الجمعة 17 / شوّال / 1445 - 26 / أبريل 2024
(002-ب) من قوله تعالى (إن الذين يكفرون بآيات الله ..) الآية 21 – إلى قوله تعالى (إن الله اصطفى آدام ونوحاً ..) الآية 33
تاريخ النشر: ٢٧ / ذو الحجة / ١٤٣٧
التحميل: 1153
مرات الإستماع: 1446

"قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ [آل عمران:21] الآية، نزلت في اليهود والنصارى توبيخًا لهم، ووعيدًا على قبح أفعالهم، وأفعال أسلافهم".

فقوله: "بأن هذه الآية نزلت في اليهود والنصارى توبيخًا لهم" هذا مُخرج عند ابن جرير[1]، وابن أبي حاتم[2]، والبزار[3]، لكن في إسناده من لا يُعرف، وهو حديث أبي عبيدة  فهذا لا يصح، مع العلم -أنه كما تعرفون- بأن قولهم: نزلت هذه الآية في كذا، ليس من قبيل الصريح بسبب النزول، يعني أنه فيما يدخل في معناها، وهذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21] هذه تصدق على اليهود؛ لأنهم الذين كانوا يقتلون الأنبياء، والكفر مشترك بين اليهود والنصارى، وهي وعيدٌ لكل من يقع بمثل هذا الجرم، فهو لا يختص بهم، وإنما يصدق على كل من وقع منه ذلك، وإن كان قتل الأنبياء -عليهم السلام- إنما وقع من اليهود، لكن هذه الآية من نصوص الوعيد.

"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ [آل عمران:23] هم اليهود والكتاب هنا التوراة أو جنس".

هنا يقول: "هم اليهود"، وابن كثير -رحمه الله- حمله على اليهود والنصارى[4]، إذا دعوا إلى التحاكم إلى ما في كتابهم من طاعة الله، واتباع النبي ﷺ أعرضوا، لكن التعليل المذكور بعد ذلك بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ هذه قال بها اليهود، زعموا أن دخولهم النار بقدر الأيام التي عبدوا فيها العجل، كانوا يقولون: نخرج منها، وتخلفوننا فيها، فهذه قرينة على أن المراد بذلك اليهود، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ هذا القدر يصدق على النصارى، ولكن القرينة وتعليل هذا الإعراض بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ هذا يصدق على اليهود، فأحيانًا تكون الآية تحتمل، ولكن يوجد قرينة تدل على معنًى أخص، أو على أحد الاحتمالين، أو أحد القولين، فتُصرف إليه، يعني مثلًا في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ [المجادلة:8] فبعضهم يقول: هذه في المنافقين، وبعضهم يقول: هذه في اليهود، وبعضهم يعمم، ثم ذكر التعليل وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ فاليهود هم الذين كانوا يقولون هذا، فدل على أن المراد اليهود، وهكذا في مواضع من كتاب الله -تبارك وتعالى-.

يقول: "اليهود، والكتاب هنا هو التوراة، أو الجنس"، وهذا الذي اختاره ابن جرير أنه التوراة[5]، وعلى قول ابن كثير: يدعون إلى كتابيهما التوراة والإنجيل[6]، أو جنس، يعني جنس الكتاب، يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ يعني يدعون إلى الكتاب المنزل، الوحي، يتحاكموا إليه.

"يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ قال ابن عباس: دخل رسول الله ﷺ على جماعةٍ من اليهود فيهم: النعمان بن عمرو، والحارث بن زيد، فقالوا له: على أي دينٍ أنت؟ فقال لهم: على دين إبراهيم، فقالوا: إن إبراهيم كان يهودياً، فقال لهم رسول الله ﷺ: فهلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم، فأبوا عليه، فنزلت الآية".

هذا لا يصح في سبب النزول، مع أنه صريح "فنزلت الآية" لكنه من جهة الإسناد لا يصح، في إسناده محمد بن أبي محمد مجهول، وهو من رواية ابن إسحاق، ومخرج عند ابن جرير -رحمه الله-[7]، فلا يصح أن هذا هو سبب النزول.

"فكتاب الله على هذا التوراة، وقيل: هو القرآن، كان النبي ﷺ يدعوهم إليه فيعرضون عنه ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ الإشارة إلى إعراضهم عن كتاب الله، والباء سببية، والمعنى: أن كفرهم بسبب اغترارهم وأكاذيبهم".

اغترارهم باعتبار أَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ أيامًا معدودات، جمع القلة، أي أيام قلائل، فهذا من الاغترار، بسبب اغترارهم وأكاذيبهم، كذبهم على الله  قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا [البقرة:80].

"والمعنى أن كفرهم بسبب اغترارهم وأكاذيبهم".

كما قال الله : وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ فذكر الاغترار افتراء الكذب.

"والأيام المعدودات قد ذكرت في البقرة.

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ أي كيف يكون حالهم يوم القيامة؟ والمعنى: تهويل واستعظامٌ لما أعد لهم، اللَّهُمَّ منادى، والميم فيه عوضٌ من حرف النداء عند البصريين؛ ولذلك لا يجتمعان، وقال الكوفيون: أصله يا الله أُمَّنا بخير، فالميم عندهم من أُمَّنا".

"أُمَّنا بخير" يعني: اقصدنا بخير، "فالميم عندهم من أمَّنا"، اللَّهُمَّ يقول: منادى، يعني مفرد علم، معناها: يا الله، وهي من الأسماء التي أُلزمت النداء، اللَّهُمَّ يا الله.

