الجمعة 20 / جمادى الأولى / 1446 - 22 / نوفمبر 2024
[19] من قول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ} الآية 58 إلى قوله تعالى: {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} الآية 65 .
تاريخ النشر: ٢١ / شوّال / ١٤٢٦
التحميل: 11782
مرات الإستماع: 2477

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [سورة النساء:58].

يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها.

وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله ﷺ قال: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك رواه الإمام أحمد وأهل السنن[1] وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله على عباده من الصلوات والزكوات والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أُخذ منه ذلك يوم القيامة كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله ﷺ قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها، حتى يقتص للشاة الجماء من القرنا[2].

روى ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال: نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه رسول الله ﷺ مفتاح الكعبة فدخل في البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا الآية [سورة النساء:58] فدعا عثمان إليه فدفع إليه المفتاح، قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله ﷺ من الكعبة، وهو يتلو هذه الآية إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [سورة النساء:58]: فداه أبي وأمي، ما سمعته يتلوها قبل ذلك.

وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك، وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا فحكمها عام؛ ولهذا قال ابن عباس -ا- ومحمد بن الحنفية: هي للبَّر والفاجر، أي: هي أمر لكل أحد.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي قوله -تبارك وتعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [سورة النساء:58] ذكر في سبب نزول هذه الآية هذا الحديث في قصة مفتاح الكعبة، وهذه الرواية التي أوردها وإن كانت لا تخلو من ضعف إلا أنه قد وردت روايات أخرى في نفس المعنى يقوي بعضها بعضًا، وربما كان بعضها أصح إسنادًا من هذه الرواية. 

وعلى كل حال هذه وقعت في عام الفتح في السنة الثامنة من الهجرة، وما قبل هذه الآية من الآيات إلى قوله -تبارك وتعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [سورة النساء:51] هذا نزل بعد غزوة أحد، وذلك أنه لما هُزم المسلمون طمع اليهود أن يُستأصل المسلمون فذهب وفد منهم ككعب بن الأشرف ومن معه إلى مكة يحرضونهم على قتال النبي ﷺ واستئصاله، وبين هذا النزول وهذا النزول سنوات، وهذه الآية تتحدث عن الأمانات والآيات التي قبلها تتحدث عما وقع من اليهود من كتمان ما عرفوا من الحق وادِّعاء أن المشركين أهدى من محمد ﷺ.

وفي علم المناسبات -يعني وجه الربط بين الآيات- نوع منها وهو وجه تعلق المقطع من الآيات بما قبله أو بعده، فمن المناسبات ما يكون عبارة عن ربط بين الآية والآية، ومنه ما يكون بين الآية وبين خاتمتها، ومنه ما يكون بين أول السورة وآخرها، أو بين مقطع ومقطع، فهذا من هذا النوع الأخير –بين مقطع ومقطع- فالآيات الأولى تتحدث عما وقع من اليهود، وهذه الآية تتحدث عن أداء الأمانات، والذي وقع من اليهود هو خيانة للأمانة، فالله  ائتمنهم على الشهادة بالحق وقول الحق وبيان ما عرفوا من كتابهم مما يتعلق بأمر النبي ﷺ وغيره، فلما سألهم المشركون كتموا ذلك وجحدوه وقالوا: أنتم أهدى من محمد.

فإذا أردنا أن نربط بين هذه الآيات فإننا نقول: إن الله يأمر أمرًا عامًا بأداء الأمانات ويدخل فيه جميع أنواع الأمانات، ومن الأمانات الداخلة فيها أمانة الشهادة بالحق وقول الحق وبيان ذلك للناس، فهذه أمانة من الأمانات، ومن الأمانات أيضًا أنك إذا أخذت من أحد شيئًا أن ترده إليه كما وقع ذلك في سبب النزول وذلك أن النبي ﷺ أخذ مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة ثم رده إليه وقرأ هذه الآية: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [سورة النساء:58]

وإذا نظرت إلى مراتب هذه الأمور الثلاثة وجدتها على هذا التدريج -أعني فيما يتعلق بقوة دخولها في اللفظ العام- فأقوى ذلك دخولًا في العام هو ما يتعلق بسبب النزول أو صورة سبب النزول كما وقع في قصة مفتاح الكعبة، ويليه في القوة ما يُعرف بالتخصيص بالمجاورة الذي شرحته آنفًا وهو ما وقع من اليهود تجاه النبي ﷺ فهذا يلي سبب النزول من حيث القوة في الدخول تحت اللفظ العام، ثم بعد ذلك تأتي بقية أفراد اللفظ العام، وبهذا نعلم أن الأفراد الداخلة تحت العموم متفاوتة في قوة الدخول فيه، وهذا يفيد في أمور، ومن ذلك: ما يتعلق بالتخصيص بمعنى إخراج بعض الأفراد من اللفظ العام مثلًا، ونحو ذلك، وصورة سبب النزول قطعية الدخول في العام، وإخراجها منه بالاجتهاد ممنوع كما هي القاعدة.

