يعني بَعْدَ إِيمَانِكُمْ هم كفار في الباطن، والمقصود هنا بعد الإيمان الذي ادعيتموه، وأظهرتموه، لم يكونوا مؤمنين؛ وإن كان من أهل العلم من قال: إن بعض هؤلاء كانوا مؤمنين من ضعفاء الإيمان، فكفروا بسبب هذه المقالة؛ لكن لا حاجة لهذا.
الطائفة الواحد فما فوق.
ثم إن هؤلاء استهزءوا بأصحاب النبي ﷺ، أو ببعض أصحابه قالوا هذه الكلمة، قالوا: كنا نقول هذا من باب قطع الطريق، والمؤانسة ونحو هذا، ما وجدوا شيئاً يضحكون، ويتسلون به، ويهوِّن عليهم بُعد الطريق إلا الاستهزاء بهؤلاء القراء؛ فكانت هذه هي النتيجة قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ، وللأسف ابتلينا في هذا الزمان بشرذمة تستهزئ بالله، ورسوله، وبالمؤمنين، وفي أفضل أيام العام في شهر رمضان، والناس على الإفطار جعلوا ديدنهم الاستهزاء من شرائع الإسلام، ومن المتمسكين به، وممن يمثلونه، تارة يستهزئون بالعالِم!! يأتون بالعالم يفتي الناس أن هذا حرام، وهذا لا يجوز، ثم يأتون به مع طلابه وهو يقول لهم: إنما نقول هذا فقط من أجل ضبط الناس، وإلا لا يوجد عليه دليل!! وهذه لا يمكن أن يأتي بها إلا واحد ناكص على عقبيه، خالط العلماء، وعرف أن بعض المسائل تقال من باب الأحوط، ومن باب سد الذريعة، لا يمكن أن يأتي بها أبداً - لا يمكن أن يعرف هذه - إلا واحد نكص على عقبيه، ويأتون يستهزئون بالغيرة على الأعراض، ويُظهرون الرجل مع أهله - الظاهر - في بريّة، واضعاً السيارات من جميع الجهات، ومعه منظار يدور؛ لا يكون هناك أحد من بعيد يراهم مع هذا كله!! يستهزئون بالغيرة ليضحك الناس من هذا، ومن هؤلاء أهل الدين، ويستهزئون بالقضاة، ويعرضون قاضياً عليه نظارة عريضة جداً، ولحيته مبعثرة، والشِّماغ على جنب، والطاقية، وهكذا ثم يقرأ، وقبل أن يسمع كلام الخصم يقول: عليك كذا جلدة، فيقول له ذاك: ما سمعتَ مني؟ فيقول: عليك مثلها!! يستهزئون بالقضاة، والقضاء في أي مكان في العالم هو ركن من أركان النظام، يعني الحُكم يستهزءون به، وهكذا من ألوان الاستهزاء للأسف في شهر رمضان، والآيات شديدة، وقوية: لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فالذي يريد أن يلعب، ويستهزئ؛ يذهب يلعب أي لعبة أخرى، أما أن يلعب بالدين، ويستهزئ بأهل الدين، وبالعلماء، وبالقضاة وكذا فهذا أمر لا يمكن أن يفعله إنسان مؤمن بالله، واليوم الآخر؛ أسأل الله أن يقطع هذه الألسنة، ويريحنا منهم.
تكاثرت الكلابُ على خراشٍ | فما يدري خراشٌ ما يصيد |
فمنهم من يكتبون في الصحف، ويبثون سمومهم، والذين يظهرون في قنوات السحر، وكلٌّ ينهش من جهة، والله المستعان.