يقول: "والميم فيه عوضٌ من حرف النداء" الذي هو الياء "يا الله"، فحُذف ياء النداء، وعوض عنه الميم عند البصريين، وهذا خاص بهذا الاسم فقط، يعني لا يُقال في غير لفظ الجلالة (الله)، لا يقال مع الرب، أو الرحمن، أو غير ذلك.

والطاهر بن عاشور -رحمه الله- يذكر أنه لما كثُر حذف حرف النداء مع (اللهم)، أصله (يا الله) قال النحاة: بأن الميم في آخره عوض من حرف النداء (يا)، يقصدون بأن إلحاق الميم باسم (الله) في هذه الكلمة (اللهم) لم يقع إلا عند إرادة الدعاء، فصار غنيًّا عن جلب حرف النداء اختصارًا: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، ونحو ذلك، على سبيل الاختصار، ويذكر أنه ليس المراد أن الميم تفيد النداء.

يقول: والظاهر أن الميم علامة تنوين في اللغة المنقول عنها كلمة اللهم، يقول: من عبرانية أو قحطانية، لكن هذا لا يخلو من إشكال -والله أعلم- يقول: وأن أصلها "لاهم" مرادف إله، ويذكر أنه يدل على هذا أن العرب نطقوا به هكذا في غير النداء "لاهم"، وأنهم نطقوا به كذلك مع النداء، وأنهم يقولون بالنداء يا الله كثيرًا[8]، هكذا ذكر.

لكن الحافظ ابن القيم -رحمه الله- يذكر أنه لا خلاف أن لفظة (اللهم) معناها يا الله، يكفينا هذا القدر، وقد زيدت الميم للتعظيم والتفخيم، يعني ليست عوضًا عن ياء النداء، يقول: وهذا القول صحيح ولكن يحتاج إلى تتمة، وقائله لاحظ معنًى صحيحًا لا بد من بيانه، وهو أن الميم تدل على الجمع وتقتضيه، ومخرجها يقتضي ذلك، وإذا عُلم ذلك من شأن الميم فهم ألحقوها في آخر هذا الاسم الذي يُسأل الله سبحانه به في كل حاجة، وكل حال، إيذانًا بجميع أسمائه وصفاته[9]، يعني هذا الاسم يتضمن صفة الإلهية التي هي جامعة لجميع الصفات، كما هو معلوم، يقول: فالسائل إذا قال: الله إني أسألك كأنه قال: أدعو الله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى بأسمائه وصفاته، فأتى بالميم المؤذِنة بالجمع في آخر هذا الاسم، إيذانًا بسؤاله تعالى بأسمائه كلها[10].

يقول: وهذا القول الذي اخترناه جاء عن غير واحدٍ من السلف، وذكر عن الحسن: "اللهم" مجمع الدعاء[11]، وقال أبو رجاء: إن الميم في قوله "اللهم" فيها تسعة وتسعون اسمًا من أسماء الله تعالى[12]، وهذا باعتبار أن بعضهم فهم من قوله: إن لله تسعةً وتسعين اسمًا[13]، أن هذا مجموع الأسماء، وعرفنا في الكلام على الأسماء الحسنى وغيره من المناسبات: أن أسماء الله أكثر من هذا، أو استأثرت به في علم الغيب عندك[14].

وقال النضر بن شُميل: من قال "اللهم" فقد دعا الله بجميع أسمائه[15]، هذا ذكره ابن القيم -رحمه الله- في "جلاء الأفهام".

وهذا كلام جيد، وكأنه -والله أعلم- أوضح وأحسن من قول من قال: بأنها عوض عن الياء، وربما يكون ذلك أنهم لاحظوا فيها معنًى أو أمرًا وهو: أنه لا يُجمع بينها والياء بالاستعمال.

فيقول: ولذلك لا يجمعان، وقال الكوفيون: أصله يا الله أُمَّنا بخير "اللهم"، فكأن الميم اختصار من أُمَّنا، فعلى هذا الاعتبار هي عوض عن جملة محذوفة "أمَّنا بخير"، يعني الميم عوض عن جملة محذوفة، وهذا -كما ترون- لا دليل عليه، والله أعلم.

"مَالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران:26] منادى عند سيبويه، وأجاز الزَّجاج أن يكون صفةً لاسم الله، وقيل: إن الآية نزلت ردًا على النصارى في قولهم: إن عيسى هو الله؛ لأن هذه الأوصاف ليست لعيسى، وقيل: لما أخبر النبي ﷺ أن أمته يفتحون مُلك كسرى وقيصر استبعد ذلك المنافقون، فنزلت الآية".

هنا في قولهم: "مَالِكَ الْمُلْكِ يقول: منادى عند سيبويه"، يعني يا مالك الملك، وبعضهم يقول: بدل من اللهم، والتقدير: "اللهم يا الله مالك الملك" فيكون بدلًا منه، أو عطف بيان إذا اعتبرنا أن "مالك الملك" أوضح من "اللهم"، تعرفون عطف البيان أن يكون الثاني أوضح من الأول، وإلا هو بدل، فإذا اعتبرت أن "مالك الملك" أوضح من "اللهم" فيكون من قبيل عطف البيان.

