الجمعة 25 / جمادى الآخرة / 1446 - 27 / ديسمبر 2024
(005-ب) تكملة قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين..) الآية 80 – إلى قوله تعالى (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار..) الآية 90
تاريخ النشر: ٢٦ / محرّم / ١٤٣٨
التحميل: 949
مرات الإستماع: 1186

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

قال ابن جُزي -رحمه الله تعالى-:

واللام في قوله: لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81]، وفي نسخة لما آتيتكم، لام التوطئة، لأنّ أخذ الميثاق في معنى الاستخلاف، وفي أربع نسخ: في معنى الاستحلاف، وفي نسخة: في معنى الاستحقاق، واللام في لَتُؤْمِنُنَّ [آل عمران:81]، جواب القسم، وما يحتمل أن تكون شرطية، لَتُؤْمِنُنَّ [آل عمران:81]، سدّ مسدّ جواب القسم والشرط، وما يحتمل أن تكون شرطية، وأن تكون موصولةً بمعنى: الذي آتيناكموه لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، والضمير في به ولتنصرنه عائدٌ على الرسول.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله: "واللام في قوله: لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81]" هذه قراءة نافع، ولذلك لا حاجة لئن يُقال: في نسخة، فالكتاب على قراءة نافع لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81] لام التوطئة، أو التحقيق لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81]، قال: "لأنّ أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف" العهد المؤكد هو الميثاق، لكن بالخاء الاستخلاف ما وجهه؟ لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81].

قال في نسخة: "وفي نسخة لما آتيتكم؛ لأنّ أخذ الميثاق في معنى الاستخلاف" ليس كذلك، الاستحلاف بالحاء وفي نسخة أخرى الاستحقاق، أخذ الميثاق بمعنى الاستحقاق، والاستحلاف أقرب، -والله أعلم-.

وفي لِمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81]، قرأه حمزة بكسر اللام لِما آتيتكم، فتكون اللام للتعليل.

يقول: "واللام في لَتُؤْمِنُنَّ [آل عمران:81] جواب القسم" يعني اللام لام التوطئة يعني موطئة للقسم، في قسم مُضمر، "لأنّ أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف" يعني أن لفظ الميثاق هنا بمعنى الاستحلاف بمعنى اليمين حلف، فقد يُعبر عن اليمين بمثل هذا، أخذ الميثاق قد يُعبر عنه بعباراتٍ أخرى، وإن لم يكن فيها التصريح باليمين فتكون مؤديةً عنه دالةً عليه يكون بمنزلة اليمين، فاللام تدل على ذلك، إنه يوجد قسم هنا في هذا الموضع طيب، وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81] يعني كأنه استحلفه، وتكون اللام موطئة في القسم، النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ [آل عمران:81]، أين الجواب؟

لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [آل عمران:81] فهذا جواب القسم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ [آل عمران:81]، تكون هذه اللام داخلة على جواب القسم.

يقول: "وما يحتمل أن تكون شرطية" يعني في محل نصب مفعول به للفعل الذي بعدها، لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ [آل عمران:81]، ويكون على هذا: جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه في قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ [آل عمران:81]، والقاعدة أنه إذا اجتمع شرطٌ وقسم فالجواب للأسبق منهما، يعني يُكتفا بجوابٍ واحد، فإذا قُلنا: إن هذا الجواب للقسم يكون قد سد مسد جواب الشرط لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81]، فهذا وجهٌ في الإعراب.

يقول: "وما يحتمل أن تكون شرطية" فيكون اجتمع شرط وقسم، لَتُؤْمِنُنَّ [آل عمران:81] "سدّ مسدّ جواب القسم والشرط" هو جوابٌ واحد يكون التقدير على أنه يوجد شرط، أنها شرطية لمهما آتيتكم، يعني مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ [آل عمران:81]، كما تقول: مهما كان من الأمر عليك أن تفعل كذا، فيكون في شرط لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ هذا جواب، لكن وُجد قسم وشرط، وعلى القاعدة أن الجواب الأسبق ليكون هذا جواب القسم سد مسد جواب الشرط، يعني لا نحتاج إلى جوابين ليس شرطاً لابد له من جواب يسمونه: جزاء الشرط، أو جواب الشرط والقسم كذلك، فيكفي أحدهما لمهما آتيتكم هذا اختيار الحافظ بن كثير -رحمه الله- في التقدير لمهما إنها شرطية[1]، لَمَا آتَيْتُكُمْ في منزلة مهما لمهما آتيتكم، يعني المعنى يكون: أي كتابٍ آتيتكم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ -والله أعلم-.

يقول: "وما يحتمل أن تكون شرطية، لَتُؤْمِنُنَّ [آل عمران:81] سدّ مسدّ جواب القسم والشرط، وأن تكون موصولةً" يعني ما فما آتيتكم، بمعنى الذي آتيناكموه مهما آتيتكم لمهما، يعني لما آتيتكم لا الذي آتيناكموه، فهي في محل رفع مبتدأ، واللام -لما- لام الابتداء، فهذا باعتبار وجود لما آتيتكم، لا الذي آتيتكم، فأخذ الميثاق قُلنا: أنه اعتُبر بمنزلة الحلف أو القسم، فيكون فيها قسم، فجملة آتيتكم لما آتيتكم صلة، والعائد محذوف آتيتكموه لما آتيتكموه، سيبويه سأل الخليل عن هذه الآية: لما آتيتكم، فقال: بأن "ما" بمعنى "الذي" يعني كيف يكون المعنى؟ يعني: لما آتيتكم للذي آتيتكم، للذي آتيتكموه مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ  [آل عمران:81] وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ، كل هذا يدل على القسم للذي آتيتكموه مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ، لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، فتكون هذه اللام داخلة على جواب القسم فهنا يقول: "وأن تكون موصولةً بمعنى الذي آتيناكموه" -والله أعلم-.

