الخميس 19 / جمادى الأولى / 1446 - 21 / نوفمبر 2024
(007-أ) من قوله تعالى "بئسما اشتروا به" الآية 89 - إلى قوله تعالى "وما كفر سليمان" الآية 101
تاريخ النشر: ١٤ / صفر / ١٤٣٧
التحميل: 1449
مرات الإستماع: 2361

بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ۝ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ۝ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ۝ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ۝ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ۝ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ۝ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ۝ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۝  وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۝ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:90-102].

بِئْسَمَا فاعل بئس مضمر، وما مفسرة له، و  أَنْ يَكْفُرُوا: هو المذموم وقال الفرّاء: بئسما مركب كـ حبّذا وقال الكسائي: ما مصدرية أي اشتراؤهم فهي فاعلة.

بِئْسَمَا فاعل بئس مضمر، وما مفسرة له. أي: مفسرة للفاعل، (ما) هذه تحتمل أن تكون موصولة بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، ويحتمل أن تكون موصوفة بما بعدها، بئس الشيء أو بئس شيئًا، أَنْ يَكْفُرُوا هذا المخصوص بالذم؛ لأن بئس تدل على الذم. وقال الفرّاء: بئسما مركب كـ حبذا.

يعني من بئس و (ما). وقال الكسائي: ما مصدرية أي اشتراؤهم فهي فاعلة. بِئْسَمَا اشْتَرَوْا يعني تؤول وما بعدها بمصدر بئس اشتراؤهم فتكون بهذا الاعتبار هي الفاعل ولا يكون الفاعل مضمر، وعلى الأول بئس الشيء أو بئس شيئًا إذا قلنا: بأنها موصوفة، أو موصولة.

اشْتَرَوْا هنا بمعنى باعوا.

الاشتراء هذا من الأضداد كما مضى في بعض المناسبات وفي الغريب فهو يقال: للبيع. ويقال: للشراء. والمعنى بئس الشيء باعوا به أنفسهم الكفر، يعني أنهم اختاروا الكفر وأخذوه وبذلوا أنفسهم للنار، بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ باعوا أنفسهم، هذا الذي ذهب إليه ابن جرير في محمله، والحافظ ابن كثير يقول: بئسما اعتاضوا لأنفسهم فرضوا به وعدلوا إليه من الكفر بما أنزل الله على محمد ﷺ عن تصديقه ومؤازرته ونصرته وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية، فهنا بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ باعوا أنفسهم، وعبارة الحافظ ابن كثير قريبة من هذا حينما يقول: اعتاضوا. فالبيع معاوضة اشتروا به أنفسهم، وعلى كل حال عند قوله تعالى: اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى [البقرة:175،16]، تحدثنا عن شيء من هذا المعنى، والله أعلم.

أَنْ يَكْفُرُوا، في موضع خبر ابتداء، أو مبتدأ كاسم المذموم في بئس أو مفعول من أجله، أو بدل من الضمير في به.

يعني: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ يَكْفُرُوا، يقول: في موضع خبر ابتداء، أو مبتدأ كاسم المذموم في بئس أو مفعول من أجله أو بدل من الضمير في به. بدل من الضمير في به يعني بأن يكفروا.

بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، القرآن أو التوراة لأنهم كفروا بما فيها من ذكر محمد ﷺ.

أَنْ يُنَزِّلَ، في موضع مفعول من أجله.

مِنْ فَضْلِهِ، القرآن والرسالة.

مَنْ يَشاءُ يعني محمد ﷺ والمعنى أنهم إنما كفروا حسدًا لمحمد ﷺ لما تفضل الله عليه بالرسالة.

بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ أي: بغضب لكفرهم بمحمد ﷺ عَلى غَضَبٍ لكفرهم بعيسى أو لعبادتهم العجل، أو لقولهم: عزير ابن الله. أو لغير ذلك من قبائحهم.

على كل حال هذا غضب بعد غضب، فيحتمل أن يكون ذلك غضب الأول بتضييع العمل في التوراة، والغضب الثاني: الكفر بما أُنزل على محمد ﷺ أو يكون الغضب الأول بقبائحهم عمومًا: كقولهم: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30]، وكذلك قتل الأنبياء -عليهم السلام- وكفرهم بعيسى وعبادة العجل، فهذا الغضب المتقدم، الغضب السابق فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ استحقوا الغضب وهم المغضوب عليهم، وجاء ذلك مصرحًا به في القرآن في مواضع، ثم جاء هذا الغضب اللاحق بكفرهم بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

بِما أَنْزَلَ اللَّهُ، القرآن.

بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا التوراة.

بِما وَراءَهُ، أي بما بعده وهو القرآن.

يكفرون بما وراءه وهو القرآن، كلمة وراء أيضًا هي من الأضداد، تأتي بمعنى أمام وتأتي بمعنى خلف، وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف:79] يحتمل كما هو معروف أن يكون المقصود أمامهم أو خلفهم، فهما قولان للسلف، وإن كان الراجح كما ذكرنا هناك أن المعنى وكان أمامهم ملك، وكما تدل عليه القراءة غير المتواترة، أقصد في آية الكهف، هنا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وهو القرآن: يعني بما بعده، أو يمكن أن يقال: وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ أي بما سواه، كما يقول ابن جرير، لكن من قال: بعده. يكون ذلك تفسيرًا له أيضًا يعني لا ينافيه؛ لأنهم كفروا بالإنجيل والقرآن، فالذي كفروا به هو ما بعد التوراة.

