بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
نواصل الحديث -أيها الأحبة- عن هذه الآيات من هذه السورة الكريمة، وما يُستخرج منها من الهدايات.
يقول الله -تبارك وتعالى- في سياق الحديث عن بني إسرائيل الذين كذبوا بالكتاب الذي جاءهم من عند الله -تبارك وتعالى- وهو مصدقٌ لما معهم، موافق للصفة التي في كتبهم، وهو مصدق أيضًا لما معهم من نبوة أنبيائهم -عليهم الصلاة والسلام- ويشهد لما تضمنته تلك الكتب من الأصول الكبار، ومع ذلك ومع هذه المعرفة إلا أنهم كذبوا وكفروا حسدًا وبغيًا واستكبارًا على الحق، وعلى الرسول الذي جاء من الله -تبارك وتعالى- بكتاب أوحى به إليه.
يقول الله: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ [سورة البقرة:90] يقول: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا أي: قبُح ما اختاروه واعتاضوا به من الكفر بما أنزل الله -تبارك وتعالى- حيث استعاضوا بالكفر من الإيمان، واستحبوا الكفر بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ: ظلمًا وعدوانًا وحسدًا، كل ذلك على نبي الله -تبارك وتعالى- الذي أرسله من ولد إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- أن جاءهم رسول من غير بني إسرائيل، مع أنهم كانوا يقتلون أنبياء الله -تبارك وتعالى- كما مضى في الآيات قبلها.
بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فرجعوا بهذا الصنيع بغضب من الله -تبارك وتعالى- أن سخط الله عليهم بسبب هذا الكفر، بعد غضبه عليهم بسبب عتوهم عليه، وتحريفهم لكتابهم، وما إلى ذلك من كفرهم، فباؤوا بغضب على غضب، فهذا غضب جديد، والله -تبارك وتعالى- قد غضب عليهم قبل ذلك، وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، فهذا سبب جديد يتجدد معه غضب آخر، فرجعوا بهذا الغضب على غضب لاحق، ثم جاء بالحكم العام كما ذكرنا سابقًا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ يذلهم ويهينهم ويخزيهم.
فهذا كما مضى أن الله قد يذكر قضية خاصة، ثم يأتي بالحكم العام بعدها؛ ليشمل هؤلاء وغيرهم وَلِلْكَافِرِينَ لكل الكافرين سواء هؤلاء الذين كفروا بمحمد ﷺ بغيًا وحسدًا، أو غير هؤلاء من الكفار، فجميع الكفار قد توعدهم الله بالعذاب المهين، هذا بالإضافة إلى أن قوله: وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ [سورة البقرة:90] هذا الإظهار في موضع الإضمار، كما ذكرنا في الآية التي قبله، فيه إشعار علة هذا العذاب وهي الكفر، فلم يقل: ولهم عذاب مهين، فإن هذا لا يشعر بالعلة، لكن حينما يقول: وَلِلْكَافِرِينَ فهذا فيه فائدتان:
الفائدة الأولى: أن ذلك يشمل كل من كفر.
والأمر الثاني: أنه يشعر بالعلية، العلة التي استوجبوا بها ذلك، وهو الكفر، الكفر بالله وكتبه ورسله، والكفر بما يجب الإيمان به، ولم يأتِ مثل هذا السياق، يعني: إعداد العذاب المهين في القرآن إلا في حق الكفار في جميع المواضع الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [سورة النساء:37] وهكذا أيضًا في قوله -تبارك وتعالى: وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [سورة النساء:102] إلى غير ذلك من النصوص، وهذا يُعلم بالاستقراء.
ثم أيضًا تأمَّل قوله -تبارك وتعالى: أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فهذا يُؤخذ منه أن من أعظم النعم وأجل النعم هو العلم أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فهذا الذي نزل على هذه الأمة الأمية، وعلى هؤلاء الذين كانوا في غاية الجهالة من الوحي وفي مضامينه من العلم ما لا يقادر قدره، فوقع الحسد من هؤلاء اليهود لهذه الأمة، وسمى الله -تبارك وتعالى- فضلاً فهو يشمل الوحي وما تضمنه من العلم، ولذلك فإنه لا يغاظ العدو بمثل العلم، إذا أردت أن يتغيظ عدوك، وأن ترتقي في معارج الكمال وسلمه، فعليك بالعلم، وتحصيل العلم، فإن ذلك لا شك أنه يحصل بسببه من الغيظ للعدو؛ لأنه يرى الكمالات، وميراث الأنبياء يحصل لك منه ما شاء الله -تبارك وتعالى- أن يحصل.