قال: والضمير في به ولتنصرنه عائدٌ على الرسول.

لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، يقول: "والضمير في به ولتنصرنه عائدٌ على الرسول"، هذا لا إشكال فيه واضح لكن في قوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، هذا يكون جوابًا لقوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ، إذا قُلنا: بأن هذا من قبيل الشرط، فيكون جواب الشرط محذوف؛ لأنه أغنى عنه جواب القسم، كما سبق إذا اجتمع شرطٌ وقسم أغنى عنه جواب القسم، لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ الضمير هنا يعود على اسم الشرط عند بعضهم على الوجه الأول، فيما أنها شرطية لمهما آتيتكم، وعلى أنها موصولة فقوله: لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ جواب القسم المقدر، وهذا القسم المقدر وجوابه خبر للمبتدأ ما في لما آتيتكم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، فتكون الضمير الهاء يعود على المبتدأ، ولا تعود على رسول على هذا الاعتبار، تنصرنه هنا الضمير في به، ولتنصرنه عائد على الرسول هذا على وجه كما سبق.

قوله: أَأَقْرَرْتُمْ [آل عمران:81] أي اعترفتم إِصْرِي عهدي.

نعم هذا قاله الكثير من السلف، الإصر بمعنى العهد، جاء عن ابن عباس، ومجاهد قتادة، والربيع، والسُدي[2]، يقول محمد بن إسحاق: "أي ثَقُل عليكم ما حُملتم من عهدي"[3]، أي ميثاقي الشديد المؤكد، الإصر يقال لـلعهد المؤكد، الميثاق الشديد، الإصر أيضًا يُقال: للتكليف الثقيل، وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ [الأعراف:157]، أخذتم على ذلك إصري يعني: عهدي المؤكد.

قوله: فَاشْهَدُوا [آل عمران:81] أي: على أنفسكم، وعلى أممكم بالتزام هذا العهد، وَأَنَا مَعَكُمْ [آل عمران:81]، تأكيدٌ للعهد بشهادة رب العزة .

قوله: بَعْدَ ذلِكَ أي من تولى عن الإيمان بهذا النبيﷺ بعد هذا الميثاق فهو فاسقٌ متردٍ في كفره.

فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [آل عمران:82] متردٍ من التردي، وليس متردد فاسق متردٍ في كفره، على كل حال ليس من كلام النبوة، هذا تفسير نأخذ اللفظ الأقرب إلى السياق، متردٍ في كفره، ولو قيل: متمرد في كفره لا إشكال.

الحاصل في قوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ [آل عمران:81]، على هذه القراءة بفتح اللام لَمَا آتَيْتُكُمْ [آل عمران:81] فيمكن أن تكون ما هذه شرطية، هذا اختيار ابن كثير -رحمه الله- ودخلت عليها لام التحقيق أو التوطئة موطئه للقسم، ويكون المعنى: هكذا لمهما آتيتكم من كتاب، يعني أي كتابٍ آتيتكم لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ [آل عمران:81] بهذا الاعتبار آتيتكم، وهذا الفعل من جهة المعنى مستقبل؛ لأنه في حيز الشرط، وكما سبق إن جواب الشرط محذوف، وعلى القول: بأن ما موصولة بمعنى الذي، فهي في محل رفع مبتدأ، واللام لام الابتداء وقعت جوابًا للقسم المدلول عليه من جهة ذكر الميثاق كما سبق، وتكون جملة آتيتكم صلة ما: للذي آتيتكم، والعائد محذوف، ضمير آتيتكموه، ويكون على هذا الاعتبار يعني أن ما موصولة، لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ [آل عمران:81] جواب قسم مقدر، وعلى القراءة الأخرى لِما آتيتكم قراءة حمزة تكون اللام للتعليل لِما آتيتكم من كتاب وحكمة، يعني أنها حرف جر وتكون ما مصدرية، والتقدير: لأجل إيتاء إياكم بعض الكتاب والحكمة، ثم لمجيء رسولٍ مُصدق لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ [آل عمران:81]، أو يكون لأجل إيتاء إياكم كذا وكذا، أخذت عليكم الميثاق كلام المعربين في هذا كثير، لكن يكفي هذا.

قوله: أَفَغَيْرَ [آل عمران:83] الهمزة للإنكار، والفاء عطفت جملةً على جملة، وغير مفعول قُدّم للاهتمام به أو للحصر.

أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ [آل عمران:83] الهمزة للإنكار، والفاء عطفت جملةً على جملة، وغير مفعول قُدّم للاهتمام به أو للحصر، يعني تقديم ما حقه التأخير يُشعر الحصر، وهو يدل أيضًا على الاهتمام بالمقدم.

قوله: وَلَهُ أَسْلَمَ [آل عمران:83] أي: انقاد واستسلم طَوْعًا وَكَرْهًا مصدرٌ في موضع الحال، والطوع للمؤمنين والكره للكافر إذا عاين الموت، وقيل: عند أخذ الميثاق المتقدّم، وقيل: إقرار كل كافرٍ بالصانع هو إسلامه كرهًا.