فَلِمَ تَقْتُلُونَ ردًّا عليهم فيما ادّعوا من الإيمان بالتوراة، وتكذيب لهم، وذكر الماضي بلفظ المستقبل إشارة إلى ثبوته، فكأنه دائم لما رضي هؤلاء به.

يعني لماذا عبر بالمضارع ولم يعبر بالماضي؟ لما لم يقل: فلم قتلتم أنبياء الله. قال: فَلِمَ تَقْتُلُونَ فخاطبهم بهم مع أن القتل أمر قد مضى من أسلافهم؟ فيمكن أن يكون ذلك لتصوير الماضي بصورة حية كأنك تشاهدها، فيكون ذلك أبلغ في الذم والشناعة عليهم، ويحتمل أن يكون ذلك باعتبار أن هذا أمر مستمر، فهذا الفعل منهم جار وقد حاولوا قتل النبي ﷺ تارة بإلقاء حجر أو رحى عليه، وتارة بوضع السُّم له في يوم خيبر، فهذا العمل مستمر فعُبر بالمضارع فَلِمَ تَقْتُلُونَ فالمخاطبون في زمن النبي ﷺ هذا الفعل حاصل منهم وواقع فعبر بالمضارع.

إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرطية بمعنى القدح في إيمانهم، وجوابها يدل عليه ما قبل، أو نافية فيوقف قبلها والأول أظهر.

يعني إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرطية بمعنى القدح في إيمانهم وجوابها يدل عليه ما قبل: إن كنتم مؤمنين فلم قتلتموهم. أو نافية فيوقف قبلها: قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل. ونقف إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فتكون نافية نفي الإيمان عنهم، يعني ليس بشرطية.

بِالْبَيِّناتِ يعني المعجزات: كالعصا، وفلق البحر، وغير ذلك.

المعجزات في القرآن وكل دلائل النبوة يقال لها: البينات. يقال لها: برهان. يقال لها: آية. ولا يُعبر بالقرآن ولم يرد ذلك في كلام النبي ﷺ ولا في كلام السلف تسمية ذلك بالمعجزات، وإنما هو إطلاق متأخر حادث، لكن لا مشاحة في الاصطلاح، فآيات الأنبياء والبينات تشمل المعجزات وغير المعجزات، يعني دلائل النبوة، ودلائل النبوة منها خوارق العادات التي يسمونها المعجزات، ومنها غير الخوارق يعني كصدقه وأمانته ونحو ذلك، فهذا من دلائل النبوة، بِالْبَيِّنَاتِ فهنا الله -تبارك وتعالى- يقول: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ يعني الدالة على صدقه كالعصا، وفلق البحر، ونحو ذلك، الله -تبارك وتعالى- ذكر لموسى تسع آيات بينات، وكان أعظم هذه الآيات هي العصا وفلق البحر.

اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ذكر هنا على وجه الذم لهم، والإبطال لقولهم: (نؤمن بما أنزل علينا) وكذلك رفع الطور، وذكر قبل هذا على وجه تعداد النعم لقوله: ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ [البقرة:52] وعطفه بـ ثم في الموضعين إشارة إلى قبح ما فعلوه من ذلك.

يعني ما وجه تكرر فكر اتخاذ العجل إله؟ فهذا هو الجواب أنه هنا ذُكر في سياق الذم، ورد دعوى الإيمان التي ادعوها يقولون: نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مع أنهم عبدوا العجل، فلم يؤمنوا بما أنزل عليهم فكان ذلك كفرًا منهم، وهناك في سياق ذكر النعم حيث عفا الله عنهم وتجاوز عنهم مع شدة جُرمهم.

مِنْ بَعْدِهِ، الضمير لموسى : أي من بعد غيبته في مناجاة الله على جبل الطور.

سَمِعْنا وَعَصَيْنا، أي: سمعنا قولك وعصينا أمرك، ويحتمل أن يكونوا قالوه بلسان المقال، أو بلسان الحال.

والأصل أن ذلك على ظاهره أنهم قالوه بلسان المقال.

وَأُشْرِبُوا عبارة عن تمكن حب العجل في قلوبهم، فهو مجاز، تشبيهًا بشرب الماء، أو بشرب الصبغ في الثوب، وفي الكلام محذوف، أي: أشربوا حب العجل، وقيل: إن موسى برد العجل بالمبرد ورمى برادته في الماء فشربوه. فالشرب على هذا حقيقة، ويردّ هذا قوله: فِي قُلُوبِهِمُ.

