الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
[16] تتمة تفسير قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} الآية 32
تاريخ النشر: ١٠ / صفر / ١٤٢٧
التحميل: 2364
مرات الإستماع: 2313

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المفسر -رحمه الله تعالى:

وقوله تعالى: أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ [سورة المائدة:33] قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس -ا- في الآية: من شهر السلاح في فئة الإسلام، وأخاف السبيل ثم ظُفر به وقدر عليه فإمام المسلمين فيه بالخيار، إن شاء قتله وإن شاء صلبه وإن شاء قطع يده ورجله، وكذا قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك، وروى ذلك كله أبو جعفر بن جرير.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ [سورة المائدة:33] لفظة "أو" تحتمل أن تكون للتخيير، وعلى هذا جرى القول الأول، وهو قول ابن عباس ومن وافقه هنا، أي أن الإمام يخير فيهم بحسب ما يراه من المصلحة، والتخيير في مثل هذه القضايا لا يكون للتشهي وإنما يكون بمراعاة المصلحة، كما لو أنه مثلًا قد كثر ذلك وخشي من تفاقمه فإنه قد يحتاج إلى الصلب مع القتل لكون ذلك أبلغ في كف الناس وردعهم عن مثل هذا. 

وهكذا لو أن الإفساد الذي فعله هؤلاء كان إفسادًا كثيرًا فقد يُحتاج إلى صلبهم مع القتل، وقد يُكتفى بنفيهم، فالكلام في "أو" هذه، من قال: إنها للتخيير، قال: الإمام مخير فيهم، ومن قال: إنها للتقسيم قال: إنه إن فعلوا كذا قتلوا، وإن فعلوا كذا صلبوا مع القتل، وإن فعلوا كذا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وهكذا، بحسب الجرم، وأصحاب هذا القول اختلفوا في التفاصيل متى يجمع لهم بين القتل والصلب، ومتى يكتفى بالنفي أو غير ذلك، فهم غير متفقين على تفاصيل هذه القضية.

وفي قوله: أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ [سورة المائدة:33] العلماء مختلفون أيضًا في الصلب هل هو بعد القتل، بحيث يقتل ثم يصلب ليراه الناس، أو أنه يصلب وهو حي ولا يطعم ولا يسقى، فبعضهم يقول: يرمى بسهم، وبعضهم قال غير ذلك، وعلى كل حال هم نظروا إلى اعتبارات معنيّة، فمن قال: إنه يقتل ثم يصلب، قال: إن النبي ﷺ قال: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة[1] وصلْبه قبل القتل ومنْعه من الطعام والشراب لا يسوغ في الشرع، وفي الحديث: دخلت امرأة النار في هرة[2] وما أشبه ذلك.

ومستند هذا القول أن ظاهر "أو" للتخيير كما في نظائر ذلك من القرآن، كقوله في جزاء الصيد: فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [سورة المائدة:95] وكقوله في كفارة الفدية: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [سورة البقرة:196] وكقوله في كفارة اليمين: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [سورة المائدة:89] هذه كلها على التخيير، فكذلك فلتكن هذه الآية.

بهذا الاعتبار يكون قد فسر هذه اللفظة بما هو الغالب في استعمالها في القرآن، فيكون هذا من المرجحات، وإلا فإن "أو" تأتي لعدة معانٍ في كلام العرب وفي القرآن، كما في قوله تعالى: وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى [سورة البقرة:111] فهنا "أو" ليست للتخيير قطعًا؛ لأن اليهود يكفِّرون النصارى، والنصارى يكفِّرون اليهود، وكل طائفة تقول عن الطائفة الثانية إنها لا تدخل الجنة، فـ"أو" هنا للتقسيم؛ لأن اليهود يقولون: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديًا، والنصارى يقولون: لا يدخلها إلا من يكون نصرانيًا، فـ"أو" للتقسيم، لكن مِن طرق الترجيح في التفسير أن تفسر الآية أو الكلمة أو التركيب أو الحرف بما هو الغالب في استعماله في القرآن، وهذا الذي قصده الحافظ ابن كثير -رحمه الله. 