وهذه الآية عامة في جميع الناس، وهذا هو الذي مشى عليه ابن كثير -رحمه الله- وهو الأقرب -والله تعالى أعلم- خلافًا لما ذهب إليه كبير المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله- ومن وافقه من أن ذلك ليس لعموم الأمة وأنها تختص بطائفة منها وهم الذين يلوون الأحكام، بمعنى أنها خاصة بالولاة؛ بحجة أن الله قال: وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ [سورة النساء:58]

لكن نقول: إن الحكم بين الناس في الواقع لا يختص بأهل الولايات بل قد يتحاكم الناس إلى غيرهم فإذا جاءوا يتحاكمون إلى إنسان ليس له ولاية لكنهم ارتضوه لذلك وأعلنوا قبولهم لما يحكم به فإنه يجب عليه أن يحكم بينهم بالعدل، فالآية خطاب لعموم الأمة من الولاة ومن غيرهم من أهل العلم وغيرهم، ولا يختص بأحد دون أحد.

وقوله: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [سورة النساء:58] يدخل فيها أيضًا جميع أنواع الأمانات، ومنها ما يتعلق بالله ومنها ما يتعلق بحقوق الخلق، ومنها ما يتعلق بالنفس والدين الذي جاء به الرسول ﷺ، والتكاليف التي حملها الإنسان هي الأمانة التي قال الله فيها: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ [سورة الأحزاب:72] فالأمانة هنا هي التكاليف الشرعية على أرجح الأقوال في تفسير هذه الآية من سورة الأحزاب.

ومن أهل العلم من يقسم الشريعة التي جاء بها النبي ﷺ إلى شعائر وأمانات، فالأذان من الشعائر، وصلاة الجماعة والصلاة عمومًا من الشعائر، وما أشبه ذلك، والأمور التي لا يطلع عليها الناس مثل الصيام والطهارة وما أشبه ذلك يقولون: هذه من الأمانات.

ونحن نقول: لا مشاحة في الاصطلاح لكن الواقع أن الصلاة أمانة أيضًا والأذان أمانة والمؤذن مؤتمن، والحكم بين الناس بالعدل أمانة.

وقوله: وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ [سورة النساء:58] أمرٌ منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس، ولهذا قال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب: إن هذه الآية إنما نزلت في الأمراء، يعني الحكام بين الناس، وفي الحديث: إن الله مع الحاكم ما لم يَجُرْ، فإذا جار وكله الله إلى نفسه[3]، وفي الأثر: عدْلُ يوم كعبادة أربعين سنة.

حديث: إن الله مع القاضي ما لم يَجُرْ الذي أخرجه ابن ماجه لا يتعارض مع عموم الولايات وذلك أن القاضي حاكم وكل من يتولى الحكم بين الناس فإنه يقال له: حاكم، وهو مؤتمن على ما ولاه الله.

وقوله: إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ [سورة النساء:58] أي: يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة.

وقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [سورة النساء:58] أي: سميعًا لأقوالكم بصيرًا بأفعالكم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [سورة النساء:59].

روى البخاري عن ابن عباس -ا: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [سورة النساء:59] قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه رسول النبي ﷺ في سرية[4] وهكذا أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجه وقال الترمذي: حديث حسن غريب.

وروى الإمام أحمد عن علي قال: بعث رسول الله ﷺ سرية واستعمل عليهم رجلًا من الأنصار، فلما خرجوا وَجَد عليهم في شيء، قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله ﷺ أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: اجمعوا لي حطبًا، ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها. قال: فهمَّ القوم أن يدخلوها، قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله ﷺ فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها، قال: فرجعوا إلى رسول الله ﷺ فأخبروه فقال لهم: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدًا، إنما الطاعة في المعروف أخرجاه في الصحيحين[5].

قال –عليه الصلاة والسلام: لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدًا وجه هذا أن هؤلاء يكونون قد تسارعوا في أمر لم يتبينوه فلن يكونوا معذورين بهذا الفعل وإنما كان عليهم أن يتبينوا قبل ذلك.

وروى أبو داود عن عبد الله بن عمر -ا- عن رسول الله ﷺ قال: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة وأخرجاه[6].

وعن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثَرَةٍ علينا، وألا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرًا بَوَاحًا عندكم فيه من الله برهان أخرجاه[7].

وفي الحديث الآخر عن أنس أن رسول الله ﷺ قال: اسمعوا وأطيعوا وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة رواه البخاري[8].

وعن أم الحصين -ا- أنها سمعت رسول الله ﷺ يخطب في حجة الوداع يقول: ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، اسمعوا له وأطيعوا رواه مسلم[9] وفي لفظ له: عبدًا حبشيًا مجدوعًا[10].

وفي الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني[11].