يعني أُشربت قلوبهم العجل، حب المقصود هنا حب العجل يعني أنهم عبدوه عبادة أشربتها قلوبهم -نسأل الله العافية- كما يقول أهل العلم: إذا كان عبادة عجل تُشربها القلوب إلى هذا الحد فعبادة الله ومحبته أولى بذلك: كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إذا كان عجل صنعوه بأيديهم أُشربته قلوبهم، أشربت محبة هذا العجل فالله -تبارك وتعالى- أعظم وأولى وأجل؛ فينبغي أن تكون محبته أعظم من ذلك حيث تُشربها القلوب، يعني محبة تمازج القلوب وتداخلها.

بِكُفْرِهِمْ الباء سببية للتعليل، أو بمعنى المصاحبة.

يعني: ما الذي أوقعهم في هذا؟ هو كفرهم فتكون الباء سببية، أو بمعنى المصاحبة: أشربوا في قلوبهم العجل مستصحبين كفرهم.

يَأْمُرُكُمْ إسناد الأمر إلى إيمانهم، فهو مجاز على وجه التهكم، فهو كقوله: أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ [هود:87] كذلك إضافة الإيمان إليهم.

فالإيمان لا يأمر بهذا بحال من الأحوال، لكن هذا كما قال: بأن ذلك على سبيل التهكم. بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، كقوله: أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ يعني هذا قاله قومه على سبيل الاستهزاء، كذلك إضافة الإيمان إليهم: يعني هم ليسوا بمؤمنين حقيقة لكن ذلك من باب التهكم.

إِنْ كُنْتُمْ شرط أو نفي.

كما سبق إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فكيف تفعلون ذلك؟! أو كيف يقع منكم ذلك؟! أو كيف تعبدون العجل وتُشربه قلوبكم؟! فهذا ينافي الإيمان، أو نفي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني ما كنتم مؤمنين ينفي عنهم الإيمان كالذي قبله، لكن الظاهر أنها شرطية إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، وهذه كلمة تقال للتحضيض وترد كثيرًا في القرآن قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال:1]، وفي مثل هذه المقامات يُقصد تبكيتهم هنا والذم، والله أعلم.

فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ بالقلب واللسان أو باللسان خاصة، وهذا أمر على وجه التعجيز والتبكيت؛ لأنه من علم أنه من أهل الجنة اشتاق إليها، وورد أنهم لو تمنوا الموت لماتوا[1].

هنا فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ هل هذا المقصود به مجرد وقوع التمني في نفوسهم، في نفس كل واحد منهم؟ فهم أحرص الناس على الحياة كما قال الله -تبارك وتعالى-: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ؟ أو أن المقصود هنا المباهلة، أن ذلك على سبيل المباهلة وليس مجرد وقوع التمني في النفس، أن يتمناه كل واحد في نفسه سواء كان ذلك ممن عصوا النبي ﷺ أم كان ذلك ممن يشمل من يأتي بعده إلى يوم القيامة؟ فهذا يحتمل، فبعض أهل العلم حمل ذلك على المباهلة، أن المراد المباهلة فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ هذه الآية غير صريحة بأن ذلك في المباهلة، لكن هذا الذي ذهب إليه جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن كثير[2]، وهو ظاهر كلام الحافظ ابن القيم[3]، ومن المعاصرين: الشيخ عبد الرحمن السعدي[4]، وقبل هؤلاء قاله ابن عباس -ا-[5]: أن المقصود المباهلة.

وذهب آخرون إلى أن ذلك يراد به مجرد التمني مطلق التمني، وليس على سبيل المباهلة؛ لأنه لم تذكر المباهلة هنا، ولم يُدْعَوا إليها، وهذا الذي اختاره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله[6]، وأيضًا من المعاصرين: جمال الدين القاسمي[7].

وعلى القول الأول سمي التمني مباهلة باعتبار أن كل واحد من المتباهلين يود لو هلك المبطل ويدعو بذلك، أن الله -تبارك وتعالى- يُهلك المبطل منهما، فهذا بهذا الاعتبار يكون تمنيًا، كل محق يتمنى هلاك المبطل لا سيما إذا كان في ذلك حجة له في بيان الحق وظهوره، هكذا قال ابن كثير، فهذا توجيه تسمية المباهلة بالتمني، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لم يصرح بالمباهلة، قالوا: سميت المباهلة تمنيًا باعتبار أن المحق يتمنى هلاك المبطل ويدعو به، والحافظ ابن القيم -رحمه الله- يعلل كون ذلك من قبيل المباهلة فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ يعني في مقام المباهلة، اطلبوا الموت، ادعوا به، أن يُدعى بالموت على المبطل، الهلاك على المبطل، ابن القيم يقول: بأن من اليهود من  يتمنى الموت لفقره أو لضر نزل به بخلاف المباهلة. نصارى نجران لما قدموا على النبي ﷺ دعاهم للمباهلة فلم يباهلوه، وقد جاء عن ابن عباس: أن اليهود لو تمنوا الموت لماتوا، وأن النصارى لو باهلوا النبي ﷺ لرجعوا لا يجدون أهلًا ولا مالًا. فلاحظ التفريق هنا بين أن اليهود لو تمنوا الموت لماتوا، هذا من جهة الاقتران يدل على أن هذا مباهلة؛ لأنه قرنه مع ما وقع للنصارى، والذي وقع للنصارى مباهلة واضحة وصريحة فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ [آل عمران:61] فهذا صريح، لكن هنا فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ هذا غير صريح، فالذي جاء في قوله: (لو تمنى اليهود الموت لماتوا) القرينة من وجهين:

الأول: دلالة الاقتران. قرنه بمباهلة النصارى، مما يُشعر أن هذا كان على سبيل المباهلة مع أن دلالة الاقتران كثير من أهل العلم يُضَعّفها كما هو معروف، والواقع أن دلالة الاقتران أنواع وصور ليست بصورة واحدة، فيها تفصيل، لكنها قرينة.