يقول: "وأجاز الزَّجاج أن يكون صفةً لاسم الله"[16]، يعني يكون ذلك من قبيل الصفة للاسم الكريم، وهذا يحتمل، لكن القول: بأنه بدل، أو عطف بيان كأنه -والله أعلم- أقرب.

وقوله هنا: "بأن الآية نزلت ردًا على النصارى في قولهم: إن عيسى هو الله؛ لأن هذه الأوصاف ليست لعيسى" يعني التي في قوله: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْك ِتُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ ففي عهد عيسى كان الملك أو القوة أو السلطان في ذلك الوقت ليس لأتباع المسيح، ولا للمسيح بل كانوا مستضعفين، فيقول: بأن ذلك رد على النصارى باعتبار أن هذه الأوصاف ليست لعيسى ليس هو الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، وليس هو الذي يملك الملك، لكن القول بأنها جاءت ردًّا على النصارى، لا دليل عليه، ولكن كأن الذي حمل هذا القائل عليه باعتبار أن السياق كله في الرد على النصارى، فالآيات نازلة في وفد نجران، فيحملون هذه الآيات هذه المعاني -والله أعلم-.

وقيل: "لما أخبر النبي ﷺ أن أمته يفتحون ملك كسرى وقيصر استبعد ذلك المنافقون، فنزلت الآية"، وهذا أيضًا لا يثبت أنه سبب النزول، لكن هو خبرٌ من الله بأنه مالك الملك، وأنه يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، فهم منه بعض أهل العلم أنه يحمل في طياته بشرى لهذه الأمة، ورد على أهل الكتاب الذين حسدوهم على الوحي والنبوة، فتحولت إلى العرب، كما قال الله : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر:32] وهم هذه الأمة، فحسدوهم على ذلك، وحملهم ذلك على الكفر -كما هو معلوم- ففي ضمنها رد عليهم، فالله -تبارك وتعالى- بيده الملك، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، فذلك إليه، وليس إلى غيره، فصار الوحيُ والكتابُ والنبوة بهذه الأمة الأمية، والله -تبارك وتعالى- يخلق ما يشاءُ ويختار كما قال: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68]، وأيضًا في ضمنه بشرى لهذه الأمة بما سيكون لها من الملك والعز والسلطان، بعد أن كانت بعيدة عن هذا، قبائل متنافرة ومتحاربة، لا يجمع شتاتهم جامع، وهم كما قال الحافظ ابن خلدون -رحمه الله-: أبعد ما يكونون عن سياسة الملك[17]، فجعل الله فيهم هذا جميعًا، وكان في بني إسرائيل، كما قال الله في المائدة: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [المائدة:20]، وقال الله : أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا [النساء:54].

"بِيَدِكَ الْخَيْرُ قيل: المراد بيدك الخير والشر، فحُذف أحدهما لدلالة الآخر عليه".

يعني يكون من قبيل الاكتفاء، كما في قوله تعالى: سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل:81] يعني والبرد، وقال بعضهم أيضًا في قوله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى:9] أي وإن لم تنفع، لكن هذا ليس محل اتفاق، فيقولون: يذكر أحد المتقابلين اكتفاءً؛ ليدل على الآخر إذا كان ذلك يُفهم من السياق، وقيل: إنما خص الخير بالذكر؛ لأن الآية في معنى دعاء ورغبة، فكأنه يقول: بيدك الخير، فأجزل حظي منه، لكن هذا القول الثاني لا ينفي المعنى الأول أنه بيده الخير والشر، ولا شك أن الله بيده الجميع، لكن يمكن أن يُقال: بأنه أضاف إلى نفسه الأكمل والأشرف، والشرُ لا يُضاف إليه -تبارك وتعالى- وصفًا وإن كان من خلقه، فالشر خلقٌ لله ولكن ليس بوصفٍ له، فأوصافه كلها خير، وأفعاله كلها خير، والشر واقعٌ في مفعولاته، وليس في أفعاله، باعتبار أن أفعال الله -تبارك وتعالى- خيرٌ محض، لكن يقع في مفعولاته الشر في المخلوق، فنزول المطر خير، ولكن قد تُهدم بسببه دور، ويغرق من يغرق، وتهلك زروع، ونحو ذلك، فهو شر بالنسبة لهؤلاء الذين حصل لهم هذا، لكن هو في فعل الله خير يحصل به إحياء الأرض بعد موتها، ومنافع، وإلى آخره، وهكذا وجود النار، ووجود إبليس هو شر بالنسبة لمن فُتنوا به، أو دخلوا النار، أو نحو ذلك، لكن هذا يظهر فيه معاني أسمائه وصفاته، وتتجلى فيه ألوان الحِكم في خلق الله وابتلائه، ونحو ذلك، فهو في أفعال الله خير.