هذه الأحاديث وغيرها في ظاهرها أنه يجب الطاعة بالمعروف سواء كان ذلك مما يعلم أنه طاعة لله أو في غير ذلك مما لم يعلم أنه حرام، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يفرِّق ويذكر تفصيلًا في هذا، فهو يرى أن الإمام العدل يطاع فيما لا يُعلم أنه معصية، والفاجر يطاع فيما يُعلم أنه طاعة لله فقط، وهذا التفريق والتفصيل لا أعلم عليه دليلًا، فظواهر الأدلة عامة ليس فيها هذا التفريق الذي ذكره شيخ الإسلام، والله تعالى أعلم.

ولهذا قال تعالى: أَطِيعُواْ اللّهَ [سورة النساء:59] أي: اتبعوا كتابه وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ [سورة النساء:59] أي: خذوا بسنته وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [سورة النساء:59] أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما تقدم في الحديث الصحيح: إنما الطاعة في المعروف[12].

طاعة أولي الأمر لا تكون استقلالًا، وإنما تكون تبعًا لطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ، ولهذا أعاد الله فعل الأمر في حق النبي ﷺ فقال: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ [سورة النساء:59] ولم يعده في حق أولي الأمر، أي أنه لم يقل: وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر، فدل ذلك على أن طاعتهم تكون تبعًا لطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ ولا تكون استقلالًا.

وأما النبي ﷺ فإنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فيطاع في كل ما أمر به -عليه الصلاة والسلام- ويُترك ما نهى عنه، ولو كان ذلك غير موجود في القرآن، بمعنى أن السنة قد تأتي بأشياء زائدة على ما جاء في القرآن كما هو معلوم، فقد تكون مبينة شارحة لما جاء في القرآن، وقد تأتي بأشياء زائدة، فالنبي ﷺ نهى عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير[13] وجاء في السنة تحريم الحمار الأهلي وغير ذلك مما ورد فيها زائدًا على القرآن بدليل أن الله يقول: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ [سورة الأنعام:145] فذكر هذه المحرمات بطريق الحصر وجاءت السنة بالزيادة على ذلك، فالمقصود أن النبي ﷺ تكون طاعته استقلالًا، وأما طاعة غير النبي ﷺ فتكون تبعًا.

وقوله: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [سورة النساء:59] قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله.

وهذا أمر من الله بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [سورة الشورى:10] فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال تعالى: إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [سورة النساء:59] أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنًا بالله ولا باليوم الآخر.

في قوله -تبارك وتعالى: وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [سورة النساء:59] ذهب كثير من السلف وهو قول جابر بن عبد الله وممن اختاره من الأئمة الإمام مالك- أن أولي الأمر هم أهل القرآن، وأهل العلم العلماء.

ومن أهل العلم -وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد -رحمه الله- وهو اختيار كبير المفسرين ابن جرير الطبري- من قال: إن المراد بهم الأمراء أي الولاة ومن ولَّوا، فيدخل في هذا أهل الولايات العامة ويدخل فيه أمراء السرايا والجيوش وما أشبه ذلك، وهذا قول مشهور قال به أيضًا كثير من السلف.

ومن أهل العلم من جمع بين القولين وقال: يدخل فيه أهل الولايات العامة ويدخل فيه من ولَّوا ويدخل فيه أيضًا العلماء، وهذا الذي ذهب إليه الحافظ ابن القيم -رحمه الله تعالى.

والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن ذلك يشمل من يصدر الناس عن رأيهم ويرجعون إليهم، فيدخل فيه أهل الولايات العامة من الأمراء، ويدخل فيه العلماء، ويدخل فيه أيضًا الذين يرجع الناس إليهم ويصدرون عن قولهم كأمرائهم في عشائرهم أو من يطيعهم الناس ويلجئون إليهم وما أشبه ذلك، فالله لم يخلق الناس خلقًا متساويًا من هذه الحيثية، بل جعل الله بينهم هذا التفاوت، فمن الناس من يرجع الناس إليه بحكم الولاية، ومن الناس من يرجع الناس إليه بحكم العشيرة والقبيلة وما أشبه ذلك، ومن الناس من يرجع الناس إليه لعلمه أو نحو هذا، وهكذا.

والمقصود أن الله يأمر الناس -لئلا يكون أمرهم فوضى- أن يرجعوا إلى غيرهم ممن يصدرون عن رأيه فلا يقْدمون على شيء من شأنه أن يحدث ضررًا أو فسادًا أو فوضى أو نحو ذلك إلا بالرجوع إلى هؤلاء، وبطاعتهم إذا أمروهم من أجل أن ينضبط أمر الناس ويكون على حال مرضية، والله تعالى أعلم.

وقوله: ذَلِكَ خَيْرٌ [سورة النساء:59] أي: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله والرجوع في فصل النزاع إليهما خير.

وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [سورة النساء:59] أي: وأحسن عاقبة ومآلا كما قاله السدي وغير واحد، وقال مجاهد: وأحسن جزاء، وهو قريب.

قوله تعالى: وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [سورة النساء:59] التأويل يأتي بمعانٍ متعددة فهو من الأوْل بمعنى الرجوع، يعني أحسن مرجعًا وأحسن عاقبة في الحالة الثانية، فعاقبته حميدة، وذلك أن الناس إذا رجعوا إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ﷺ حصل بينهم العدل وارتفعت أسباب الشر والشقاق والنزاع وما إلى ذلك، فذلك خير لهم في الحال وفي المآل وأحسن عاقبة، والله أعلم.

