الأحد 22 / جمادى الأولى / 1446 - 24 / نوفمبر 2024
حديث "ذكر رسول الله الدجال ذات غداة.." (1-2)
التحميل: 0
مرات الإستماع: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا كتاب المنثورات والملح، والمقصود بالمنثورات: جمع منثور، وهو: خلاف المنظوم، بمعنى: أن هذه الأحاديث التي سيردها المصنف -رحمه الله- في هذا الباب لا ينتظمها باب معين، مضت الأبواب المتعلقة بالأذكار، أو الصلوات، أو المتعلقة بالحج، أو الصيام، أو الزكاة، أو الصدقات، أو البر والصلة، أو نحو ذلك، فهذه الأحاديث أحاديث متنوعة لا ينتظمها باب معين.

الملح: جمع ملحة، والملحة هي: الشيء الذي يستملح من الحديث والقول والكلام،

وهذه الأحاديث التي أوردها المصنف -رحمه الله- منها ما يتصل بالدجال، وهي أحاديث كثيرة،

ومنها ما يتصل بالفتن في آخر الزمان، ومنها ما يتصل ببعض الفضائل، وبعض الوقائع -كما سيأتي-.

قال: "أولا باب المنثورات والملح" وأول حديث ذكره هو حديث النواس بن سمعان في الدجال، الحديث الطويل المعروف، قال: "ذكر رسول الله ﷺ الدجال ذات غداة...".

"ذكر الدجال" الدجال كثير الدجل، والدجل بعض أهل العلم يقولون: مأخوذ من التمويه، يقال: هذا سيف مدجل، يعني: مموه بالذهب، فهذا مموه لباطله، يموه الباطل، ويظهره بصورة تنجذب إليها بعض النفوس، وعلى كل حال، لا شك أن الدجال هو: كثير الكذب والافتراء والإفك، ذكره ذات غداة، يعني: في أول النهار "فخفض فيه، ورفع" خفض: يحتمل أن يكون المراد خفض الصوت، ورفعه، ويحتمل وهو أقرب -والله أعلم- أن المقصود: أنه خفض شأنه فحقره، ورفع فيه فعظمه، يعني ذكر أشياء هائلة عظيمة في فتنة الدجال، وذكر أيضًا أمورًا تدل على حقارته، وأنه لن يعدو قدره، فوقع عندهم ما سيذكره النواس .

ويحتمل أن يكون مما يدخل في هذا المعنى: "خفض ورفع" بمعنى: أنه -عليه الصلاة والسلام- يعني قربه إليهم، ذكر أمورًا تدل على قرب خروجه جدًا، وذكر أمورًا تدل على أنه لم يأت زمانه.

ومن ثم قال: "حتى ظنناه في طائفة النخل" فهذا قد يكون قرينه على أن المقصود: "خفض فيه ورفع" أنه قرب زمانه، وخروجه، حتى ظنوا أنه قريب جدًا، في طائفة النخل، في ناحية، أو في بعض النخل.

"فلما رحنا إليه" الرواح يكون في آخر النهار حدثهم في أول النهار، فراحوا إليه، راحوا إليه يعني: في آخر النهار، فالرواح يكون من بعد الزوال "عرف ذلك فينا" يعني عرف أنهم لا زال الحديث عن الدجال مستغرقًا لتفكيرهم، شاغلاً لأذهانهم، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: غير الدجال أخوفني عليكم يعني أنا أتخوف عليكم غير الدجال، هناك أمور أنا أتخوف عليكم؛ لأني ما دمت فيكم فلا خوف عليكم من الدجال، ماذا كان يتخوف ﷺ على أمته؟ يعني في وقته، يتخوف على أصحابه؟

ذكر في أحاديث أخرى: "أن تفتح عليهم الدنيا فيتنافسوها، كما تنافسها من قبلهم، فتهلكهم كما أهلكتهم"[1].

وهكذا الفتن التي ذكرها النبي ﷺ وأنه كان يراها كمواقع القطر خلال بيوتهم[2].