هنا في قوله: وَلَهُ أَسْلَمَ [آل عمران:83] "أي انقاد واستسلم طَوْعًا وَكَرْهًا مصدرٌ في موضع الحال"، يعني حال كونه طائعًا، أو حال كونه مكرهًا، "والطوع للمؤمنين والكره للكافر"، متى يكون الكافر مسلمًا بهذا الاعتبار؟ يقول: إذا عاين الموت يعني: يعلم عندها، يُبشر بالنار لكن لا ينفعه ذلك، أو عاين الهلاك، وبأس الله فإذا عاينوا بأس الله قالوا: آمنا، وفرعون لما عاين الهلاك قال: آمن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، فعلى هذا التفسير يكون أهل الإيمان آمنوا طوعًا، وغيرهم آمنوا مرغمين، هذا وجهٌ في أن المراد في حال المعاينة التي لا ينفع معها الإيمان.

وقيل: عند أخذ الميثاق المتقدّم، وله أسلم أنهم أسلموا، وإذا أخذه قالوا: شهدنا، وهذا قال به ابن عباس إن هذا الإسلام بالنسبة لهؤلاء الكفار عند أخذ الميثاق.

 يقول: "وقيل: إقرار كل كافرٍ بالصانع هو إسلامه كرهًا" هذا كما يقول قتادة: بأنه نظير قول الله تبارك وتعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [العنكبوت:61]، ففُسر بهذا وقيل غير ذلك، يعني من الأقوال القريبة بتوجيهه، يعني من أسلم كرهًا بالنسبة للكفار بأي اعتبار؟ باعتبار أنهم تحت قهره وتصرفه، وهم مستسلمون لقضائه وقدره، لا يخرجون عن إرادته، وهذا قريب، ولعله أوضح وأقرب مما ذُكر.

إسلام الكافر كرهًا باعتبار أنه مُدبر مُصرف لا يخرج عن إرادة الله وهو تحت قهره، وهذا الذي ذكره الشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ونسبه إلى عامة السلف[4]، بأن المراد بالاستسلام هنا لله بالخضوع والذل أيضًا، لكن شيخ الإسلام لا يقصره على مجرد القهر وتصريف الرب لهم، بل أنهم أيضًا خاضعون ذليلون لله -تبارك وتعالى- كما في قوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [الرعد:15]، وهكذا في قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ [النحل:48]، نعم يعني: خاضعون ذليلون وهكذا، وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ [النحل:49].

قوله: قُلْ آمَنَّا [آل عمران:84] أُمر النبيّ ﷺ أن يُخبر عن نفسه، وعن أمّته بالإيمان، وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا [آل عمران:84] تعدى هنا بَعْلِى مناسبةً لقوله: قل، وفي البقرة بإلى لقوله: قولوا، لأنّ على حرف استعلاء يقتضي النزول من علوٍ، ونزوله على هذا المعنى مختصٌ بالنبي ﷺ وإلى حرف غاية وهو موصلٌ إلى جميع الأمّة.

قُلْ آمَنَّا [آل عمران:84] يقول: "أُمر النبيّ ﷺ أن يُخبر عن نفسه، وعن أمّته بالإيمان، وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا [آل عمران:84] تعدى هنا بَعلى مناسبةً لقوله: قل، وفي البقرة بإلى لقوله: قولوا، لأنّ على حرف استعلاء يقتضي النزول من علوٍ، ونزوله على هذا المعنى مختصٌ بالنبي -صلّى الله عليه وآله وسلّم-" يعني النبي ﷺ هنا مأمور قُلْ آمَنَّا [آل عمران:84] خطاب للنبي ﷺ فجاء بالعبارة المشعرة بالنزول من الوحي من الله من أعلى إلى أسفل، وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا [آل عمران:84]، وآية البقرة: قُولُوا آمَنَّا [البقرة:136] الخطاب للأمة، فجاء ب"إلى" التي تدل على وصول ذلك إليهم، وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136] أي واصلٌ إليهم من النبي ﷺ هكذا قال، وهذا يذكره أصحاب التفسير البلاغي، وأيضًا الذين يتحدثون عن الـمتشابه اللفظي، هذا من قبيل المتشابه اللفظي في القرآن، لماذا عبر هنا بكذا ولماذا عبر بكذا؟ تجدون هذا في متن كتاب: "البرهان في توجيه متشابه القرآن" للكرماني، ومثل كتاب: "درة التأويل" للإسكافي، وكذلك في كتاب: "ملاك التأويل" للغرناطي، وكذلك هنا كتاب آخر أيضًا لزكريا الأنصاري.

عمومًا هؤلاء يذكرون هذه الوجوه، ويذكرون أشياء غير قليلة متكلفة بالتوجيه، فبعض ما يذكرونه قريب له وجه، وبعضه في غاية البعد والتكلف والله أعلم، فما ظهر واستبان من هذا قُبل، وما كان غامضًا، فإنه لا يُقال لئلا يكون الإنسان قائلًا على الله به بلا علم.