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلًا بَعِيدًا ۝ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ۝ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [سورة النساء:60-63].

هذا إنكار من الله على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية أنها في رجل من الأنصار ورجل من اليهود تخاصما، فجعل اليهودي يقول: بيني وبينك محمد. وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف.

وقيل: في جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام، أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية، وقيل غير ذلك، والآية أعم من ذلك كله، فإنها ذامَّة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هاهنا؛ ولهذا قال: يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ إلى آخرها.

وقوله: يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا [سورة النساء:61] أي: يعرضون عنك إعراضا كالمستكبرين عن ذلك كما قال الله تعالى عن المشركين: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا [سورة لقمان:21] وهؤلاء بخلاف المؤمنين الذين قال الله فيهم: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [سورة النــور:51].

هذه الآية عامة في إنكار هذا الفعل الشنيع الذي هو التحاكم إلى الطاغوت، والطاغوت هو كل ما تجاوز حده من متبوع من مطاع، سواء كان بشرًا أو قانونًا أو نحو ذلك، ويدخل فيه التحاكم إلى القوانين الوضعية والهيئات والمنظمات التي تحكم بغير شرع الله وكل تحاكم إلى غير الكتاب والسنة فهو طاغوت.

وقوله: يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ [سورة النساء:60] فعل الإرادة مؤذن بالاختيار، ولذلك هل يجوز للإنسان إذا اضطر في بلاد تحكم بالقانون -كأن يكون غير مستطيع أن يستخرج حقه إلا بالترافع إلى المحكمة- هل يجوز له أن يتحاكم إليه والله يقول: يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ [سورة النساء:60] أي أنه قد يكون له حق لا يستطيع أن يستخرجه إلا بالتحاكم لتلك المحاكم، ومثال ذلك أن تكون امرأة تريد الفسخ من زوجها وهو يأبى ولا يمكن أن يكون ذلك إلا عن طريق المحكمة، والمحكمة هناك لا تحكم بشرع الله ، هل يجوز لها أن تتحاكم إليها أم يقال هذا في حال الاضطرار الذي لا مندوحة منه ويترتب عليه ضياع الحق؛ فلا يكون ذلك قادحًا في إيمانه وفي دينه في البلاد التي لا تحكم بشرع الله ؟ هذه مسألة عمت بها البلوى، وهي مسألة معروفة عند أهل العلم وفيها كلام لهم معروف.

ثم قال تعالى في ذم المنافقين: فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [سورة النساء:62] أي: فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك ثُمَّ جَآءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا [سورة النساء:62] أي: يعتذرون إليك ويحلفون ما أردنا بذهابنا إلى غيرك وتحاكمنا إلى عداك إلا الإحسان والتوفيق أي: المداراة والمصانعة لا اعتقادًا منا صحة تلك الحكومة، كما أخبرنا تعالى عنهم في قوله: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى [سورة المائدة:52] إلى قوله: فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ [سورة المائدة:52].

وقد روى الطبراني عن ابن عباس -ا- قال: كان أبو بَرْزَة الأسلمي كاهنًا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين، فأنزل الله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ [سورة النساء:60] إلى قوله: إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا [سورة النساء:62].

ثم قال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ [سورة النساء:63] هذا الضرب من الناس هم المنافقون والله يعلم ما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك فإنه لا تخفى عليه خافية فاكتف به يا محمد فيهم، فإن الله عالم بظواهرهم وبواطنهم؛ ولهذا قال له: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [سورة النساء:63] أي: لا تعنفهم على ما في قلوبهم وَعِظْهُمْ [سورة النساء:63] أي: وانههم عما في قلوبهم من النفاق وسرائر الشر وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [سورة النساء:63] أي: وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلام بليغ رادع لهم.

قوله: وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [سورة النساء:63] يحتمل أن يكون معنى في أنفسهم أي: إذا خلوت بهم من دون الناس، يعني لا تقل لهم ذلك علانية أمام الناس؛ ليكون ذلك أبلغ في النصح وأدعى إلى القبول، ويحتمل أن يكون المراد: وقل لهم في حق أنفسهم، قولًا بليغًا.

وقوله -تبارك وتعالى- عنهم: إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا [سورة النساء:62] أي أنهم يبررون ذلك بأنهم أرادوا الإحسان والتوفيق، ويؤخذ من هذا أن كل من أراد أن يجمع بين الشريعة وغيرها مما خالفها فإن فعله هذا مذموم، ومن أمثلة ذلك أولئك الذين حاولوا أن يجمعوا بين القرآن وبين ماديات هذا العصر التي لا تؤمن بالغيب أصلًا، وأرادوا أن يلفقوا ذلك ويحملوا كتاب الله ما ليس منه من أجل أن يقدموا الإسلام بصورة مقبولة للغرب فهؤلاء قد يدخلون في هذه الآية، وهذا حصل من نحو مائة سنة، ولذلك فالأمور التي تحصل الآن ويكتب بها كاتبون ويخرج فيها أناس في قنوات فضائية هي ليست جديدة لكنها تتكرر بأسماء أخرى، ولذلك إذا سئلوا عن هذا قالوا: إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا [سورة النساء:62] يعني يريدون أن يوفقوا بين وحي الله وبين ما عند أعداء الله  من كفر وإلحاد وما أشبه ذلك.

