قد تقدم تفسير نظير هذه الآية الكريمة؛ ولله الحمد".
إذا تأملت الآية التي سبقت يعني آية رقم (55) التي مضت، وهذه الآية تجد بعض الفوارق، يعني هناك فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ [سورة التوبة:55]، وهنا وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ، ما فيه وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ، وهناك لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وهنا إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا بعض العلماء يذكر تعليلات لهذه الفروق، ووجه التفريق في اللفظ بين تلك الآية وبين هذه الآية، فأحياناً ممن يتكلمون على هذا يذكرون بعض الوجوه لكنها لا تخلو من تكلف، وعندئذ قد يدخل الإنسان في القول على الله بلا علم، فالوجوه المتكلفة لا حاجة إليها إذا ظهر هذا، مع أنه لا يقطع بهذا، والكلام الذي يذكرونه في هذا مثل الإسكافي في "درة التنزيل وغرة التأويل"، وكذلك زكريا الأنصاري في كتاب "البرهان" وجوه متكلفة جداً؛ لا حاجة إليها، يذكرون مثلاً يقولون: هنا الآية التي قبلها قال: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا...، ثم قال: إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ هذا في الماضي، فقال بعده: وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا هو يتحدث عن أمر تعلق بالماضي كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ، بينما تلك ذُكر فيها أشياء مستقبلية يعني فيما قبلها، فهو في الآية السابقة لها قال: وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ [سورة التوبة:54]، ثم قال: وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ يعني في الحال، وفي المستقبل، هكذا قالوا: إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى، قال: وَلاَ يُنفِقُونَ يعني ما ينفقون في الحال، وفي المستقبل؛ إلا وهم كارهون، ثم قال بعده معلماً له كيف ينظر إليهم في المستقبل فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ فهذا الوجه غير ظاهر، وفيه تكلف شديد، وهكذا بقية كلامهم على الفروقات الأخرى في هذه الآية.