يقول: لماذا يتجه بعض العلماء إلى محامل بعيدة، وأقوال متكلفة؟

هم يحاولون أن يوجهوا هذا لماذا قال هنا كذا، ولماذا قال هنا كذا، فيكدون الأذهان يستخرجون مثل هذه الأوجه، ولكن هي بعيدة، وأيضًا حينما تقرأ فيها، يعني لما تقرأها تجد أحيانًا أنها بها حالٍ من الغموض، ولو كانت ظاهرة لما كانت غامضة، يعني هذا التوجيه من هذا المتشابه، فأحيانًا يكون الوجه قريب ظاهر وملحظ جيد، وأحيانًا لا، وأما إذا كان ذلك في الكلام المنقول عن أعجمي -غير العرب- بكلامهم فهذا أيضًا أكثر إشكالًا؛ لأن المنقول من ذلك إنما هو مؤداه ومعناه وليس بألفاظه، كما هو معلوم، فنقل الكلام من لغةٍ إلى لغة، يتكلم بالأعجمية، فيكون المنقول هو المؤدى والمعنى، ولذلك تجد أحيانًا حكاية وقصة وكذا في موضعين، تجد العبارة هنا كذا يستخرجون منها معاني بلاغية، الألفاظ من نفس الألفاظ، ولا شك المعاني الهدايات التي دلت عليها ثابتة بلا شك، لكن كلام على الملحظ اللفظي، وتجد اللفظة في موضعٍ آخر، تجد العبارة قد تكون فيها مغايرة، لكن قد تنقض الكلام الأول الذي قالوه قد تنقضه، يعني خذ على سبيل المثال قوله -تبارك وتعالى- في قصة الملائكة، لما جاءوا إلى إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وبشروه بالغلام ففي سورة الذاريات قالت امرأة إبراهيم -عليها السلام- لما بُشرت: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ [الذاريات:29].

 الحافظ ابن القيم يقول: "فيه حسن أدب المرأة عند خطاب الرجال واقتصارها من الكلام على ما يتأدى به الحاجة، فإنها حذفت المبتدأ ولم تقل أنا عجوز عقيم"[5]، فلا تطول الحديث مع الرجال، عبرت بكلمتين، لكن في الموضع الآخر: قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ [هود:72]، كلام طويل فهل عبرت بكلمتين فقط؟ هذا كلام منقول معناه بالمعنى؛ لأنه أعجمي في أصله، هو لا يتكلم العربية، فالوقوف عند الألفاظ من الناحية البلاغية، الهدايات لا شك، هنا لماذا عبرت هنا بكذا وعبرت هنا بكذا ونحو ذلك، لا يخلو من الإشكال، وفي نفس القصة تجد أشياء أيضًا من هذا القبيل، التفاوت اللفظي، وحمل ذلك على محامل عند بعض البلاغيين لا يخلوا من الإشكال، يعني مثلًا إبراهيم قال لهم: قَوْمٌ مُنْكَرُونَ [الذاريات:25]، يقول ابن القيم: "لم يواجههم بهذا الخطاب لما فيه من الاستيحاش"[6]، لا يليق أن يوجه إلى الضيف يُقال له: أنت مُنكر هذا يقع فيه إيحاش في نفس الضيف، لكن هذا في مواقع أخرى قد لا يكون كذلك، ويساعد على هذا المعنى الذي استخرجه ابن القيم -رحمه الله-.

في قوله: قُلْ آمَنَّا وكذلك حيث وحد الضمير، قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ [آل عمران:84]، لاحظ قل هذا خطاب للنبي ﷺ قل واحد، آمنا هذا جمع أليس كذلك؟ قُلْ آمَنَّا، ابن جُزي يقول: قُلْ آمَنَّا [آل عمران:84] "أُمر النبيّ ﷺ أن يُخبر عن نفسه" وعن أمّته، آمنا يعني هذا التوجيه فيه استعمال صيغة الجمع بعد المفرد، قُلْ آمَنَّا، هذا ما قال: قولوا آمنا، قل هذا لواحد، ما قال: قل آمنت واضح؟ فابن جُزي اختصر الجواب المضمن بهذا الكلام البسيط، قُلْ آمَنَّا يعني أن يُخبر عن نفسه وعن أمته، قل أنت آمنّا فيخبر عن الجميع.

لكن العلماء ذكروا أوجهً في هذا منها: أنه حين خاطبه، إنما خاطبه بلفظ المفرد، وعلمه أنه حين يخاطب القوم يخاطبهم بلفظ الجمع، قُلْ آمَنَّا وقول من يقول: بأنه خاطبه أولًا بخطاب المفرد، ليدل هذا الكلام على أنه لا مُبلغ لهذا التكليف من الله إلى الخلق إلا النبي ﷺ ثم قال: آمنّا، تنبيهًا على أنه حين يقول هذا القول فإن أصحابه يوافقون عليه.

ومن ذلك أيضًا أن الجمع في قوله: آمَنَّا بعد الإفراد في: قُلْ الأمر عامًا، والإفراد لتشريفه -عليه الصلاة والسلام- والإيذان بأنه أصلٌ في ذلك، أو الأمر خاص بالإخبار عن نفسه -عليه الصلاة والسلام-.

قُلْ آمَنَّا فيكون جمع للتعظيم والتفخيم، لكن ما ذكره ابن جُزي أسهل وأوضح وأخصر بهذه العبارة الوجيزة: "قُلْ آمَنَّا أُمر النبيّ ﷺ أن يُخبر عن نفسه، وعن أمّته بالإيمان" فهذا جواب لهذا السؤال واضح السؤال؟ هذا جوابه.

"وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا تعدى هنا بَعْلِى هذا سبق في توجيه هذا المتشابه اللفظي، وذكر السيوطي في "الإتقان"[7] أن التي في البقرة وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136]، أنه خطاب للمسلمين، وهنا وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا، خطاب النبي ﷺ وأن إلى يُنتهى بها كل جهة وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا، وعلى لا يُنتهى بها إلا من جهةٍ واحدة وهي العلو، فالقرآن يأتي للمسلمين من كل جهة، يأتي من مُبلغه إياهم، من بلغهم به، وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا، وأما النبي ﷺ فمن جهة العلو، لكن هكذا قال ولكن هو يريد أن المسلمين، وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا، ما يصل إليهم من القرآن عن طريق النبي ﷺ عن طريق مُبلغٍ غير النبي ﷺ من يعلمهم ويقرأهم من الصحابة ونحو ذلك، فما يصلهم من ذلك فهو قد بلغ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا، والله أعلم.

