الجمعة 01 / محرّم / 1447 - 27 / يونيو 2025
كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب ۩

المصباح المنير
مرات الإستماع: 0

وقوله تعالى:كَلَّا لَا تُطِعْهُ يَعْنِي: يَا مُحَمَّدُ لَا تُطِعْهُ فِيمَا يَنْهَاكَ عَنْهُ مِنَ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَكَثْرَتِهَا، وَصَلِّ حَيْثُ شِئْتَ، وَلَا تُبَالِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ حَافِظُكَ وَنَاصِرُكَ، وَهُوَ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ:وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْكَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ[1].

وَتَقَدَّمَ أَيْضًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَسْجُدُ فِي:إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ[2].

آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ اقرأ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ.

قوله -تبارك وتعالى-:كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْبمعنى أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهذا مهما تعاظم، ومهما توعد وتهدد فإنه لا يطاع، بل الواجب هو الإقبال على الله -تبارك وتعالى-، وطاعته وعبادته.

وقوله:وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ هنا ظاهر كلام الحافظ ابن كثير -كما هو واضح من كلامه- أنه حمله على السجود:وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْالسجود الذي هو وضع الجبهة على الأرض، فإن هذا هو الأصل في معناه الشرعي، ويأتي مرادًا به ما هو أوسع من ذلك، فالانحناء مثلاً -الركوع- يقال له:سجود، كما قال الله:وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا[الأعراف:161] يعني في حال الركوع، وكذلك يقال للصلاة: إنها سجود، تسمية لها بركن من أشرف أركانها.

ومن هنا قال بعض أهل العلم: إن المراد هنا:وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ يعني الصلاة، صلِّ وتقرب إلى الله -تبارك وتعالى.

وبعضهم فسره بسجود التلاوة، باعتبار أن هذا موضع سجدة.

وابن كثير هنا ذكر الحديث: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد[3] وَاقْتَرِبْ التقرب إليه -تبارك وتعالى- بالسجود والدعاء في هذه الحال فحري ذلك بالإجابة.

وحينما يفسر ذلك بأنه المراد به السجود الذي هو وضع الجبهة على الأرض فإن هذا يقتضي الصلاة، ما لم يفسر بسجود التلاوة، فإذا كان الإنسان يسجد أعني على نفسك بكثرة السجود[4]، فهذا يقتضي صلاة كثيرة، يُكثر فيها من السجود.

فهذا أمر بطاعة الله ، والتقرب إليه، وهذا أبو جهل كان يتوعد النبي ﷺ أنه إذا عفّر وجهه بالتراب -سجد- أنه يضع قدمه على عنق رسول الله ﷺ، فالله قال:كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْلا تبالِ به، وأقبل على ربك بصلاتك وسجودك، فهذا الذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن.

 

  1. رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (482).
  2. رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، رقم (578).
  3. رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (482).
  4. رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، رقم (489).