الخميس 19 / جمادى الأولى / 1446 - 21 / نوفمبر 2024
(15- ا) حرف الباء من قوله بل إلى حرف الثاء قوله ثم
تاريخ النشر: ٠٦ / صفر / ١٤٣٦
التحميل: 2669
مرات الإستماع: 2999

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير التسهيل لابن جُزي

معاني اللغات (الغريب)

(15- أ) حرف الباء من قوله: بل إلى حرف الثاء قوله: ثُمّ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد: فاللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين، والمستمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: بل: معناها: الإضراب عما قبلها.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن "بل" هذه: تأتي بمعنى: الإضراب، وهذا الإضراب على أنواع:

فإن كان الذي بعدها جملة كان معنى الإضراب: إما للإبطال، إضراب إبطالي، كما في قول الله -تبارك وتعالى-: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَالأنبياء: 26، فهذا: للإبطال، يعني: "بل عباد" إبطال لما قبلها، وكذلك في قوله -تبارك وتعالى-: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ أي: جنون، بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّالمؤمنون: 70، فهذا إبطال لقولهم.

وإما أن يأتي أيضاً الإضراب للانتقال من غرض لآخر، ويسمونه: الإضراب الانتقالي، يعني: إن كان المقصود إبطال الجملة التي قبله، فهو: إضراب إبطالي، وإن كان المقصود: الانتقال من موضوع لآخر، ونحو ذلك فهذا: انتقالي، كقوله -تبارك وتعالى-: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىالأعلى: 14-17، فانتقل من حديث لآخر، وهكذا أيضاً: وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا المؤمنون: 62-63، يعني: "بل" ليست هنا لإبطال ما قبلها، وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فليس المقصود هو إبطال هذا، وإنما انتقل إلى أمر آخر بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا، أخبر عن قلوب هؤلاء الذين لا يؤمنون، وهي -على كل حال- في ذلك تكون حرف ابتداء، وليست عاطفة، وليس هذا محل اتفاق أيضاً.

وإن جاء بعدها مفرد، فهي: عاطفة، ثم إن تقدمها أمر أو إيجاب يعني: كلام مثبت، ليس بمنفي، كما تقول: اضرب زيداً بل عمرًا، قام زيد بل عمرو، ففي هذه الحال تكون للإضراب

 

وإن جاء بعدها مفرد، فهي: عاطفة، ثم إن تقدمها أمر أو إيجاب يعني: كلام مثبت، ليس بمنفي، كما تقول: اضرب زيداً بل عمرًا، قام زيد بل عمرو، ففي هذه الحال تكون للإضراب

 

، يعني: هي: تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه، فلا يُحكم عليه بشيء، ولكن تثبت الحكم لما بعدها، اضرب زيداً بل عمرًا، فهذا الذي جاء بعدها مفرد، يعني: ليس بجملة.

وإن تقدمها نفي أو نهي، فهي: لتقرير ما قبلها على حالته، وجعل ضده لما بعدها، مثل قولك: ما قام زيد بل عمرو، أنت في هذا قررت ما قبلها: أنه ما قام، وجعلت ضده لما بعدها، فأثبتَّ القيام لما بعدها، وهو عمرو، ما قام زيد بل عمرو، وكذلك لو تأملت الأمثلة في القرآن، فإنك تجد ذلك على هذه الأنواع، وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ البقرة: 88، أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَالبقرة: 100، وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَالبقرة: 116، وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَالأنبياء: 26، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُالنساء: 49، قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ الأنبياء: 62-63.

قال -رحمه الله تعالى-: الباء: للإلصاق، ولنقل الفعل في التعدي، وللقسم، وللتعليل، وللمصاحبة، وللاستعانة، وظرفية، وزائدة.

الباء: تأتي لهذه المعاني، وتأتي أيضاً لغيرها، وقد يرجع بعض ما يُذكر من المعاني إلى بعض، فبعضهم يذكر في هذا -يعني من المعاني- أشياء كثيرة، حتى أوصلها بعضهم إلى ثلاثة عشر معنى للباء، لكن -كما سبق- عند التأمل فإن بعض هذه المعاني يرجع إلى بعض.

فهنا يقول -رحمه الله تعالى- بأنها تأتي للإلصاق، هذا المعنى لا يفارقها؛ ولهذا اقتصر عليه سيبويه -رحمه الله-، اقتصر على هذا المعنى: أنها للإلصاق، فهو: من أخص معانيها، وأشهرها، ويمكن أن نمثل للإلصاق بقوله -تبارك وتعالى-: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ المائدة: 6، باعتبار: أنها للإلصاق، مع أن هذا ليس محل اتفاق، فمعلوم أن من أهل العلم من يقول: إنها للتبعيض، وبنى على هذا: أنه يصح مسح بعض الرأس، ويُجزئ في الوضوء.

ومن هذه المعاني التي ذكرها أيضاً قال: ولنقل الفعل في التعدي، هذه التي يسمونها: باء التعدية، ويقال لها أيضاً: باء النقل، وهي: المعاقبة للهمزة بتصيير الفاعل مفعولاً، وأكثر ما تُعدي الفعل اللازم بطبيعة الحال، كقوله -تبارك وتعالى-: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْالبقرة: 17، فهي: معاقبة للهمزة في: أذهب الله نورهم،  فذهب: من الأفعال اللازمة، فلما عُدي بالباء هنا صار: ذهب الله بنورهم، أي: أزاله، وأبطله، وأطفأه.