ومثل هؤلاء أولئك الذين بُهروا قبل قرون طويلة بالفلسفة حينما تُرجمت كتب اليونان على يد المأمون –وحيث إن كل جديد له بريق- ففتن بها كثير من العلماء وغيرهم وتعلمها كثيرٌ منهم وحاول كثيرٌ منهم أن يجمعوا بينها وبين القرآن، وهم بزعمهم أرادوا إحسانًا وتوفيقًا، وهكذا توجد أمثلة وصور كثيرة تتكرر عبر القرون.

وقوله تبارك وتعالى: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [سورة النساء:63] قال ابن كثير: ”أي: لا تعنفهم على ما في قلوبهم“ هذا التفسير تحتمله الآية، وتحتمل أن يكون المعنى: أعرض عن عقابهم ولا تشتغل بهم، على أن هذا كان في أول الأمر، وإلا فإن آخر ما نزل في الجهاد سورة براءة، وقد قال الله فيها: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [سورة التوبة:73] فهذه الآية في المنافقين حيث أمر الله نبيه بمجاهدتهم وبالإغلاظ عليهم، ومثل هذه الآية من أهل العلم من يقول: إنها نسخت بآية السيف -وهي الآية الخامسة من سورة براءة: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [سورة التوبة:5] إلى آخره. 

وهذه الآية يقول فيها بعض أهل العلم: نسخت مائة وأربعة وعشرين آية فيها صفح وعفو وإعراض وما أشبه ذلك، وهذا الكلام غير صحيح، وإنما الصحيح أن مثل هذه الآيات غير منسوخة، وإنما هي لأوقات الضعف والقلة وأزمنة الفترة وما أشبه ذلك، ففي مثل هذه الظروف يكون الإعراض والصفح والصبر على أذى المشركين مع العمل على إعداد الأمة وتقويتها وتهيئتها ورفعها، فإذا كانت الأمة قوية وممكّنة فعندئذ تأتي العزائم وهو ما ذكره الله في سورة براءة، وهي آخر ما نزل ولم ينسخ منه شيء، والمقصود أن الأرجح هو أن هذه الآيات غير منسوخة، والله أعلم.

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ۝ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [سورة النساء:64-65].

يقول تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ أي: فرضت طاعته على من أرسله إليهم.

وقوله: بِإِذْنِ اللّهِ قال مجاهد: أي لا يطيع أحد إلا بإذني، يعني لا يطيعهم إلا من وفقته لذلك.

قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ الإذن المراد في هذه الآية هو الإذن الكوني –على قول مجاهد- بمعنى أنه لا يقع في الكون تحريكه ولا تسكينه إلا بإذن الله وكذلك لا يقع فيه اهتداء ولا ضلال إلا بإذن الله وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فطاعة الرسل واجبة بأمر الله شرعًا، لكن وقوع ذلك هو الإذن الكوني؛ ولهذا قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ فالآية يدخل فيها الإذن الكوني والشرعي لكن على قول مجاهد: ”لا يطيع أحد إلا بإذني“ يعني لا يطيع الرسل إلا من وفقته” يقصد الإرادة الكونية.

وإذن الله الشرعي متحقق بلا شك، وذلك أن الله أمر أن يطاع أمره وأن يتبع رسوله ﷺ وهذا داخل في الآية الكريمة فلا يقع من أحد شيء إلا بإرادة الله وإذنه كونًا؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد، فالمقصود أن المعنيين داخلان في الآية، والله أعلم.

يعني: لا يطيعهم إلا من وفقته لذلك كقوله: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ [سورة آل عمران:152] أي: عن أمره وقدره ومشيئته وتسليطه إياكم عليهم.

قوله تعالى: إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ [سورة آل عمران:152] الحس هو القتل الذريع والاستئصال.

وقوله: بِإِذْنِهِ [سورة آل عمران:152] أي الإذن الكوني، وذلك بأن يكون الله قد قدر ذلك وأذن بوقوعه كونًا، وأذن أيضًا بفعله شرعًا؛ وذلك أن الله أمر بذلك فهو الذي أمر بجهادهم.

وهذه الآية كقوله –تبارك وتعالى: مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ [سورة الحشر:5] واللينة هي النخلة وبعضهم يقول: العجوة، وبعضهم يقول: سائر النخل البرني وهو نوع من النخيل في المدينة، وبعضهم يقول: الفسيل الصغير.

