الأربعاء 23 / جمادى الآخرة / 1446 - 25 / ديسمبر 2024
حديث «هل رأى أحد منكم من رؤيا..»
مرات الإستماع: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي باب تحريم الكذب أورد المصنف -رحمه الله- حديث سمرة بن جندب قال: كان رسول الله ﷺ مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان...[1] الحديث.

قوله: "كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول لأصحابه" يعني: غالبًا ما يكون ذلك بعد صلاة الصبح، لكن هل في هذا متمسك لمن يتشاغل كثيرًا بتتبع الرؤى والأحلام، ويتطلب تفسيرها، لا سيما إذا كان ذلك يمثل ظاهرة، وقد يتفرغ لهذا رجال، وقد تفرد بعض القنوات الفضائية ساعات، وربما كان ذلك بمقابل، فيأخذون الأموال الطائلة عن طريق الاتصال إلى غير ذلك مما تعرفون، فهذا يعتوره أشياء، منها: أن تعبير الرؤيا هو من قبيل الفتيا أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ [يوسف:43] ثم إن هذا من قبيل العلوم الوهبية التي يكون للكسب فيها مدخلاً، بمعنى: أن ذلك يكون من قبيل الهبة من الله -تبارك وتعالى-، ثم يزكو ذلك بالاكتساب والتعلم، ولا يصلح ذلك لكل أحد، فمن الناس من لو تعلم فإن ذلك لا ينفع معه.

ثم أيضًا الرؤيا هي نوع من الوحي، وكما سبق في الحديث في الليلة الماضية في الذي يُري عينيه ما لم تريا، أنه يكلف بأن يعقد بين شعيرتين[2]، وفي الرواية الأخرى تدفع له شعيرة، فيكلف بأن يعقد بين طرفيها، فدل هذا على أنه من الكبائر، وذكر بعض أهل العلم لأنه يكون كاذبًا على النبوة والوحي؛ لأن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة[3]، فالأمر ليس بالسهل.

ثم إن هذا التعبير له علاقة أيضًا بهذا الرائي، فإن معرفة حال الرائي له تعلق أكيد بالمعنى الذي تعبر به الرؤيا، ثم أيضا هذه التي يراها الناس وقد كثر الكذب وشاع، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا[4]، فهذه الرؤى تختلط فيها الرؤى الصالحة، وحديث النفس، وما كان من قبيل الشيطان من أضغاث الأحلام، أو من الأحلام، فيأتي هذا ويفسر لهم كل شيء، فمثل هذا ليس بالشيء السهل، ففيه زرع للأوهام والعلل النفسانية، ولربما أدى ذلك إلى كثير من الشرور والفساد وقطع العلائق والأرحام، وما إلى ذلك؛ ولهذا لا ينصح الناس اليوم بمثل هذا التشاغل بهذه الصورة، ولا ينصحون بحال من الأحوال أن يتتبعوا هذه القنوات التي يتصدر فيها هؤلاء، ويفسرون بطرق لربما تزرع الشرور في نفوس الناس والأمراض والأوهام، فهذه مسحورة، وهذه فيها عين، وهذه عندها كذا، وهذه عندها كذا، وليس بها بأس.

وسأذكر -إن شاء الله تعالى- عند الكلام على ذكر كلام السلف في هذا الباب شيئًا مما جاء عن محمد بن شهاب الزهري -رحمه الله- مما يتصل بالرؤيا والتعبير.

فالمقصود: أن النبي ﷺ هو أعلم الناس بهذا، وهو مؤيد من ربه -تبارك وتعالى- بالوحي، فكان يسأل أصحابه، لكن من يكون مثل النبي ﷺ؟

قال: "هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ فيقص عليه من شاء أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة" الغداة هي أول اليوم أو أول النهار، صبيحة يوم إنه أتاني الليلة آتيان يقال: أتاني الليلة، يعني الليلة التي قبل يومك، وبعضهم يقول: البارحة هي التي تكون الليلة التي قبلها.

آتيان يعني: جاءه رجلان، أو على صورة رجلين، كما يدل عليه بعض الروايات.

وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع مضطجع يعني: راقد وإذا آخر قائم عليه بصخرة حجر كبير وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه يهوي يعني يلقيها أو يسقطها على رأسه فيثلغ رأسه يعني: فيشدخ رأسه فيتدهده الحجر ها هنا يعني: يتدحرج فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان يرجع سليمًا ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى! قال: قلت لهما: سبحان الله وهذه تقال غالبًا في حال التعجب ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على رجل مستلق لقفاه يعني: على قفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد الكلوب حديدة لها رأس منثني في طرفها، يعني مثل التي تعلق بها اللحوم، ومثل التي يصاد بها السمك، السنارة.

وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه، فيشرشر شدقه إلى قفاه الشدق هو طرف الفم، يشرشره بمعنى: أنه يشققه، وهذه تدل على أن الشق غير سلس، يعني: لا يكون كالمشرط الذي يكون بالموس، وإنما يكون بهذا الكلوب فيشرشره، وهذا يدل على تكرار في مثل هذا العمل.

ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه يعني: هذه الفتحات كلها يشقها ويقطعها إلى القفا، والقفا هو آخر العنق ومؤخر العنق.

قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان يعني الأول ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى، قال: قلت: سبحان الله! ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور والتنور معروف وهو الذي يخبز به، ويخصه بعضهم بما كان في الأرض، وبعضهم يقول مطلقًا ولو كان على ظاهرها.

يقول: فأحسب أنه قال: فإذا فيه لغط واللغط هي الأصوات المختلطة وأصوات، فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا أو ضوضؤا يعني: صوتوا وصاحوا بصوت لا يفهم، وبأصوات تكون فيها شيء من الارتفاع والسخط.

قلت: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على نهر، حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر يعني على جانبه رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة، فيفغر له فاه يعني: يفتح له فاه فيلقمه حجرًا يعني يلقي في داخل فمه الحجر فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه، فغر له فاه، فألقمه حجرًا، قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة يعني: كريه المنظر أو كأكره ما أنت راء رجلاً مرأى يعني صورة فإذا هو عنده نار يحشها ويسعى حولها يحشها يعني يوقدها قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على روضة معتمة روضة معتمة بعضهم يقول: طويلة النبات، والأقرب أن يفسر ذلك -والله أعلم- بمعنى زائد: أنها شديدة العتمة لشدة خضرتها لشدة خضرتها لكثرة الري فيها، فيها من كل نور الربيع نور الربيع يعني: أزهار الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان، ما رأيتهم قط، قلت: ما هذا؟ وما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا إلى دوحة عظيمة، لم أر دوحة قط أعظم منها، ولا أحسن! والدوحة هي الشجرة العظيمة الكبيرة، كثيرة الأغصان والفروع قالا لي: ارق فيها، فارتقينا فيها إلى مدينة مبنية بلبن ذهب، ولبن فضة، فأتينا باب المدينة، فاستفتحنا، ففتح لنا، فدخلناها، فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء! وشطر منهم كأقبح ما أنت راء! قالا لهم: اذهبوا، فقعوا في ذلك النهر، وإذا هو نهر معترض يجري كأن ماءه المحض المحض يعني: اللبن الخالص الذي لم يخلط بماء كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا، قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة، قال: قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، فسما بصري صعدًا يعني: ارتفع وامتد إلى أعلى فإذا قصر مثل الربابة البيضاء الربابة هي السحابة البيضاء، وبعضهم يفسر الربابة بالسحابة المنفردة عن بقية السحاب قالا لي: هذاك منزلك؟ قلت لهما: بارك الله فيكما، فذراني فأدخله، قالا لي: أما الآن فلا، وأنت داخله، قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجبًا؟ فما هذا الذي رأيت؟ قالا لي: أما إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يُثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن، فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة وجاء في بعض الروايات: أنه ينام عنه بالليل، ويترك العمل به في النهار، فهذه تستحق أن يقف المؤمن عندها يأخذ القرآن فيرفضه في الرواية الأخرى: ينام عنه بالليل، ويترك العمل به في النهار، ما المعنى؟ يأخذ القرآن فيرفضه، يعني لا يعمل به على هذه الرواية، وينام عن الصلاة المكتوبة هذا واضح، ينام سواء كان عن صلاة العشاء، أو ينام عن صلاة الفجر، أو ينام عن صلاة العصر، أو غير ذلك من الصلوات التي تشق عليه، أو تكون في وقت نومه، وهذا مستحق للوعيد، ويعذب بهذا العذاب: فيثلغ رأسه بالحجر، فيتدرج الحجر، ثم يذهب ويأخذ الحجر ويثلغ رأسه، وهكذا في عذاب دائم بهذه الطريقة، وكما سبق في بعض المناسبات: أن الجزاء من جنس العمل، وأن العقوبات تكون من جنس الجنايات.