فهنا أضاف إليه الخير بِيَدِكَ الْخَيْرُ فقد يكون هذا على سَننٍ جاء في القرآن كثيرًا من باب إضافة الأكمل والأشرف إلى الله كما في قوله -تبارك وتعالى-: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] فأضاف المرض إلى نفسه، وأضاف الشفاء إلى الله، من الذي يُمرض؟ هو الله، بل فيما نقرأ من سورة الفاتحة: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] فهنا بناه للمجهول "مغضوب"، لم يقل الذين غضبت، ومعنى المغضوب عليهم الذين غضب عليهم الله، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ فأضاف الإنعام إليه أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ولم يقل: غير الذين غضبت عليهم، فالأشرف والأكمل الإنعام فأضافه إلى نفسه، والثاني بُني للمجهول، ويقولون: حتى في قوله -تبارك وتعالى- في خطاب النبي ﷺ: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3]، لم يقل: وما قلاك، كلمة قلى شديدة الوقع، فيقول: ما أضافها إليه، وقد يقال: هذا مراعاةً للفاصلة، وهكذا في أمثلة كثيرة، كما ذكرنا في بعض المناسبات في قصة الخضر مع موسى  أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79] فأضاف العيب إلى نفسه، وفي بناء الجدار فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا [الكهف:82] فأضاف ذلك إلى الله والله أعلم، فهنا قال: بِيَدِكَ الْخَيْرُ، والمناسبة تقتضي إعطاء الملك والعز لمن يشاء، لكن في الآية أيضًا تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ فيكون ذلك من قبيل إضافة الأكمل والأشرف إلى الله وسكت عن الآخر وإن كان ذلك إليه بيده الخير والشر، فيُفهم منه، وهذا الذي قالوا عنه: بأنه من باب الاكتفاء، يعني الاكتفاء بذكر أحد المتقابلين ليدل على الآخر.

"وقيل: إنما خُص الخير بالذكر؛ لأن الآية في معنى دعاءٍ ورغبة، فكأنه يقول: بيدك الخير، فأجزل حظي منه".

الحافظ ابن القيم -رحمه الله- ذكر أن هذه التصرفات كلها خير[18]، يعني في قوله: تَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ فسلبه الملك عمن يشاء، وإذلاله من يشاء خير، وإن كان شرًا بالنسبة إلى المسلوب الذليل، فإن هذا التصرف دائرٌ بين العدل والفضل، والحكمة والمصلحة، لا يخرج عن ذلك، وهذا كله خيرٌ، يُحمد عليه؛ ولهذا قلت: بأن الشر ليس إليه، كما قال النبي ﷺ: والشر ليس إليك[19]، فهو في مفعولاته، وليس في أفعاله، فأوصافه كاملة، وأفعاله على الكمال والتمام والحكمة وتقدست أسماءه.

"وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [آل عمران:27] قال عبد الله بن مسعود: هي النطفةُ تخرج من الرجل ميتةً وهو حي، ويخرج الرجل منها حيًا وهي ميتة، وقال عكرمة: هي إخراجُ الدجاجة من البيضة، والبيضة من الدجاجة، وقيل: تُخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، فالحياةُ والموتُ على هذا استعارةٌ، وفي ذكر الحي من الميت [-وفي النسخة الخطية: وفي ذكر الحي مع الميت-] المطابقة".

الحي مع الميت أحسن؛ لأنه لم يذكر لفظ الآية هنا، ففي ذكر الحي مع الميت مطابقة.

"وفي ذكر الحي مع الميت المطابقة، وهي من أدوات البيان، وفيه أيضاً القلبُ؛ لأنه قدَّم الحي على الميت، ثم عكس".

هنا في تفسير إخراج الحي من الميت، وإخراج الميت من الحي ما ذكره ابن مسعود قال: "النطفة تخرج من الرجل ميتة وهو حي"[20]، باعتبار ما ذكرته في بعض المناسبات بأن النطفة ميتة؛ لأنه في لغة القرآن، وكلام النبي ﷺ وفي عرف المُخاطبين بالقرآن، وهو أيضًا عرف الفقهاء: أن الميت ما لا روح فيه، فهذا الميت عندهم، فلا يقولن قائل: بأن النطفة فيها حيوانات منوية تسبح وتلقح البويضة، ونحو هذا، هذا ليس بمراد عندهم، النطفة هذه ليس فيها روح، والجنين إلى أن يكتمل له أربعة أشهر يعتبر ميت، الأطباء يقولون فيه نبض وكذا، هذا لا يُنكر، لكن الكلام في الحياة والموت شرعًا، فتُنفخ فيه الروح إذا اكتمل له أربعة أشهر، فبهذا يكون خلقًا آخر، وإسقاطه يترتب عليه أحكام، فهو نفس، وبهذا الاعتبار فإن النطفة ميتة تخرج من الرجل وهو حي، والسلف كثيرًا ما يفسرون بالمثال، فيكون هذا من قبيل التفسير بالمثال.

يقول: "وقال عكرمة: هي إخراج الدجاجة من البيضة"[21]، الدجاجة حية والبيضة ميتة، "والبيضة من الدجاجة" هذا ميت من حي، وكذلك ما يذكرون من إخراج الحبة والنواة، هذا على ظاهره، الحياة والموت حقيقةً.

يقول: "وقيل: تخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، فالحياة والموت على هذا استعارة"، والاستعارة يُدخلها كثيرٌ منهم في المجاز، فهي نوعٌ من المجاز، وبعضهم يجعلها قسمًا قائمًا بذاته، فيقولون: مجاز يتضمن تشبيهًا، وإن كانوا يختلفون كثيرًا في معناها وحقيقتها وتعريفها، لكن يقولون: بأنها إدعاء معنى الحقيقة في الشيء مبالغةً في التشبيه، إلى غير ذلك مما يذكرونه، فالمقصود أن المعنيين المذكورين:

الأول: على اختلاف الأمثلة المذكورة فيه أن المقصود الموت حقيقةً والحياة حقيقةً، الدجاجة من البيضة وإلى آخره، وأن ذلك الذي يذكرونه هو من قبيل التمثيل فحسب، يعني لا يقتصر عليه.

