الخميس 19 / جمادى الأولى / 1446 - 21 / نوفمبر 2024
حديث «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال..» إلى «لينفرن الناس من الدجال..»
التحميل: 0
مرات الإستماع: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فلا زال الحديث عن الدجال، ذكر حديث أنس قال: قال رسول الله ﷺ: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسهما، فينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج الله منها كل كافر ومنافق[1] رواه مسلم.

هنا قوله: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال مضى في الكلام على الحديث الأول، في خروج الدجال، أنه يذهب يمنة ويسرة، فقد جاء فيه: فعاث يمينًا، وعاث شمالاً يا عباد الله فاثبتوا[2].

قلنا: إن قوله: فعاث يمينًا، وعاث شمالاً معنى ذلك أنه ينتشر شره وفتنته، سواء كان ذلك بذهابه هو إلى كل ناحية يمينًا وشمالاً، أو ببعث سراياه، وجنوده، ففتنته عامة، وهذا مصرح بأنه: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة معنى ذلك أن فتنته ليست في هذه الناحية التي يسمونها اليوم بالشرق الأوسط، وقد ألف بعضهم كتابًا في الدجال، وزعم فيه أن فتنة الدجال تنحصر في هذه الناحية، وأن منتهاه إلى بيت المقدس، لكن النبي ﷺ ذكر في الحديثين، هناك: عاث يمينًا وشمالاً وهنا: ما من بلد ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال فبلد هنا نكرة في سياق النفي، وهي للعموم، وقد زيدت قبلها من، فنقلتها من الظهور في العموم إلى التنصيص الصريح في العموم، يعني هذا نص صريح في العموم: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة لماذا؟

للعلة المذكورة بعده وليس نقب من أنقابها النقب هو الخرق، المقصود هنا: الممر بين الجبلين؛ لأن الناس إنما يدخلون من هذه النواحي، يعني إذا أرادوا أن يسلكوا طريقًا لا يمشون أعالي الجبال، وإنما يكون ذلك بينها، في الممرات التي تكون بين الجبال.

يقول: ليس نقب من أنقابها يعني أنقاب مكة والمدينة إلا عليه الملائكة صافين تحرسهما؛ لأنه لا قِبل للبشر بالدجال فينزل بالسبخة يعني في المدينة، والسبخة: هي الأرض ذات السباخ، أرض رملية، لا تنبت، ويكون فيها سباخ، بمعنى: أنه يجتمع فيها، يعني أرض كثيرة الملوحة، ولا تنبت شيئًا من العشب، وهذه السبخة في المدينة، جاء في رواية أنه الجرف[3] والجرف سبخة، وقد لا يعرف في المدينة سبخة سوى الجرف، وقد ورد في بعض الروايات أنه يصعد طرف جبل أحد، ويبدو أنه من تلك الناحية القريبة من الجرف، فيصعد على بعض القلاع، أو الحصون، فيقول: هذا قصر أحمد[4] يقصد المسجد النبوي، فهذه السبخة يبدو -والله أعلم- أن المقصود بها الجرف، والجرف ناحية في شمال المدينة بين أحد، وطريق تبوك، يعني القادم من طريق غير المسلمين، من جهة المطار، أو طريق القصيم إذا كان طرف أحد على يساره، وتجاوزه، تأتي هناك نخيل على يساره، إذا تجاوزها تأتي هناك منطقة سبخة، وفيها حي موجود اليوم يقال له: الجرف، هذه المنطقة يقال لها: الجرف، وهي المنطقة الوحيدة المفتوحة في المدينة، وإلا فالمدينة تحيط بها ثلاث حرار كما هو معلوم: الحرة الشرقية والغربية والجنوبية، وأحد يقع في شمال المدينة، فهذه إلى اليسار من أحد، بين أحد، وطريق تبوك، يعني يعسكر هناك يجلس في الجرف، أو في السبخة هذه، والله أعلم.

فترجف المدينة ثلاث رجفات هذه الثلاث رجفات، ظاهره أنها الأرض، ويحتمل أن يكون المراد كما قال بعض أهل العلم: بأن ذلك يعني من الإرجاف، فتنتشر الشائعات في مجيء الدجال، وحول الدجال، وما إلى ذلك، فيخرج إليه هؤلاء قال: يخرج الله منها كل كافر ومنافق إذا رجفت المدينة ثلاث رجفات.