على قول الكوفيين بأن حروف الجر تتناوب وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا [آل عمران:84] بمعنى وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا، ولذلك المعنى واحد، وأنه لا حاجة لمثل هذه التدقيقات، لكن مثل هذا الذي يذكرونه في التوجيهات البلاغية، إنما هي أمورٌ ظنية هذا أولًا، ثانيًا أنه لا يتوقف عليها فهم المعنى، مع أن كثيرًا منها لا يخلو من إشكال، وإن كان قد يُستملح، لكن يبقى أنها من مُلح العلم إن كانت صحيحة، وليست من صلبه هي ظنية، لا يتوقف عليها فهم المعنى، ظنية لا يُقطع بها، يُقال: يحتمل وهي ظنية، ولا يتوقف عليها فهم المعنى، المعنى أنها ليست من صلب المعنى، ولكنها من مُلح العلم إن كانت صحيحة.

قوله: وَمَنْ يَبْتَغِ [آل عمران:85] الآية: إبطالٌ لجميع الأديان غير الإسلام، وقيل: نسخت: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ [البقرة:62].

يقول: "وَمَنْ يَبْتَغِ [آل عمران:85] الآية: إبطالٌ لجميع الأديان غير الإسلام، أو يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85]" بعضهم يقول: بأن الإسلام هنا الاستسلام لله تعالى وتفويض الأمر إليه، يعني الإسلام العام وذلك مُراد من جميع الناس على اختلاف الأزمان، هذا الذي اختاره كثير من المحققين، قال به ابن عطية[8]، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-[9]، ومن المعاصرين الشيخ عبد الرحمن السعدي[10].

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85] يعني الإسلام العام الذي هو دين جميع الأنبياء -عليهم السلام- فذلك لا يختص بما بُعث به النبي ﷺ الدين والشريعة التي هي شريعة الإسلام، وبعضهم حمله على هذا المعنى الأخير، يعني وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85] يعني غير شريعة محمد -عليه الصلاة والسلام- وهذا الذي اختاره الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-[11].

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85] الإسلام الخاص الذي بُعث به النبي ﷺ والراغب الأصفهاني[12] أدخله في الأول، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ إذا كان ذلك بعد بعث النبي ﷺ فإن إسلام الوجه لله لا يتحقق ويتأتى، إلا بمتابعة النبي ﷺ وشريعته؛ لأن ذلك هو المأمور به، لكن قبله المقصود أن الدين الذي بعث الله به جميع المرسلين هو الإسلام، وليس المقصود بالإسلام شريعة النبي ﷺ وإنما إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:132]، فهذا الإسلام العام بهذا الاعتبار يمكن أن نجمع بين القولين، فالحافظ ابن كثير فسره بالأول أنه: عبادة الله وحده لا شريك له[13]، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ [آل عمران:85]، يقول: إبطال لجميع الأديان غير الإسلام، وقيل بأنها نسخت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ [البقرة:62]، الواقع أنها ليست بناسخة لها؛ لأن المذكورين هنا في هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:62]، أن هذا في زمانهم قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فمن كان منهم موحدًا لله مستقيمًا على طاعته، فهو موعودٌ بالجنة بهذا الاعتبار.

ويكون المراد بالصابئين هنا كما سبق في الكلام على سورة البقرة، في أنهم من كانوا على فطرة وتوحيد وإيمان، وما كانوا أتباع نبي؛ لأنه لم يُبعث إليهم نبي، أو ما أدركوا نبيًا، فكانوا على الفطرة، وبعضهم يقول: هم طائفة من النصارى، وبعضهم يقول غير ذلك، والواقع أن الصابئين كما سبق إطلاق يُطلق على طوائف، وليس على طائفة واحدة، فقد يُطلق على بعض طوائف المشركين، وقد يُطلق على بعض الموحدين، فلاشك أن المراد هنا من كانوا على التوحيد، فالآية وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85]، ليست ناسخة لتلك؛ لأن تلك الآية هي في من كانوا على التوحيد والإيمان قبل مبعث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

وإذا حملنا الآية على الإسلام العام وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85] فلا شك أنها الإسلام العام يدخل فيما كان عليه أتباع موسى، وأتباع عيسى، وأتباع سائر الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فلا نسخ والقاعدة: أن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

قوله: كَيْفَ سؤال، والمراد به هنا: استبعاد الهدى

قوله: قَوْمًا كَفَرُوا نزلت في الحرث بن سويد وغيره أسلموا ثم ارتدّوا ولحقوا بالكفار، ثم كتبوا إلى أهلهم هل لنا من توبة؟ فنزلة الآية إلى قوله: إلّا الذين تابوا، فرجعوا إلى الإسلام.

هو صح من حديث ابن عباس -ا- قال: "كان رجلٌ من الأنصار أسلم، ثم ارتد ولحق بالشرك، ثم تندم فأرسل إلى قومه"[14]، يعني: يسأل: "هل لنا من توبة؟" كما ذكر هنا، فنزلت الآية: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا [آل عمران:86]، إلى أن قال: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:89]، فمن تاب تاب الله عليه ولو كان قد ارتد عن الإسلام، فهذا سبب النزول ثابت وصحيح.

وقيل: نزلت في اليهود والنصارى شهدوا بصفة النبي -صلّى الله عليه واله وسلّم- وآمنوا به ثم كفروا به لما بُعث.