الثاني: أنه قال: (لو تمنوا الموت لماتوا). فهنا جاء بالتعبير بصيغة الجمع مما يدل على أن هذا التمني لا يكون من الواحد منهم، وإنما يتمنونه بمجموعهم، فهذا يكون على سبيل المباهلة، (لو تمنوا الموت لماتوا)، لو تمنى الآن الموت أحد منهم هل يموت؟، فهذه قرينة كما يقول ابن القيم ثالثة باعتبار أن التمني هنا في هذه الآية المقصود به المباهلة وليس مجرد ما تطلبه النفس وتتمناه. وهذا القول كما ترون له وجه، فهذه قرائن ثلاث تدل على أن المقصود به المباهلة، والله أعلم.

وقيل: إن ذلك معجزة للنبيﷺ دامت طول حياته.

أن معنى معجزة للنبي ﷺ دامت طول حياته: يعني: لو أن أي أحد، يعني: ليس على سبيل المباهلة، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أنهم لا يتمنون الموت أبدًا؛ لأنه قال: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا فمعنى ذلك أن هذا التمني لا يقع من اليهود إطلاقًا، الآن بعض اليهود ينتحرون، توجد نسب وإحصاءات عندهم في الانتحار، فهذا الذي انتحر ما الذي حمله على هذا؟ هو طلب الموت، هو لم يتمن الموت فقط بل أيضًا عمد إلى تعاطي الأسباب التي توصله إلى ذلك، قتل نفسه، فهذا يؤيد القول الأول وأنهم دعوا إلى المباهلة بهذا، الدعاء بالموت، هذا تمني الموت، يعني الموت المبطل، وهم يعرفون أنهم على باطل فلن يطلبوا ذلك أبدًا.

وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ إن قيل: لم قال في هذه السورة: ولن يتمنوه، وفي سورة الجمعة: وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ فنفى هنا بلن، وفي الجمعة بلا، فقال أستاذنا الشيخ أبو جعفر بن الزبير، الجواب أنه لما كان الشرط في البقرة مستقبلًا وهو قوله: إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً جاء جوابه بلن التي تخلص الاستقبال، ولما كان الشرط في الجمعة حالًا، وهو قوله: إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ جاء جوابه بلا: التي تدخل على الحال، وقد تدخل على المستقبل.

هذا يسمونه بالمتشابه اللفظي؛ يعني: أنه يعبر في موضع بعبارة وفي موضع آخر بعبارة أخرى، لكن يكون ذلك بآية أو بحديث عن نفس القضية التي تناولتها الآيتان كما هنا وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا و وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ [الجمعة:7]، صيغ النفي تتفاوت في قوتها أقواها (لن)، أقوى من (لا) فلماذا عُبر هنا وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ؟ فهو ينقل هنا عن أبي جعفر بن الزبير الغرناطي هو شيخه، له كتاب اسمه (ملاك التأويل) مطبوع في مجلدين، هذا الكتاب يُعنى بالمتشابه اللفظي، يعني يأتي بالآيات مثل هذه لماذا عُبر هنا بكذا وهناك بكذا فيجيب عنها، وهذا على كل حال تطرقت إليه في بعض المناسبات، وهناك كتب أخرى مثل (البرهان) للكرماني، و (درة التنزيل وغرة التأويل) للإسكافي، وكذلك لزكريا الأنصاري كتاب في متشابه القرآن، ويُعنى بهذا أصحاب التفسير البلاغي، لكن ما يُذكر من هذه الوجوه لا يقطع به، هو أمر مظنون وليس ذلك من صلب العلم، بل هو من مُلح العلم، يعني: لا يتوقف عليه الفهم، أنت قد تفهم الآية، ولا تحتاج إلى المقارنة لماذا عُبر هنا بكذا وهناك بكذا، بل بعض أهل العلم يُنكر هذا، ويرى أنه من التكلف والقول على الله بلا علم، ويشددون في ذلك، على كل حال إذا ظهر وجهه فلا بأس، لكن لا يُقطع به، مثل قوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ [الأنعام:151]، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ [الإسراء:31]، نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151]، نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31]، لماذا عبر بكذا في هذا الموضع، وعبر في الموضع الآخر بغيره. فينقل عن شيخه أبي جعفر.

وعلى كل حال هذا الجواب باعتبار أن الآخرة أمر مستقبل فجاء بلن، وادعاء الولاية أمر حاصل وواقع في الحال فجاء بلا، لكن ليس بلازم، والعلماء يذكرون غير هذا من الأوجه.