المعنى الثاني: أن الحياة والموت عند أرباب المجاز: أن المقصود حياة الإيمان والقلب والروح، تخرج المؤمن من صلب الكافر، وتخرج الكافر -مثل ابن نوح- من المؤمن، فهذا مجاز، الحياة غير الحياة الحقيقية المعروفة المتبادرة، فهو استعمالٌ ثانٍ عند من يقولون بالمجاز، والكلام في المجاز معروف، لكن هذا عند القائل به.

الحافظ ابن كثير -رحمه الله- وبعض المحققين حملوا الآية على الجميع[22]، وهذا هو الأحسن، تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ فيدخل فيه إخراج البيضة من الدجاجة إلى آخر الأمثلة المذكورة، ويدخل فيه إخراج المؤمن من الكافر؛ لأن ذلك يصدق عليه جميعًا أنه حي أو ميت، والله -تبارك وتعالى- ذكر في القرآن في مواضع الحياة والموت للإيمان والكفر.

يقول: "وفي ذكر الحي مع الميت المطابقة" يسمى الطباق والتضاد أيضًا: وهي الجمع بين معنيين متقابلين، مثل: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ [الكهف:18] فجمع بين اليقظة والرقاد، فهنا الحي والميت معاني متقابلة، هذا الذي يسمونه الطباق والمطابقة، وهي من أدوات البيان.

"وفيه أيضًا القلب؛ لأنه قدَّم الحي على الميت، ثم عكس" تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ فقدَّم الميت في الجملة الثانية، فهذه الاستعمالات البلاغية متنوعة، والقرآن جاء بلغة العرب، فهذا الذي يسمونه بالقلب، والقلب أنواع عند البلاغيين، بعضهم يذكر له خمسة أنواع، أو خمسة أوجه، منها الذي يعنينا هنا ما يسمى بالتبديل، والقلب ليس على سَننٍ واحد، وإنما هو على أنواع، هذا النوع الذي يكون فيه ما ذُكر، من ذكر الجملة الأولى، ثم ذكره ثانيًا في الجملة الأخرى، يعني مؤخرًا، هذا الذي يسمى التبديل، عكس الكلمات في نظامها، وترتيبها، كما في هذه الآية، وكما في قولهم -كلام العرب- كلام الملوك، ملوك الكلام.

"بِغَيْرِ حِسَابٍ بغير تضييق، وقيل: بغير محاسبة".

"بِغَيْرِ حِسَابٍ بغير تضييق، وقيل: بغير محاسبة"، بغير تضييق يعني بسعة وكثرة من غير تضييق بغير حساب؛ لأن القليل يُعد، والعرب يُقال إنهم يقولون: بأن ما زاد على الأربعين فإنه لا يُعد، وما كان دونه فهو قليل يُعد، دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ [يوسف:20]، فالقليل يُعد، والكثير لا يُعد، يُحثى حثوًا، وقالوا في صفة النبي ﷺ كما في يوم حنين وما بعدها: فإنه "يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة"[23].

وابن كثير -رحمه الله- يقول: أي تعطي من المال ما لا يعده، ولا يقدر على إحصائه[24] يعني الكثرة، تَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

"لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران:28] الآية، عامةٌ في جميع الأعصار، وسببها ميل بعض الأنصارِ إلى بعض اليهود".

هذا جاء عن ابن عباس -ا- لكنه لا يثبت في سبب النزول، في إسناده محمد بن أبي محمد ضعيف أو مجهول[25].

"وقيل: كتاب حاطبٍ إلى مشركي قريش".

وأيضًا هذا لا يثبت هنا في هذا الموضع أنه سبب النزول، جاء هذا عن مقاتل[26]، لكنه لا يصح أبدًا في سبب النزول بحالٍ من الأحوال، وإنما الذي نزل في حاطب صدر سورة الممتحنة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1].

"فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ تبرؤٌ ممن فعل ذلك، ووعيدٌ على موالاة الكفار، وفي الكلام حذفٌ تقديره: ليس من التقرب إلى الله في شيء، وموضع فِي شَيْءٍ نصبٌ على الحال من الضمير في لَيْسَ مِنَ اللَّهِ قاله ابن عطية[27]".

وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ كما قال المؤلف: "تبرؤ ممن فعل ذلك"، يعني كما قال ابن كثير: فقد برئ الله منه[28]، فمعنى هذه الجملة فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، يقول: "وعيد على موالاة الكفار، وفي الكلام حذفٌ تقديره: ليس من التقرب إلى الله في شيء"، أو ليس في شيءٍ يصح أن يطلق عليه اسم الولاية أو الدين؛ لأن موالاة المتضادين لا يكاد يقع، هذا ذكره الألوسي[29].

وما ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله- هو تفسيرٌ على المعنى[30]، وكذلك ما ذكره المؤلف أولًا: تبرؤ ممن فعل ذلك، فابن كثير يقول: فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، فقد برئ من الله، لكن حينما نحلل هذه الجملة، ونريد أن نفسر كل جزء منها، فيذكرون هذه التقديرات، ليس في شيءٍ يصح أن يطلق عليه اسم الولاية، أو الدين مثلًا، أو ما ذكره هنا ليس من التقرب إلى الله في شيء، لكن التقدير الذي قبله أحسن من قول من قال: ليس من التقرب إلى الله في شيء، ليست القضية في التقرب، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ هذا وعيد، فلو قيل: ليس في شيءٍ يصح أن يطلق عليه اسم الولاية، أو الدين، هذا أوضح، إذا أردنا أن نحمل ذلك على مثل هذه المحامل في التقدير، وما يذكره هؤلاء من المحققين كابن كثير: فقد برأ من الله، ونحو ذلك، فهذا أوضح، والله أعلم.

"إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ إباحةٌ لموالاتهم إن خافوا منهم، والمراد: موالاةٌ في الظاهر -وفي النسخة الخطية: موالاة بالظاهر- مع البغضاء في الباطن".

"إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ إباحة لموالاتهم إن خافوا منهم، والمراد: موالاةٌ في الظاهر مع البغضاء في الباطن" ايش النسخة؟

النسخة الخطية: موالاةٌ بالظاهر.

في الظاهر مع البغضاء في الباطن، وهذا لا حاجة إليه -والله أعلم- خاصة ما قاله هنا: "إباحةٌ لموالاتهم إن خافوا منهم، والمراد: الموالاة في الظاهر"، أحسن من هذا أن يُقال: ما جاء عن ابن عباس -ا- إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً يعني التكلم باللسان، والقلب مطمئنٌ بالإيمان[31]، ولا يبسط يده فيقتل، ولا إلى إثمٍ، فإنه لا عذر له، قال أبو العالية: التكلم باللسان وليس بالعمل[32]، إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً خلاصة ذلك وحاصله المصانعة بالقول من المداراة والتلطف، ونحو ذلك، وليس المداهنة، فإن المداهنة بمعنى ترك حق، أو ارتكاب باطل في سبيلِ مرضاتهم، هذه المداهنة، لكن المداراة: الكلام الجميل، والمصانعة، والتلطف بالقول دفعًا لشرهم، هذا لا إشكال فيه إذا احتاج إليه، يعني الأصل جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التوبة:73] فهذا هو الأصل، ولكن إذا كان في حالة من الضعف، فيُرخص مصانعتهم بالقول إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً.

"تُقَاةً وزنه فُعَلة، بضم الفاء، وفتح العين، وفاءه واوٌ أُبدل منها تاءٌ، ولامه ياءٌ أُبدل منها ألف، وهو منصوبٌ على المصدرية، ويجوز أن يُنصب على الحال -وفي النسخة الخطية: ويجوز أن ينتصب على الحال- من الضمير في تَتَّقُوا".

"تُقَاةً يقول: وزنه فُعَلة، وفاءه واو" والمقصود بفاء الفعل الأول، على وزن فعل مثلًا، فاءه واو "وقة" أُبدل منها تاء، ولامه ياء، اللام هو الحرف الأخير "وقى"، فلامه ياء، أبُدل منها ألف؛ لأن أصلها الياء "يقي"، فحصل لها هذا الإبدال، فهو منصوبٌ على المصدر إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً على المصدرية، ويجوز أن يُنصب على الحال من الضمير في تَتَّقُوا.

"وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ تخويف".

"نفس" صفة ثابتة لله وهي بمعنى الذات، وابن جرير -رحمه الله- وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ يقول: أن تسخطوها عليكم، بركوبكم ما يسخطه عليكم، فتوافونه يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا [آل عمران:30][33].

"يَوْمَ تَجِدُ منصوبٌ على الظرفية، والعامل فيه فعلٌ مضمرٌ تقديره: اذكروا، أو خافوا، وقيل: العامل فيه قَدِيرٌ، وقيل: الْمَصِيرُ".

يعني وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۝ يَوْمَ تَجِدُ يعني قديرٌ بذلك اليوم، يكون يرتبط بما قبله، أو بمقدر محذوف يَوْمَ تَجِدُ اذكروا أو خافوا، ونحو ذلك، وقيل: الْمَصِيرُ، وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ متى؟ المصير يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا، وقيل: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۝ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا.

"وقيل: العامل فيه قَدِيرٌ، وقيل: الْمَصِيرُ، وقيل: يُحَذِّرُكُمُ، وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ مبتدأٌ خبره تَوَدُّ".

يعني الآن يَوْمَ تَجِدُ أقرب إلى قَدِيرٌ، من الْمَصِيرُ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران:28] يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ [آل عمران:30]، لكن ذكر بعده قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:29] يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا [آل عمران:30].

"وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ مبتدأٌ خبره تَوَدُّ، أو معطوف".

معطوف على ما قبله تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ وما عملت من سوءٍ أيضًا محضرًا، فيكون معطوفًا بهذا الاعتبار، وأما على أنه مبتدأ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ، يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا لكن الذي يُحضر هل هو الخير فقط؟ ليس الخير فقط، بل الخير والشر، كما قال الله : وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، فما عملوا يشمل الخير والشر، فهنا في قوله: "مبتدأ وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ مبتدأٌ خبره تَوَدُّوَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا، فما قبله يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ أيضًا كذلك، ويكون قوله: تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ متعلق بالسوء، والله أعلم.

"أَمَدًا أي: مسافةً".

الأمد هي الغاية، أَمَدًا بَعِيدًا أي: مسافة بعيدة.

"وَاللَّهُ رَءُوفٌ ذُكر بعد التحذير تأنيسًا؛ لئلا يفرط الخوف؛ أو لأن التحذير والتنبيه رأفة".