ثم أيضًا يُؤخذ من قوله -تبارك وتعالى: فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ أن العقوبات وسخط الله -تبارك وتعالى- يتراكب ويتراكم بحسب ما وجد من موجباته وأسبابه، فهؤلاء فعلوا أفعالاً موجبة للغضب، من كفرهم بالله -تبارك وتعالى- وكفرهم بأنبيائه، وقتل الأنبياء، والتمرد على هؤلاء الرسل -عليهم الصلاة والسلام- فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ [سورة البقرة:87] فهؤلاء استوجبوا غضبًا سابقًا، ثم بعد ذلك جاءهم موجب غضب لاحق، فالغضب يتراكب ويتراكم، حتى -نسأل الله العافية- يصير ذلك وصفًا للإنسان لا يفارقه، أنه من أهل الغضب؛ ولذلك إذا ذُكر الغضب ذُكر اليهود غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [سورة الفاتحة:7].
كل من عرف الحق فتركه فهو من أهل الغضب، ولكن هؤلاء اليهود امتازوا بذلك عن غيرهم، وإلا فالنصارى قد عرفوا صدق ما جاء به النبي ﷺ ومع ذلك كفروا به، فجمعوا بين الضلال والغضب، فاليهود أهل علم، لكنهم عرفوا الحق فتركوه، فكانوا أحق بوصف الغضب؛ ولما كان الجهل هو الغالب على النصارى كانوا هم الأحق بوصف الضلال، ابتداءً من أصل اعتقادهم في الصليب والتثليث، كما قال بعض أهل العلم: بأن عقيدة النصارى هي وصمة عار في جبين البشرية، كيف ينزل الإله الرب، ثم يقتله البشر، ثم يصلب؟ وكيف يكون الواحد ثلاثة؟ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [سورة المائدة:73] وكيف يتنزهون عن أمر يضيفونه إلى الله -تبارك وتعالى- ؟
وكان من كبار العلماء الذين عرفوا بالرد على النصارى الباقلاني -رحمه الله- وله كتاب اسمه (الانتصار لنقل القرآن) مطبوع في ثلاث مجلدات، طُبع أخيرًا، وكانت له مناظرات ومواقف، ومن ذلك: أن ملك الروم طلب من الخليفة أن يبعث إليه عالمًا ليناظر أصحابه، فبعث إليه الباقلاني، فلما جاء وجد أنهم قد وضعوا بابًا قصيرًا يريدون منه أن يدخل وقد انحنى، فتفطن لمرادهم فأدار ظهره، ودخل القهقرى، يعني إلى الخلف، من أجل ألا ينحني، ثم بعد ذلك جلس، فنظر إليهم ملك الروم والرهبان قد جلسوا حوله للمناظرة، فقال: كيف أنتم؟ كيف الأهل والعيال؟ فقال له ملك الروم: عجبًا لك إن قومك قد انتخبوك وأرسلوك لأنك المقدم فيهم من أجل المناظرة، ولا تعلم أن هؤلاء لا يتزوجون، وليس لهم أولاد؟! فقال: عجبًا لكم تتنزهون عن الزوجة والولد وتضيفون لله الصاحبة والولد؟!
فانتهت المناظرة بأول سؤال جاء به على سبيل المؤانسة، وهو: كيف الأهل والأولاد؟ فقال له: أما تعلم أن هؤلاء لا يتزوجون وأنت عالم كبير بعثوا بك، وهذه قضية من المعلومات المقررة المبدئية، فكيف تجهل هذا؟ فقال: تتنزهون عن هذا وتضيفونه إلى الله، فحجّهم بأول المجلس.
فالشاهد: أن هؤلاء في اعتقادهم بأن الله قد قُتل، وأنه قد صُلب، وتجسد في المسيح، وحل اللاهوت في الناسوت إلى آخره، فهذه عقيدة لا شك أنها عار في جبين البشرية.