يقول: وللقسم، وهذه مشهورة، باء القسم، كقوله -تبارك وتعالى-: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْالأنعام: 109، وهذا المعنى لا يحتاج إلى وقوف، وكثرة تمثيل؛ لأنه مشهور، ومعلوم لا يخفى.

وكذلك يقول: وللتعليل، هذه التي يسمونها: باء السببية، إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ البقرة: 54، ما السبب؟ ما علة هذا الظلم؟ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ، فهذه: باء التعليل، فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِالعنكبوت: 40، فهذه: باء السببية، والتعليل.

يقول: وللمصاحبة، المصاحبة مثل قوله -تبارك وتعالى-: اهْبِطْ بِسَلامٍهود: 48يعني: مستصحباً أو مصاحباً السلام، يعني: اهْبِطْ بِسَلامٍهود: 48أي: معه، وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِالمائدة: 61أي: مصاحبين له، فهذه: للمصاحبة.

كذلك أيضاً يقول: وللاستعانة، هذه التي تكون للاستعانة هي: التي تدخل على آلة الفعل، يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْالبقرة: 79، ما هي آلة الكتابة؟ اليد، يكتبون الكتاب مستعينين بأيديهم.

يقول: وظرفية، الظرفية مثل: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍآل عمران: 123، لا شك أن الحرف الأعلق في الظرفية هو "في"، ولكن كما هو معلوم بأن حروف الجر تتناوب، يعني: مثلاً: حينما تقول: أنا أدرس بجامع الدعوة، الجملة صحيحة، فإن الباء هنا: للظرفية، لكن ما هو الأدق؟ ما هو الحرف الأعلق بالظرفية، والذي هو أصل فيها؟ هو "في"، تقول: أنا أدرس في جامع الدعوة، والناس يقولون هكذا مثلاً: أدرس بجامع الدعوة بالدمام، هذه الجملة صحيحة، ولكن الذي هو أفصح، وأكمل أن يقول: أنا أدرس في جامع الدعوة في الدمام؛ لأن "في" أصل في الدلالة على الظرفية، أو أصل في معنى: الظرفية، ومثلاً حينما تريد أن تقول: أنا أدرس بجامعة كذا بمدينة كذا، هذا صحيح، لكن الأفصح أن تأتي بفي، أدرس في جامعة كذا في مدينة كذا، فتأتي بفي، وكثيراً ما تُستعمل الباء.

فعلى كل حال: يقول تعالى: نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍالقمر: 34، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍآل عمران: 123، هنا: هذا ظرف مكان، وقوله: نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍالقمر: 34ظرف زمان.

يقول: وزائدة، وقد مضى الكلام على الزيادة، وهل يقال: إن في القرآن شيئاً زائداً؟ فمن أهل العلم من منع من هذا، وقال: هذا لا يليق مع القرآن، وأنه لا يوجد فيه زيادة، والذين يقولون بالزيادة هم لا يقصدون: أنها حشو في الكلام، فالقرآن ليس فيه حشو، وهو منزه بالاتفاق عن هذا، لا يوجد في القرآن كلمة واحدة ليس لها معنى، لا يوجد كلمة ليس لها معنى، والكلام: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، يعني: حروف المعاني مثل: حروف الجر هذه، هذا هو الكلام، أما حروف التهجي التي يقال لها: حروف المباني، التي تركب منها الكلمة، وتُبنى منها الكلمة فهذه ليست من هذه الثلاثة، ليست باسم، ولا فعل، ولا حرف جاء لمعنى، إنما هي: حرف مبنى، وهذه التي جاءت في أوائل بعض السور، الحروف المقطعة، مثل: الم البقرة: 1، فهذه: الراجح أنه ليس لها معنى في نفسها.

فهذه الباء يقولون: زائدة، وبعضهم يعبر بعبارات أليق، والمؤدى واحد، لكن من باب التأدب، كأن يقول بعض أهل العلم: صلة، ونحو ذلك مما تجدونه في كلامهم في كتب التفسير، وفي غيرها، فهو يتحرج من ذلك، فالزركشي -رحمه الله- في كتابه البحر المحيط في أصول الفقه، وهذا الكتاب من أوسع كتب الأصول، يذكر أنه لا يقال: زائد في القرآن في نحو موضعين من هذا الكتاب، وهكذا يجعل عنواناً: لا زائد في القرآن، وذكر هذا جماعة أيضاً، ولكن الجميع يقصدون أنها: زائدة إعراباً، وليست من قبيل الحشو، هم كلهم يقرون بأنها جاءت لمعنى، وأن زيادة المبنى لزيادة المعنى، فإذا كانت زيادة حرف في التشديد، أو نحو ذلك لها معنى، فكيف بحروف المعاني هذه؟.