لو كان المقصود الإرجاف بالقول، بالكلام، بالشائعات، لربما قيل، نعم: فيرجف بالمدينة، أو فيرجف بأهل المدينة، أو نحو ذلك، لكن هنا قال: فتُرجف نعم، أو فتَرجف المدينة ترجف المدينة ثلاث رجفات، ظاهره أنها رجفة كالزلزلة، ونحوها -والله أعلم- فهؤلاء يخرجون إليه إذا رجفت، والذين قالوا: هي بمنزلة الشائعات، ونحو ذلك، هؤلاء يتهافتون إليه لما يسمعون أن عنده هذه الأمور التي يفتن الناس بها، من الذهب، وما إلى ذلك.

وعنه -يعني أنس- أن رسول الله ﷺ قال: يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطيالسة[5].

يتبع الدجال من يهود أصبهان أصبهان: ناحية في المشرق معروفة اليوم في بلاد فارس، في إيران، يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا، عليهم الطيالسة يعني يلبسون الطيلسان، وهو غطاء معروف للرأس، ومنه نوع يختص باليهود، يعني له عدة هيئات، فهناك نوع منه دائري، عرف اليهود به منذ زمن طويل، يختص باليهود، وهذا الذي تكلم عليه أهل العلم، كشيخ الإسلام، وغيره، في مسألة التشبه، وحكم لبس الطيلسان[6] هل يجوز، أو أنه من قبيل التشبه؟ خصوا به المدور، وأما ما كان بهيئة أخرى، كالمربع، أو نحو ذلك، فقالوا: هذا مشترك بين الناس، ليس فيه تشبه، ولا حرج أن يلبس، والذين لم يفرقوا هذا التفريق، قالوا: الطيلسان يختص بهم، وكون هؤلاء يتبعون الدجال، وهم يتزيون بهذا الزي، لا يعني أنه مذموم، لكن النبي ﷺ وصف هيئتهم هؤلاء الذين يتبعون الدجال، ولم يقصد ذم هذا اللباس، لكن من فرق كشيخ الإسلام، قالوا: المقصود نوع خاص من الطيلسان هو الذي يكره[7] لكن على كل حال الطيلسان، لفظ عام، فيدخل فيه هيئات وأشكال وصور من هذه الطيالسة.

قال: وعن أم شريك -أم شريك هذه رضي الله عنها أنصارية صحابية- سمعت النبي ﷺ يقول: لينفرن الناس من الدجال في الجبال[8] رواه مسلم.

ينفرن الناس من الناس؟ المقصود بهم أهل الإيمان، فهؤلاء هم الذين ينفرون، ولذلك نجد أن مثل هؤلاء كما جاء في الحديث الأول، عيسى لما يقتل الدجال: يأتي إلى قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فهؤلاء الذين اعتصموا من الدجال، فرّوا منه، ولاحظ هؤلاء ما اكتفوا بأن قرأوا عليه، هذا فيمن يتذكر ذلك في تلك الساعة، أوقات المحن والشدائد، وكما سبق أن العقول تطيش في أوقات الفتن إلا من ثبته الله -تبارك وتعالى- وينسى الإنسان كثيرًا من المفاهيم والمقررات التي عرفها، ودرسها قبل ذلك، فهؤلاء ما قرأوا عليه مثلاً: أوائل سورة الكهف، أو أواخر سورة الكهف، ثم جاءوا عنده مثلاً، أو قرؤوها، وجلسوا في بيوتهم، وإنما قال هنا: لينفرن الناس من الدجال في الجبال.

فالمؤمن يفعل الأسباب في التوقي من الفتن بالتباعد عنها، فهم يقرؤون هذه الآيات، ومع ذلك أيضًا يفرون، وينأون عنه إلى الجبال، ويسأل العبد ربه أن يخلصه، وأن ينجيه، فكيف بمن يغرق في الفتن، ويدخل في غمارها، ثم هو بعد ذلك يطلب النجاة؟ يقول أنا واثق من نفسي، أنا أعرف نفسي، أنا واثق بمعلوماتي، أنا واثق بعلمي، أنا واثق بعقيدتي، وهذه القضية يستفز بها الناس اليوم، الثقة، ما دمت واثق اقرأ كل شيء، ما دمت واثق اسمع لكل مبطل، أصحاب الشبه، ادخل في المنتديات، اسمع للمبطلين، أنت واثق من نفسك، يقول: نعم أنا واثق من نفسي.