بعضهم يقول: باعتبار أن الدعوى الأولى التي في البقرة الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس أن هذه أعظم من الدعوة الثانية أنهم أولياء لله، يعني إذا ادعوا أنهم أولياء لله لا ينفي ذلك وقوع أو دخول الجنة، مشاركة غير اليهود لهم في دخول الجنة، أنهم أولياء لله فتمنوا الموت، قال: وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا [الجمعة:7]، لكن في البقرة ادعوا أن الآخرة خالصة لهم من دون الناس فأي الدعوة أعظم؟ الأولى أعظم أنها خالصة لهم، إذا كانت خالصة لهم فهذا فيه دعوى الولاية وزيادة فجاء بالصيغة الأقوى في النفي وهي لَنْ.

هذا وجه، وهو أحسن مما قاله أبو جعفر بن الزبير وأوضح، ويبقى أن هذا كله ليس بمقطوع به وإنما بعض هذه الأوجه التي يذكرونها، يذكرها الإسكافي أو الكرماني أو غير هؤلاء متكلفة وقد لا يستبين وجهها إلا بشيء من العناء والصعوبة مما يدل على التكلف الظاهر فيها، فما ظهر وجهه فلا بأس، وما كان متكلفًا فإن الإنسان لا يلج في شيء من هذا فيكون قائلًا على الله بلا علم.

بِما قَدَّمَتْ، أي: بسبب ذنوبهم وكفرهم.

عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ تهديد لهم.

يعني: تهديد مبطن إذا قال: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ معنى ذلك أنه سيحاسبهم ويعاقبهم ويجازيهم على ظلمهم. 

وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا فيه وجهان: أحدهما: أن يكون عطفًا على ما قبله فيوصل به، والمعنى أن اليهود أحرص على الحياة من الناس ومن الذين أشركوا، فحمل على المعنى كأنه قال: أحرص من الناس ومن الذين أشركوا. وخص الذين أشركوا بالذكر بعد دخولهم في عموم الناس؛ لأنهم لا يؤمنون بالآخرة بإفراط حبهم للحياة الدنيا.

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، يعني: أحرص الناس بإطلاق، وخص الذين أشركوا، يعني: هم أحرص أيضًا من الذين أشركوا على الحياة، فخص الذين أشركوا باعتبار أنهم لا يؤمنون بالآخرة، فهذه الحياة بالنسبة إليهم هي الغاية، فهم في غاية الحرص على كل لحظة فيها، فإذا فارقها فهو يعتقد أنه لا حياة بعدها، كما قال الله تعالى -في أحد الوجهين في المعنى-: قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ [الممتحنة:13]، كما يئس الكفار أي الأحياء، من أصحاب القبور يعني من الموتى أن يُردوا أو أن يعودوا وأن يبعثوا ونحو ذلك، انتهى من مات فات، انتقل إلى مثواه الأخير، فهؤلاء اليهود مع كونهم يؤمنون بالآخرة فهم أحرص على الحياة من المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة، فهذا المعنى اختاره ابن جرير -رحمه الله-[8]، وهو الظاهر المتبادر، هذا الأقرب في تفسيرها، والله أعلم.

والآخر أن يكون من الذين أشركوا ابتداء كلام فيوقف على ما قبله، والمعنى: من الذين أشركوا قوم. يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ.

يعني لاحظ هنا يكون الكلام تامًا وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ هذا اليهود وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا قوم يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ لكن هذا خلاف الظاهر، والحديث ليس عن المشركين ولا بيان سوء حال المشركين في هذا المقام، وإنما الكلام على اليهود فيكون الكلام هكذا: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا، يعني: وأحرص من الذين أشركوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ يعني: الواحد من اليهود لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ فهذا في بيان وصف حالهم وشدة تعلقهم بالحياة أن أحد يود لو عُمّر هذه المدة الطويلة.

فحذف الموصوف.

يعني: فحذف الموصوف الذي هو قوم وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا قوم يَوَدُّ أَحَدُهُمْ هذا الموصوف، والأصل عدم التقدير والأصل عدم الحذف.

وقيل: أراد به المجوس؛ لأنهم يقولون لملوكهم عش ألف سنة.

هذا لا دليل عليه إطلاقًا، وليس في السياق ما يشعر به، هم يقولون: إن المجوس يقولون ذلك تشميتًا للعاطس. إذا عطس أحد قالوا: عش ألف سنة.

والأول أظهر؛ لأن الكلام إنما هو في اليهود، وعلى الثاني يخرج الكلام عنهم.

وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ الآية فيها وجهان أحدهما: أن يكون هو عائد على أحدهم، وأن يعمر فاعل لمزحزحه.

يعني وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ التعمير أي يعمر فتكون ما أولها وما بعدها أن، وما بعدها مؤولة بمصدر وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ يعني التعمير ليس بمباعده وما أحدهم بمزحزحه من العذاب أن يعمر، هذا التقدير أن يكون هو عائد على أحدهما، ويعمر فاعل يعني وما أحدهم بمزحزحه من العذاب أن يعمر، التعمير لا يزحزحه فيكون أن يعمر فاعل بهذا الاعتبار.

