الجمعة 10 / شوّال / 1445 - 19 / أبريل 2024
حديث «إن أخنع اسم عند الله..»، «لا تقولوا للمنافق سيد..»
التحميل: 0
مرات الإستماع: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا "باب تحريم قول: شاهان شاه للسلطان وغيره" لأن معناه: ملك الملوك، ولا يوصف بذلك غير الله .

وذكر المصنف -رحمه الله- حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: إن اخنع اسم عند الله رجل تسمّى ملك الأملاك متفق عليه، قال سفيان بن عيينة: ملك الأملاك مثل شاهان شاه[1]، بمعنى: أنها ترجمة لملك الأملاك، يعني: ذلك باللغة الأعجمية، يقال: شاهان شاه، والمقصود واحد، بأي لغة كان.

وألحق به بعض أهل العلم: قاضي القضاة، ونحو ذلك من العبارات، فكل ذلك داخل في النهي، والله تعالى أعلم.

إن اخنع اسم عند الله يعني: أذل اسم وأهونه عند الله -تبارك وتعالى-، فمثل هذا الذي أريد أن يُرفع بهذا الاسم، أو بهذا اللقب الذي لُقب به، إنما هو عند الله بعكس ذلك، والله -تبارك وتعالى- هو الذي بيده الرفع والخفض، يعز من يشاء، ويذل من يشاء؛ فمثل هذا لا يجوز أن يتسمى به الإنسان.

ثم قال: "باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع، ونحوهما بسيد، ونحوه".

"مخاطبة الفاسق والمبتدع" الفاسق المقصود به: الذي يعمل الكبائر، أو يكثر من الصغائر، فتكون الصغائر غالبة عليه.

والمبتدع هو: الذي قد وقع له الإحداث في الدين، بالتبديل والتغيير، لا يقال لأحدهما سيد، ومن باب أولى لا يقال ذلك للكافر.

وذكر حديث بريدة قال: قال رسول الله ﷺ: لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن يكن سيدًا، فقد أسخطتم ربكم [2]، رواه أبو داود، بإسناد صحيح.

فقوله: لا تقولوا للمنافق: سيد فهؤلاء الذين قد وضعهم الله ، وجعل لهم الذل والصغار، لا يصح بحال أن يرفعوا، سواء كان ذلك بالقول، كأن يقال له: سيد، أو أن يكون ذلك بتنزيله هذه المنزلة فعلاً، مع ذكر ذلك اللقب له، فيخاطب بالسيد، يعني: في الحالين كونه يقول: فإنه إن يكن سيدًا يعني: في الحقيقة والحال فقد أسخطتم ربكم  يعني: رفعتم من قصد الشارع وضعه، فهؤلاء من الخارجين عن طاعته، المستكبرين عن عبادته، المحادين له، لا يصح أن يكون لهم رفعة وظهور، وعز، وأن يلقبوا بمثل هذه الألقاب، هذا لا يجوز بحال من الأحوال، فمثل هذا يقال في الكافر، ويقال في المنافق، وكذلك أيضًا يقول هنا: "الفاسق والمبتدع" يعني: هؤلاء من أراذل الناس، لا يصح أن يقال: السيد فلان على سبيل الخبر، ولا يصح أن يقال على سبيل المخاطبة: يا سيد، سواء كان ذلك باللغة العربية، أو كان بغيرها من اللغات الأعجمية، فهؤلاء الذين ينبغي أن يكونوا بحال من المهانة، والمذلة لا ينبغي أن يرفعوا، فإن الرفعة تكون لأهل الإيمان، والتقوى، والطاعة، وهذا هو المقياس، والميزان الصحيح، وليس الميزان بقدر ما يحمله الإنسان من إمكانات مادية، أو ما يحمله من علوم تجريبية، أو ما يملكه من أموال، أو نحو ذلك، فيقال له: يا سيد، تفضل يا سيد، ويخاطب يقال: إلى السيد فلان، أو أخبرني السيد فلان، خاطبني السيد فلان، هذا كله لا يجوز، وإنما ينادى باسمه، ويخاطب باسمه، الذي سماه به أبوه، والله تعالى أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب أبغض الأسماء إلى الله برقم (6206) ومسلم في كتاب الآداب، باب تحريم التسمي بملك الأملاك، وبملك الملوك برقم (2143).
  2. أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب لا يقول المملوك ربي وربتي برقم (4977) وصححه الألباني.

مواد ذات صلة