السبت 29 / جمادى الآخرة / 1447 - 20 / ديسمبر 2025
يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وقوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أي: يقومون حفاة عراة غُرلا في موقف صعب حَرج ضيق ضنَك على المجرم، ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تَعْجزُ القوى، والحواس عنه.

روى الإمام مالك عن نافع، عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه، رواه البخاري[1]، من حديث مالك وعبد الله بن عون، كلاهما عن نافع، به، ورواه مسلم[2] من الطريقين أيضا.

روى الإمام أحمد عن المقداد - يعني ابن الأسود الكندي - قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا كان يومُ القيامة أدنِيَت الشمس من العباد، حتى تكون قيدَ ميل، أو ميلين، قال: فتصهرهم الشمس، فيكونون في العَرق كقَدْر أعمالهم، منهم من يأخذه إلى عَقِبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حَقْوَيه، ومنهم من يلجمه إلجاما[3] رواه مسلم، والترمذي.

وفي سنن أبي داود: "أن رسول الله ﷺ كان يتعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة".

وعن ابن مسعود: "يقومون أربعين سنة رافعي رءوسهم إلى السماء، لا يكلمهم أحد، قد ألجم العرق بَرّهم، وفاجرهم"[4].

وعن ابن عمر: "يقومون مائة سنة"[5] رواهما ابن جرير.

وفي سنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجة، عن عائشة: أن رسول الله ﷺ كان يفتتح قيام الليل: يكبر عشرا، ويحمد عشرا، ويسبح عشرا، ويستغفر عشرا، ويقول: اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة[6]."

هذه الأحاديث هي تفسر قوله -تبارك وتعالى-: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ يعني يقومون للجزاء، والحساب لحكمه وقضائه في ذلك اليوم الذي يحشر الناس فيه حفاة عراة غرلاً، ويحصل لهم من الشدة والعرق وتدنو الشمس يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وهذا أولى، وأقرب من قول من قال: إنهم يقومون من قبورهم لأمر رب العالمين، يعني يقومون من قبورهم لأمر رب العالمين، وهذا فيه بُعد، وإنما يقومون لحكمه قضائه، لفصله، أو للحساب، وقوله هنا في سنن أبي داود أن رسول الله ﷺ كان يتعوذ من ضيق المُقام يوم القيامة الحديث الذي ورد فيه هو الحديث الذي ذكره عن عائشة - ا -، ومثل هذا يستفتح به الصلاة يعني مثل الآن صلاة التراويح يمكن أن يدعو الإنسان دعاء الاستفتاح بهذا، والحديث ثابت صحيح، يكبر عشرًا، ويحمد عشرًا، ويسبح عشرًا، ويستغفر عشرًا، ويقول: اللهم اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة، وجاء في بعض الروايات صريحًا: وأعوذ بك من ضيق المقام يوم القيامة.

  1. رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ  [المطففين:6]، برقم (4938).
  2. رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفة يوم القيامة أعاننا الله على أهوالها، برقم (2862).
  3. رواه أحمد في المسند، برقم (23813)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفة يوم القيامة أعاننا الله على أهوالها، برقم (2864)، والترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص، برقم (2421).
  4. تفسير الطبري (24/281).
  5. المصدر السابق (24/281).
  6. رواه أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم (766)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ذكر ما يستفتح به القيام، برقم (1617)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل، برقم (1356)، وقال الشيخ الألباني: " إسناده حسن صحيح"، صحيح أبي داود، برقم (742).