والآخر: أن يكون هو للتعمير وأن يعمر بدل.

أن يعمر بدل، أن يكون وَمَا هُوَ يعني التعمير بمزحزحه أن يعمر فيكون بدلًا منه يعني البدل يقوم مقام المبدل منه يعني وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ ... أَنْ يُعَمَّرَ يعني وما التعمير بمزحزحه هذا التقدير.

مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ الآية سببها: أن اليهود قالوا للنبي ﷺ: جبريل عدوّنا؛ لأنه ملك الشدائد والعذاب فلذلك لا نؤمن بك، ولو جاءك ميكائيل لآمنا بك؛ لأنه ملك الأمطار والرحمة.

عن ابن عباس، قال: أقبلت يهود إلى رسول الله ﷺ فقالوا: يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن، عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه، إذ قالوا: الله على ما نقول وكيل، قال: هاتوا، قالوا: أخبرنا عن علامة النبي، قال: تنام عيناه، ولا ينام قلبه، قالوا: أخبرنا كيف تؤنث المرأة، وكيف تذكر؟ قال: يلتقي الماءان، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثت قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال: كان يشتكي عرق النسا، فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا - قال أبي: "قال بعضهم: يعني الإبل- فحرم لحومها"، قالوا: صدقت، قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب بيده -أو في يده- مخراق من نار، يزجر به السحاب، يسوقه حيث أمر الله قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: صوته قالوا: صدقت، إنما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها، فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر، فأخبرنا من صاحبك؟ قال: جبريل ، قالوا: جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، لو قلت: ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر، لكان فأنزل الله : مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ [البقرة:97] إلى آخر الآية[9].

والحافظ ابن حجر يقول: بأن له طرقًا يتقوى بها.

وهذا الحديث صححه الشيخ أحمد شاكر[10]، والشيخ ناصر الدين الألباني[11]، وحكى عليه ابن جرير الإجماع[12]، هذا هو سبب نزول الآية، مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ فسبب نزولها هو قول اليهود بأنه عدوهم.

فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ فيه وجهان: أحدهما: فإن الله نزل جبريل.

هذا وجه لكن لا يخلو من ضعف؛ لأنه قال: مُصَدِّقًا فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا، يعني لو كان المقصود فإنه نزله يعني فإن الله نزل جبريل على قلبك مصدقًا، هذا لا يستقيم، والله أعلم.

والآخر: فإن جبريل نزل القرآن، وهذا أظهر؛ لأن قوله: مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ من أوصاف القرآن.

لاحظ يقول: وهذا أظهر يعني فإن جبريل نزل القرآن. كما قال الله : وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء:192-193]، فالذي نزل به هو جبريل ، فَإِنَّهُ أي جبريل ، نَزَّلَهُ أي القرآن عَلَى قَلْبِكَ، وليس الضمير في قوله: فَإِنَّهُ أي الله نَزَّلَهُ أي جبريل عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا، وإنما الذي يكون مصدقًا لما بين يديه هو القرآن نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ۝ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشعراء:193-194].

والمعنى: الردّ على اليهود بأحد وجهين: أحدهما: من كان عدوًّا لجبريل فلا ينبغي له أن يعاديه؛ لأنه نزله على قلبك فهو مستحق للمحبة، ويؤكد هذا قوله: وَهُدًى وَبُشْرَى، والثاني: من كان عدوًّا لجبريل فإنما عاداه؛ لأنه نزله على قلبك، فكأن هذا تعليل لعداوتهم لجبريل.

قوله: والمعنى الرد على اليهود بأحد وجهين. فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ يعني لماذا تعادونه؟، لا موجب لمعاداته فينبغي أن يُحب؛ لأنه نزل هذا الهدى الكامل والوحي الذي تحصل به السعادة في الدارين عَلَى قَلْبِكَ، مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فلا ينبغي له معاداته فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ.

والمعنى الثاني: من كان عدوًا لجبريل فإن ما عاداه؛ لأنه نزله على قلبك فكأن هذا تعليل لعداوتهم لجبريل. يعني هم لماذا عادوه؟ باعتبار أنه مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ تكون الفاء تفيد التعليل يعني باعتبار أنه نزله على قلبك، إن هذه العداوة ليس لأنه ينزل بالعذاب كما يقولون، وإنما لأنه نزله على قلبك مثلًا.