والله -تبارك وتعالى- يقول عن هؤلاء اليهود: بأنه قد لعنهم، وغضب عليهم غضبًا بعد غضب؛ لكثرة كفرهم، وتوالي إشراكهم وعنادهم وعتوهم على ربهم -تبارك وتعالى.
فيُؤخذ من قوله -تبارك وتعالى: وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ [سورة البقرة:90] إضافة إلى ما سبق: أن هذا المجرم أو الكافر أو المستكبر، يعامل بنقيض قصده، يعني هذا حينما تكبر على الحق وترفع كان الجزاء من جنس العمل، ما هو الجزاء؟ الجزاء الإهانة عَذَابٌ مُهِينٌ فهم استنكفوا وترفعوا واستكبروا، فكانت النتيجة أن العذاب المهين هو نصيبهم.
والعذاب وصفه الله في مواضع بأنه أليم؛ لأنه مؤلم شديد الإيلام، ووصفه بأنه مقيم؛ لأنه لا انقطاع له، ووصفه أيضًا بأنه مهين، وهذا فيه الأذى النفسي، يعني: هو ليس فقط من قبيل الألم الجسدي، بل إهانة؛ ولذلك قال الله الذين يسحبون في النار على وجوههم يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [سورة القمر:48] أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [سورة الزمر:24] الإنسان يدفع عادة عن وجهه بيديه، فجعلت يداه في الأغلال، فهو لا يستطيع أن يدفع عن وجهه بيديه، فيدفع العذاب بوجهه، نسأل الله العافية، فهذا في غاية الإهانة؛ ولذلك ذكر النبي ﷺ عقوبة المتكبرين في أرض المحشر قبل دخول النار بقوله: يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان[1] فهذا عقوبة بنقيض القصد، ترفَّع عن الحق فعاقبه الله بضد قصده، بالإهانة والعذاب المهين، فوضع الظاهر في موضع المضمر وَلِلْكَافِرينَ فلم يقل: ولهم عذاب مهين.
فهؤلاء لما كان كفرهم بسبب البغي والحسد، ومنشأ ذلك هو الكبر، كان الجزاء بالصغار والإهانة، وما شابه ذلك، نسأل الله العافية، كما قال النبي ﷺ : وجعل الذل والصغار على من خالف أمري[2] إضافة إلى ما يكون لهم في الآخرة من العذاب.
ويُؤخذ من قوله -تبارك وتعالى: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ [سورة البقرة:90] أن البغي الذي منشأه الحسد، أو الكبر، أو نحو ذلك، قد يحمل صاحبه على ركوب المراكب الصعبة، يعني هؤلاء عرفوا أنهم يخسرون الآخرة، ومع ذلك ركبوا هذه المراكب الصعبة واختاروا البقاء على الكفر، كل ذلك بدافع الحسد والكبر؛ ولهذا كان كثير من المشركين في زمن النبي ﷺ يعلمون صدق ما جاء به، لكن منعهم من هذا الكبر أو الحسد، ومن جملة ما قال أبو طالب في قصيدته المشهورة التي ذكرها الحافظ ابن كثير في تاريخ في البداية والنهاية:
ولقد علمتُ بأن دين محمدٍ | من خير أديان البرية دينا[3] |
فعلّل عدم الإيمان بأنه يخشى المسبّة، أن يقال: غيَّر دين الآباء والأجداد، وقد يكون له دوافع أخرى، كما قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي -رحمه الله- في صدر كتابه (التنكيل) الذي أُفرد فيما بعد في كتاب سمي بالقائد إلى تصحيح العقائد، وهو كتاب نفيس، ومما ذكر من أسباب رد الحق، قال: "ومنهم من يكون له في الباطل شهرة ومعيشة"[4] أن يكون هذا الإنسان مشهورًا، فإذا ترك الباطل ستذهب هذه الأضواء، فيبقى على الباطل، فيحسب ألف حساب للتوبة والرجوع عن باطله، وقد يكون له معيشة في هذا الباطل، بمعنى أنه يأتيه من الأموال من هؤلاء الأتباع، أو من غيرهم، فيحسب ألف حساب لانقطاع هذه الأموال، وذهاب هذه المعايش.