فهذه الباء تزاد في مواضع، من ذلك: في الفاعل في التعجب، وغيره، كقوله: وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًاالنساء: 79، "بالله" فهنا: زائدة، وكذلك: تأتي مع المفعول: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِالبقرة: 195، أصلها: لا تلقوا أيديَكم، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ مريم: 25، أصلها لو بدون الباء: وهزي إليك جذعَ النخلة، وهكذا أيضاً تأتي مع المبتدأ، تقول: بحسبك كذا، بحسبك درهم، يعني: يكفيك، وكذلك مع الخبر وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ البقرة: 74، وكذلك مع الحال المنفي عاملها، لكن هذا النوع نادر، كقول الشاعر:

فما رجعتْ بخائبةٍ ركابٌ *** حكيمُ بنُ المُسيبِ منتهاها

يعني: مقصود هذه الركاب التي جاءت هذا الرجل طمعاً في نائله لن ترجع خائبة، فيمدحه من أجل أن يحصل على شيء من العطاء، كذلك أيضاً: التوكيد بالنفس والعين، تقول: ذهبت إليه بنفسي، رأيته بعيني، فتدخل هذه الباء التي يقولون لها: زائدة.

على كل حال: تأمل في هذه الأمثلة، في قوله -تبارك وتعالى-: وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْالمطففين: 30، طبعاً هناك معانٍ أخرى غير ما ذُكر، منها: المجاورة مثلاً، مررت بزيد، طفت بالكعبة، وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَالمطففين: 30، هذه يمكن أن تفسر أنها: للمجاورة، وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَآل عمران: 75، هذه ما نوعها؟ لتعدية الفعل، وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ، وقوله: عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَاالإنسان: 6، هذه يمكن أن تكون: آلة الفعل، يشرب بماذا؟ بالكأس، يشرب بالإناء؛ ولهذا قال أهل العلم من النحاة البصريين في يَشْرَبُ بِهَا: إن "يشرب" مضمن معنى فعل آخر يصح تعديته بالباء، يشرب أي: يرتوي بها، أو يلتذ بها، أما الكوفيون فإنهم يقولون بتناوب حروف الجر عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الإنسان: 6أي: منها، وعلى هذا لا تكون آلة للفعل، وإنما تكون للتعدية، لتعدية الفعل، يعني: لو الآن أقول مثلاً: شربت بالكأس، فالكأس هو: الآلة، آلة الفعل، كتبت بيدي، ولكن حينما يقال: إن الحرف مضمن معنى حرف آخر، فيشرب بها يعني: منها، فصارت للتعدية، تعدية الفعل اللازم.

وفي قوله -تبارك وتعالى-: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْالبقرة: 17، هذه للتعدية، وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَالبقرة: 54، هذه للسببية، وهكذا في أمثلة كثيرة جدًّا، ولها معانٍ -على كل حال- أخرى، كالمجاوزة مثلاً، يقولون: هذه تختص بالسؤال، كقوله: فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا الفرقان: 59، وبعضهم يقول: لا تختص به، يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ الحديد: 12، هذه ليس فيها ذكر السؤال، وهناك معنى آخر -كما يقولون- هو: الاستعلاء مثلاً، فبعضهم يمثل على هذا بقوله: مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍآل عمران: 75، وعلى كل حال: العلماء يختلفون في تفاصيل، وفي محامل هذه الباء في التطبيقات، والأمثلة، والله أعلم.

قال -رحمه الله تعالى-: حرف التاء.

تلا يتلو: له معنيان: قرأ، وتَبِع.

تلا: ابن فارس -رحمه الله- يُرجع هذه المادة إلى أصل واحد، وهو: الاتّباع، يقال: تلوتُه: إذا تبعته، ومنه: تلاوة القرآن؛ لأنه يُتبع آية بعد آية، وهذا الذي ذكره ابن جُزي: أنه يأتي لمعنيين، بمعنى: قرأ، وتبع، هذا صحيح، لكن ما ذكره ابن فارس هو: أصل المعنى، وكما قلت من قبل: إن معرفة أصل المعنى مهم لطالب العلم، فإن ذلك كله يكون بمعنى: الاتباع.

فقوله: وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ النمل: 92، هنا يحتمل أن يكون بمعنى: التلاوة التي بمعنى: القراءة، أمرٌ بالقراءة، أو أنه بمعنى: الاتباع، اتباع ما فيه من الهدايات، والأحكام، وما إلى ذلك، فهذا الذي يتلو بمعنى: يقرأ كما يقول ابن فارس: إن هذا التالي -يعني: القارئ- يُتبع آية بعد آية في التلاوة، في القراءة، وبمعنى: الاتباع، فهو: يتبع أحكامه، ويتبع ما أمره الله به، وقوله: وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَالكهف: 27، ما معناه؟ المفسرون بعضهم يقول: هذا أمر بالتلاوة التي هي بمعنى: القراءة، وبعضهم يقول: هو أمر بالاتباع، والقرآن يعبر به بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، فيمكن أن يكون بمعنى: التلاوة، يعني: القراءة، وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَالكهف:27، يعني: اقرأه، وكذلك أيضاً: اعمل به، وفي قوله -تبارك وتعالى-: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَالبقرة: 102، يحتمل أن يكون بمعنى: القراءة، اتبعوا ما تقرؤه الشياطين عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ في عهد ملك سليمان ، ويحتمل أن يكون المعنى: الاتباع وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُالبقرة: 102يعني: اتبعوا ما تتّبع الشياطين على ملك سليمان، وفي قوله -تبارك وتعالى-: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ البقرة: 121، لاحظوا: أن بعض السلف هنا فسر حق التلاوة: بالعمل بما فيه، هذا منقول عن بعض السلف، فيكون المقصود بالتلاوة هنا: الاتباع، يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِالبقرة: 121، يتبعونه حق اتباعه، ويحتمل أن يكون المراد: القراءة، يقرءونه حق قراءته، وبين المعنيين ملازمة من جهة: أن القراءة أو التلاوة الحقة هي: التي تُثمر العمل، والامتثال، ولا يكون ذلك بمجرد إقامة الحروف، فيدخل فيه إقامة الحروف، والتجويد، وكذلك أيضاً العمل، والاتباع، قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْالأنعام: 151، "أتل" هنا المقصود به: القراءة قطعاً، يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَآل عمران: 113، بمعنى: يقرءونها، حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا القصص: 59يعني: يقرأ، لكن أصل القراءة -كما سبق- هو: بمعنى: الاتباع، آية بعد آية، وكذلك أيضاً في قوله -تبارك وتعالى- ممتنًّا على الأميين: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ الجمعة: 2بمعنى: يقرأ، رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ الطلاق: 11يعني: يقرأ، وهكذا رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةًالبينة: 2، لكن قوله -تبارك وتعالى-: وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَاالشمس: 2، هل معنى: القراءة يرِدُ هنا؟ لا قطعاً، وإنما تَبِعها، أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ هود: 17، فُسر هنا "يتلوه" بمعنى: الاتباع، يعني: أنه مع البينة أيضاً كذلك يتبع ذلك ويؤازره على هذه الهداية شاهد من الله، أو من القرآن، أو من نفسه، كالفطرة مثلاً، أفمن كان كذلك كمن ليس كذلك؟!، فقوله: وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُهود: 17، يعني: يتبعه.