وهذا الأمر حصل لما حاصر المسلمون يهود بني النضير حيث قطع بعض المسلمين بعض النخيل أو أحرقوها، فغاظ ذلك اليهود وأرباب النخيل الذين يهتمون بالنخيل ويحبونها كما قال الألوسي: حدثني بعض أصحاب النخيل أنه يؤثِر أن تقطع بنانه ولا يقطع شيء من عسيب النخلة، وهذا مشاهد في الذين يولعون بالنخيل ويحبونها حيث يمكن أن يكون موت ولده أسهل عليه من قطع النخلة. 

والمقصود أن هذا الفعل غاظ اليهود فتكلموا في حق النبي ﷺ وقالوا: أنت جئت بالإصلاح، وجئت تدعو للإصلاح، فكيف هذا الإحراق والقطع للنخيل؟ فرد الله عليهم بقوله: مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ [سورة الحشر:5] وكانت هذه الآية أيضًا جوابًا للصحابة الذين اختلفوا في هذا حيث قال بعضهم: كيف تقطع هذه النخيل وهي ستؤول للمسلمين؟ وقال بعضهم: بل تقطع لأنها الآن في حوزة اليهود فقطعها نكاية لهم.

وقوله: فَبِإِذْنِ اللَّهِ إذا قلنا: إن الإذن هنا هو الإذن الشرعي فهذا يفهم منه أن هذا الفعل يجوز ما دام في ذلك نكاية بهم وإن لم تكن تلك المزارع وما شابهها من آلات الحرب بالنسبة للكفار، وإذا فسر بالإذن الكوني -يعني إلا بقدر الله فلا يفهم من الآية جواز ذلك. 

لكن الأقرب -والله أعلم- أن الآية تفسر بالمعنيين، أي أن الذي وقع من قطع النخيل أذن الله به كونًا وأذن به شرعًا، فيجوز بهذا الاعتبار أن يفعل ما فيه نكاية بالكفار إذا حاصرهم المسلمون إلا إذا كان ذلك بطريق محرم كإحراق الناس بالنار فهذا لا يجوز، وكذلك لا يجوز استخدام السلاح الذي يستعمل قصدًا وابتداءً في الإحراق بخلاف ما حصل الإحراق فيه من غير قصد أو ليس من شأنه الإحراق أصلًا وإنما حصل تبعًا، ولذلك فالرصاص وإن كان حارًا إلا أنه يجوز استعماله لأنه ليس من شأنه الإحراق، ولا يجوز استعمال الأدوات المحرقة حتى لقتل الذباب والبعوض وإن لم يكن فيها نار ظاهرة؛ لأن نتيجتها الإحراق، ولا يعذب بالنار إلا رب النار، والله أعلم.

والخلاصة أن قوله تعالى: مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ [سورة الحشر:5] يؤخذ منه أنه في حال محاربة الكفار ومقاتلتهم أو محاصرتهم يجوز إتلاف أموالهم، وضرب المنشآت العسكرية والحيوية مثل محطة المياه ومحطة الكهرباء وما أشبه ذلك إذا كان في ذلك نكاية بهم، وهذا الأمر يكون شرعيًّا عندما يكون الجهاد شرعيًّا ضد الكفار وليس في حال الإفساد في الأرض الذي يقع من بعض من يفسد ويسمي إفساده في الأرض جهادًا.

وقوله: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ الآية [سورة النساء:64] يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول ﷺ فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم، ولهذا قال: لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا [سورة النساء:64].

وقوله: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [سورة النساء:65] يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّم الرسول ﷺ في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنًا وظاهرًا.

قوله: فَلاَ وَرَبِّكَ “لا” هذه تحتمل أن تكون عائدة إلى شيء مقدر محذوف كما يقال في قوله تعالى: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:1] وقوله: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [سورة القيامة:1] يعني: لا لما تقولون وتزعمون، ثم قال: أقسم بيوم القيامة، هذا احتمال ذكره بعض أهل العلم، وعليه يكون التقدير هنا في قوله: فَلاَ أي ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك، ثم أقسم فقال: وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وهذا الذي ذهب إليه ابن جرير الطبري -رحمه الله.

وهناك طريقة معروفة لكثير من أهل العلم في تفسير مثل هذه الآية لِما كان القسم فيه مسبوقًا بلا النافية وذلك أنهم يقولون: إنما هذا لتقوية القسم وتأكيده، فقوله: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [سورة القيامة:1]، أي: أقسم بيوم القيامة، وقوله: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:1] أي: أقسم بهذا البلد، وإن كانت الآيات تتفاوت من حيث قوة هذا التفسير في بعض المواضع وضعفه في مواضع أخرى. 

فقوله تعالى: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:1] تحتمل أن تكون “لا” نافية للقسم، أي أن الله نفى أن يقسم بهذا البلد الذي هو مكة، وأنت أي: يا محمد حالٌّ بهذا البلد الذي هو المدينة، أي أن الله يقول: لا أقسم بمكة وأنت خارج عنها، وهذا قول لبعض السلف وإن كان هذا القول عليه إشكالات. 