لكن أوضح من هذين الوجهين ربما -والله أعلم-: أن ذلك في سياق الرد عليهم ومقابلة هذا الكفر بالشدة في الرد. يقول: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فليعلم أنه هو الذي نزله على قلبك فليكن منه ما شاء من الكفر، فليقبل من يقبل، وليرفض من يرفض، ويؤمن من يؤمن، ويكفر من يكفر، فآمنوا إن شئتم أو اكفروا كما تقول: إن كنت لا ترضى بكذا فإنه هو العمل المشروع أو العمل الذي يحبه الله فإنه هو الذي اختاره لنبيه ﷺ إن كانت لا تحب المدينة مثلًا فإن الله اختارها لنبيه ﷺ مهاجَرًا، من باب الرد، ويحتمل على القول الأول فلا ينبغي هذا بكونها مهاجرة للنبي ﷺ فينبغي أن تُحب، لكن الأخير هذا الثالث الذي ما ذكره كأنه أوضح وأقرب مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ يعني واجههم بهذا الرد القوي كأنه يقول: من شاء آمن ومن شاء كفر فالله غني عن خلقه فهذا اختيار الله وهو أعلم حيث يجعل رسالته.

وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ ذكرا بعد الملائكة تجريدًا للتشريف والتعظيم.

مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ الملائكة هنا جمع مضاف إلى الضمير فهو يفيد العموم: جميع الملائكة، ويدخل فيهم جبريل وميكال -عليهما السلام- فذكر الخاص بعد العام يعني ذكر جبريل وميكال بعد الملائكة وهم داخلون في جملة الملائكة من باب التجريد، والتجريد عند البلاغيين يطلق على إطلاقات، يطلق على أمور منها ما يناسب هذا المقام، أنهم يطلقونه على إطلاق أو على عطف الخاص على العام يسمونه تجريد كأن الخاص قد جُرد عن العام، يعني ذكر الخاص بعد العام حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، كأن الخاص جُرد عن العام، فيسمونه بالتجريد.

يقول: ذُكرا بعد الملائكة تجريدًا للتشريف والتعظيم. أو للاعتناء بشأنهم؛ لأن الآية إنما نزلت بسببهما؛ لأنهم قالوا: بأن جبريل عدوهم. وقالوا: لو كان ميكائيل -ميكائيل فيه ست لغات، وجبريل فيه عشر لغات- لآمنا، أما جبريل فهو عدونا.

فذكروا جبريل وميكال فالآية نزل بسبب ذلك مقالتهم في جبريل وميكال -عليهما السلام- فذكرهما بعد عموم الملائكة؛ دفعًا لإشكال أن الموجب للكفر هو عداوة جميع الملائكة، فنبه كأنه بهذا الاعتبار على أن عداوة الواحد من الملائكة هي عداوة للجميع، مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ هم قالوا: عدونا جبريل.

فقال: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ، فمن عادى واحدًا منهم فقد عادى الجميع، ومن عاد ملك من الملائكة فقد عاد الله؛ لأن الله هو الذي اختاره واصطفاه.

أَوَكُلَّما الواو للعطف، قال الأخفش: زائدة.

يعني الواو للعطف أَوَكُلَّمَا الهمزة للاستفهام، والواو للعطف، وقال الأخفش: زائدة. يعني إعرابًا يعني أكلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم.

نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ نزلت في مالك بن الصَيْف اليهودي، وكان قد قال: والله ما أخذ علينا عهد أن نؤمن بمحمد[13].

هذا من جهة سبب النزول لا يصح، أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ هذا عام في العهود وليس فقط في مقالة قالها واحد منهم كمالك بن الصيف، أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا هذا شأنهم وهذه عادتهم وديدنهم أنهم ينقضون العهود.

 وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قال: مرتبطة بالآية. رَسُولٌ يعني محمد ﷺ.

كِتابَ اللَّهِ يعني القرآن أو التوراة لما فيها من ذكر بمحمد ﷺ.

نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ يعني القرآن، وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ النبي ﷺ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ الذي جاء به هذا الرسول وهو النبي ﷺ من قال: بأنه التوراة بأي اعتبار؟  باعتبار أن التوراة قد صرحت بمجيء النبي ﷺ وذكرت صفته فترك ذلك وعدم الإيمان به هو نبذ للتوراة بهذا الاعتبار، والله أعلم.

وَاتَّبَعُوا أي: اليهود الذين في زمن محمد ﷺ أو المتقدمون.

وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ اتبعوا السحر، هذا في زمن النبي ﷺ أو المتقدمون. هذا كان من المتقدمين منهم نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وقع هذا منذ زمن بعيد وكذلك السحر مستمر في اليهود كثير، والذين كانوا في زمن النبي ﷺ أيضًا كان ذلك فيهم، كما هو معلوم أنهم سحروا النبي ﷺ سحره لبيد بن الأعصم، وهنا وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ يعني بوجه من قال: بأن ذلك لمن كانوا في زمن النبي ﷺ كأنه مرتب على ما قبله. يعني نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم باعتبار أنه القرآن، واستعاضوا عن ذلك باتباع السحر.

وعلى المعنى الآخر: أنهم نبذوا كتاب الله الذي هو التوراة واتبعوا ما تتلوا الشياطين، نبذوا العمل بالتوراة واتبعوا ما تتلوا الشياطين، فالكتاب المصدق هو من عند الله القرآن، والرسول هو النبي ﷺ.

ما تَتْلُوا هو من القراءة أو الاتباع.