وقد ذكر بعض أهل العلم وجه الارتباط بين العقوبة وبين العمل، فقالوا: لما كان النوم في الرأس صار يثلغ رأسه بهذا الحجر، فيتدحرج، فيقول: رأسي ثقيل، رأسي إذا نمت ما أستيقظ، فهنا يثلغ رأسه بهذا الحجر، نسأل الله العافية، فإذا تذكر المؤمن مثل هذا، فإنه يخاف ولا ينام عن الصلاة.

أما الرواية الأخرى التي فيها أنه ينام عنه بالليل، يعني عن القرآن، هل معنى ذلك أنه يترك قيام الليل، ويترك العمل به في النهار، فيمكن أن يقال ذلك -والله أعلم-: إنه بمجموع الأمرين، يعني: حصلت له هذه العقوبة بالمجموع، بمعنى: أنه لا يشتغل به، ولا يعمل بمقتضاه، لا في ليله، ولا في نهاره، ولا يقال -والله تعالى أعلم-: بأن حافظ القرآن يجب عليه أن يقوم الليل، وإن كان حري به أن يقوم الليل، وقيام الليل لا يشترط -كما سبق في بعض المناسبات- أن يكون بعد نوم، ومن صلى بعد العشاء ما شاء الله له أن يصلي، فقد صلى من الليل.

وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق هذا الرجل يشرشر بهذه الطريقة، والكذب إنما يخرج عادة من اللسان -من الفم-، وقد يري عينيه ما لم تريا، يقول: شاهدت كذا، وهكذا ينسب إلى نفسه أشياء رآها أو وجدها أو علمها أو نحو ذلك، ليست بصحيحة.

تبلغ الآفاق وهذه في السابق ربما يفكر فيها الناس، كيف يكذب الكذبة وتبلغ الآفاق؟ أما اليوم بكل بساطة ينشر خبرًا في صحيفة، ثم تبلغ الآفاق، وهو جالس في بيته بواسطة جهاز الجوال يمكن أن يضع على الشريط الذي في بعض القنوات خبرًا كاذبًا، أو يمكن أن يقول ذلك بأي وسيلة من الوسائل عبر الإنترنت، وعبر الوسائل المعروفة، أو يكتب في الفيس بوك، أو في التويتر، يكذب أيًا كان هذا الكذب، سواء كان الكذب على الله ، أو كذب على أحد من الناس، أو غير ذلك، حتى لو كذب للموعظة، يعني: يريد أن يعظ الناس بكذبة افتراها، فهذا اليوم صار أسهل ما يكون، فيقرأها في يوم واحد ما بين المشرق والمغرب، بمجرد ما يدخلها في هذه الشبكة.

قال: وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني هؤلاء تأتيهم نار من أسفل منهم، هذه عقوبة مشابهة للعمل الذي عملوه، أولاً: التعري مرتبط بعمل الفاحشة، والأمر الثاني: تأتي هذه النار وتأخذهم من أسفل منهم، وإنما الذي أوقعهم في ذلك هو الفرج.

قال: وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر -يعني نهر كالدم أو نهر من دم كما في بعض رواياته- ويلقم الحجارة، فإنه آكل الربا يعذب بهذه الطريقة، ما علاقة هذه العقوبة؟ بعض أهل العلم يقول: هذا لأنه لا يرجع إلا بالخيبة، فيلقم حجرًا، كما قال النبي ﷺ: الولد للفراش، وللعاهر الحجر[5]،كما ضبطه بعضهم، يعني: ليس لها شيء.

وكذلك لما كان يظن هذا أنه يحصل من وراء الربا المكاسب والأموال والأرباح، فإنه لا يرجع في الواقع من ذلك إلا بخيبة، أو لشدة طمعه فإنه يلقم حجرًا في فمه، فهو لا يزال يفتح فمه لشرهه وحرصه، وما إلى ذلك، والله تعالى أعلم.

وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها، فإنه مالك خازن النار لكن لماذا كان كريه المنظر؟ بعضهم يقول: من أجل أن يكون ذلك أشد في تعذيب أهل النار، فالإنسان حينما يرى حتى لو في المنام رجلاً كريه المنظر جدًا، فإنه يخاف ويذعر، فكيف إذا كان يعذب، نسأل الله العافية، ثم يكون الذي يعذبه بهذه الصورة الكريهة.