لكن ليس المقصود هنا بيان الراجح في هذا المثال، وإلا فالأقرب أن قوله: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:1] أي أقسم بهذا البلد الذي هو مكة، وقوله: وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ [سورة البلد:2] أي بمكة، وهذا إشارة إلى ما سيكون بعد ذلك وقد كان، فالنبي ﷺ قال: أحلت لي ساعة من نهار[14] فيكون البلد في الموضعين من السورة هو مكة والله أعلم؛ لأن السبب من الناحية اللغوية التصريفية أن حِل لا تأتي بمعنى حالّ يعني نازل،  وإنما هو بمعنى الإحلال الذي هو ضد الحرمة، وليس الحلول بمعنى النزول وإلا لقال: وأنت حال بهذا البلد.

وقوله: فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [سورة النساء:65] أي فيما اختلفوا فيه، فإذا اختلف الناس اختلطت الآراء والأقوال والمذاهب وما إلى ذلك وهذا يؤدي إلى الشر والفساد، ولهذا قال النبي ﷺ: ويكثر الهرج[15] فالهرج فسر بأن المراد به الاختلاف، وفسر بأن المراد به القتل، فتفسيره بالاختلاف لا يعارض تفسيره بالقتل؛ لأن القتل نتيجته، فإذا وقع الخلاف بين الناس والشر حصلت آثاره ونتائجه من القتل ونحوه. 

فالحاصل أن قوله: فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [سورة النساء:65] أي: فيما اختلفوا فيه واختلط من الآراء والمذاهب والأقوال وما أشبه ذلك، ولهذا قيل للشجر شجر؛ لاختلاف الفروع والأغصان وتداخلها، وهذا معنىً معروف في كلام العرب، ومنه قول طرفة بن العبد:

وهم الحكام أرباب الهدى وسعاة الناس في الأمر الشجر
ولهذا قال: ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [سورة النساء:65] أي: إذا حكَّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجًا مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليمًا كليًا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة.

الحرج فسره بعض السلف بالضيق، أي لا يجدوا في أنفسهم ضيقًا وتبرمًا من حكمك، وفسره بعضهم بالشك، وفسره بعضهم بغير هذا من المعاني كالإثم، والإثم نتيجة لما يقع من الشك أو الضيق، فهذه المعاني يمكن أن تجتمع فيكون المراد بقوله: لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ أي لا يجدون في أنفسهم غضاضة ولا شكًا ولا تبرمًا ولا ضيقًا ولا ضجرًا ولا ترددًا من هذا الحكم الذي حكمت به بينهم، هذا جمْعٌ بين هذه العبارات التي قالها السلف ويكون اختلافهم في تفسير ذلك بهذا الاعتبار من اختلاف التنوع، يعني اختلاف العبارة والمعنى واحد، والجمع بين هذه الأقوال هو الذي ذهب إليه ابن جرير -رحمه الله.

وروى البخاري عن عُرْوَة قال: خاصم الزبير رجلًا في شراج من الحَرَّة...

الحرة هي الحجارة السوداء التي تسمى الآن الحجارة البركانية، فالمدينة تحيط بها الحرار الثلاث من الجنوب ومن الشرق ومن الغرب، وشراج الحرة يعني: مسائل الماء فيها، ومن يعرف المدينة يعرف هذا، فقد كانوا يزرعون في نواحي هذه الحرة حيث يوجد فيها مجال، وفي علوم الزراعة أن الأرض البركانية تكون خصبة صالحة للزراعة، فإذا وجدت مساحات بين هذه الصخور ولو صغيرة فكلٌّ يزرع في المساحة الخاصة به، فيمر الماء بهؤلاء فيتخاصمون عليه حيث إن الذي يمر عليه أولًا لا يريد أن يفوت الماء حتى يستقي ويرتوي الزرع فيحجزه حتى يستقي زرعه ثم بعد ذلك يرسله، والذي بعده يقول: اترك الماء على سجيته لا تحبسه حتى يرتوي الزرع الذي عندك، فاختصموا إلى النبي ﷺ.

وروى البخاري عن عُرْوَة قال: خاصم الزبير رجلًا في شِراجٍ من الحَرَّة فقال النبي ﷺ: اسق يا زُبير ثم أرْسل الماء إلى جارك[16].

يعني أن النبي ﷺ أمر الزبير بالفضل فقال: اسق يا زُبير ثم أرْسل الماء إلى جارك فكأنه يقول: لا تحبسه عنه حبسًا يتضرر به؛ بل راعي حاله، وأرسل الماء إليه بعد أن تأخذ حاجتك منه.

فقال الأنصاري: يا رسول الله، أنْ كان ابن عمتك؟

قول الأنصاري: “أنْ كان ابن عمتك؟“ أي من أجل أنه ابن عمتك حابيته فحكمت بهذا الحكم؟ يقول هذا القول مع أن حكمه –عليه الصلاة والسلام- كان عدلًا مع فضل، فهو لم يأمر الزبير أن يستوفي حقه ومع ذلك قال هذا الأنصاري ما قال.

فَتَلَوَّن وجه رسول الله ﷺ ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدْر، ثم أرسل الماء إلى جارك..