فكان ﷺ يقول هنا: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه يعني لا خوف عليكم من الدجال إن كنت بين أظهركم فأنا حجيجه بمعنى: أنا خصمه، أنا الذي أحاجه، أنا الذي أتولى محاجته، والرد على أباطيله فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه بعض أهل العلم فسره: فامرؤ حجيج نفسه أن المقصود أنما يوجد في الإنسان من العلامات، والدلائل، والقرائن، والأحوال، تدل على صدقه، أو كذبه فامرؤ حجيج نفسه يعني، بمعنى: أن الدجال هذه الأشياء التي يظهرها لا تتفق مع الأشياء التي يدعيها، أن حاله لا تتفق مع دعواه أنه رب الناس كما يدعي، نعم، يقول لهم: أنا ربكم، فحاله تدل على خلاف ذلك فامرؤ حجيج نفسه فيعرف ذلك من حال الإنسان، والإنسان يعرف ذلك من نفسه أيضًا.

والمعنى الآخر، وهو الأقرب -والله تعالى أعلم-: فامرؤ حجيج نفسه بمعنى: أن كل واحد يتولى المحاجة عن نفسه، يتحمل مسؤولية المحاجة عن نفسه والله خليفتي على كل مسلم[3].

ثم ذكر صفته ﷺ لئلا يلتبس: إنه شاب يعني ليس بالشيخ الكبير، ولا بمتوسط السن، وإنما هو شاب قطط والقطط: شديد جعودة الشعر إنه شاب قطط، عينه طافية طافية هكذا بالياء، بمعنى: من طفى الشيء على الماء مثلاً، بمعنى: برز، وظهر، فعينه بارزة، عينه طافية، فيها بروز، فيها ظهور، فيها نتوء إلى الخارج أكثر من الجحوظ، يعني الجاحظ هي: من كان عينه في مكانها، لكن فيها شيء من البروز إلى الخارج، لكن هذه طافية، كأنها خارجة من قحف، أو من مكان العين محجرها.

وبعضهم ضبطه بالهمز طافئة فالطافئة هي: التي بقيت على صورتها، كأنه ليس بها بأس طافئة لكن ذهب بصرها، يعني هو لا يبصر بها، عينه طافية كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن[4] عبد العزى بن قطن هذا رجل مات في الجاهلية أشبهه.

وفي بعض الروايات: قطن بن عبد العزى[5] وهذا صحابي؛ ولهذا جاء في تلك الرواية: أنه سأل النبي ﷺ هل يضرني شبهه؟ شبه الدجال، فقال النبي ﷺ: إنك مسلم، وهو كافر[6] لكن هذه الرواية ضعيفة ضعفها الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، وبناء عليه فهذا الرجل من أهل الجاهلية، مات في الجاهلية، عبد العزى بن قطن.

فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف[7] يعني العشر الآيات الأولى من سورة الكهف، وفي رواية: خواتيم سورة الكهف[8] يقرأ العشر الآيات الأخيرة من سورة الكهف.

وقد ذكر بعض أهل العلم، كالقرطبي أن الأحوط: أن يقرأ الفواتح والخواتم؛ ليضمن أنه قد حصل مستعصمًا يعصمه من الدجال، وهذا أمر سهل، ويسير على من وفقه الله -تبارك وتعالى- ولكن في تلك الأحوال ما كل الناس يوفق، من الناس من لا يتذكر هذا المعنى أصلاً، يعني انظروا في وفاة النبي ﷺ وهم أصحاب النبي ﷺ كيف غاب عنهم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آل عمران:144] إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] فلما سمعوها كأنهم يسمعونها للمرة الأولى، فأوقات الفتن وأحوال الذهول، عند ذلك تغيب عن الناس المعاني إلا من رحم الله وليس عندهم في ذلك الوقت وسائل الاتصال، بحيث يرسلون رسائل جوال، ويرسلون بالوسائط المتعددة: اقرأوا سورة الكهف على الدجال هو خرج، سيأتيك من ينازع أن هذا هو الدجال، وسيتبعونه، وسيأتيك من يقول: نحن نتبعه، ولو كان إبليس، ما دام يخرج لنا الذهب، وتكون أرضنا غناء، خصبة، ويخرج لنا كنوز الأرض، نحن ماذا نريد؟