لكن هذا لا يصح بأنها سبب النزول، إضافةً إلى أن العبارة غير صريحة، قال: نزلت في اليهود والنصارى، يعني هذا يكون من قبيل التفسير ليس بسبب نزول الآية، فسبب النزول ما ذُكر في حديث ابن عباس -ا- وذلك يصدق على اليهود والنصارى الذين شهدوا بصفتهﷺ وآمنوا ثم كفروا به لما بُعث.

قوله: وشهدوا عطفٌ على إيمانهم؛ لأنّ معناه: بعد أن آمنوا، وقيل: الواو للحال، وقال ابن عطية: عطفٌ على كفروا والواو لا تُرتب.

يعني الواو لا تفيد الترتيب، كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا [آل عمران:86]، يعني كفروا وشهدوا فهذا على قول ابن عطية[15]، طيب كيف كفروا؟ بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق؟ يقول: الواو لا تفيد الترتيب، يعني أنهم شهدوا أولًا قبل مبعثه، ثم كفروا بعد أن بُعث، يعني المذكور في الآية على غير الترتيب من حيث الواقع، الواقع أنهم شهدوا أولًا قبل مبعثه، ثم كفروا بعد أن بُعث هذا معنى الكلام ابن عطية، الواو لا تقتضي الترتيب، يعني هذا سؤال يقع الإشكال على هذا التفسير، كيف كفروا وبعدها قال: وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ [آل عمران:86]؟ هذا تناقض؟ قال: لا ليس بتناقض، الواو لا تقتضي الترتيب، هم وقع منهم الأمران من الناحية الواقعية من وقع أولًا؟ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ [آل عمران:86]، ثم بعد ذلك كفروا.

يقول: وشهدوا عطفٌ على إيمانهم، يعني كفروا بعد إيمانهم وشهدوا؛ لأن معناه بعد أن آمنوا وشهدوا، وقيل: الواو للحال، يعني كفروا بعد إيمانهم حال شهادتهم أن الرسول، أو حال كونهم شاهدين بأن الرسول حق، هذه القاعدة الواو لا تفيد الترتيب في اللغة، تدل على مطلق الجمع وليس الترتيب.

قوله: وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ عمومٌ بمعنى الخصوص في المؤمنين، أو على عمومه وتكون اللعنة في الآخرة.

يعني عمومه بمعنى الخصوص في المؤمنين، يعني أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [آل عمران:87]، يعني حتى الكفار يلعنوه، هم يلعنون أنفسهم؛ لأنهم كفروا قال: "هذا عمومٌ بمعنى الخصوص" يعني من العام المراد به الخصوص، يعني يلعنهم أهل الإنسان الناس لفظ عام، أُريد به معنىً خاص وهم المؤمنون.

"أو على عمومه وتكون اللعنة في الآخرة"، هما ما يلعنونهم في الدنيا، عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [آل عمران:87]، يعني في الآخرة يلعنونهم فالكفار يلعنوا بعضهم بعضًا في الآخرة.

قال: قوله: خالِدِينَ فِيها الضمير عائدٌ على اللعنة.

نعم خالدين فيها، أي اللعنة هذا الذي اختاره ابن كثير -رحمه الله-[16] باعتبار أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، فأقرب مذكور هو اللعنة أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا [آل عمران:88، فاللعنة مؤنثة والضمير رجع مؤنثًا، فهو يرجع إلى اللعنة.

وقيل: على النار وإن لم تكن ذُكرت لأنّ المعنى يقتضيها.

يعني يكون الضمير خَالِدِينَ فِيهَا [آل عمران:88] عائد على غير مذكور، لكنه يُفهم من السياق خَالِدِينَ فِيهَا [آل عمران:88] أي النار يمكن أن يُجمع بينهما، خَالِدِينَ فِيهَا أي في عذاب الله ولعنته، خَالِدِينَ فِيهَا [آل عمران:88] يعني في العذاب أو في اللعنة، أو في عقوبة الله ولعنته خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ، فالسياق مُشعر بأن المقصود النار، وهي التي يُذكر الخلود معها، وذكر هنا تخفيف العذاب إلى آخره، كل هذا مُشعر بأن ذلك خالدين فيها أي النار، لكن اللعنة حاصلة لهم مع عذاب النار.

قوله: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا، قيل: هم اليهود كفروا بعيسى بعد إيمانهم بموسى، ثم ازدادوا كفرًا بكفرهم بمحمد ﷺ.

وقيل: كفروا بمحمدٍ ﷺ بعد أن كانوا مؤمنين قبل مبعثه، ثم ازدادوا كفرًا بعداوتهم له وطعنهم عليه.

وقيل: هم الذين ارتدّوا.

من أوضح ما قيل في هذا ما ذكر الحافظ بن كثير -رحمه الله- ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا [آل عمران:90] يعني كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا [آل عمران:90]، لماذا؟ قال: "استمروا عليه إلى الممات"[17]، باعتبار أنه قال: لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ [آل عمران:90]، فالمرتد الذي كفر ولو ازدادا كفرًا فإن التوبة تُقبل، من تاب تاب الله عليه مهما كان ذنبه، لكن هنا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ [آل عمران:90]، لن هذه أقوى صيغة في النفي لن لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ [آل عمران:90]، من هؤلاء؟ حمله ابن كثير على ازْدَادُوا كُفْرًا [آل عمران:90] "استمروا إلى الممات"، وهؤلاء لن تُقبل توبتهم، يقول: عند موتهم كما قال الله : وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء:18]، فهؤلاء لا تُقبل توبتهم لكن لو أنه تاب قبل ذلك فهنا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا [آل عمران:90]، يعني الآن ما ذكره هنا من المعاني اليهود.

