكفار، والمنافقين هذه هي عادتهم، وإلا فموسى ﷺ لما أمر بني إسرائيل في القصة المعروفة أن يذبحوا بقرة من أجل أن يحيا القتيل فيخبر عن قاتله قالوا له: أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [سورة البقرة:67] فدل على أن الذي يستهزئ بالناس أنه من الجاهلين، فالعاقل لا يستهزئ، ولا يشمت.