الأحد 06 / ذو القعدة / 1446 - 04 / مايو 2025
وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ ۚ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

"وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [سورة التوبة:90].
ثم بَيَّن تعالى حال ذوي الأعذار في ترك الجهاد الذين جاءوا رسول الله ﷺ يعتذرون إليه، ويبينون له ما هم فيه من الضعف، وعدم القدرة على الخروج، وهم من أحياء العرب ممن حول المدينة.
قال الضحاك، عن ابن عباس: إنه كان يقرأ: "وَجَاءَ المُعْذَرُون" بالتخفيف، ويقول: هم أهل العذر".
لأنه قال بعد هذا: وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي: لم يأتوا فيعتذروا".


يعني الآن على قراءة ابن عباس - ا - "وَجَاءَ المُعْذَرُون" مِن أعذر، يعني بالغ في العذر تقول: "أعذَرَ من أنذر" فيكون هؤلاء هم أصحاب الأعذار الصادقة الحقيقية، أي أن الأعراب منهم من جاء وعنده عذر فاعتذر، ومنهم من قعد، وتخلف، ولم يعتذر، فهؤلاء من المنافقين، هذا على قراءة ابن عباس وتفسيره لها، والقراءة التي قرأناها وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ بالتشديد، بعضهم فسرها بالمعتذرين، قالوا: أدغمت التاء في الذال فصارت الْمُعَذِّرُونَ، وهؤلاء قالوا: هم الذين لهم عذر حقيقي، عذر صادق، وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ يعني المعتذرون الصادقون، المحقون في اعتذارهم، والمعنى الآخر الذي تحملته على أنها مِن عذَّر، وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ من عذَّر بمعنى قصَّر، والمعنى جَاءَ الْمُعَذِّرُونَ أي أصحاب الأعذار الكاذبة، فعلى المعنيين المعنى الأول يكون هؤلاء الذين جاءوا هم أصحاب الأعذار المقبولة، والطائفة الثانية هي التي قعدت ولم تعتذر أصلاً، هؤلاء هم المنافقون، أي بعدما تكلم عن أهل المدينة، والأعذار الكاذبة التي اعتذروا بها، ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي [سورة التوبة:49] إلى آخره الآن جاء الكلام على الأعراب، فمنهم من جاء واعتذر بعذر صادق، ومنهم من قعد ولم يعتذر هذا أحد التفسيرين، وعلى المعنى الآخر وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ أن  المنافقين من الأعراب منهم من جاء واعتذر بأعذار كاذبة، ومنهم من لم يعتذر وقعد.

"ثم أوعدهم بالعذاب الأليم، فقال: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".