السبت 23 / محرّم / 1447 - 19 / يوليو 2025
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

 

قوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ أي: وكما كنت عائلا فقيرًا فأغناك الله فحدث بنعمة الله عليك.

وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: لا يشكر الله من لا يشكر الناس[1]، ورواه الترمذي وقال: صحيح.

وروى أبو داود عن جابر  عن النبي ﷺ قال: مَن أُبلِي بلاء فذكره فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره[2] تفرد به أبو داود.

آخر تفسير سورة الضحى، ولله الحمد.

قوله تبارك وتعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ الآن هذه النعم التي أنعم الله  بها عليه من الإيواء بعد اليتم، والهدى بعد الضلال، والغنى بعد العيلة والفقر، وأعظم من ذلك جميعًا النبوة، قال: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ بعضهم قال: النعمة هنا هي الوحي، أو النبوة حدِّثْ بها: علم الناس، بلغ، وبعضهم يقول: بالدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، والنعمة هنا أعم من ذلك كله، والنعم التي يعطاها الإنسان يكون التحديث بها على نوعين:

النوع الأول: المجمل كأن يقول: أنا في نعمة، أنا بخير، أنا بعافية، الله حباني، وأعطاني وهداني وآواني وكفاني ونحو ذلك، فهذا مطلوب من العبد، يجب عليه أن يحدث بنعمة الله -تبارك وتعالى- ولا يكون جاحدًا لها، وذلك إما أن لا يتكلم بهذا أصلا كأن الله لم ينعم عليه قط، أو يكون جاحدًا لذلك بلسانه ومقاله -نسأل الله العافية- مثل بعض الناس قد يكون لخوف العين أو نحو هذا، قد تقول المرأة دائمًا: هؤلاء الأولاد دائمًا في أوصاب وعلل، ودائمًا مرضى، ما يكاد هذا الولد يفيق من العلة، من المرض، هو ضعيف، هو مريض، وليس به بأس لكنها تقول هذا خوفًا عليه من العين، فدائمًا تتحدث عند الآخرين بهذا، وقد تتحدث عن دراسته عن كذا فتقول: هذا الولد لا يكاد يفلح في دراسته، دائمًا هو في تعثر، والولد هو الأول فهي تقول هذا خوفًا عليه من العين، وقد يقول هو هذا عن نفسه يقول: أنا مثلاً لم أستعد لهذا الاختبار، لم أؤدِّ فيه الأداء الجيد، بينما هو لا تراه الشمس لمدة أسابيع قبل الاختبار، وقد حفظه عن ظهر قلب، ويأتي بأعلى درجة، وزملاؤه هؤلاء الذين يرثون له، ويتكلمون في مواساته، ولماذا فعلت هذا بنفسك؟، وإن شاء الله تتجاوز هذا المقرر ما علموا أنه بينهم من البون الشاسع الشيء الكثير، هذا للأسف يحصل ويتكرر كثيرًا لدى بعض الجاحدين لنعم الله -تبارك وتعالى.

وهذا في صور وأشكال كلٌّ بحسب حاله، والله المستعان.

النوع الثاني من التحديث بالنعم: أن يكون على سبيل التفصيل، وهذا ليس بلازم، فهؤلاء الذين يخشون على أنفسهم من العين لا يشترط أنه يتحدث عن التفاصيل، يكفي أن يقول: أنا بخير، أنا بعافية، أحمد الله ، ولا يشترط أن يذكر كل التفاصيل في حياته مما هو فيه من نعمة إذا كان يتخوف الضرر، والله المستعان.

  1. رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في شكر المعروف، برقم (4811)، والترمذي، أبواب البر والصلة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، برقم (1954)، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (6601)، وفي السلسلة الصحيحة، برقم (416).
  2. رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في شكر المعروف، برقم (4814)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (618).