قال -رحمه الله تعالى-: تقوى: مصدر مشتق من الوقاية، فالتاء بدل من واو، ومعناه: الخوف، والتزام طاعة الله، وترك معاصيه، فهو: جماع لكل خير.

هذه الكلمة: التقوى، هي: من الألفاظ التي تحمل معانيَ جامعة، مثل: البر، ونحو ذلك، فهذه التقوى اختلفت فيها عبارات السلف، والمؤدى واحد، وابن فارس يُرجع ذلك إلى معنى واحد، وهو عنده: أنها تدل على دفع شيء عن شيء بغيره، أي: الوقاية، كيف تحصل الوقاية من المرض؟ أن تدفعه مثلاً بالحِمْية، كيف تحصل الوقاية من النار ومن العذاب؟ أن تدفعه بالإيمان، والعمل الصالح، واجتناب المعاصي؛ ولذلك يقولون بأنها أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى، أو أن لا يفقدك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، إلى غير ذلك من عباراتهم، فهي: تدل على هذا المعنى، وبنحو ما قال ابن فارس -رحمه الله-: دفع شيء عن شيء بغيره، يمكن أن يُعبَّر عن ذلك فيقال: هو: حفظ الشيء مما يُخل به، أو يؤذيه، أو يضره، فهذا يقال له: وقاية، وكما يقولون: الوقاية خير من العلاج.

يقول: تقوى: من الوقاية، فالتاء بدل من واو، فالآن التقوى أصلها: الواو مِن وقى.

يقول طلق بن حبيب -رحمه الله-: التقوى: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله، هذا بمعنى ما قاله ابن جُزي -رحمه الله.

يقول اللهأَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ التوبة: 109، وكذلك في قوله: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ الحج: 32، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى البقرة: 189، هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى النجم: 32، ونحو ذلك، فالتقيُّ هو: الذي يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية، بفعل ما أمر، واجتناب ما نهى.

قال -رحمه الله تعالى-: تاب يتوب: رجع، توبة وتوباً، فهو: تائب، وتوّاب: كثير التوبة، وتوّاب: اسم الله تعالى، أي: كثير التوبة على عباده، وتاب الله على العبد: ألهمه التوبة -وفي نسخة: ألهمه للتوبة-، أو قبل توبته.

التاء والواو والباء، هذه المادة: يمكن أن ترجع إلى أصل واحد، وهو: الرجوع، فالتوبة معناها في الأصل: الرجوع، فالتوبة تكون من العبد لربه، بمعنى: رجوعه عن ذنبه، إذا رجع العبد عن ذنبه فهذه توبة العبد، وتكون من الرب على العبد، بمعنى: رجوعه برحمته، ومغفرته، والقبول لتوبة العبد، وتكفير السيئات، ونحو ذلك، وقد تأتي أيضاً بمعنى: التوفيق للتوبة، والهداية لها، يعني: توبة الرب على العبد.

ففي قوله -تبارك وتعالى-: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِالبقرة: 37يعني: رجع عليه بالعفو، والغفْر، ومحو الذنب، وقبول التوبة، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْالبقرة: 160يعني: أقبل توبتهم، لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْآل عمران: 128يعني: يغفر لهم، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا الفرقان: 71يعني: من رجع عن المعاصي، وعمل صالحاً فإنه يرجع إلى الله رجوعاً عظيم الشأن، مرضيًّا عند الله، "فإنه يتوب إلى الله متابًا"، وهكذا في قوله -تبارك وتعالى-: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ المائدة: 39يعني: رجع، ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ المائدة: 71يعني: رجع عليهم بالمغفرة، وقبول التوبة، وهذا معنى اسمه -تبارك وتعالى- التوّاب، صيغة مبالغة، وكذلك أيضاً: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ التوبة: 117، ونحو ذلك.

