السبت 05 / ذو القعدة / 1446 - 03 / مايو 2025
يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا۟ عَنْهُمْ ۖ فَإِن تَرْضَوْا۟ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَٰسِقِينَ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

قال المصنف - رحمه الله تعالى - في تفسير قوله تعالى: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ۝ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ۝ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [سورة التوبة:94-96].
أخبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلى المدينة أنهم يعتذرون إليهم، قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ أي: لن نصدقكم، قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ أي: قد أعلمنا الله أحوالكم، وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ أي: سيُظهر أعمالكم للناس في الدنيا، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي: فيخبركم بأعمالكم، خيرها وشرها، ويجزيكم عليها.
ثم أخبر عنهم أنهم سيحلفون لكم معتذرين لتعرضوا عنهم فلا تُؤنِّبُوهم، فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ احتقاراً لهم، إِنَّهُمْ رِجْسٌ أي: خبث نجس بواطنهم واعتقاداتهم، وَمَأْوَاهُمْ في آخرتهم جهنم جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ أي: من الآثام والخطايا.
وأخبر أنهم وإن رضوا عنهم بحلفهم لهم، فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ أي: الخارجين عن طاعته، وطاعة رسوله، فإن الفسق هو الخروج، ومنه سميت الفأرة "فُوَيسقة" لخروجها من جُحرها للإفساد، ويقال: "فسقت الرطبة" إذا خرجت من أكمامها".


فقوله - تبارك وتعالى -: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قال الحافظ - رحمه الله -: أخبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلى المدينة أنهم يعتذرون إليهم إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، هنا قال: إِلَيْهِمْ ولم يقل: إلى المدينة؛ لأن المقصود - والله تعالى أعلم - أن اعتذارهم يكون برجوعهم إليهم، وإن كان هذا الرجوع من الناحية العملية إلى المدينة لكن ليس ذلك بمقصود لهم، ثم قال: فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ قال: أي خبث نجس بواطنهم، واعتقاداتهم، ومأواهم في آخرتهم جهنم، فإنهم رجس أطلق عليهم الرجس كأنهم تحولوا إلى رجس، والمقصود أن اعتقادهم، وعملهم سيء في غاية السوء، فأطلق ذلك عليهم، وهذا يسميه البلاغيون ويعدونه من باب المبالغة، كأنهم صاروا وتحولوا إلى رجس، إلى نجاسة فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ قال: ومأواهم في آخرتهم جهنم، ثم هنا في قوله: الفسق هو الخروج، ومنه سميت الفأرة، قال: ويقال: فسقت الرطبة إذا خرجت من أكمامها، يعني لعله يقصد إذا خرجت من قشرتها، يقال: فسقت، والذي يخرج من الأكمام هو الطلع ينشق عن أكمامه ثم بعد ذلك يخرج، والطلع هو الذي يكون أصل القِنْو في أول ظهوره في النخلة - والله أعلم -.