كلمة (تلا) ذكرنا فيما سبق أنها تأتي بمعنى القراءة، فالقارئ يتبع؛ لأن أصل كلمة تلا تدل على الاتباع، فهو يتبع الألفاظ هذا القارئ، وهي أيضًا تكون بمعنى الاتباع بالعمل والامتثال، تتلوا وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ يعني باعتبار ما تقرأ الشيطان من السحر والرقى الشركية ونحو ذلك من الأسحار، أو الاتباع ما تتلوا الشياطين يعني ما تتبعه الشياطين وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ تتقوله، تتحدث به، هذا باعتبار أن التلاوة بمعنى القراءة، مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ يعني تقرأ، تتحدث به وتتقوله، باعتبار أن الاتباع وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ يعني تتبع وتعمل، الشياطين ماذا تتبع وتعمل؟ السحر، إفساد، وابن جرير -رحمه الله- حملها على المعنيين، فهؤلاء الشياطين يتلون بمعنى أنهم يتقولون ويتحدثون، وكذلك أيضًا يعملون، ويتبعون سُبل الشر والإفساد.

عَلى مُلْكِ، أي: في ملك أو على عهد ملك سليمان.

عَلَى مُلْكِ أي: في ملك سليمان. هذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله- مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ، أي في ملكه، أو على ملك سليمان يعني على بمعنى في، في ملك سليمان، يعني ما تتحدث به في ملك سليمان، يعني ما كانوا يفعلونه وما كانوا يتحدثون به وما كانوا يزاولونه من السحر على عهد سليمان، على عهد ملكه في أيام ملكه، ويحتمل ما يضيفونه إلى ملك سليمان، حيث يزعمون أن سليمان كان يسخر هؤلاء الشياطين بالسحر، ويزعمون أنهم استخرجوا كتبًا في السحر من تحت كرسيه بعد وفاته، فهذا من شنائعهم وكفرهم وكذبهم وافترائهم على أنبيائهم  يقولون: استخرجت الشياطين هذه الأسحار أو كتب السحر من تحت كرسي سليمان وأخرجوها للناس، وقالوا: كان يسخر ما يسخره بهذا السحر. فكانوا يضيفون ذلك إلى ملكه أو يكون ذلك من باب الإضافة إلى عهده مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ.

وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ تبرئة له مما نسبوه إليه، وذلك أن سليمان دفن السحر ليذهبه فأخرجوه بعد موته، ونسبوه إليه، وقالت اليهود: إنما كان سليمان ساحرًا.

أيضًا كون سليمان دفن السحر ليذهبه هذا لا دليل عليه، ليس عندنا دليل على هذا، إنما هي أخبار إسرائيلية.

وقيل: إن الشياطين استرقوا السمع وألقوه إلى الكهان، فجمع سليمان ما كتبوا من ذلك ودفنه، فلما مات قالوا: ذلك علم سليمان، وما كفر سليمان بتعليم السحر وبالعمل به أو بنسبته إلى سليمان .

وهذا أيضًا لا دليل عليه وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ، يعني: ما كانوا يضيفونه إليه، أو ما كانت تلقيه الشياطين زمن ملك سليمان، يعني مما على هذا المعنى مما جمعه سليمان ودفنه، ما تتلوه الشياطين فأخفاه سليمان ودفنه؛ لئلا يشتغل به أحد فأخذوه واتبعوه وتركوا العمل بالتوراة وهكذا من ترك الإقبال على ما ينفعه ابتلي بالاشتغال بما يضره، يعني تركوا اتباع النبي المرسل واتبعوا أحط الناس وهم السحرة، وتركوا الاشتغال والعمل بالكتاب المنزل، واشتغلوا بأرذل الأشياء وهو السحر، من ترك الإقبال على ما ينفعه ابتلي بالاشتغال بما يضره.

وقد عقد الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في القواعد الحسان عنوانًا، أو بابًا في هذه القاعدة،  فقال: "دلَّ القرآن في عدة آيات أنَّ من ترك ما ينفعه مع الإمكان ابتلي بالاشتغال بما يضره، وحُرم الأمرَ الأول"[14].

 

  1. هو جزء من حديث ابن عباس قال: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة أتيته حتى أطأ على عنقه، فقال رسول الله -ﷺ: ((لو فعل أخذته الملائكة عيانا، وإن اليهود لو تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله ﷺ لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا)) السنن الكبرى للنسائي، سورة آل عمران، قوله تعالى: {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} [آل عمران:61]، رقم: (10995)، وأحمد، رقم: (2225).
  2. تفسير ابن كثير (1/333).
  3. مدارج السالكين (2/264).
  4. تفسير السعدي (ص:59).
  5. تفسير ابن كثير (1/332).
  6. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (3/487).
  7. تفسير القاسمي (1/354).
  8. تفسير الطبري (2/369).
  9. أخرجه أحمد، رقم: (2483)، والنسائي في السنن الكبرى، كيف تؤنث المرأة، وكيف يذكر الرجل، رقم: (9024).
  10. مسند أحمد ت شاكر (3/128).
  11. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/491).
  12. تفسير الطبري (2/377).
  13. تفسير الطبري (2/400).
  14. القواعد الحسان لتفسير القرآن (ص:96).

مواد ذات صلة