قال: "هم اليهود كفروا بعيسى بعد إيمانهم بموسى، ثم ازدادوا كفرًا بكفرهم بمحمد ﷺ"، طيب لو كفروا بهذا كله ثم آمنوا؟ تُقبل توبتهم، "وقيل: كفروا بمحمدٍ ﷺ بعد أن كانوا مؤمنين قبل مبعثه"، يعني بوصفه، طيب لو آمنوا بعد ذلك بعد كفرهم؟

قال: "ثم ازدادوا كفرًا بعداوتهم له وطعنهم عليه، وقيل: هم الذين ارتدّوا".

ولو ارتد وتاب فلابد من حمله على ما ذكر ابن كثير أنهم استمروا على ذلك على الممات، فهؤلاء لا تُقبل توبتهم عند المعاينة الموت، وما عدا ذلك فأن التوبة تُقبل، التوبة لا تُقبل إذا صار الإنسان على حال الغرغرة، أو إذا طلعت الشمس من مغربها، وبمنزلة الغرغرة يكون معاينة العذاب إذا نزل بهم العذاب في الدنيا، كما حصل لفرعون.

قوله: لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ قيل: ذلك عبارة عن موتهم على الكفر: أي ليس لهم توبة فتُقبل، وذلك في قومٍ بأعيانهم ختم الله لهم بالكفر.

لم يكن لهم توبة فتُقبل، الله قال: لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ [آل عمران:90]، يعني هو لو وقعت، فكيف يُقال: لم تكن لهم توبة؟ استمروا على الكفر، فإذا عاينوا وكانوا في حال الغرغرة أرادوا أن يتوبوا عند الموت، أو عند معاينة العذاب، فذلك لا ينفعهم ولا تُقبل توبتهم، لكن لا يُفسر بمجرد الموت على الكفر بمجرده هكذا، باعتبار أنه لم تقع منهم توبة لا، يُقال: إنهم استمروا على ذلك إلى الممات، فعند موتهم إذا وقعت منهم توبة فإنها لا تُقبل.

وقيل: لن تُقبل توبتهم مع إقامتهم على الكفر، فذلك عامّ.

كما سبق في قوله -تبارك وتعالى-: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء:18].

قوله: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ [آل عمران:91] جزم بالعذاب لكل من مات على الكفر، والواو في قوله: وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91]، قيل: زيادة، وقيل: للعطف على محذوف، كأنه قال: لن يُقبل من أحدهم لو تصدّق به وَلَوِ افْتَدَى بِهِ، وقيل: نُفى أولًا القبول جملةً على الوجوه كلها، ثم خص الفدية بالنفي كقولك: أنا لا أفعل كذا أصلًا ولو رغبت إليّ.

قوله هنا: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ، يقول: "جزم بالعذاب لكل من مات على الكفر والواو في قوله: وَلَوِ افْتَدى بِهِ، قيل: زيادة"، ومضى في بعض المناسبات أنه لا يُقال: بأن في القرآن زائد، وهم يقصدون زائد إعرابًا لا يقصدون من جهة المعنى، وإلا فكل حرف في القرآن زيادة المبنى لزيادة المعنى، لا يوجد في القرآن حشو، لكن يقصدون زائد إعرابًا، لكن بعض العلماء لا يرى التعبير بمثل هذا، وصرح الزركشي في كتاب: "البحر المحيط" بأنه: "لا زائد في القرآن"[18]، ذكر هذا في نحو موضعين في أصول الفقه.

وذكر هذا أيضًا غيره، وبعضهم يتلطف فيسمي ذلك: صلة، بدلًا من التعبير بالزيادة، يقصدون زائدة إعرابًا، وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91]، يقول: الواو زائدة يعني فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91]، على أنها زائدة إعرابًا.

"وقيل: للعطف على محذوف، كأنه قال: لن يُقبل من أحدهم لو تصدّق به ولو افتدى به"، يعني لن يُقبل منه في القُرب يتقرب به إلى الله؛ لأنه فقد أصل القبول وهو: التوحيد والإيمان الصحيح، ولو أراد أن يفتدى به أيضًا فلن يُقبل منه، فالصدقة غير الافتداء وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91].

"وقيل: نُفى أولًا القبول جملةً على الوجوه كلها، ثم خص الفدية بالنفي" يعني نفى القبول مطلقًا، يعني سواء أن كان ذلك على سبيل التقرب الصدقة ونحوها، أو كان ذلك على سبيل الفداء، نفى نفيًا مطلقًا، "ثم خص الفدية بالنفي كقولك: أنا لا أفعل كذا أصلًايعني بوجهٍ من الوجوه بحالٍ من الأحوال، "ولو رغبت إليّ" يعني لا أفعله أصلًا رغبت أو لم ترغب، وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91].

ذكر الحافظ ابن كثير هنا أنه المعنى لا ينقذه من عذاب الله شيء، ولو كان قد أنفق مثل الأرض ذهبًا ولو افتدى به نفسه[19]، هذا معنىً قريب من ظاهر الآية.

وبعضهم قال: هو محمولٌ على المعنى فلن يُقبل من أحدهم فدية، وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91] ولو افتدى بملء الأرض ذهبا، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ [آل عمران:91]، لن يُقبل من أحدهم فدية، لكن ما ذكره ابن كثير -رحمه الله- أوضح، وقد جاء في الصحيحين حديث أنس مرفوعًا يقول الله تعالى: لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم، فيقول: أردت منك أهون من هذا، وأنت في صلب آدم آلا تُشرك بي شيئًا فأبيت إلا أن تُشرك بي[20].