قال -رحمه الله تعالى-: تباب: خُسران، وتبَّ: خسر.

هذه المادة ترجع إلى معنى واحد، وهو ما ذُكر هنا، بمعنى: الخُسران، التباب هو: الخُسران، وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ هود: 101يعني: غير الهلاك، والخسار، فبعضهم يذكر الخسران والهلاك، وكأن ذلك يرجع في الأصل إلى معنى واحد، فإن ذهاب الأعمار والأعمال هذه خسارة محققة، وكذلك أيضاً هو هلاك محقق، يقول -تبارك وتعالى-: قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الزمر: 15، فهذه هي الخسارة الحقيقية، وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍغافر: 37يعني: في خسار، تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّالمسد: 1، هذا دعاء عليه بالهلاك والخسران على أحد الأوجه المذكورة في تفسير هذا الموضع، "تبّت" يحتمل أن يكون من قبيل الدعاء، ويحتمل أن يكون من قبيل الإخبار.

قال -رحمه الله تعالى-: تبار: هلاك، ومنه: مُتَبَّرٌالأعراف: 139.

التبار ابن فارس يُرجع ذلك إلى أصلين غير متقاربين، ليس بينهما مقاربة، ولا علاقة:

الأول: الهلاك، وهو الذي ذكره هنا.

الثاني: غير موجود في القرآن، لكنه موجود في اللغة، مما يرجع إلى أصل المادة التي هي: التاء والباء والراء، وهو: جوهر، يعني: من جواهر الأرض، كما يقال: التِّبر، يعني: ما كان من الذهب والفضة غير مصوغ، يقال له: تِبر، هذا لا وجود له بالقرآن، لكن الهلاك هو الذي جاء؛ ولذلك اقتصر عليه ابن جُزي -رحمه الله-، فقوله: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًانوح: 28يعني: هلاكاً، وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا الإسراء: 7بمعنى: التدمير والهلاك، وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا الفرقان: 39دمرنا، وأهلكنا.

قال -رحمه الله تعالى-: أُترفوا: أُنعموا -وفي نسخة: نُعِّموا-، والمترفون: المنعمون في الدنيا.

هذه المادة في أصلها ترجع إلى: التُّرفة، فهي ترجع إلى معنى واحد: التُّرفة، والترف، بمعنى: التنعم، وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَاالمؤمنون: 33يعني: نعمناهم، وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِهود: 116يعني: من النعيم واللذات، وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ الأنبياء: 13، حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِالمؤمنون: 64يعني: المنعمين.

قال -رحمه الله تعالى-: حرف الثاء.

ثمود: قبيلة من العرب الأقدمين.

ثمود: اسم قبيلة بلا شك، لكن بعضهم يقول: إنه أعجمي، وبعضهم يقول: إنه عربي، وتُرك صرفه؛ لكونه اسم قبيلة، أو أرض، ومَن صرفه جعله اسم حي، أو اسم أب من آبائهم، يقولون: ثمود بن عاد بن إرم، إلى آخر ما يذكرون في نسبه، فهكذا بعضهم يقول باعتبار: أنه عربي، ويذكرون اشتقاقه، فيقولون: الثَّمَد هو: الماء القليل الذي لا مادة له، يعني: ليس من قبيل العيون النابعة، والأنهار الجارية، وما أشبه ذلك، ولا حتى الآبار؛ لأن الآبار تمدها عروق الماء في الأرض، فمَن صرفه جعله -على كل حال- اسم حي، أو أب، على قراءة: أَلا إِنَّ ثَمُودًا كَفَرُوا رَبَّهُمْهود: 68، مصروفة هكذا، فهذه بنحو خمسة مواضع من القرآن، وهي: قراءة متواترة، أَلا إِنَّ ثَمُودًا كَفَرُوا رَبَّهُمْهود: 68، وفي قوله: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًاالأعراف: 73، كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَالشعراء: 141، هكذا غير مصروف.

قال -رحمه الله تعالى-: ثَوَى في الموضع: أقام فيه، ومنه: مَثْوًى العنكبوت: 68.

هذه المادة ترجع إلى معنى: الإقامة، ثَوَى بالمكان: أقام به على استقرار مع طول لُبث، يقول الله -تبارك وتعالى-: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ يوسف: 21، فهم جاءوا به على أنه مملوك سيبقى عندهم، إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ يوسف: 23، ويقول اللهوَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ القصص: 45، فالذي يأتي زائراً، أو يمر مروراً عارضاً بناحية لا يقال: إنه ثَوَى فيها، فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ فصلت: 24محل إقامة يدل على طول المكث، وكذلك فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَالزمر: 72يعني: النار، فليست لمطلق الإقامة، وإنما المكث والإقامة الطويلة، هذا الذي يقال له: المَثْوى والثَّواء، ونحو ذلك.

قال -رحمه الله تعالى-: ثُبور: هلاك، ومنه: مَثْبُورًا الإسراء: 102، ودَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا الفرقان: 13أي: صاحوا: واهلاكاه، وفي بقية النسخ: أي: صاحوا: هلاكًا.

ابن فارس -رحمه الله- يُرجع هذه المادة: الثاء والباء والراء، إلى ثلاثة أصول:

الأول: السهولة، لكن هذا المعنى غير موجود في القرآن، فالأرض السهلة يقال لها: ثُبْرة.