وعلى كل حال مثل ابن جرير الطبري -رحمه الله- يرى أن ذلك يكون بحسب جرمه، فإن كان جرمه كبيرًا قتل وصلب، وإن كان جرمه دون ذلك فإنه قد يُكتفى بالقتل، وقد تقطع يده ورجله من خلاف، وقد يكتفى بنفيه.

وأما قوله تعالى: أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ [سورة المائدة:33] قال بعضهم: هو أن يطلب حتى يقدر عليه فيقام عليه الحد أو يهرب من دار الإسلام، رواه ابن جرير عن ابن عباس وأنس بن مالك وسعيد بن جبير والضحاك والربيع بن أنس والزهري والليث بن سعد ومالك بن أنس.

يلاحظ هنا كثرة القائلين بهذا القول مع أنه ليس الظاهر المتبادر لقوله تعالى: أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ [سورة المائدة:33] وهذا القول -أي: طلبهم حتى يقدر عليهم أو يهربون بسبب المطاردة إلى غير بلاد المسلمين- معناه أنه لو تمكن منهم فإنه لا مجال لنفيهم، وهذا فيه إشكال؛ لأن الله ذكر عقوبتهم بأنها القتل أو الصلب أو تقطع أيديهم وأرجلهم أو ينفوا من الأرض، فكون هؤلاء يُطلبون فليست هذه هي العقوبة، وإنما ذلك من أجل إقامة حكم الله  فيهم، وحكم الله فيهم هو الأمور المذكورة في الآية ومنها النفي.

وقال آخرون: هو أن ينفى من بلده إلى بلد آخر، أو يخرجه السلطان أو نائبه من معاملته بالكلية.

قوله: "أن ينفى من بلده إلى بلد آخر" يعني يُخرج من بلاد المسلمين، أي يُخرج من هذه المدينة إلى مدينة أخرى، وهذا نوع من التعذيب، والله جعل ذلك قرينًا للقتل كما في قوله تعالى: ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ [سورة البقرة:85]، ويقول تعالى في بني النضير: وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا [سورة الحشر:3] فالإخراج من الأوطان لا شك أنه نوع من التعذيب، فعقوبة المحارب أن ينفى من بلده إلى بلد آخر.

يقول: "أو يخرجه السلطان من معاملته" يعني من البلاد التي تحت يده، فإذا كان الحاكم هذا هو الخليفة -وهو واحد- فليس وراء بلاده إلا بلاد الكفار، لكن هذا أيضًا قد لا يخلو من إشكال؛ لأن إخراجه إلى بلاد الكفار هو فتنة له أيضًا، ولهذا نهى النبي ﷺ أن تقام الحدود في أرض العدو؛ لئلا نضطر هذا الإنسان إلى الجنوح إليهم والالتجاء بهم، فيترتب على ذلك ما هو أعظم.

وقال سعيد بن جبير وأبو الشعثاء والحسن والزهري والضحاك ومقاتل بن حيان: إنه ينفى ولا يخرج من أرض الإسلام، وقال آخرون: المراد بالنفي هاهنا السجن.

الذين يقولون: إن المراد بالنفي هاهنا السجن يعنون أننا بسجنه كأننا أخرجناه من سعة الدنيا إلى ضيقها، وهذا القول وإن قال به بعض أهل العلم وقال به أبو حنيفة أيضًا في موضع آخر عند الكلام على التغريب في حديث: والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام[3] فهذا فيه بعد، والحاصل أنهم رأوا أن السجن هو نفي له من الأرض إلى مكان لا يرى فيه أحدًا ولا يراه الناس فيستريحون من شره.