فهذا الحديث يوضح المراد، وكذلك صرح الله -تبارك وتعالى- في موضعٍ آخر بأنه لو زيد بمثله لا يُقبل منه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ [المائدة:36]، وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا [الأنعام:70].

وفي صحيح مسلم من حديث عائشة -ا- قالت: يا رسول الله! ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويُطعم المسكين، فهل ذلك نافعه؟ قال: لا ينفعه إنه لم يقل يومًا ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين[21]، لو أنفق ما في الأرض جميعًا ومثله معه فهذا لا ينفعه عند الله ولو افتدى به ما قدمه على سبيل الفداء، فلن يُقبل منهم.

قوله: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ [آل عمران:92] أي لن تكونوا من الأبرار، أو لن تنالوا البر الكامل حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92].

"لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ [آل عمران:92] أي لن تكونوا من الأبرار، أو لن تنالوا البر الكامل"، البر مضى في الغريب أصل هذه اللفظة، وكذلك في الأسماء الحسنى؛ لأنها تدل على السعة، لذلك يُقال: البر الفضاء الواسع، فهذه تدل على التوسع، في لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ في فعل الخير، الاتساع في الإحسان، يُطلق أيضًا على الدين البر، والدين والطاعة لله واصله يقولون: بمعنى صدق في المحبة، لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، يقول: "لن تكونوا من الأبرار، أو لن تنالوا البر الكامل حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"، في قراءة ابن مسعود لن تنالوا البر حتى تنفقوا بعض ما تحبون، فمن هنا بعض ما تحبون تفسرها حتى تنفقوا مما تحبون، فـ "من" هل هي بيانية أو تبعيضية؟

قراءة ابن مسعود تدل على أنها تبعيضية، يعني لا يُطالب بالإنفاق كل ما يحب، وإنما من ما تحبون، يعني بعض ما تحبون، وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ على هذا المحمل أنها تبعيضية، فالمطلوب هو إخراج بعض المال مما يحبه الإنسان يعني لا يخرج الرديء، وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ [البقرة:267]، فلا يقصد الإنسان بصدقته الرديء من المال، وما لا ترغب فيه نفسه، فيكون ذلك هو صدقته ونفقته، هذا لن يصل إلى المراتب العالية بهذا الصنيع.

وهنا يكون لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، لن تنالوا الخير الكثير من الله بتفضله عليكم، وإدخالكم الجنة، وصرفكم على النار، وبعضهم يقول: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ يعني: العمل الصالح، وفسره بعض السلف كعمرو بن ميمون بالجنة، لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ يعني دخول الجنة حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ يعني من أموالكم، يقول: ولما نزلت قال أبو طلحة: "إن أحب أموالي إليّ هي بيرحاء، وإنها صدقة"[22].

وكان ابن عُمر يتصدق بالسكر، ويقول: "إني لأحبه"[23]، هذا لم أجده في كتاب مسند، لكن يوجد مثل فعل أبي طلحة ثابت في الصحيحين[24].

وكذلك أيضًا ثبت عن غيره لما نزلت هذه الآية، فزيد بن حارثة جاء بفرس، وذكر أنها أفضل ما يملك، وجعلها في سبيل الله[25].

وكذلك أيضًا ابن عُمر كان له جارية يحبها من السبي فأعتقها لله، لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، جاء عن بعض أصحاب النبي ﷺ لما نزلت هذه الآية مثل هذا الصنيع.

سؤال عن وجه الارتباط المناسبة بين الآيتين: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ۝ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا [آل عمران:91-92]؟

ممكن أن يُقال والله أعلم: بأن لما ذكر بأن الإنفاق وإن عظُم لا ينفع مع الكفر، ذكر أيضًا بأن الإنفاق مع الإيمان ينبغي أن يكون مما يحبه الإنسان، هناك نفقات عظيمة مع الكفر لا تنفع، وهنا مع الإيمان ينبغي أن يُنفق الإنسان بعض ما يحب، ليصل إلى المراتب العالية، فهذا إنفاق وهذا إنفاق، الإنفاق الذي ينفع مع الإيمان، لذا لا ينفع مع الكفر، وهنا أيضًا ينبغي أن ينفق مما يحب، أو بعض ما يحب.

  1. تفسير ابن كثير ت سلامة (2/67).
  2. تفسير ابن كثير (2/67).
  3. المصدر السابق.
  4. انظر: مجموع الفتاوى (7/264)، و(7/426).
  5. الرسالة التبوكية (ص:69).
  6. الرسالة التبوكية (ص:66).
  7. الإتقان في علوم القرآن (3/394).
  8. تفسير ابن عطية (1/156).
  9. مجموع الفتاوى (3/93-94)، ودقائق التفسير (1/337).
  10. تفسير السعدي (ص:137).
  11. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/383).
  12. المفردات في غريب القرآن (ص:323).
  13. انظر: تفسير ابن كثير (2/67)، (3/382).
  14. تفسير ابن كثير (2/70).
  15. تفسير ابن عطية (1/468).
  16. تفسير ابن كثير (1/473).
  17. تفسير ابن كثير (2/71).
  18. البحر المحيط في أصول الفقه (2/200).
  19. تفسير ابن كثير (2/72).
  20. أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم (6557).
  21. أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على الكفر لا ينفعه عمل، برقم (214).
  22. أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، برقم (1461)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد، والوالدين ولو كانوا مشركين، برقم (998).
  23. لم أقف عليه.
  24. كما في قصة بيرحاء.
  25. تفسير الطبري (5/576، 577).

مواد ذات صلة