السلف جبال، وكان الواحد يضع أصبعيه في أذنيه، وإذا جاء أحد من هؤلاء المبتدعة، والضلال قام، ويقول: إما أن تقوم، وإما أن أقوم، ويقول: أكلمك بكلمة، يقول: ولا نصف كلمة، لم؟ اجلس معي في هذا الدكان أناظرك، قال: لا، قال: لماذا؟ قال: لأن القلب ضعيف، كانوا يقولون عن هؤلاء بأن فتنتهم أعلق بالقلب من الجرب.

واليوم يؤتى للناس، ولكثير من الأغرار، ومن هو خال الوفاض من العلم، ويقال له: أنت لماذا لا تثق بنفسك؟ لماذا لا تثقون بالناس؟ يعرض عليهم الحق والباطل، وللأسف يوجد بعض الدعاة من يقول مثل هذا الكلام، كل إنسان يدلي بما عنده، حرية مطلقة، فأصحاب الباطل يقولون ما عندهم، وأصحاب الحق يقولون ما عندهم، هذا غير صحيح، أصحاب الباطل يجب الحجر عليهم، ولا يكون لهم حرية بنشر الباطل، لا بالقول، ولا بالعمل، والله قال: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النور:19] وانظر إلى مواقف يوسف كيف كان يلتجئ إلى الله هؤلاء يذهبون إلى الجبال، يوسف وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم، ماذا كانت حاله، وماذا كانت مواقفه؟

لما راودته امرأة العزيز فر منها، استبق الباب، ذهب إلى الباب، ما جلس قال أنظر ما عندها هذه جادة، أو غير جادة، ربما كانت تريد ما دون ذلك، ربما تريد الحديث معي فقط، والأنس بالمحادثة، الباب مباشرة، فر من مكان الفتنة؛ لأنه يظهر لك ألف شيطان في تلك اللحظة، فإلى الباب، المرأة مغلقة الأبواب، وتطارده، وبقوة، وعنف، حتى أن القميص انشق وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ [يوسف:25] هو هارب، وهي تتبعه، والقد: بعض أهل العلم يقول أنه الشق طولاً، هذه بقوة حتى انشق القميص، هذه مسكة ليست عادية، وهذا يدل على أنه في غاية الإسراع، فانشق القميص، فماذا قال لما قالت له: هَيْتَ لَكَ [يوسف:23]؟

قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ [يوسف:23] سواء كان يقصد به العزيز أحسن إليّ، أو على القول الآخر أنه يريد أن الله أحسن إلي قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ [يوسف:23] التجأ إلى الله وحينما ترك في قصرها، وبقي فيه، لقلة غيرة هذا العزيز، حينما تبين له ذلك، ونطق شاهد من أهلها، والراجح أنه غلام في المهد صغير، أنطقه الله برهان واضح وساطع، مع حجة عقلية بينة، القميص مشقوق من الأمام، أو من الخلف؟

يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ [يوسف:29] هذا الموقف الآن، ما بطش بها، ما أبعده عنها، أبقاه، فلما تكلم النساء، الله أعلم بماذا تكلمن؟ بعض العلماء قال: بأنهن تكلمن من أجل أن يتوصلن إلى رؤيته، سمعوا أن هناك شخص غير عادي، فقالوا: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا [يوسف:30] وصل إلى شغاف القلب، وفي قراءة غير متواترة: (شعفها حبا)[9].

فـ سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ [يوسف:31] هذا مكر معناه أنه تدبير خفي، ما هذا التدبير الخفي، هل هو مجرد؟ بعض العلماء يقول: غيبة، هي الغيبة؛ لأنها تقال خلف الظهر هذا المكر، وبعضهم يقول: لا، هو كلام ليتوصلن إلى مطلوب يردن الوصول إليه، وهو أن يرين يوسف، فمكرت بهن هي أيضًا، فدعتهن وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً [يوسف:31] كما مضى في درس التفسير: (متكا) قراءة غير متواترة، قراءة لبعض السلف: سعيد بن جبير، وقتادة[10] وبهذا فسروها؛ لأنه قال: وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا [يوسف:31] المسألة فيها قطع.

فالشاهد: فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31] يعني الإنسان في حالة الذهول الشديد ينفصم العقل، لا يحس بالألم، حالات الهول الشديد، الخوف الشديد، الفرح الشديد، الدهشة، والانبهار الشديد، الحزن الشديد.