وذهبت طائفة -منهم الإمام مالك وابن جرير والقرطبي صاحب التفسير وغيرهم- إلى أنه ينفى إلى بلد آخر ويحبس فيها، وكأنهم نظروا إلى إنه إن نفي إلى بلد آخر فحسب فإن شره قد لا يتوقف وقد لا يحصل المقصود، لذلك قالوا: يُحبس هناك، لكن يقال: هذا لا دليل عليه؛ لأن الله إنما قال: أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ فقط، لكن مثل هذا الإنسان العاتي المتمرد إذا نفي من بلد إلى بلد فقد يمارس أعمالًا هناك ويقطع الطريق في أي مكان، وليس عنده إشكال أصلًا؛ لأن من يفعل هذه الأشياء غالبًا ليس عنده شيء يخسره أصلًا، ولا هو خائف عليه، فأي مكان يذهب إليه سيقوم بعمله ذلك من قطع الطريق ونحو ذلك.

فالحاصل أن مثل هذه الأمور ينظر فيها للمصلحة، فإذا عُلم أن هذه الإنسان إذا نفي إلى بلد آخر ينكفُّ شره ويرتدع ويرى أن هذه عقوبة قد نزلت به، ويكون ذلك سببًا لصلاح حاله وتوبته فلا يقال بسجنه، ومن علم من حاله أنه إن نفي إلى بلد آخر سيفرح بهذا ويسر، وسيدخل في ساحة جديدة يقوم فيها بأعمال مشابهة وما أشبه هذا، فمثل هذا يحبس، والله أعلم.

وقوله تعالى: ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [سورة المائدة:33] أي: هذا الذي ذكرته من قتلهم ومن صلبهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ونفيهم خزي لهم بين الناس في هذه الحياة الدنيا مع ما ادخر الله لهم من العذاب العظيم يوم القيامة، وهذا يؤيد قول من قال: إنها نزلت في المشركين، فأما أهل الإسلام ففي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت قال: أخذ علينا رسول الله ﷺ كما أخذ على النساء، أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يَعْضَه بعضنا بعضًا.

قوله: "ولا يَعْضَه بعضنا بعضًا" يعني لا يرمي بعضنا بعضًا بالبهتان.

فمن وفى منكم فأجره على الله تعالى ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب فهو كفارة له، ومن ستره الله فأمْره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.

وعن علي قال: قال رسول الله ﷺ: من أذنب ذنبًا في الدنيا فعوقب به فالله أعدل من أن يثني عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنبًا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود عليه في شيء قد عفا عنه رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي: حسن غريب، وقد سئل الحافظ الدارقطني عن هذا الحديث فقال: روي مرفوعًا وموقوفًا، قال: ورفعه صحيح[4].

وقال ابن جرير في قوله: ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا [سورة المائدة:33] يعني شر وعار ونكال وذلة وعقوبة في عاجل الدنيا قبل الآخرة.

وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [سورة المائدة:33] أي إذا لم يتوبوا من فعلهم ذلك حتى هلكوا لهم في الآخرة مع الجزاء الذي جازيتهم به في الدنيا والعقوبة التي عاقبتهم بها فيها، عَذَابٌ عَظِيمٌ يعني عذاب جهنم.

وقوله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المائدة:34] أما على قول من قال: إنها في أهل الشرك فظاهر، وأما المحاربون المسلمون فإذا تابوا قبل القدرة عليهم فإنه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرجل، وظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عمل الصحابة -

كما روى ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة وكان قد أفسد في الأرض وحارب، فكلم رجالًا من قريش منهم الحسن بن علي وابن عباس وعبد الله بن جعفر فكلموا عليًا -رضي الله تعلى عنه- فيه فلم يؤمنه، فأتى سعيد بن قيس الهمداني فخلفه في داره، ثم أتى عليًا فقال: يا أمير المؤمنين، أرأيت من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادًا فقرأ حتى بلغ: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:34] قال: فكتب له أمانًا، قال سعيد بن قيس: "فإنه حارثة بن بدر" وكذا رواه ابن جرير.