سيأتيك من يقول: خذ ما عنده من الإيجابيات، واترك السلبيات، خذ الثمار، وألق الحطبة في النار، سيأتيك من يقول هذا، وإذا كان في صحف، وأعمدة، فلا تسأل عن حال المفتونين، المأفونين، الأفاكين، الدجالين، أتباع الدجال، والدعاة إلى الدجال، سيكونون من أكبر الدعاة دعاة الدجال هؤلاء الذين يحاربون الله، وأولياءه ورسله، وليس لهم شغل إلا هذا، التشكيك في الثوابت، هؤلاء أتباع الدجال، وانظرهم في كل مكان، في ميدان التحرير، وغير ميدان التحرير، أتباع الدجالين الكذابين، صنائع الأعداء، كم يتبعهم من الناس، ومن الصحف، ومن وسائل الإعلام، فهؤلاء إذا خرج الدجال هم أول من سيهرول له، وكأني بهم، لو كان في تصوير: ينشرون، والخرائب، والأراضي، والذهب، والذي يتبعه، والكنوز، وكيف صارت البلد الفلاني؟ وكيف أمحلت البلد الفلاني؟ ويذهبون، ويجرون معه المقابلات.

لكن يبدو أن ذلك الزمان لا قنوات، ولا وسائل اتصال حديثة، ولا شيء من ذلك، إنما هي الوسائل القديمة، ويعود الناس إلى حالهم، ولهذا بعض الكتابات الكثيرة التي نقرؤها هنا، وهناك، إذا قرأها أحيانًا من لا بصر له، أو لا يحسن القراءة، أو يؤسر بكتابة الكاتبين، يقولون: إن القيامة ستقوم عام ألفين واثنا عشر، ورأيت بعض من يتحير في هذا، ويقول: ذكروا حقائق، وأرقامًا، وأشياء، وأدلة.

نقول: لا تنظر إلى هذا، لا تجعل من الكاتب آسرًا يأسرك، فإذا أشكل عليك ما يقول، ولم تعرف له جوابًا معينًا، خاصًا لكل ما يذكره اخرج منه، ومن كتابته، ومن أسره، وانظر من أعلى، فالنبي ﷺ ذكر حقائق، وذكر أشياء، ذكر فتح القسطنطينية، وذكر فتح روما، لم تفتح القسطنطينية الفتح الموعود به بعد، ولم تفتح روما، وكذلك أخبر أن الدجال يجلس هذه المدة، وأن المهدي يبقى سبع سنين، كذلك ينزل عيسى ابن مريم ويبقى الناس في رخاء، ثم بعد ذلك تأتي الريح، فهذا يحتاج إلى سنين، ما يمكن أن يكتب كاتب قبل سنتين، ويقول: عام ألفين واثنا عشر ستقوم الساعة.

فهذا لا يمكن لا يمكن، فأنت، وإن لم تعرف الجواب عن هذه الجزئيات، التي يحسن فيها التزويق، والجدل لما يقوله، وما يناقشه، فاخرج من أسره، وانظر من أعلى، سيتبين لك أن ما قاله باطل، وإن لم تعرف الجواب المفصل المعين فيما ذكر.

الحاصل قال: إنه خارج خلة بين الشام والعراق خلة، يعني: ناحية بين الشام والعراق وأيضًا جاء ضبطه في بعض الروايات: خلة بغير تنوين، وهنا فسره بعضهم: بالمحلة، المكان الذي ينزل به خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينًا، وعاث شمالاً يعني يكون يخرج من تلك الناحية، ثم يعيث يمينًا وشمالاً، إلى أي حد؟

الله أعلم، ولذلك بعضهم كتب كتابًا يقول: إن فتنة الدجال هي فيما يسمى اليوم بمنطقة الشرق الأوسط فقط، وما يدريك؟ عاث يمينًا، وشمالاً شمالاً إلى أي حد؟ ويمينًا إلى أي حد؟ ثم هو يرسل سراياه، ويرسل جنده، ومن الناس من يأتيه يهرول طوعًا، كم من الأمم ستتبعه من غير طلب منه عاث يمينًا، وشمالاً ففتنته أعم مما يتصوره بعض الناس.

قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ كم يبقى؟ قال: أربعون يومًا أربعون يومًا هذه قد يتصور أنها يسيرة، لكنها في أوقات الفتن الكبار ليست بيسيرة، ثم فصل النبي ﷺ قال: يوم كسنة طوي ويوم كشهر، ويوم كجمعة فهذه كم؟ ثلاثة أيام: سنة، وشهر، وأسبوع، ويبقى فوقها سبعة وثلاثون يومًا، فهذا مكثه.

قال: وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم التي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ هذا الموضوع المهم بالنسبة إليهم: الصلاة كيف نصلي؟ أهم شيء الصلاة، هذا الموضوع الذي يقلقهم، ويؤرقهم، ويعتلج في نفوسهم، وهو محل الاهتمام بالنسبة إليهم، فكيف بالذي لا يصلي؟ كيف بالذي يؤخرها لأدنى سبب، تذهب في الأسفار، وفي الطائرات، في الرحلات الدولية وغير الدولية، أحيانًا يأتي وقت صلاة الفجر، ولربما قام الإنسان، وأذن، والناس نيام في غطيط، وأقيمت الصلاة، وصلى، لا يصلي معك إلا ثلاثة أو أربعة، طيارة فيها نحو أربعمائة شخص على دورين، هؤلاء ما يصلون؟ كيف ينعمون بأفضال الله ونعمه، وهم بين السماء والأرض، ولا يقومون يصلون؟ كيف يفتتحون يومهم؟

الآن في أمن وأمان، في طائرة قد تمدد كل واحد منهم، والتحف بلحاف، وله غطيط، طيب لو كانوا في حال شدة وخوف وفتنة، هؤلاء سيتذكرون الصلاة؟!

الشاهد: أنهم سألوا عن هذا، تكفينا فيه صلاة يوم؟ هذا الذي كسنة، وكذلك الذي كشهر، والذي كأسبوع من باب أولى قال: لا، واقدروا له قدره يعني: قدروا، احسب المدة في الأيام العادية كم بين الفجر والظهر؟ فصلِ، كم بين الظهر والعصر؟ فصلِ، كم بين العصر والمغرب؟ فصلِ، المغرب والعشاء فصلِ، يعني معناه أنك ستصلي الفجر لليوم الثاني في أول النهار مرة أخرى، والفجر الثالث، والرابع، والعاشر، وأنت قبل الزوال، ستصلي أيامًا متطاولة صلاة الفجر، وما زالت الشمس بعد، يعني تعيد الصلوات خمسة فروض، ويأتيك فيها ظهر وعصر إلى آخره، الفروض الخمسة، والشمس ما زالت بعد، هذا اليوم الذي كسنة، تصلي مدة طويلة الصلوات الخمس.

بعض العلماء يقول: إنهم لو لم يسألوا لكفينا، لصرنا نصلي على المواقيت التي حددها النبي ﷺ إذا زالت الشمس وجبت الظهر، وإذا صار وقت العصر صلينا العصر، وقت المغرب، وقت العشاء، إلى آخره، فبعض العلماء يقول: هذا يدخل في قوله: لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101] كسؤالات بني إسرائيل لما سألوا عن أوصاف البقرة، فلو سكتوا؛ لكانت خمس صلوات لربما أجزأتهم، باعتبار المواقيت المعروفة، فسألوا عن شيء لم يتعرض له الشارع، فجاءهم هذا الجواب، ولا شك أن فيه مشقة، المسألة تحتاج إلى تقدير قال: اقدروا له قدره قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح.

الآن كالغيث استدبرته الريح، أنتم ترون المطر إذا في ريح شديدة، كيف يكون سرعة تحرك المطر؟ يسرع جدًا، لا يدركه المسرع من الناس لسرعته، فهذا يدل على سرعته، كأنهم سألوا يريدون أن يعرفوا خلال هذه المدة التي هي سنة، يوم كسنة، ويوم كشهر، يعيث في الأرض فسادًا إلى أي مدى سيصل؟ فهو كالغيث استدبرته الريح، يعني هو أسرع مما يعهدون.