والثاني: الهلاك، وهو: الذي ذكره ابن جُزي -رحمه الله-، وهذا الذي جاء في القرآن.

المعنى الثالث: المواظبة، تقول: فلان مثابر، المثابرة في العمل، أو في العلم يعني: المواظبة، والملازمة، ونحو ذلك.

يقول اللهدَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا الفرقان: 13، دعوة الثبور ما هي دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا؟ الفرقان: 13ابن جُزي يقول: صاحوا: واهلاكاه، فدعوة الثبور هي: ما ينادي به المحرج الواقع في شدة، فيرى أن هلاكه أهون عليه من الاستمرار فيها، فيقول: واثبوراه يعني: واهلاكاه، يتمنى الهلاك، يقول الشاعر:

كفى بك داءً أن ترى الموتَ شافيًا *** وحسبُ المنايا أن يكنّ أمانيا

يعني: إذا صار الإنسان يتمنى الموت، ويتمنى الهلاك فهذا أعظم الداء.

قال تعالى: وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَالزخرف: 77يعني: ماذا بعد هذا؟ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًاالنبأ: 40، إذا رأوا البهائم تقتص بعضها من بعض، ثم يقال لها: كوني تراباً، تمنوا أنهم يصيرون إلى تراب، هذا يدل على أنه لم يبقَ لهم شيء يحتاطون له، أو يؤثرون البقاء من أجله، فهنا فيقولون: واثبوراه، -نسأل الله العافية-، والله يقول: وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًاالإسراء: 102، هذا قول موسى ﷺ، يقولون: ثَبَره عن الشيء أي: صده عنه، والثَّبْرة: تراب شبيه بالنُّورة إذا بلغ عرق النخلة إليه وقف، فيقولون: بلغت النخلة ثَبْرةً من الأرض، فهذا تفسير: وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًاالإسراء: 102، ثبره عن الشيء بمعنى: صده، والمثبور يعني: المصدود عن الهداية، هذا أحد المعاني التي قيلت فيه، فيكون ذلك من معاني الثَّبْر، ولا زال الناس يستعملون هذا إلى اليوم، يقال: ثَبْر: يعني مثل التراب المجتمع، أو نحو ذلك، الذي يكون حاجزاً للأرض، أو يكون للزرع، أو نحو هذا، يقال له: ثَبْر، ولا زال الناس حينما يعنفون أحداً، ويمنعونه من مطلوبه لربما يخاطبونه بشيء من ذلك، مما يركبون منه هذه الكلمة، بعبارات لا تخفى، فهي بمعنى: الصد عن الشيء، فهنا وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًاالإسراء: 102يعني: مصروفاً عن الحق بهذا التفسير، ويحتمل أن يكون بمعنى: الهلاك، يعني: هالكاً، وبين المعنيين ملازمة؛ لأنه إذا صُرف عن الحق فإن ذلك يصير إلى حال من الهلاك، لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا الفرقان: 14، فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًاالانشقاق: 11، يُخبر عنه، وما يصير إليه من كثرة الدعاء: واثبوراه، واثبوراه يعني: واهلاكاه.

قال -رحمه الله تعالى-: ثَمر: ما يؤكل مما تنبت الأرض -وفي بقية النسخ: مما تنبته الأرض- ويقال: بالفتح، والضم.

يعني: ثَمَر، وثُمُر، وفسره بعضهم: بحمل الشجر، يعني: ما ذكره ابن جُزي أوسع: ما يؤكل مما تنبت الأرض مطلقاً، والمشهور: أن ذلك يقال: لحمل الشجر، وابن فارس -رحمه الله- يُرجع هذه المادة إلى أصل واحد، وهو: الشيء المتولد عن شيء متجمعاً، هذا أصله، شيء يتولد عن شيء، لاحظوا: متجمعاً، ثم يُحمل عليه غيره استعارة، لاحظ هذا المعنى الذي ذكره ابن فارس، شيء يتولد عن شيء، الآن: حمل الشجر يتولد عن الشجر، والمال يقال له: ثمر، واستثمار، ومستثمر، وفلان مستثمر، ويستثمر، فالمال يولِّد المال، والتجارة فيه تكثره وتثمره، فهذا المال يكثر، ويزيد، وهكذا؛ ولهذا يُكنى به عن المال المستفاد.

ففي قوله -تبارك وتعالى-: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ [الكهف:34]، ما معنى: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ؟ الثمر فُسر: بحمل الشجر، وفُسر أيضاً: بالمال، وفيها قراءتان: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ، والأخرى: وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ، ففُسر: بالمال، فإذا رأيت في التفسير في كلام بعض السلف في قوله: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ أي: مال، لا تستغرب من هذا، وتقول: هذا غير معهود، لا، الثمر يأتي بمعنى: المال، وخاصة إذا عرفت هذا الأصل الذي ذكره ابن فارس: شيء يتولد عن شيء متجمعاً، فالمال يتولد عن المال؛ ولهذا نستعمل هذه الألفاظ كثيراً: الاستثمار، ونحو ذلك، ولكننا قد لا نتبين معانيَ هذه الألفاظ التي نرددها، ونستعملها، يعني: هذا الذي يقول: أنا مستثمر، أنا عندي استثمارات، أنا عندي كذا، لو قيل له: ما أصل هذا؟ ما يعرف، لكن هذا أصله: شيء يتولد عن شيء، يقول -تبارك تعالى-: وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِالكهف: 34، وإبراهيم ﷺ حينما دعا لمكة قال: وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِالبقرة: 126، والله يقول: يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ القصص: 57، ويقول: فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِالأعراف:57، هنا فُسر بما تُنبت الأرض، يعني: أنواع النبات، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِالرعد: 3، فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ إبراهيم: 32.