هنا لما رأينه: مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31] صارت تقطع يدها بدل ما تقطع الفاكهة، والترنج، أو غير ذلك، وهي لا تشعر، ماذا قال؟ هنا تكلمت امرأة العزيز بقوة، وقالت: الآن عرفتن معاناتي، وتعذرونني، لقد راودته عن نفسه فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ [يوسف:32] هي واثقة من نفسها أنها صاحبة القرار، وواضح من موقف العزيز: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ [يوسف:29] شخصية ميتة المشاعر، هي صاحبة القرار لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف:32] ونفذ هذا، هذا الذي حصل، فماذا قال؟

قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ [يوسف:33] لاحظ اللجوء إلى الله، ما قال: أنا تربيتي، أنا تربية أولاد أنبياء، أنا ولد يعقوب ولد يعقوب، وإسحاق، وإبراهيم، وعمي إسماعيل، بيت، أنا تربيتي تكفي، لا وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ۝ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ [يوسف:33-34] هذا الذي يحتاج إليه المؤمن، أما أن يقول: شاهد كل شيء، سافر إلى كل مكان، خل البنت تذهب حيث شاءت، أعطها ما شاءت، لابد أن تثق، تثق بماذا؟ بالشيطان، الشيطان ما يترك أحدًا، فهذه الثقة التي في غير مكانها للأسف، واليوم كل أحد ينظر، طبيب نفسي يتفلسف، صفحتين في الجريدة، لقاء معه، ويقول: أكثر الذي عندنا في المجتمع هي مجرد خلط للتقاليد والعادات بالدين، هذه مصيبة، ويقول: من المهم من الجيد أن الشباب يذهبون، ويخرجون خارج البلاد، ويدرسون هناك، إلى آخره، وأن نمنحهم الثقة حتى لو حصل منهم خطأ، خطأ يعني زنا، يقول: هذا يوسع المدارك والأفق، لابد نعطيهم ثقة، نمنحهم الثقة، الثقة بماذا؟

شاب مراهق متخرج من الثانوي تلقيه في اليم، وتقول: إياك إياك أن تبتل بالماء[11] ما يمكن، فهذا يتكلم بهذه الطريقة للأسف، نسأل الله ألا يعمي بصائرنا.

فهذا يوسف : وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ۝ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ [يوسف:33-34] فآثر السجن على هذه الفتنة، وهكذا في كل مواقفه، كان يلجأ إلى الله مباشرة، ويعتصم به، ويدعوه، فالإنسان بحاجة إلى اللجأ إلى الله، وألا يركن الإنسان إلى نفسه، فيوكل إليها، وإلا فالفتن خطافة، والقلوب ضعيفة، حتى بعض أئمة الضلالة الكبار، بعض رؤوس البدع، الخوارج مثلاً، بعضهم كانوا على السنة، هذا جلس مع شاب من عمان -كما يقولون في ترجمته- فقلبه في قعدة -نسأل الله العافية- أو عنده بنت عم يحبها محبة شديدة، وهي من الخوارج، فتزوجها ليصرفها عن رأيهم، فصرفته، فصار من كبار قادة الخوارج، اقرأوا مثلاً في ترجمة عمران بن حطان -نسأل الله العافية- ويأتي من يقول: أنا واثق من نفسي، اقرأ كل شيء، اسمع كل شيء، واجلس مع كل أحد، اسبح في كل بحر، ومحيط، ويم، وأنت لا تحسن السباحة، ما هي النتيجة؟

النتيجة هي الغرق -والله المستعان- لا حول ولا قوة إلا بالله، والله أعلم.

  1. أخرجه البخاري، كتاب فضائل المدينة، باب: لا يدخل الدجال المدينة، برقم (1881) ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قصة الجساسة، برقم (2943).
  2. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، برقم (2937).
  3. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قصة الجساسة، برقم (2943).
  4. أخرجه أحمد في مسنده، برقم (18975) وقال محققه: إسناده ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن شقيق لم يسمع محجن بن الأدرع، بينهما رجاء بن أبي رجاء كما جاء مصرحا به في الأسانيد التالية، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح.
  5. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال، برقم (2944).
  6. انظر: قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي صلى الله عليه وسلم وسلاحه ودوابه - القرمانية - جواب فتيا في لبس النبي صلى الله عليه وسلم- لابن تيمية (58).
  7. انظر: المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام، لابن تيمية (3/67).
  8. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال، برقم (2945).
  9. انظر: معاني القرآن، للفراء (2/42).
  10. انظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، لأبي الفتح الموصلي (1/339).
  11. انظر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب، للتلمساني (5/292).

مواد ذات صلة