فيأتي على القوم، فيدعوهم، فيؤمنون به، ويستجيبون له يقول لهم: أنا ربكم فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت هذه فتنة عظيمة، لا يعرف لأحد مثل هذا، يعني في فتنة فتروح يعني ترجع عليهم سارحتهم يعني أنعامهم، السائمة أطول ما كانت ذرى يعني مرتفعة الأسنمة من الشبع والسمن، تكون في حال مغرية، فتنة لهم، وبعض الناس هذه غايته أصلاً، هذا مطلوبه، إذا حصل مثل هذا، فالدين ليس بالشيء المهم عنده، المهم الحالة المادية والاقتصادية ألا ينقص عليه شيء، ولذلك بعض الناس إذا سمع عن كوارث في أمريكا مثلاً، أو الأزمة الاقتصادية، أو نحو ذلك؛ جعل يسخر من الذين يقولون: نسأل الله أن يرينا فيهم عجائب قدرته لما يفعلون بالمسلمين في كل مكان، يقول: هؤلاء إذا اضمحلوا، وذهبوا سنضمحل معهم، ليس هناك صناعات، ولا، ولا، هذا صارت ربه هذه الدولة الكافرة، المحادة لله ولرسوله ولأوليائه، فعنده أنهم إذا ذهبوا ذهب كل شيء، ما علم أن خزائن السماوات والأرض بيد الله -تبارك وتعالى-.

يقول: تعود عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعًا ضروع ممتلئة من الألبان، وأمده خواصر يعني من الشبع ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله يعني يأتي آخرون، القوم هنا غير الأول فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ممحلين: يعني ينقطع عنهم المطر، وتيبس الأرض، يعني يكونون في جدب، وشدة ليس بأيديهم شيء من أموالهم يحتمل أن ليس بأيديهم شيء من أموالهم، يحتمل أن ليس بأيديهم شيء من أموالهم أنهم تموت سارحتهم ودوابهم، ويحتمل أن تذهب كل الأموال ويمر بالخربة الخربة يعني هي: موضع الخراب فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل.

العلماء يقولون: مثل ذكور النحل تتبعها البقية في الخلية، وهم يقصدون بهذا ليس الزمبور، وإنما يقصدون الملكة تتبعها سائر النحل، فهو يمشي، والكنوز تتبعه من الخرائب كيعاسيب النحل، فتنة، ومعروف أن الدفائن، والكنوز توجد في الأماكن الخربة، لكن من يعلم ذلك، فهو يمر على أماكن الخراب، والبلاد المهجورة، ويقول: أخرجي كنوزك فيخرج كل ما فيها فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئًا شبابًا يعني في عنفوان الشباب وقوته فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض يقطعه قطعتين رمية الغرض رمية الغرض السهم يعني، النشاب حين إلى أي مدى يصل، فبعضهم يقول: بأن المراد أنه يقطعه يعني قطعتين متباينتين بينهما هذه المسافة، وبعضهم يقول غير ذلك، على كل حال يضربه بالسيف فيقطعه جزلتين ثم يدعوه، فيقبل يقل له: قم تعال ويتهلل وجهه، ويضحك يعني هذا الشاب فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح ابن مريم ﷺ)) ([9])، نتوقف عند هذا، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

  1. أخرجه البخاري، كتاب الجزية، باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب، برقم (3158) ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم (2961).
  2. أخرجه البخاري، كتاب فضائل المدينة، باب آطام المدينة، برقم (1878) ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب نزول الفتن كمواقع القطر، برقم (2885).
  3. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، برقم (2937).
  4. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، برقم (2937).
  5. أخرجه أحمد في مسنده، برقم (7905) وقال محققه: حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف.
  6. أخرجه أحمد في مسنده، برقم (7905) وحسنه الألباني في التعليقات الحسان، برقم (7447).
  7. أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، برقم (2937).
  8. أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الملاحم، باب خروج الدجال، برقم (4323) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (581).

مواد ذات صلة