قال -رحمه الله تعالى-: ثُقفوا: أُخذوا، وظُفر بهم، ومنه: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ الأنفال: 57.

هذه المادة في أصلها -الثَّقْف- ابن فارس يُرجعها إلى: إقامة دَرْء الشيء، هذه المادة تدل على: حذق، فإذا أُضيفت إلى شيء، فيكون ذلك في كل موضع بحسبه.

يقول هنا: ثُقفوا: أُخذوا، وظُفر بهم، ومنه: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ الأنفال: 57، الثَّقْف في هذا المقام: إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً الممتحنة: 2يعني: الإدراك بحذق، إدراك الشيء بحذق، يعني: إن يتمكنوا منكم، إن يثقفوكم يعني: إن يتمكنوا منكم، ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِآل عمران: 112، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًاالأحزاب: 61؛ ولهذا يقال: رمح مُثقَّف، يعني: أنه قد أقيم إقامة تامة، وكذلك أيضاً يقال: رجل مُثقَّف، ويقال: فلان ثَقِفٌ لَقِفٌ للألمعي الذي يفهم، ويكون لامحاً في الفهم؛ لتوقد ذهنه، فهذا يقال له: ثَقفٌ، وهكذا المُثقَّف: الذي يكون قد صار في حال من المعرفة، والحذق، ونحو ذلك، لاحظ: كلام ابن فارس: إقامة دَرْء الشيء، يعني: هذا الرمح الذي يقام ونحو ذلك، يقال له: تثقيف، فصار يستعمل هذا في معانٍ كثيرة، مثل: تثقيف الإنسان، وتثقيف الناس، ونحو ذلك، فالناس كما قال اللهوَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًاالنحل: 78، فهو: يخرج خاماً، لا بصر له، ولا معرفة، فما يزال به العلم والمعرفة حتى يتشكل عقله بصورة أخرى تماماً، فالعلم يحصل بسببه من البصر، والحذق، وكذلك يحصل بسببه من تهذيب النفس، وما إلى ذلك الشيء الكثير.

قال -رحمه الله تعالى-: ثاقب: مُضيء.

ابن فارس -رحمه الله- أرجع هذه المادة: الثاء والقاف والباء، إلى أصل واحد، وهو: أن ينفذ الشيء، ما معنى: أن ينفذ الشيء؟ الآن يقال: ثَقَبه، بمعنى: خرقه بآلة الثقب، فالآن آلة الثقب ما هي؟ يُستعمل الآن ما يسمى: بآلة الحرف، أو الدريل، فيقال: ثقبه، ويقول اللهإِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌالصافات: 10، وصف الشهاب بأنه ثاقب؛ لنفاذه في الظلماء، كأنه يثقبها بضوئه، لاحظ: الربط بالمعنى الأصلي الذي ذكره ابن فارس: أن ينفذ الشيء، فالشهاب الثاقب: الذي ينفذ ضوءه في الظلام، كأنه يثقب الظلام، النجم الثاقب: يثقب الظلماء بإضاءته، أو بضوئه الشديد، على كل حال: ابن جُزي هنا يفسره: بالمُضيء، هذا المعنى القريب له، ولكن أصله من الثَّقْب، وهو: النفاذ، فينفذ بضوئه.

قال -رحمه الله تعالى-: ثَمّ: بالفتح: ظرف، وبالضم: حرف عطف يقتضي الترتيب والمهلة، وقد يرد لغير الترتيب، كالتأكيد، وترتيب الأخبار.

هنا يقول: ثَمَّ: بالفتح: ظرف، يعني: أنه يكون بهذا الاعتبار: يكون من قبيل الاسم الذي يُشار به، بمعنى: هناك، اسم إشارة إلى المكان البعيد: هناك أو هنالك.

ويقول -رحمه الله تعالى-: بالضم: حرف عطف يقتضي الترتيب والمهلة، وقد يرد لغير الترتيب، كالتأكيد، وترتيب الأخبار، يعني: ليس للترتيب في الزمن: أن هذا بعد هذا، وإنما فقط ترتيب المذكورات في الخبر، أو المُخبَر عنها.

وابن فارس -رحمه الله- يُرجع هذه المادة إلى أصل واحد، وهو: اجتماع في لين، يقال: ثَمَمْت الشيء ثَمًّا: إذا جمعته، والثُمَّة: القبضة من الحشيش، والثُّمَام: شجر ضعيف، لاحظ: معنى: اللين هنا، وهو: معروف، هذا نوع من النبات في الصحراء يقال له: الثَّمام، ولا زال معروفاً إلى اليوم، فهذا نبات أو شجر ضعيف ليِّن، فهو: يأتي بمعنى: الجمع، فالثُّمة: القبضة من الحشيش، والثُّمام: شجر ضعيف، فهو: اجتماع في لين، قبضة من الحشيش، فالحشيش لين.