يعني قال: وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ يعني ولم يقل: والله شديد العقاب، والمقام مقام تحذير، والرأفة أخص من مطلق الرحمة، رحمةٌ خاصة، رحمة رقيقة، رَءُوفٌ كثير الرأفة بالعباد، فبعض أهل العلم يقولون: ذكر هذا بعد التحذير ليفتح الأمل؛ ولئلا يحصل القنوط، فجمع بين الخوف والرجاء، حذر وأيضًا فتح باب الرجاء، ويحتمل أن يكون باعتبار أن هذا التحذير من رحمته -تبارك وتعالى- بعباده أن حذرهم ما يكون فيه الهلكة والبوار، فهذا من رأفته بنا أن حذرنا كل ما يكون فيه هلاكنا، وهذا معنى قول المؤلف -رحمه الله- "أو لأن التحذير والتنبيه رأفة"، يعني أن تحذيره نتيجةً لرأفته بنا فحذرنا، وجاء أيضًا عن الحسن البصري: "أن من رأفته بهم حذرهم نفسه"[34].

"فَاتَّبِعُونِي جعل اتباع النبي ﷺ علامةً على محبة العبد لله تعالى، وشرطًا في محبة الله...".

شرطًا عندك؟

في النسخة الخطية "وشرطًا".

"جعل اتباع النبي ﷺ علامةً على محبة العبد لله تعالى وشرطًا"؛ لأن معطوف على ما قبله مفعول به منصوب، وشرطًا، جعلها شرطًا فَاتَّبِعُونِي جعل اتباع النبي ﷺ علامةً على محبة العبد لله -تعالى- وشرطًا في محبة الله للعبد، ومغفرته له، فهذه الآية جمعت بين ثلاثة أمور:

الأمر الأول: معيار المحبة قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31] محبة العبد لربه، إن كنتم تحبون الله حقيقةً فاتبعوني، هذا الذي سيق الكلام لتقريره، فزادهم أمرين على ذلك:

الأمر الأول: يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ.

والثاني: وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فذكر المعيار، وذكر الزيادة من محبته للعبد، وغفران الذنوب.

"جعل اتباع النبي ﷺ علامةً على محبة العبد لله تعالى، وشرطًا في محبة الله للعبد، ومغفرته له، وقيل: إن الآية خطابٌ لنصارى نجران، ومعناها على العموم في جميع الناس".

وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله-[35]، باعتبار أن السياق في نصارى نجران، الآيات هذه نازلة فيهم، وإلا فالمعنى عام قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، فصار شرط، أو معيار محبة العبد لربه: اتباع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والإيمان به، وإذا حملنا المعنى على العموم فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ، كل من يدَّعي محبة الله من غير الداخلين في الإسلام، ومن الداخلين والمنتسبين إليه، فإن المعيار هو اتباع النبي ﷺ وكما ذكرنا في القاعدة، في مناسباتٍ سابقة: أن الحكم المعلق على وصف يزيد بزيادته، وينقص بنقصانه، فيكون بقدر ما يكون العبد من الاتباع يكون له من ما ذُكر قبله وبعده فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فمتابعة النبي ﷺ بقدرها تكون محبة العبد للرب، وكذلك محبة الرب للعبد، وغفران الذنوب فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ، فـيُحْبِبْكُمُ اللَّهُ هذا حكم، والوصف اتَّبِعُونِي يترتب عليه الحكم، وهو يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، فالحكم المرتب على وصف الحكم فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ هذا الحكم، حكم لهم بذلك، مرتب على هذا الوصف فَاتَّبِعُونِي، فبقدر الاتباع يكون محبة الله لعبده، وغفران الذنوب.

"إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى [آل عمران:33] الآية، لما مضى صدرٌ من محاجاة نصارى نجران، أخذ يبين لهم ما اختلفوا فيه، وأشكل عليهم من أمر عيسى وكيفية ولادته، وبدأ بذكر آدم ونوحٍ -عليهما السلام- تكميلًا للأمر؛ لأنهما أبوان لجميع الأنبياء، ثم ذكر إبراهيم تدريجًا إلى ذكر عمران، والد مريم أم عيسى وقيل: إن عمران هنا هو والد موسى، وبينهما ألفٌ وثمانمائةِ سنة، والأظهر أن المراد هنا والد مريم؛ لذكر قصتها بعد ذلك".

هو هذا الذي ذهب إليه الحافظ ابن كثير، وهو المتبادر: أن عمران هنا هو والد مريم[36]، أم عيسى، وكانوا يسمون على أنبيائهم، كما جاء عن المغيرة بن شعبة، قال: لما قدمت نجران سألوني، فقالوا: إنكم تقرؤون: يا أخت هارون، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله ﷺ سألته عن ذلك، فقال: إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم[37].

يعني هارون غير النبي الذي قص الله خبره مع موسى يا أخت هارون، فهنا عمران ليس والد موسى، وإنما والد مريم إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ، والاصطفاء بمعنى الاجتباء والاختيار، كان ذلك تدريجًا للكلام على عيسى فذكر اصطفاء هؤلاء اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا، فآدم أول نبي، ثم نوح هو أول رسول، وَآلَ إِبْرَاهِيمَ باعتبار أن إبراهيم فهو داخلٌ فيهم، والآل -كما ذكرنا في بعض المناسبات- تارةً يُطلق يُراد به الرجل نفسه، وتارةً يُراد به معانٍ أخر، الشاهد وَآلَ إِبْرَاهِيمَ، فذكر إبراهيم وآل إبراهيم، فيدخل في ذلك إبراهيم ويدخل فيه أيضًا هؤلاء الأنبياء الذين كانوا من ذريته، وكل من جاء بعده فهو من ذريته، فمن هؤلاء عيسى وهؤلاء -يعني اليهود والنصارى- يدعون أن إبراهيم كان منهم، ويعظمونه.

"وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ يحتمل أن يريد بآل القرابة، أو الأتباع، وعلى الوجهين يدخل نبينا محمد ﷺ في آل إبراهيم".

اصطفى آل إبراهيم وآل عمران المقصود إذا قيل: الأتباع ، فهم المؤمنون منهم، فهؤلاء هم الذين اصطفاهم الله –، وقد يكون المراد: إبراهيم وعمران نفسهما، فهذا بحسب السياق، حينما نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فآل محمد هنا ليس هم محمد ﷺ لأنه ذُكر قبله، فآله -عليه الصلاة والسلام- تارةً يُراد به أهل بيته خاصة، ويدخل فيه أزواجه، وتارةً يُراد به معنًى أخص من ذلك، فلا يدخل فيه الأزواج، وتارةً يُراد بآله معنًى أوسع من هذا: وهم من مُنعوا الصدقة، وهم أربعة أبيات، وتارةً يُراد به الأتباع على دينه، فحينما نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، يدخل فيه أتباع النبي ﷺ على دينه إلى يوم القيامة.

يقول: "يحتمل أن يريده بآل القرابة، أو الأتباع، وعلى الوجهين يدخل نبينا محمد ﷺ في آل إبراهيم"، على الوجهين، فباعتبار أنه من القرابة فهو من ذريته، والأتباع فهو أيضًا من أتباعه، ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:123].

أسئلة:

س: هنا يسأل عن التصريف في الذرية؟

ج: فيها كلام كثير.

س: الوقف الصحيح كيف تعرفه؟

ج: الوقف يرتبط بالمعنى، فهذا يحتاج إلى علم بالمعاني والإعراب، ومثل هذا إذا كان الإنسان له بصر بذلك، يعني عالم بالتفسير، ويعرف الإعراب واللغة، فيمكن أن يكون له اختيار في الوقف، بناءً على ذلك.

وإن كان لا يعرف فيلتزم بالعلامات الموجودة في المصحف، ولا يتعداها، وأما التلاعب الذي نراه في الوقف والوصل والابتداء للإغراب، أو نحو ذلك فهذا لا يصح، يفسد المعنى، ويفسد الإعراب.

كقوله: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16] يبدأ مثلاً: الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ فهذا يغير الإعراب، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ۝ جَنَّاتُ [فاطر:32] الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ۝ جَنَّاتُ فهنا صار مبتدأ.

س: قول الله -جل وعلا-: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21] استدل بعضهم بهذه الآية على خطورة إيذاء المصلحين، والآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، وبأن هذا يوازي أو يقابل قتل الأنبياء، فهل هذا الاستدلال في محله؟

ج: الآية ذُكر فيها القتل وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فذكره مع قتل الأنبياء، فدل على شناعته، وعِظمه، هذا نص عليه بعض المفسرين، والأذى كذلك، لكنه ليس بمنزلة القتل، أذى الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- محرم، وهو ليس بمنزلة القتل، وأذى هؤلاء أيضًا محرم، لكنه ليس بمنزلة القتل، والمذكور في الآية القتل.

 

  1. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/292).
  2. تفسير ابن أبي حاتم - محققا (2/620).
  3. مسند البزار = البحر الزخار (4/109-1285).
  4. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/28).
  5. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/295).
  6. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/28).
  7. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/293).
  8. التحرير والتنوير (3/212).
  9. التفسير القيم = تفسير القرآن الكريم لابن القيم (ص:213).
  10. التفسير القيم = تفسير القرآن الكريم لابن القيم (ص:213).
  11. التفسير القيم = تفسير القرآن الكريم لابن القيم (ص:215).
  12. التفسير القيم = تفسير القرآن الكريم لابن القيم (ص:215).
  13. أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، والشروط التي يتعارفها الناس بينهم، وإذا قال: مائة إلا واحدة أو ثنتين برقم: (2736) ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها برقم (2677).
  14. أخرجه مسند أحمد ط الرسالة (6/246-3712) وقال محققو المسند: " إسناده ضعيف".
  15. التفسير القيم = تفسير القرآن الكريم لابن القيم (ص:215).
  16. معاني القرآن وإعرابه للزجاج (1/394).
  17. تاريخ ابن خلدون (1/189).
  18. شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص:179).
  19. أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها صلاة الليل وقيامه، باب الدعاء برقم: (771).
  20. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/307).
  21. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1/418).
  22. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/29).
  23. أخرجه مسلم في كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله ﷺ شيئا قط فقال لا وكثرة عطائه برقم: (2312).
  24. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/29).
  25. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/316).
  26. تفسير السمرقندي = بحر العلوم (1/205).
  27. تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1/419).
  28. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/30).
  29. تفسير الألوسي = روح المعاني (2/117).
  30. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/30).
  31. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/317).
  32. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/318).
  33. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/323).
  34. تفسير عبد الرزاق (1/387) وتفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/324).
  35. تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (5/326).
  36. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/33).
  37. أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب من الأسماء برقم: (2135).

مواد ذات صلة