وأما الرجل الطويل الذي في الروضة، فإنه إبراهيم ومعلوم أن إبراهيم كان طويلاً؛ ولذلك كان بناء الكعبة على ما نرى، وكان يصعد على هذا الحجر الصغير، ويبني الكعبة، وما احتاج إلى سلالم، ولا إلى رافعات؛ لأنه طويل، وبقي ذريته وأحفاده والناس من بعده بهذا الطول الذي نراه، الناس حول الكعبة كأنهم الذر، أما إبراهيم فكان طويلاً.

وأما الولدان الذين حوله، فكل مولود مات على الفطرة والفطرة هي الإسلام، وإبراهيم عنده هؤلاء الولدان، بعضهم يقول: باعتبار أنه أب للمؤمنين، ونحن من ذرية إبراهيم ، وهو أبو الأنبياء، وكل الأنبياء الذين جاؤوا من بعده هم من نسله .

قال: وفي رواية البرقاني: وُلِدَ على الفطرة فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله ﷺ: وأولاد المشركين فهنا في الحديث أثبت أنهم كذلك، يعني: يكونون مع إبراهيم ، وفي كفالته مع أولاد المسلمين، باعتبار أنهم يولدون على الفطرة، والأحاديث التي وردت في أولاد المشركين معروفة، وهي على ثلاثة أنواع: نوع كهذا، يذكر أنهم يكونون إلى الجنة، بعضهم يقول: خدم أهل الجنة، فهذا الحديث أثبت أنهم يكونون مع أولاد المسلمين، باعتبار أنهم يموتون على الفطرة.

وفي بعض الأحاديث أنهم مع آبائهم، وفي بعض الأحاديث: التوقف، قال النبي ﷺ: الله أعلم بما كانوا عاملين والعلماء اختلفوا بناء على هذه الأنواع الثلاثة في الأحاديث، فمنهم من قال: هم مع آبائهم، ومنهم من توقف فيهم، ومنهم من قال: إنهم يكونون إلى الجنة، على تفاصيل يذكرونها، والجمع بين هذه الأحاديث بعضهم يقول: لعل النبي ﷺ توقف قبل أن يوحى إليه فيهم، ثم أوحي إليه ما في هذا الحديث.

قال: وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن، وشطر منهم قبيح، فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحًا، وآخر سيئًا، تجاوز الله عنهم رواه البخاري.

وفي رواية له: رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخرجاني إلى أرض مقدسة والمقدسة هي المعظمة المطهرة، ثم ذكر الحديث، وقال: فانطلقنا إلى نقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع هذا وجه مشابه مع التنور، وفيه نار أيضًا يتوقد تحته نارًا فإذا ارتفعت ارتفعوا، حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة وفي الرواية هذه: حتى أتينا على نهر من دم وهناك شبهه بالدم، ولم يشك هنا فيه رجل قائم على وسط النهر، وعلى شط النهر رجل، وبين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان يعني: يرجع إلى مكانه الأول الذي قدم منه فجعل كلما جاء ليخرج جعل يرمي في فيه بحجر، فيرجع كما كان.

وفي هذه الرواية: فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا لم أر قط أحسن منها، فيها رجال: شيوخ وشباب وفيها: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة، فتحمل عنه، حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة وفي الرواية: الذي رأيته يشدخ رأسه، فرجل علّمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، فيفعل به إلى يوم القيامة، والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل يعني: ما أتوه على صورتهم حتى يعرفهم فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب، قالا يعني هذا الذي يفسر الربابة: ذاك منزلك، قلت: دعاني أدخل منزلي، قالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله، فلو استكملته أتيت منزلك رواه البخاري.

والله أعلم.

وصلى الله على محمد، وآله وصحبه

  1. أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح برقم (7047) ومسلم في الرؤيا، باب رؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- برقم (2275).
  2. أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب من كذب في حلمه برقم (7042).
  3. أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة برقم (6988) ومسلم في أوائل الرؤيا برقم (2263).
  4. أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب الرؤيا، باب أن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة برقم (2270) وابن ماجه في كتاب تعبير الرؤيا، باب أصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثاً برقم (3917) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا برقم (5019) وصححه الألباني.
  5. أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب تفسير المشبهات برقم (2053) ومسلم في الرضاع، باب الولد للفراش وتوقي الشبهات برقم (1457).

مواد ذات صلة