على كل حال: "ثُمَّ" هذه التي قال عنها بأنها حرف عطف، هذه قد تفيد الترتيب بمهلة، وهذا مذهب الجمهور، وبعضهم: وقف على هذا المعنى، يعني: قال: ثُمَّ هي: حرف عطف للترتيب، يفيد الترتيب بمهلة، مثل: جاء زيد ثم عمرو، يعني: جاء بعده، فهذا الترتيب في المجيء، وجاء بعده بوقت وبمدة، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، عليه الجمهور، ويقولون: هو: الأصل، ويتأولون ما عداه، يعني: يقولون: لا تأتي لمعانٍ أخرى، أي: هذه التي بالضم: "ثُمَّ"، ولكن ما يذكر من أنها جاءت لمعانٍ أُخر فهذه يتأولونها، فهذا عليه عامة أهل العلم -رحمهم الله تعالى.

وبعضهم أنكر الترتيب فيها، وقالوا: إنها في منزلة الواو، ولا تفيد الترتيب، والذي يظهر -والله أعلم- أن الذي جعلهم يقولون هذا: أنهم يجدون في بعض المواضع استعمال "ثُمَّ" ولا يمكن أن يُحمل هذا على الترتيب، فتقع إشكالات، فيبحثون عن المحامل والأجوبة لهذا، فيقولون: هي: بمنزلة الواو لا تُرتب، وهذا قال به بعض الكبار من أهل اللغة، مثل: الفراء، والأخفش، وقُطْرُب، فأنكروا الترتيب فيها.

وعلى كل حال:إذا كانت للترتيب، فالذين يقولون: إنها تأتي للترتيب، فهذا الترتيب أنواع، وهذه قضية يُحتاج إليها من أجل أن نُنزل ذلك في التفسير في كل موضع على ما يليق به؛ لأنك ستستشكل بعض المواضع إذا قلت: إنها للترتيب.

إذا كانت للترتيب، فالذين يقولون: إنها تأتي للترتيب، فهذا الترتيب أنواع، وهذه قضية يُحتاج إليها من أجل أن نُنزل ذلك في التفسير في كل موضع على ما يليق به؛ لأنك ستستشكل بعض المواضع إذا قلت: إنها للترتيب.

 

فهذا الترتيب أنواع:

منه: الترتيب الزمني، كقوله -تبارك وتعالى-: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ البقرة: 92، اتخاذ العجل هل كان بمجرد مجيء موسى بالبينات، أو كان بعد مدة؟، كان بعد مدة، لما أنجاهم الله من فرعون، وأغرق فرعون، وبقوا مدة طويلة بعده، ثم اتخذوا العجل، فهذا ترتيب زمني.

وهناك نوع آخر من الترتيب، وهو: الترتيب الذكري، يعني: في الأخبار، أخبار متعاقبة يذكرها، ويرتبها، كقوله -تبارك وتعالى-: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا الزمر: 6، وقال: وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍالسجدة: 7-8، وقال -تبارك وتعالى-: ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَالأنعام: 153-154، فإيتاء موسى الكتاب كان قبل هذه الوصية في القرآن، وهكذا قول الشاعر:

إنّ مَن ساد ثُم ساد أبوه *** ثم قد ساد قبل ذلك جدُّه

فقال: ثُمَّ، فهذا ترتيب في الأخبار، فقد ساد أبوه قبل أن يسود هو، وساد جده قبل أن يسود أبوه.

وعلى كل حال: في مثل هذه الأمثلة بعض أهل العلم لا يوافق على هذه التفسيرات المذكورة، لكن مثل هذا تنحل به إشكالات، يعني: قد لا يكون بالضرورة أن الترتيب يكون زمنيًّا، مثل قوله: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِالبلد: 17، فالإيمان شرط في العمل، وفي قبول الأعمال، فيكون ذلك قبل فك الرقبة، أو إطعام المسكين في ذلك اليوم الشديد ذي المسغبة، فقوله -تبارك وتعالى-: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواالبلد: 17، هذا يمكن أن يقال: الترتيب في الرتبة، وليس ذلك في الترتيب الزمني بلا شك، ليس للترتيب الزمني.

طيب، تأمل هذه الأمثلة: قوله: أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِيونس: 51، فالهمزة: للاستفهام الإنكاري، وثُمَّ: حرف عطف، أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِيونس: 51، ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَالبقرة: 52، وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ الإنسان: 20، هذه المفتوحة: ظرف مكان، وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًاالإنسان: 20، فهي: ظرف مكان، والمعنى: وإذا صدرت منك الرؤية في ذلك المكان رأيت، وبعضهم يقول: إنها اسم هنا يُشار به إلى المكان البعيد، كما سبق، وقوله: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّىالقيامة: 37-38، فهذه: للترتيب مع المهلة على كل حال، لكن هذه المهلة لا تأتي -كما سبق- في مثل قوله: فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍالبلد: 11- 13، إلى أن قال: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِالبلد: 17، فثُمَّ هنا: يمكن أن يقال: إنها: حرف عطف يفيد التراخي في الرتبة، وليس في الزمن، أو لترتيب الأخبار، لا لترتيب المُخبَر عنه: أن هذا جاء بعد هذا؛ لأن الإيمان يكون أولاً، وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَيونس: 46، هل هذا لترتيب المُخبَر عنه في الوقوع أو للمهلة؟ الجواب: لا، وإنما هو: لترتيب الأخبار، ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ فالله شهيد عليهم قبل وبعد وأثناء ذلك، ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

مواد ذات صلة