أمره أولًا بالفضل فلما قال ذلك الرجل ما قال أمر النبي ﷺ الزبير بالعدل، فحكمه الأول في غاية العدل لكنه عدل مع فضل، أما هنا فأمر الزبير أن يستوفي حقه حتى يرجع الماء إلى الجدر، ثم بعد ذلك يرسله إلى جاره بعد أن يستوفي حقه، فدل على أن حبس الماء حتى يستوفي كان من حق الزبير .

واستوعى النبي ﷺ للزبير حَقّه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار عليهما ﷺ بأمر لهما فيه سعة، قال الزبير: فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ الآية [سورة النساء:65].

سبب آخر:

روى الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن دُحَيْم في تفسيره عن ضَمْرَة أن رجلين اختصما إلى النبي ﷺ فقضى للمحق على المبطل، فقال المقضيّ عليه: لا أرضى، فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصديق، فذهبا إليه، فقال الذي قُضي له: قد اختصمنا إلى النبي ﷺ فقضى لي، فقال أبو بكر: فأنتما على ما قضى به رسول الله ﷺ فأبى صاحبه أن يرضى، قال: نأتي عمر بن الخطاب، فأتياه، فقال المقضي له: قد اختصمنا إلى النبي ﷺ فقضى لي عليه، فأبى أن يرضى، فسأله عمر بن الخطاب فقال: كذلك، فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده قد سَلَّه، فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله، فأنزل الله: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ الآية [سورة النساء:65].

هذه الرواية قال فيها: عن ضمرة أن رجلين اختصما إلى النبي ﷺ فهي رواية مرسلة، والمرسل من أنواع الضعيف، وفيها علة أخرى أيضًا في الإسناد، والمتن أيضًا لا يخلو من إشكال، إذ كيف يحق لعمر أن يقدم على قتل الرجل، والنبي ﷺ هو الذي له الولاية، فهو الذي يأمر بالقتل ولا يكون ذلك لآحاد الناس مهما كانت منزلته، فلا يُظن هذا بعمر وقد وردت روايات في هذا المعنى أن رجلين احتكما إلى النبي ﷺ ثم إلى أبي بكر ثم إلى عمر، وفي بعض هذه الروايات ليس فيها القتل، لكن عامة هذه الروايات مراسيل، فالله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

  1. أخرجه أبو داود في كتاب الإجارة - باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده (3537) (ج 3 / ص 313) والترمذي في كتاب البيوع – باب 38 (1264) (ج 3 / ص 564) كلاهما عن أبي هريرة وأخرجه أحمد عن حميد عن رجل من أهل مكة يقال له يوسف عن أبيه (15462) (ج 3 / ص 414) وصححه الألباني في المشكاة برقم (2934).
  2. أخرجه أحمد (8741) (ج 2 / ص 363) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (1588).
  3. أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام - باب التغليظ في الحيف والرشوة (2312) (ج 2 / ص 775) ولفظه: إن الله مع القاضي.. وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (1826).
  4. أخرجه البخاري في كتاب التفسير - باب تفسير سورة النساء (4308) (ج 4 / ص 1674) ومسلم في كتاب الإمارة – باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1834) (ج 3 / ص1465).
  5. أخرجه البخاري في كتاب الأحكام - باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (6726) (ج 6 / ص 2612) ومسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1840) (ج 3 / ص 1469).
  6. أخرجه البخاري في كتاب الأحكام - باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (6725) (ج 6 / ص 2612) ومسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1839) (ج 3 / ص 1469).
  7. أخرجه البخاري في كتاب الفتن - باب قول النبي ﷺ: سترون بعدي أمورًا تنكرونها (6647) (ج 6 / ص 2588) ومسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1709) (ج 3 / ص 1469).
  8. أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة - باب إمامة العبد والمولى (661) (ج 1 / ص 246).
  9. أخرجه مسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1838) (ج 3 / ص 1468).
  10. صحيح مسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1838) (ج 3 / ص 1468) بلفظ: عبدًا حبشيًا مجدعًا وفي آخر: مجدع الأطراف (1837) (ج 3 / ص 1467).
  11. أخرجه البخاري في كتاب الأحكام – باب قول الله تعالى: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [سورة النساء:59] (6718) (ج 6 / ص 2611) ومسلم في كتاب الإمارة - باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (1835) (ج 3 / ص 1466).
  12. سبق تخريجه.
  13. أخرجه مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان - باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير (1934) (ج 3 / ص 1534).
  14. أخرجه البخاري في كتاب الديات - باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين (6486) (ج 6 / ص 2522) ومسلم في كتاب الحج - باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (1355) (ج 2 / ص 988).
  15. أخرجه البخاري في كتاب العلم - باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (85) (ج 1 / ص 44) ومسلم في كتاب العلم - باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان (157) (ج 4 / ص 2056).
  16. أخرجه البخاري في كتاب التفسير - باب تفسير سورة النساء (4309) (ج 4 / ص 1674) ومسلم في كتاب الفضائل - باب وجوب اتباعه ﷺ (2357) (ج 4 / ص 1829).

مواد ذات صلة