على كل حال فإن من أهل العلم من نقل الإجماع على أن الإمام هو ولي بهذه القضية، وأن المسألة لا يتوقف النظر فيها أو العفو أو العقوبة بناء على من وقع عليه الضرر من آحاد الناس، فلو أن أصحاب الحقوق الخاصة عفوا، فهذا عفا عمن قتل وهذا عفا عمن أخذ ماله وهذا عفا عمن جرحه فإن هذا لا يعفي هذا الإنسان المحارب، وكذلك لو أنه تاب قبل القدرة عليه فإنه لا يطالب بشيء لا بمال ولا بقصاص ولا غير ذلك؛ فالآية عامة إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ [سورة المائدة:34] ولو أنه ما تاب فأُخذ وعفا عنه أصحاب الحقوق وقالوا: نحن لا نطالبه بشيء، فإن ذلك لا ينفعه بل يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض بحسب ما يحكم به الإمام.

روى ابن جرير عن عامر الشعبي قال: جاء رجل من مَراد إلى أبي موسى وهو على الكوفة، في إمارة عثمان بعدما صلى المكتوبة فقال: يا أبا موسى، هذا مقام العائذ بك، أنا فلان بن فلان المرادي، وإني كنت حاربت الله ورسوله وسعيت في الأرض فسادًا، وإني تبت من قبل أن تقدروا عليّ، فقام أبو موسى فقال: إن هذا فلان بن فلان وإنه كان حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادًا، وإنه تاب من قبل أن نقدر عليه، فمن لقيه فلا يعرض له إلا بخير، فإن يك صادقًا فسبيل من صدق، وإن يكن كاذبًا تدركه ذنوبه، فأقام الرجل ما شاء الله ثم إنه خرج فأدركه الله تعالى بذنوبه فقتله.

ثم روى ابن جرير عن موسى بن إسحاق المدني أن عليًا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال، فطلبه الأئمة والعامة فامتنع ولم يقدروا عليه حتى جاء تائبًا، وذلك أنه سمع رجلًا يقرأ هذه الآية: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [سورة الزمر:53] فوقف عليه فقال: يا عبد الله، أعد قراءتها، فأعادها عليه، فغمد سيفه ثم جاء تائبًا حتى قدم المدينة من السحر، فاغتسل ثم أتى مسجد رسول الله ﷺ فصلى الصبح ثم قعد إلى أبي هريرة في غمار أصحابه، فلما أسفروا عرفه الناس فقاموا إليه، فقال: لا سبيل لكم عليّ، جئت تائبًا من قبل أن تقدروا عليّ، فقال أبو هريرة: صدق، وأخذ بيده حتى أتى مروان بن الحكم، وهو أمير على المدينة في زمن معاوية، فقال: هذا عليٌّ جاء تائبًا، ولا سبيل لكم عليه ولا قتل، فتُرك من ذلك كله.

قال: وخرج عليٌّ تائبًا مجاهدًا في سبيل الله في البحر فلقوا الروم، فقربوا سفينته إلى سفينة من سفنهم فاقتحم على الروم في سفينتهم فهربوا منه إلى شقها الآخر، فمالت به وبهم فغرقوا جميعًا.

  1. أخرجه مسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان - باب الأمر بإحسان الذبح والقتل وتحديد الشفرة (1955) (ج 3 / ص 1548).
  2. أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق - باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم (3140) (ج 3 / ص 1205) ومسلم في كتاب التوبة - باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (2619) (ج 4 / ص 2109).
  3. أخرجه مسلم في كتاب الحدود - باب حد الزنى (1690) (ج 3 / ص 1316).
  4. أخرجه ابن ماجه في كتاب الحدود- باب الحد كفارة (2604) (ج 2 / ص 868) وأحمد (775) (ج 1 / ص 99) وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن وأما العلامة الألباني فضعفه في سنن ابن ماجه برقم (2604).

مواد ذات صلة