وقد يكون كسبه من الحرام، فإذا أراد أن يتوب بدأ يحسب هذه المكاسب، وانقطاع هذه الأموال التي تصل إليه، وقد يكون الدافع لذلك هو الحسد، وقد يكون الدافع لذلك هو الكبر، وقد يحسب حسابات غير صحيحة، كأن ينظر إلى هذا الذي جاء بهذا الحق، فيرى أن الإقرار به يتضمن أو يستلزم الإقرار بفضله، وهو لا يريد هذا، فيرد الحق، إما أن يرد بعضه، أو أن يرد الحق كله، حتى إن ابن حزم -رحمه الله- ذكر عن أحد المنتسبين للعلم بأنه قد ذكر آيةً فأخطأ فيها، فلما رُوجع في ذلك أصر، فجاؤوا له بالمصحف فلم يقبل، فدخل داره وأخرج المصحف، والحبر لم يجف، يعني: غير اللفظة من ألا يقال: أخطأ، فمثل هذا -نسأل الله العافية- الكبر والتعالي والصلف جعله يركب هذه المراكب الصعبة.
وقل مثل ذلك أيضًا فيما يحصل من رد الحق بسبب حسابات ينظر إلى أنه قد قضى دهرًا طويلاً - كما يقول الشيخ عبد الرحمن المعلمي -رحمه الله- في دعوته إلى الباطل[5] قد يكون شيخ طريقة صوفية، قد يكون على ديانة يدعو عشرات السنين، ثم بعد ذلك يرجع، فمعنى ذلك أن كل تلك الجهود كانت على الباطل، وأن كل هذا العمل والسعي على باطل، والذهاب والمجيء وهنا وهناك والمزاولات والأعمال كله باطل.
وقد تكون حساباته بطريقة أخرى: أنه يرى أن إقراره بذلك يعني أن قومه وعشيرته وكل هؤلاء على باطل، فيصر على رد الحق؛ ليقول: أنا على الحق، والواقع أنه ينغمس ويهوي في دركات الباطل وما يشعر، وما نفع هؤلاء الذين قد شمخوا بآنافهم في زمن النبي ﷺ من اليهود وغيرهم، ولم يؤمنوا به مع معرفتهم بصدق ما جاء به، ما نفعهم، ذهبت رئاساتهم وأموالهم، وبقي لهم العذاب، والله قد صور هذا بتصوير في غاية الوضوح، حينما أنكر موالاة اليهود، ونهى المؤمنين عنها، قال: قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَة [سورة الممتحنة:13] نهاهم عن موالاة قوم بهذه الصفة قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ [سورة الممتحنة:13] على المعنيين اللذين ذكرهما المفسرون قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ [سورة الممتحنة:13] قيل: يئسوا من ثواب الآخرة، فليس لهم عند الله نصيب، كيأس الكفار المقبورين حينما عاينوا الحقائق، وعرفوا أنهم في النار، فهم يقولون دائمًا: رب لا تقم الساعة[6] يئسوا من نصيبهم وثواب الله -تبارك وتعالى- لأنهم صاروا أمام مشاهدة الحقائق الغيبية التي عرفوا من خلالها أنهم خاسرون قطعًا.
والمعنى الثاني: قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ يعني: كما يئس الكفار الأحياء من المقبورين أن يرجعوا إليهم؛ لأنهم يعتقدون أنه لا بعث، وأن هذا الفراق النهائي، وأن هذا هو مثواه الأخير، والله المستعان.
هذا وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
- أخرجه الترمذي ت شاكر في أبواب صفة القيامة والرقائق والورع برقم: (2492) وحسنه الألباني.
- أخرجه البخاري معلقاً (4/ 40) وأحمد ط الرسالة برقم: (5114) وقال محققو المسند: "إسناده ضعيف".
- البداية والنهاية ط إحياء التراث (3/ 56).
- القائد إلى تصحيح العقائد (ص: 13).
- القائد إلى تصحيح العقائد (ص: 12).
- أخرجه أحمد ط الرسالة برقم: (18534) وقال محققو المسند: "إسناده صحيح".